بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نبذة مختصرة عن قبيلة الحلنقة في كسلا
هي إحدى قبائل إقليم البجة وعاصمتها كسلا، وهي مقر مديرالمديرية الشرقية منذ الفتح التركي سنة 1841م أيام الخديوي محمد علي باشا.
الحلانقة عرب يسكنون وادي القاش بمديرية كسلا والمعروفة قديماً ببلاد التاكا. ينسبهم مؤرخو السودان إلى قبائل البجة. وربما كان لهم بعض العذر لعدم الاستقراء أو البحث من أوثق المصادر على أن الحلانقة أصلهم من عرب الجزيرة وينتسبون إلى هوازن. ويذكر مؤرخوهم إلى أن أجدادهم نزحوا إلى أفريقيا في خلافة عبد الملك بن مروان فراراً من ظلم عامله على العراق الحجاج بن يوسف. ويؤكد الثقاة أن الفخذ الهوازني الذي ينتسب إليه الحلانقة عبر أفراده البحر الأحمر إلى الشاطئ الغربي ونصب خيامه حول جبل يُقال له (قدم) (Gadam) جنوبي مصوع، ثم انقسم أولئك الأفراد على قسمين: أحدهما أفراده اتجهوا إلى الشمال متتبعين ساحل البحر الأحمر، والثاني سلك أفراده طريق بلاد الحبشة فدخلوها وأخذوا يجدون السير في داخليتها ارتياداً للرزق، وهم أهل خيل، ومن عادة أهل الخيل جعل السياط، فسماهم الأحباش (حلانقة)، ومعنى ذلك (حملة السياط) نسبة إلى (حلانقي) وهو السوط أو الكرباج بلغة الأحباش. فعرفوا بالحلانقة منذ ذلك الحين. وثقاة رواتهم مختلفون في تعيين الزمن الذي أقاموه بالحبشة، والمرجح أنه يشارف الثلاثمائة عام. وكانوا غرباء مستضعفين يؤدون إتاوة إلى الأحباش، ولكن الأحباش أوغلوا في إرهاقهم وأعناتهم بتنويع الإتاوة حتى طلبوا منهم في وقتٍ ما أن يجعلوا الإتاوة من نوع البنات للاسترقاق. والعربي من تمس عرضه اشتعل وتأجج لهيبه، والقوم في قلة لا يجعل سبيلاً للمقاومة، فأجمعوا أمرهم على الفرار: فتتبعوا مجرى مائياً وصل بهم إلى هضابٍ تتسرب مياهها بين الكهوف وتفيض في الرمال. فأخذوا يعالجون تلك الأحجار القائمة في جوف ذلك المضيق، واستعانوا في عملهم بإضرام النار في شحوم الأبقار وإلقاء الصخور عليها من مرتفع عال، ومازالوا كذلك حتى جعلوها دكا. واندفق الماء من جوف ذلك المضيق فهبطوا معه متتبعين مجراه، وسار الأحباش في أثرهم للفتك بهم وقد احتاط الحلانقة لما عساه أن يحدق بهم من كرب أو خطر فساقوا نساءهم وأولادهم وأموالهم أمامهم، وتعقبوها على ظهور الصافنات الجياد، فكون الرجال ساقة السفر، فأصبح متتبعوهم لا يرون غير آثار الخيل على الطريق. وتقدم أخوان من العشيرة ليفتديا بأرواحهما، فارتدا على أعقابهما وقابلا الأحباش ليضلالهم عن طريق الراحلين وهما متيقنان إن إقدامهمها على هذا العمل هو الهلاك المحقق. ولما التقيا بالأحباش قالا لهما إن كنتم تريدون الرجال فدونكم الطريق الذي أنتم سالكوه، وإن كانت بغيتكم النساء والمال فسيروا في أثرٍنا. فانخدع الأحباش بهذه المقالة وتتبعوهما إلى حيث سلكا بهما طريقا لا ماء فيه ولا عشب فهلك الدليلان مع المدلولين ونجت العشيرة متتبعة مجرى مائها إلى أن هبط سهول جبل كسلا. وهناك ألقت عصاها واستقر بها النوى في بقعة تقع غرب الجبل وتسمى (أويتلا، Awaitala). أما المياه فقد وجدت الأرض مهاداً ووهاداً فسقت ما شاء الله لها أن تسقي من تربة خصبة، وامتدت تسقي حتى دخلت أراضي الهدندوة. ولا يزال القاش مفخرة الحلانقة التي بها يفتخرون. ولهم بذلك الفخر فإن عمل أولئك الرجال الهابطين من جزيرة العرب عمل يشرف ويمجد أعظم المهندسين ورجال العلم في هذا العصر المضئ. فلا عجب إذا فخر الحلانقة بأنهم أتوا بنهر القاش من بلاد الحبشة واستثمروا بمائه أراضي بلاد التاكا الخصيبة. ومن ثم أخذت القبيلة في الاختلاط بالقبائل المجاورة كقبيلتي الهدندوة وبني عامر وغيرهما حيث تجمعهم مواطن الكلأ وموارد المياه. وقد بدأت لغتهم العربية تنعدم شيئاً فشيئاً وتغمرها مفردات اللغات المحلية شأن الأقليات النازحة مع الأكثريات الوطنية. وقد أخذت تلك القبيلة تتسع في الاجتماع والعمران فاقتضى اتساعها أن تتفرق أفخاذها فتكونت فيها ثلاث فروع استوطنت إحداهما كسلا، والثانية جبهة أبريد Abreid على بعد خمس ساعات من كسلا، والثالثة نزحت إلى جبهة الشمال فأقامت في محلة تسمى (الدِّباب) على بعد يوم كامل من كسلا.
