النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: كل المنهج في أم الكتاب

كل المنهج في أم الكتاب حين يقول لك نبي الله إن أعظم سورة في القرآن هـي سـورة الفاتحة، كما في صحيح البخاري عن أبي سعيد المعلى أن

  1. #1
    مشرف عام مجالس الادب و التاريخ - عضو مجلس الادارة
    تاريخ التسجيل
    30-08-2012
    العمر
    47
    المشاركات
    2,865

    افتراضي كل المنهج في أم الكتاب

    كل المنهج في أم الكتاب

    حين يقول لك نبي الله إن أعظم سورة في القرآن هـي سـورة
    الفاتحة، كما في صحيح البخاري عن أبي سعيد المعلى أن الـنبي صل الله عليه وسلم
    قال له: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن، ﴿الْحمد للَّه
    رب الْعالَمين ﴾هي السبع المثاني والقرآن العظـيم الـذي أوتيتـه
    [البخاري،٤٤٧٤ . ]
    فهل هذه المنزلة لسورة الفاتحة منزلة اعتباطية؟ هل الله جل وعلا يختار أن تكون سورة الفاتحة أعظم وحي أوحاه سـبحانه وتعـالى طوال تاريخ النبوات هكذا دون حيثيات موضوعية أعطت هـذه
    السورة العظيمة مرتبتها الأولوية؟ كم من الوقت منحناه لتدبر هذه
    السورة العظيمة والتساؤل عن مغزى هذا التعظيم الإلهي لها؟
    حين يتدبر القارئ مضامين هذه السورة فإنه لا يستطيع أن يكف
    عن نفسه الذهول كيف تاهت التيارات الفكرية المخالفـة لأهـل
    السنة في قضايا وجزئيات ومسائل جعلوها أعظم مطالبهم، وزهدوا في مطالب أخرى جاءت هذه السورة العظيمة بتقريرها، تأمل كيف بدأت هذه السورة بثلاث آيات كلها ثناء على الله، تعظيمه جـل وعلا بربوبيته للعالمين، ثم تعظيمه جل وعلا بكمـال رحمتـه، ثم تعظيمه جل وعلا بملكه لليوم الآخر .
    القارئ يحمد الله بربوبيته للعالمين، ورب العالمين يجيبه فيقـول :
    (حمدني عبدي)، ثم يواصل القارئ فيثني على الله بكمال رحمتـه، ورب العالمين يقول: (أثنى علي عبدي)، فإذا بلغ القارئ الآية الثالثة فأثنى على الله بملكه لليوم الآخر قال الله: (مجدني عبدي) [صـحيح مسلم،٩٠٤ ]
    كثيراً ما أتساءل هل نحن حين نقرأ الفاتحة ونمر بهـذه الآيـات
    نستشعر أن رب الأرض والسماوات يقول لنـا ذلـك، إنـه الله، يتحدث عنا ونحن نقرأ الفاتحة.. هل تتصور؟!
    فبالله عليك تأمل في هذه الآيات الثلاث التي ذكر الله تعـالى في الحديث القدسي في صحيح مسلم أنها نصف الفاتحة، حين قـال :
    (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)..
    هذه الآيات الثلاث التي هي نصف الفاتحة، أي أنها نصف أعظم سورة في القرآن، كلها حمد الله وثناء على الله وتمجيد الله ..
    بالله عليك تأمل في هذه الآيات الثلاث، ثم انتقل بذهنك وتذكر
    جدل المذاهب الفكرية المعاصرة حول قضية (ترتيب الأولويات)
    سألتك بالله هل رأيت واحداً منهم يتحدث عن الثناء علـى الله وتوقير الله وتعظيم الله باعتباره أولوية من أولويات الإصلاح؟ بـالله عليك هل رأيت أحداً منهم يتحدث عن عمارة النفوس بتمجيـد الباري باعتبارها أولوية من أولويات النهضة والتقدم؟

