دور السادة باعلوي في الإصلاح بين سلطنة آل كثير ويافع
الذين كانوا من أعمدة تثبيت حكم سلطنة آل كثير ضنة
إن تاريخ يافع في حضرموت له جذور وعروق تاريخية قديمة كما توضحة بعض الوثائق والمصادر التاريخية فبعض من ابناء يافع كانوا قد ذهبوا إلى حضرموت أيام الفتوحات الحميرية وكذا الفتوحات الاسلامية وبداية حكم الطاهريين . ولا يسعنا ان نذكر كامل التفاصيل ولكن سنحاول ان نسلط بعض الأضواء على هجرة يافع إلى حضرموت وبالذات منذ عصر الأمير بدر بن عبدالله بن جعفر الكثيري الملقب بـ ( بن طويرق ) فبعد موت والده استقر بالشحر مع جده وأخيه الأكبر محمد وبناء على نصيحة عامر بن عبدالوهاب فقد ذهب الأمير بدر بن طويرق الأول في ما بين 919_ 920هـ إلى يافع وبعد ذبح العقاير وطلبه من أهل يافع النجدة والوقوف إلى جانبه وانقاذ حضرموت من محنتها والتمردات وقطع الطرق والتهديدات الخارجية على سواحل حضرموت . ولقد رحب ابناء يافع بالأمير ومستشاريه وأكدوا له استعدادهم لمساعدته على حفظ الأمن والاستقرار في كافة مناطق وربوع حضرموت ولكن بعد ان اخبروه بأن الموافقة ستترتب على أحد الشرطين المخوة أو العروة .
(العروة تعني وقوف القبيلة المنقذة إلى جانب القبيلة المظلومة واخراج الحق لها من القبيلة الظالمة مهما كلف الأمر من خسارة مادية وتضحيات ، حتى تنتهي القضية ، ويتم لها حل نهائي . وعند ذلك ، تكون القبيلة المظلومة ملزمة بدفع كافة النفقات والخسائر التي تكبدتها القبيلة المناصرة كتعويض لها سواء كان التعويض في شكل مبلغ من المال أو قطعة أرض زراعية . والعروة والتزاماتها تنتهي بانتهاء القضية وحلها .
المخوة معناها يختلف كثيرا عن العروة حيث تذهب القبيلة المظلومة الى اية قبيلة تريدها ، وتطلب منها الوقوف الى جانبها ضد القبيلة الظالمة ، وذلك على ضوء المخوة ، والتي لا تدخل شروطها ضمن عملية التعويض سواء بالمال او بالعين . إن شروط المخوة حسبا للعرف تلزم القبيلة المنقذة الوقوف الى جانب القبيلة المظلومة بكل ما هو ضروري لدحر القبيلة الظالمة مهما كلف الأمر من تضحيات وخسارات مادية وبشرية في سبيل مناصرة القبيلة المظلومة . إن العرف لا يلزم القبيلة المظلومة بدفع أي تعويض للقبيلة التي وقفت الى جانبها على ضؤ المخوة ، لأن المخوة تشترط فقط الوحدة المستديمة وربط المخوة والتآخي بين القبيلتين ، حيث تعتبران أخوة وشركاء في كل صغيرة وكبيرة ، خيرا أو شرا ، وتعتبران اراضيهما واحدة والحق واحد ، لذا ، فالشيء الذي يلزم الطرفين فقط هو استمراريتهما في تثبيت المخوة قولا وفعلا وإلى الابد . ولا يحق لأي طرف أن يتنصل في مخوته عن الطرف الآخر وخاصة الطرف الذي ابدى تضحية من اجله . لذا فإن المخوة لاتنتهي بانتهاء القضية ، بل تستمر . ويكون تثبيت المخوة رمزا بكتابة العبارة الآتية : تم الله سبحانه وتعالى المقصود فيما بيننا والاتفاق على تثبيت المخوة فيما بيننا نحن أبناء قبيلة ...... وقبيلة ....... مخصم ومقرم برضانا ومرتضانا وقناعتنا وقررناها وثبتناها فيما بيننا كالعظم الذي ليس له مفصل وحولنا البيت واحد والحق واحد والأرض واحدة والخير واحد والشر واحد وهذا وبالله التوفيق ).
وبعد ان أوضحوا للأمير معنى العروة والمخوة وبعد قناعة الأمير بدر بن طويرق ، اتفقا على الشرط الأسلم وهو المخوة ، وعلى أثر ذلك الاتفاق الأخوي ، فقد ذهب ابناء يافع مع الأمير بدر بنفس التاريخ اعلاه وعاد الأمير الى حضرموت مصطحبا معه الآلاف من ابناء يافع وبسط نفوذه على كافة مناطق حضرموت وقضي على التمرد وقطاع الطرق وأعاد الأمن والأمان إلى هذه الديار . والجدير بالذكر انه بحسب النظم والتقاليد اليافعية ( الهجومية والدفاعية ) القبلية ، قسمت مناطق حضرموت الى مناطق محددة أو محاور ، تتحمل كل قبيلة أو مكتب أو فخيذة مسؤولية منطقة معينة أو محور معين وتقوم بحملتها العسكرية عليها وبتصفيتها من كافة عناصر التمرد والارتزاق . لقد كان من الطبيعي على هذه القبيلة أو الفخيذة أو المكتب ان تقوم بمهمتها بقيادة شيخها أو عاقلها أو عارفها كما من الطبيعي على قائد هذه الحملة أن يعتبر فيما بعد المسؤول الأول عن المنطقة ، ولكن ذلك لايعني انه حاكم شرعي على هذه المنطقة أو مختص بأحكام الشريعة فيها . فان مثل هذا الحاكم يتم اختياره وتعيينه من قبل ممثل الشريعة الكبرى أو الزعامة الروحية الدينية الاسلامية . وبعد ان تم الانتصار وتحقيق الأمن والاستقرار على كافة مناطق حضرموت الساحل والداخل ، تمت الاحتفالات بالنصر وتم تجديد العهود والروابط الاخوية فيما بينهما وقاموا بتنصيب الأمير بدر بن طويرق كسلطان على حضرموت وسواحلها وكسلطان فخري على يافع فيها . ومن الطبيعي فإن غالبية أبناء يافع ممن ذهبوا يقاتلون من أجل أمن وأمان حضرموت ووحدتها فضل العيش والبقاء فيها . استنادا الى الاتفاق الاخوي والذي كان يحق بموجبه لأي مواطن من ابناء يافع في حضرموت ما يحق لأي مواطن حضرمي في يافع في العيش والعمل .