وقد عرف الحلانقة بصفاء السريرة والتمسك بأهداب الدين، وظهر فيهم كثير من الأولياء والعلماء. وهم يكرمون من يفد إليهم من أهل الدين، ويألفون ذوي التقوى والصلاح. وهم أهل زرع وضرع، ورجال الخيل والفروسية الذين هابتهم القبائل المجاورة لهم مع قلة عددهم.
وقد شهد لهم بالنجدة والفروسية الأعداء قبل الأصدقاء. وقلما غزتهم قبيلة ظفرت منهم بطائل. وكانوا يأبون الاختلاط بالقبائل المجاورة لهم خوفاً على قوميتهم أن تتلاشى، وصيانة لنسبهم أن يضمحل، ومازالوا كذلك إلى زمن لا يكاد يستكمل القرنين حيث اختلطوا ببعض القبائل الأخرى.
أما العشائر التي تكونت من هذا الاختلاط فهي كالآتي:
1. الأشراف وينتمون إلى رجل شريف يسمى الشيخ حامد أرَى قدم من الحجاز كما قدم غيره من رجال التدين والزهد، فتزوج من الحلانقة وولد منهم، وتعرف سلالته بآل شيخ العيال. ولم تزل منهم بقية تسمى (شيخ العيال إندوة)، وإندوة لفظة أعجمية (بجاوية) تحل محل آل العريمة.
-عريمة أم عزيمة-أم عريكة- يحتاج بحث أكثر
2. العبدلاب وكان منهم ملوك الحلانقة إلى زمن الفتح الأول، وهم أهل طافية
؟
، ويستمدون زعامتهم من السلطنة الزرقاء (مملكة الفونج). ويلقب زعيمهم (مانجل) ووجهاؤهم (أرباب). ولم تزل منهم بقية إلى الآن تُعرف بـ (هدأ إندوة) ومعنى ذلك آل شيخ العرب. ولكن زعامة القبيلة بعد الفتح الأول كانت موضع نزاع مستديم بينهم وبين آل الشيخ عبد الله المعروف بأبي الرايات
؟
واستمر النزاع إلى قيام المهدية.
3. الرباطاب وهم ذرية الرجل الصالح الشيخ عبد الله بن علي المشهور بأبي الرايات الأنف الذكر، ومقامه،
وهم العبدلاب الجعليون العباسيون بينما العبد اللاب الأخرون من الموسوية العلويين
. معروف بجهة (الدِّباب) وينتسب إلى فرع الشجنراب من قبيلة الرباطاب. ويعرفون الآن بشيخ إندوة أي آل الشيخ وهم قبل زمن الفتح الأول أهل دين لا شأن لهم بالزعامة، ولكن بعد الفتح تناولوا الزعامة، وكانت متنقلة بينهم وبين: (هدأ إندوة)قيام المهدية. وصارت إليهم وحدهم الزعامة أخيراً منذ الفتح الأخير سنة 1898م إلى اليوم سنة 1956م. فالناظر هو الشيخ الوقور جعفر علي بك شيكلاي.
4. الزيلعيون ينتسبون إلى فقيه يدعى الشيخ أحمد الزيلعي قدم من بلدة زيلع القائمة على ساحل البحر الأحمر من بلاد الصومال وتعرف ذريته بآل الفقيه ومن مميزاتهم في القبيلة ألا يقطع أمراً دون مشورتهم سواءً أكان دينياً ذلك الأمر أم اجتماعياً. ولهم مسجد تعقد فيه مجالس الشورى يُعرف بمسجد اللا بسنياب (أي مسجد الراجين الله). ولا تزال لهم هذه الميزة إلى الآن. أما السواد الأعظم من القبيلة فهم سلالة أولشك
-أول شيخ-
الهوازنيين الرحل. ولا يزال الحلانقة قليلي الاختلاط بغيرهم، وكذلك عدد أفراد القبيلة قد لا يزيد عن الستة آلاف نسمة ولعلهم ينشطون إلى الاختلاط بالقبائل فإن الزمن يحتاج إلى ربط الصلات وتعزيز الجانب. هذا ما أردنا اقتطافه من مذكراتنا لفائدة قرائنا عن الحلانقة.
( حسن يعقوب مالك -الحلنقي-)

المميز بالاقتباس هو من تعليقي.



rfdgm hgpgkrm > kf`m jhvdodm kf`mKukKrfdgmKhgpgkrmK