لفحات و لمحات عن جبال النوبة


سلام الله عليكم أحبتى أعضاء الموقع الكرام وبقية الزوار وما أحب وصالكم في يومنا هذا الذي يتجدد بأشراقات لقياءكم الجميل ، وددت ان اطوف بكم في لمحات فنية سريعة وأقدم لكم لفحات بسيطة من منطقة جبال النوبة أرض الفنون والإبداع ، يبدو لي ان إبداع جمال الطبيعة الساحرة يتنوع فيها وتتشكل الالوان زاهية تتمازج بأى مكان وما أروع المناظر برشاد يا حبذا من جبل كان وكذلك نرى تقلي القرآن ونبات الريحان يزدهر في تجملة والمانجو والرمان و تكثر أنواع الأشجار المخضرة مثل السدر بأقليم الليري والطلح والكرسان وروعة فيض المياه تزين بحيرة كيلك وتتموج في علو وانخفاض بشلال كندي وركام السحب المارة والغمام و كذلك تظهر سيول خور الدليب المحمرة شايلة ارث الأنعام وبجواره تغرد الطيور فوق فروع الأغصان تشجي الأشجان والالحان وما أحلى حوار الدرملي الفنى بمنطقة تلودي و السهول وجدى الريل والغزلان ويقارع الفرسان و الصبيان الصراع بمناطق المورو قرب هيبان ، كذلك نود ان نعبر عن خالص الشكر إلى كاميرا شروق الفضائية لنقلها التراث السودانى أحيانا من مختلف البلدان ، كما أطلت بنا قبل شهور عبر موجات أثيرها الاسبوعي الشيقة حول مدينة الدلنج عروس الجبال التى بدأ يلوح منها جبل النتل في الأفق الغربي البعيد و تنديه الفن وفرق سالارا وفوست الزمان .ومن هنا لابد ان أحيي أهل الجبال الكرام بأبيات شعر قليلة تروي نبض الوجدان .


كفي بكم مرورا في جبال النوبة ** تيما وكــدر ودلنج وغلفــان
وهذي جبال النيمانج في غربها ** وتلك سالارا وتنديـــة فنــان
والنوبة في شرق الجبال أجمعهم ** وأعلاهم سفح ميري وهيبان
وما أقدم جبال النوبة في الليرى ** وفي أي جبل حبذا ما كان
طبيعتهم فـــي جمالها بستان ** الإناقة رشاد وتقلي القرآن