وبعد مرور سنوات عديدة حدثت بعض الخلافات فيما بين أفراد الدولة والأعيان والتي كانت لا تخضع للشروع الاسلامية والتي عكست نفسها على سائر القبائل الحضرمية واليافعية حيث بدأ ابن السلطان بدر بالتمرد على أهل يافع دون موافقة والده ومحاولته سحب السلطات المحلية من أهل يافع وتم طرد العديد منهم دون مراعاة الاتفاق ومثل هذا الاجراء الغير عقلاني اطر أبناء يافع الى مواجهته وقد وقفت إلى جانبهم بعض القبائل الحضرمية التي اصرت على مراعاة الاتفاق الاخوي ، وبما ان الشيخ السيد ابوبكر بن سالم مولى عينات باعلوي (رحمه الله واسكنه فسيح جناته) الذي كان يحظى باحترام كبير بين اوساط القبائل اليافعية والحضرمية ، وذلك من الناحية الدينية والروحية ، فقد تم الاتفاق من جديد بين يافع والكثيري على يد الشيخ ابوبكر بن سالم كما تم بعد ذلك الاتفاق على ان يكون الشيخ ابوبكر بن سالم هو الشخصية التي يحتكم لها أي شخصية من بيت السلطنة والأعيان والقبائل واعتبر الجميع الشيخ ابوبكر بن سالم حاكما شرعيا عاما على كافة مناطق حضرموت ويافع وسواحلهما . وثانيا حيث وجد ان غالبية ابناء حضرموت وبالاخص العشائر التي تنتمى الى صف السادة الهاشميين هم الاكثر الماما بتعاليم الدين الاسلامي والمذهب السني الشافعي ، لذا تقرر عيهم تحمل المسؤةلية في نشر التعاليم الاسلامية وشروعها وأحكامها وتفسيراتها في كافة مناطق حضرموت ويافع عامة ، وتقرر على أهل يافع تحمل مسؤولية الأمن والدفاع في كافة مناطق حضرموت ويافع عامة . وبناء على هذا الاتفاق والاتفاقات العرفية ورسوخ السلطة الدينية والشرعية بيد الشيخ ابوبكر بن سالم ، اراد فضيلته ان يعين من ينوب عنه في يافع (نتيجة كبر السن ) وقام بتعيين الشيخ علي بن أحمد بن هرهره ممثلا له وحاكما شرعيا على كافة مناطق يافع لينوبه في أمور الشريعة الاسلامية وأحكامها بشكل عام ، وبعد ان قام فضيلته أيضا بايفاد العديد من الممثلين الفرعيين إلى كافة مناطق يافع ، ولقد استقر العديد من هذه الشخصيات التي تنتمي إلى صف السادة ومن مشايخ العلم والمعرفة أمثال أهل باعباد وأهل باعلوي وأهل السلف وأهل الهدار وغيرهم من السادة اتخذوا كثيرا من القرى مساكن لهم ومن هذه القرى رباط العبادي في يهر ورباط السنيدي ورباط العبادي في هجر لبعوس وغيره ، وقد خصص لهؤلاء السادة الموفدين مبلغ من المال أو الثمر وتسمى هذه النفقة بـ( حصية الحبيب) أو(نفقة الحبيب) وتحفظ على جنب حتى يأتي لها السيد المحق والمقرر له من قبل الشيخ ابوبكر في هذا المكتب أو ذاك . والجدير بذكره ان الشيخ ابوبكر بن سالم مولى عينات رحمه الله كان يحظى بل ويتمتع بروح ديني عظيم وايضا كان عقلية فائقة وشخصية فذة جعلت من كل احكامه العادلة والميالة إلى الحق دوما اكثر قيمة ومحبة لشخصه الكريم عند كل القبائل اليافعية منذ عصره حتى يومنا هذا .
وكان من اهم انجازات التلاحم والترابط الاخوي بين أبناء يافع وحضرموت هو تحصين حضرموت وتوابعها وسواحلها من القراصنة الأوروبيين ومنهم البرتغاليون ومن الاستعمار التركي ايضا .
وفد أشراف الجوف على السلطان بدر عام 941هـ ومقدمهم الشريف ناصر بن أحمد بن محمد بن الحسين , في أربعين فارساً ,فأكرم نزلهم ومثواهم , وحباهم من الحفاوة والاحتفال مالا مزيد عليه , ثم رجعوا على أثرهم إلى اليمن
وصل الشريف الأمير ناصر بن أحمد بن محمد بن الحسين البهال , صاحب الجوف وصعدة عام 946هـ إلى هينن لنصرة السلطان بدر.(تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر)
يتبع ...
مواقع النشر (المفضلة)