قصة هجرة الحلنقة الى السودان
صراعهم مع الاحباش و هجرتهم الى ارض الهدندوة

يؤكد الثقاة أن الفخذ الهوازني الذي ينتسب إليه الحلانقة عبر أفراده البحر الأحمر إلى الشاطئ الغربي ونصب خيامه حول جبل يُقال له (قدم) (Gadam) جنوبي مصوع، ثم انقسم أولئك الأفراد على قسمين: أحدهما أفراده اتجهوا إلى الشمال متتبعين ساحل البحر الأحمر، والثاني سلك أفراده طريق بلاد الحبشة فدخلوها وأخذوا يجدون السير في داخليتها ارتياداً للرزق، وهم أهل خيل، ومن عادة أهل الخيل جعل السياط، فسماهم الأحباش (حلانقة)، ومعنى ذلك (حملة السياط) نسبة إلى (حلانقي) وهو السوط أو الكرباج بلغة الأحباش. فعرفوا بالحلانقة منذ ذلك الحين.

وثقاة رواتهم مختلفون في تعيين الزمن الذي أقاموه بالحبشة، والمرجح أنه يشارف الثلمائة عام. وكانوا غرباء مستضعفين يؤدون إناوة إلى الأحباش، ولكن الأحباش أوغلوا في إرهاقهم وأعناتهم بتنويع الإناوة حتى طلبوا منهم في وقتٍ ما أن يجعلوا الإتاوة من نوع البنات للاسترقاق. والعربي مت مس عرضه اشتعل وتأجج لهيبه، والقوم في قلة لايجعل سبيلاً للمقاومة، فأجمعوا أمرهم على الفرار: فتتبعوا مجرى مائياً وصل بهم إلى هضابٍ تتسرب مياهها بين الكهوف وتفيض في الرمال. فأخذوا يعالجون تلك الأحجار القائمة في جوف ذلك المضيق، واستعاونوا في عملهم بإضرام النار في شحوم الأبقار وإلقاء الصخور عليها من مرتفع عا، ومازالوا كذلك حتى جعلوها دكا.

واندفق الماء من جوف ذلك المضيق فهبطوا معه متتبعين مجراه، وسار الأحباش في أثرهم للفتك بهم وقد احتاط الحلانقة لما عساه أن يحدق بهم من كرب أو خطر فساقوا نساءهم وأولادهم وأموالهم أمامهم، وتعقبوها على ظهور الصافنات الجياد، فكون الرجال ساقة السفر، فأصبح متتبعوهم لا يرون غير آثار الخيل على الطريق. وتقدم أخوان من العشيرة ليفتديا بأرواحهما، فارتدا على أعقابهما وقابلا الأحباش ليضلالهم عن طريق الراحلين وهما متيقنان إن إقداهمها على هذا العمل هو الهلاك المحقق. ولما التقيا بالأحباش قالا لهما إن كنتم تريدون الرجال فدونكم الطريق الذي أنت سالكوه، وإن كانت بغيتكم النساء والمال فسيروا في أثرٍ ما.
فانخدع الأحباش بهذه المقالة وتتبعوهما إلى حيث سلكا بهما طريقا لا ماء فيه ولاعشب فهلك الدليلان مع المدلولين ونجت العشيرة متتبعة مجى مائها إلى أن هبط سهول جبل كسلا.
وهناك ألقت عصاها واستقر بها النوى في بقعة تقع غرب الجبل وتسمى (أويتلا، Awaitala).

أما المياه فقد وجدت الأرض مهاداً ووهاداً فسقت ماشاء الله لها أن تسقي من تربة خصبة، وامتدت تسقي حتى دخلت أراضي الهدندوة. ولا يزال القاش مفخرة الحلانقة التي بها يفتخرون. ولهم بذلك الفخر فإن عمل أولئك الرجال الهابطين من جزيرة العرب عمل يشرف ويمجد أعظم المهندسين ورجال العلم في هذا العصر المضئ. فلا عجب إذا فخر الحلانقة بأنهم أتوا بنهر القاش من بلاد الحبشة واستثمروا بمائه أراضي بلاد التاكا الخصيبة.

اختلاطهم بالهدندوة و البني عامر:
ومن ثم أخذت القبيلة في الاختلاط بالقبائل المجاورة كقبيلتي الهدندوة وبني عامر وغيرهما حيث تجمعهم مواطن الكلأ وموارد المياه. وقد بدأت لغتهم العربية تنعدم شيئاً فشيئاً وتغمرها مفردات اللغات المحلية شأن الأقليات النازحة مع الأكثريات الوطنية.


rwm i[vm hgpgkrm hgn hgs,]hk