تقع منطقة جبال النوبة بين خطي بين خطى طول (29 – 31 ، 30 درجة ) شرقا وخطي عر ض( 12-15 ، 30 درجة ) شمالا تحديدا في أقليم كردفان ( ولاية جنوب كردفان ) وهي تحتل رقعة جغرافية مميزة و تحاط بحزام مناخ السافنا الغنية حيث تكثربها السهول الخضراء وتضاريس الجبال العالية ، يتحدث العديد من الباحثين عن سكان جبال النوبة وهو شعب يتكون من جماعات اجتماعية متباينة الثقافات وتسكن تسعة وتسعين جبل وتتحدث لغات مختلفة ، لكن تأكد دراسة حديثة أجراها أحد الباحثين السودانيين ( يسمى يحيي ) في العام الماضي إنه توصل الى نتيجة واقعية أن عدد الجبال أكثر من أربعمائة جبل ( حجر ) وعادة ما يصغر جبيل او حجير ، و لكن يبدو لي فيما مضى أنه فات على بعض الكتاب ان يذكروا عدد من الجبال بمدوناتهم التاريخية والاثرية مثل حجير ابو عريف الذي يقع في الزاوية الشمالية الشرقية من مدينة الدلنج
قد عرفت جبال النوبة الإنسان المتميز بأحترافه الزراعة وممارسة تربية الحيوان مثل الأبقار والأغنام ( يلقب تكر الجبال قصيرة القامة وقليل الصوف والشعر) ، قد عرفت منطقة الجبال المجتمعات البشرية منذ قديم الزمان ، بالرغم الدورالكبير الذي لعبه المستعمر في تأخير وعى إنسان المنطقة
[lue]يعتبر أقليم الليري أخر منطقة من الجبال وأنت تودعها إذا كنت مسافر الى أعالي النيل و يعيش به أقدم سكان الجبال ويشير كاتب ما الى عمليات التغيير الاجتماعى الرئيسية التى حدثت في حركة اللفوفة ومن ثم سائر جماعات النوبة بشكل عام فبعد أن كانوا جماعات وثنية استوطنت سهول كردفان أخذوا يتبعون العادات العربية ويتحدثون اللغة العربية ، وللنوبة تاريخ أصيل في عمق السودان لا أحد ينكر ذلك وتعدد بهم المناطق والجبال ،، يتكون مجتمع جبال النوبة تقريبا من اثنى عشرة مجموعة او أكثر ،و إذا نظرت عند الدخول الى بوابة الجبال من ناحية الشمالية قد تشاهد جبل الكدرو وحيدا يغازل الرمال إلى ان تدخل الدلنج عروس الجبال الذي تسكنه قبيلة الدلنج العريقة وتسمى المدينة بأسمها حيث يوجد بها حجرالسلطان الذي ينقش عليه في أعلى سفحه شعار معهد الدلنج التربوي القديم ، كذلك يتميز أهل الدلنج بالخصال الطيبة والكرم الأصيلO وأنه لمن دواعي سروري ان أذكر أحد أبناءها المغتربيين المميزين الوزير الأسبق. حبيب سرنوب الضو ، كذلك تقيم قبيلة الدلنج من ناحية أثر رتق النسيج الاجتماعى علاقات حميمة وأواصر تزاوج ونسب و شائج دم قوية مع بعض المجموعات السكانية المختلفة مثل الحوازمة وأذكرمنهم خاصة دار بخوته ودار شلنقوة ودار نعيلة بحي المطار بالدلنج وحي المعاصر وحي أقوز الفنان ، كذلك تتميز مدينة الدلنج ناحية الموروث الثقافي برقصات الكرينق( كرينك ) والكنبلة وإقامة السبر السنوى، وتنتمى قبيلــــة الدلنج إلى مجموعة ( الأجانق ) كما تحدثت عنها بعض الروايات التاريخية بأنهم أتوا من أقصى شمال بلادي( البركل ) وتشمل مجموعات الدلنج والغلفان ، وفندا ، والصبي ، والمندل ، وكجورية ، وكاركو وبالاضافة الى الجبال الستة التابعة لهبيلا كرورو وكرتلا وكدرو وكافير وكلوجي ودبانية ، وجماعات الغلفان في جنوب الدلنج ، غلفان وطا ، غلفان كيكا ، غلفان خور الدليب ، غلفان دبري ، غلفان الكرقل ] وإذا تأملت في منطقة الغلفان تجد أنها تتميز بطابع خاص وفساحات كبيرة و تعتبر واحدة من الجبال التى انتشرت فيها الدعوة الاسلامية من أيام زمان ولذا يوجد بها العديد من خلاوي القرأن الكريم وكذلك نالوا أبناءها قدرا من العلم ، وأذكر لها في ذلك بشأن سلطة المك أنسان بارع أنه الزعيم فضل ابو حمرة الذي يعتبر من أبرز شخصيات الإدارة الأهلية وخيار رجال العرف والصلح وسداد باب الحفر والنقار ، في حقيقة أمر مجتمعات الغلفان من ناحية التنوع الاجتماعي والجانب الاقتصادي والمعيشي ينقسمون الى قسمين زراعي ورعوي أحيانا يمتد به الرحيل الى مخارف أضيات خديجة و مناطق الجميز وتب الصوف والجميز كنانة بأرض القوز بالقرب من محلية شيكان الأبيض ثم يعودون الى مناطقهم المذكورة أعلاه في رحلة الشتاء والصيف ، كذلك توجد مجموعات تيمن وجلد في جنوب الدلنج وهي مشهورة بزراعة أشجار الجوافة =5]
* كذلك نشاهد مجموعة النيمانج من الناحية الغربية لمدينة الدلنج وتعدد جبالهم بالمنطقة المذكورة وتضم قبائل النيمانج والصبي والمندل وأفتي واخونا الاستاذ حسن كنده غبوش الأمام يقسم النيمانج الى 8 جبال ( حجر السلطان ، وحجر تنديه ، وسلارا ، وكرمتي ، والفوس ، وككره ، وكلارا ، والنتل ، وللنيمانج تاريخ عريق أفردته ذاكرة الوطن وخلدته ثورة السلطان عجبنا من منطقة سالارا ضد الانجليز في بداية القرن التاسع عشر