    حين أتأمل في النصف الأول من الفاتحة وأقارن دعاة أهل السنة
    بكلام المذاهب الفكرية يدركني الرثاء الحزين لأحوال هذه المذاهب الفكرية، كيف تحيروا في أعظم المطالب، وبعضـهم فيـه ذكـاء واطلاع، ولكن هذه الأمور بانها التوفيق الإلهي، وكم تردت نفوس كثيرة حين تسرب إليها شيء من كبرياء الثقافة وزهو الذكاء..
    فإذا تجاوزت هذه الآيات الثلاث وبلغت جوهرة السورة كلـها
    ﴿إِياك نعبد وإِياك نستعين ..﴾فتقديم المعمول (إياك) على العامـل
    (نعبد) يفيد الحصر، فلا يعبد إلا االله، والعبادة لفظ شـامل، فـإذا
    نطقت بهاته الجملة التي لا تتجاوز كلمتين ﴿إِياك نعبد ..﴾تهاوت أمام ناظريك كل المألوهات من دون االله..
    تذكرت طوائف تنتسب للقبلة وتستغيث بالحسين، وهذه الآيـة تقول لا يستغاث بالحسين من دون الله..
    تذكرت مذاهب تمنح حق التشريع للبرلمان، وهذه الآية تقول لا يملك حق التشريع إلا الله
    تذكرت من يطاوع هواه حتى كأنه إلهاً له كما قـال تعـالى :
    ﴿أَفَرأَيت منِ اتخذَ إِلَهه هواه ﴾الجاثية : ٢٣ ،[وهذه الآية تقول
    لا يؤله إلا الله.. تذكرت شخصيات تعبد المنصب والمال، كما قال صل الله عليه وسلم ( تعس عبد الدينار). وهذه الآية تقول لا يعبد إلا الله..
    تذكرت من يذعن للشيطان حتى كأنه يعبده كما قال تعـالى :
    ﴿يا بنِي آدم أَنْ لَا تعبدوا الشيطَانَ﴾ [يس : ٦٠ ]وكما قال االله
    عن الخليل: ﴿يا أَبت لَا تعبد الشيطَانَ﴾ [مريم : ٤٤ [
    وهذه الآية تقول لا يذعن إلا الله.. تذكرت حالات يلتفت فيها القلب إلى ثناء النـاس ومـديحهم،
    وهذه الآية تقول لك لا يراد بالعمل إلا وجه الله..
    تذكرت نيات عزبت عن الله إلى دنيا تصيبها، وهذه الآية تقول
    لا ينوى العمل إلا الله..
    وتذكرت وتذكرت وتذكرت ..
    وهذه الآية العظيمة تسقط كل مطاع أو متبـوع أو مـألوه إلا
    االله.. ﴿إِياك نعبد ..﴾هي جوهر مشروع الإصلاح، وهـي قاعـدة
    النهضة، وهي مختبر الحضارة، وهي معيار التقـدم، وهـي خطـة
    التنمية..
    ﴿إِياك نعبد ..﴾هي قلب سورة الفاتحة، قلب أعظم سـورة في كتاب الله، ومع ذلك، كم تاهت عن هذه السورة، بل عن هـاتين الكلمتين فقط؛ أمم من الخلق..
    آية نكررها في اليوم عشرات المرات في كل ركعة من الفـرائض
    والنوافل..
    لماذا؟
    لأنها "منهج حياة".
    تأمل فقط في أحد تطبيقات هذه الآية كيف يحكّمها أئمة الدين في تفاصيل المسائل، يقول ابن تيمية : "والمقصـود أن صـاحب الزيارة الشرعية إذا قال ﴿إِياك نعبد وإِياك نستعين﴾كان صادقاً؛
    لأنه لم يعبد إلا الله ولم يستعن إلا به وأما صاحب الزيارة البدعية فإنه عبد غير الله واستعان بغيره، فهذا بعض ما يبين أن "الفاتحة"
    أم القرآن)[الفتاوى:٦/٢٦٤ .[
    وأما الاستعانة في قوله :﴿وإِياك نستعين﴾فهي عبادة مشـمولة
    بقوله : ﴿إِياك نعبد﴾ولكن الله أفردها بالذكر في هذا الموضع مـن فاتحة الكتاب ليكون تنبيهاً مستمراً يسمعه المـؤمن يـذكّره بـأن المطلوب الأكبر وهو (العبادة) لا يكون إلا بـ(الاستعانة)، وهـذا
    الموضع في تعقيب العبادة بالاستعانة موضع أسهب فيه أئمة التألـه والسلوك وفقهاء الطريق إلى الله في تأملاتهم الإيمانية .
    ثم تنتقل السورة إلى النصف الثاني الذي ذكره الله في الحـديث القدسي السابق، ويبدأ بعد الثناء والتوحيد، حالة الدعاء، فـإن الله
    قال: (هذا لعبدي ولعبدي ما
    سأل).
    حسناً ..
    ما الدعاء الذي اختاره الله لنا بأن ندعو به؟
    مطلوبات كثيرة، وهانحن الآن في أعظم سورة، وقد بلغنا الموضع
    الذي اختار الله أن يكون موضع دعاء، والله سبحانه هـو الـذي
    اختار لنا هذا الدعاء.
    أتدري ما الذي اختاره الله؟
    إنه (الدعاء بالهداية)..
    لو قيل لشخص: ادع الله كثيراً أن يهديك، لاستغرب، وشعر أن
    هذا أمر ثانوي، والله تعالى يختار لنا أن يكون دعاء الفاتحة هو سؤال
    الهداية!
    إذا كان الله سبحانه اختار أن يكون دعاء أعظم سورة في القرآن هو "سؤال الهداية" فهذا يعني أن الضلال وشيك خطير مخوف، وإلا لم يفرد الله سؤال هذه الخصوصية،