كذلك تختلف لهجات السكان هناك ، مثلا لكجورية لهجة غير ، أما سالارا والفوست يتحدثون لهجة واحدة ، ولهم طقوس وعادات واحدة ، و يقام السبر بمنطقة النيمانج في موسم الصيف وهو عبارة عن طقوس دينية يخرج فيها الكجور مثلا في ميدان فسيح بالنتل خلال موسم الصيف ، كذلك توجد بمناطق النيمانج فرق فنية شعبية عجيبة تتشكل وتتلون من جبل الى أخر ، قد تشاهد التنوع الثقافي الفني إذا أتت بك ظروف السياحة او السفر وأنت تعبر بها من ناحية الغرب نحو مدينة لقاوة . وكما تبقى جماعات النوبة بشرق كادقلي مجموعة الكواليب وهيبان ودلامي وهي أسماء لمناطق وكما عبري في اقصى شمال بلادي كذلك عبري في الجبال وام حيطان وتمتد سلسلة جبال المورو وتيرا وليرا ولارو والشواي وأطورو وكاونارو وغيرهم ، تتميز هذه المجتمعات البشرية دائما بأغاني سير البقر في أيام موسم الحصاد والصراع القوى( المصارعة ) كذلك نجد من جماعات المورو بقارة ينزلوا بأبقارهم في فترة فصل الخريف من الصعيد نحو كردفان ( القيزان ) وكذلك نجد جبل الشوابنة والميري والصراع والرحيل والمسير و لهذه الجماعات تاريخ ناصع في ذاكرة ماضي الوطن الجميل ، وكلما ذكرت المقاومة السودانية أيام الانجليز يذكر الزعيم الفكي علي الميراوي ، وكذلك يرجع لهم الفضل في تأليف نوتة مارشال الموسيقية السودانية الأصيلة
و نتواصل
كذلك تسكن مجموعات الحوازمة في شرق كادقلي ووسط تلك الجبال مثل الرواوقة ناظرة الأمير ( بلال ) وأذكر منهم دار جامع وآل على وأولاد نوبة وغيرهم في الحمره والدندور والدروت وأبوسفيفة وغيرها،; وأولا د حميد والكواهلة في نواحى اللفوفة والليري من الجبال الى السهول والاندماج الاجتماعي بينهم ، و تحلو القرى تحت الجبال وتزدان جمالا في الليل المطير
فإذا تحدثت عن جبال النوبة لا بد لك ان تذكر مدن مثل دلامي وهيبان وعبري وابوجبيهة وتقلي وفروعها تقوى ، ورشاد ، وتجملة وفرلة وكترة وام بيوض في شرقها و الجبال الغربية في غربها ، لقاوة وتلشي والشفر والكاشا وابوجنوك وما أجمل اخضرارالأشجار ويمضى البدو الرحل أوقات ممتعة في أقصى جنوبها حيث مناطق تلودى وكالوقي والقرود ، * كذلك تأتي أهمية جبال النوبة بالسودان عامة وكردفان خاصة لأنها منطقة بترول ومعادن و انتاج زراعي وحيواني ونباتي وبستانى تقع ضمن نطاق حزام مناخ السافنا الغنية ، كذلك بما تمتاز به خصوبة تربتها الطينية و الرملية سواء كانت في الوديان و الهضاب أو السهول والتلال والقيزان ، ويعتبر مشروع هبيلا الزراعي بمنطقة شرق الدلنج من أكبر المشروعات المطرية لأنتاج الغلال ومختلف أنواع الحبوب مثل الذرة البيضا ء – الفيتريتا – الذرة الصفراء – الذرة الشامية 0 والسمسم الأبيض والأحمر ، وكذلك تتواجد بها مساحات زراعية واسعة بمناطق أخرى مثل مشاريع كرتلا وفيو وابو عريف ودابري ومشروع البيضا وغيرها ولكنها فقدت محالج القطن قصيرة التيلة التى كانت توجد بمدينة الدلنج في زمن الانقاذ ، وكما تكثر بالجبال بعض أنواع الفاكهة والخضروات وتتباين من منطقة الى أخرى فمثلا تتميز ابوجبيهة وتجملة بكثافة أشجار المانجو و تكثر الجوافة في تيمن وكذلك يوجد الدوم والدليب بخور الدليب والليري والعنب بالدلنج ، وكما تبقى المناطق الواقعة من الناحية الشمالية صالحة للزراعة الجيدة وأنواع المحاصيل والحبوب والثمار المختلفة لتميزها بالتربة الرملية ، والمخلوطة فمثلا تتميز منطقة الفرشاية بوفرة أنتاج الطماطم ، كذلك تتعدد بها الأسواق وتعتبر منافذ تسويق لمنتجات صغار المزارعين وأذكر منها سوق الحاجز وركونة بوادي كجار ( خور ابو حبل ) كذلك تتميز مناطق مثل ليرا ووالقرود وتخومها بوفرة العسل وصيد الغزلان والتيل والحبار والريل
أحبتى القراء الكرام وددت ان اختم حسن حديثى معكم عن الجبال ويداعبنى رحيق الذكريات الماضية وانا اودعها في لحظات باقية تحت ظلال الخريف و تبقى ركام السحب الكثيف سايرة نحو الشمال وكما تبدو سخات الأمطار تدق متمازجة بحبات الرزاز ويبقى ما ذكرته عن الجبال في سرد مقالي هذا نقطة عطر بسيطة تذوب في فيض براكين المياه الجارية عبر كل وادي ، وانى على أمل الرجاء والمنى ان أعو د إليها مرة أخرى في أيام الخريف الظريفة وتداعبنى رياح الجبال بنسائم الأشواق والوفاء الجميل. .

قد ودعت جبال النوبة و الأمطار ** تسقى حقول المزارع والأشجار
ولكم داعبتنى لطائف الأنسام في سفرٍ ** وبهجة الطبيعة تسر الأنظــار







gtphj , glphj uk [fhg hgk,fm