    لو كان الضلال أمراً مستبعداً، أو مما يجب أن لا ننشغل بالخوف منه، أو يجب أن لا نكـون سوداويين، لما كان الله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين والذي يريـد لنا الخير أكثر مما نريده لأنفسنا؛ يختار أن يكون دعاء الفاتحة هـو طلب الهداية..
    ولاحظ المقام الذي يدعو فيه المرء بالهداية؟
    إنه ليس مقام معصية..
    ولا مقام ضلال..
    بل يلح الإنسان على الله في طلب الهداية وهو في أجل لحظـات
    الهداية!
    قائم بين يدي الله ويسأله الهداية!
    فكيف بالسادر عن الله؟
    فكيف بالغافل اللاهي؟
    ومع ذلك يستعظم أن يسأل الله الهداية!
    في المواضع العظيمة، لا يختار من الدعاء إلا أعظمـه، وأعظـم
    الدعاء ما خاف الإنسان من ضده.. فإذا كان الله اختار لنا "تكرار طلب الهداية" في قلب أعظم سورة تكلم بها سبحانه وتعـالى، دل هذا على أن ضد الهداية وهو الضلال أمر أقرب إلى أحـدنا مـن عمامته التي تحيط برأسه..
    دل هذا على أننا نسير في حقل ألغام من الانحرافات ..
    دل هذا على أن هذه الحياة الدنيا محفوفة بكلاليب الباطل تلتقط
    الناس يمنة ويسرة ..
    ولذلك اختار أرحم الراحمين لنا أن نسأله الهداية في كل ركعـة
    من صلاتنا..
    إذا رأيت كيف خص الله الهداية هاهنا بطريقة تثير القلـق مـن
    الضلال، فقارنها بالبرود الفكري المعاصـر تجـاه قضـية الهدايـة
    والضلال، وتعاملنا معها بمنطق سيبيري جامد، ليس فيـه خـوف
    ووجل وحرص على الحق..
    قال الإمام ابن تيمية : "وإنما فرض عليه من الدعاء الراتب الذي يتكرر بتكرر الصلوات، بل الركعات فرضها ونفلها، هو الدعاء
    الذي تتضمنه أم القرآن وهو قوله تعـالى : ﴿اهـدنا الصـراط
    الْمستقيم﴾، لأن كل عبد فهو مضطر دائماً إلى مقصـود هـذا
    الدعاء وهو هداية الصراط المستقيم"[الفتاوى:٢٢/٣٩٩ ]
    وما إن يتجاوز القارئ لفظ الهداية .. إلا وتبـدأ أولى محطـات
    الإشارة إلى "الصراع" ..
    ذكر الله بعد ذلك مباشرة الإشارة إلى محل الهداية وهو "الصراط"
    وهذا يعني أنه صراط واحد، وليس متعدداً..
    هل اكتفى بذلك؟ لا .. بل وصفه بأنه "مستقيم" أيضاً ..
    فهو صراط لا يحتمل المنعطفات، فمن خرج عن هذا الصـراط
    فقد خرج عن الإسلام.. ومن دخل في هذا الصراط لكن لم يـراع
    استقامته فهو من منحرفي أهل القبلة .. فالصراط وصف للإسلام ..
    والمستقيم وصف للسير على السنة..
    فالاستقامة وصف أضيق من الصراط.. حسناً.. وصف الله محل الهداية وصفاً نظرياً بأنه "صراط مستقيم"
    ..
    هل اكتفى بهذا القدر؟ لا ..
    بل زاد بأن ربطه بتجربة بشرية معروفة فقال تعالى: ﴿صـراطَ
    الَّذين أَنعمت علَيهِم }
    قارن هذا الربط بأولئك الذين يقولون طريقة الصـحابة ومـن
    تبعهم لا تلزمنا! الله تعالى يوضح لنا الصراط بأنه صراط الذين أنعم عليهم، ومن أعظم من يدخل هذا الوصف أصـحاب الـنبي صل الله عليه وسلم ،
    وهؤلاء يقولون طريقة الصحابة لا تلزمنا!
    ثم تختتم هذه السورة برسم أسباب الافتراق الكبرى وآثارهـا،
    حيث يقع الصراط المستقيم بين طريقين، طريق المغضوب علـيهم، وهم الذين حصلوا العلم وأهملوا العمل، وطريق الضـالين، وهـم الذين اجتهدوا في العمل بلا علم.. وأهل الصراط المستقيم جمعـوا
    العلم والعمل..
    فانظر كيف تصوغ هذه الفاتحة العظيمة حيـاة المسـلم وهـو
    يكررها كل يوم..


    ;g hglki[ td Hl hg;jhf


  2. #2
    عضو منتسب
    تاريخ التسجيل
    25-03-2020
    العمر
    34
    المشاركات
    27

    افتراضي

    قال ابن عباس رضي الله عنه : جميع العلم في القرآن لكن تقاصر عنه أفهام الرجال

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. المنهج التحليلي لدراسة و تحليل اللهجات
    بواسطة أ. أم محمد في المنتدى مجلس اللغات و اللهجات العالمية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-03-2020, 11:21 PM
  2. مقارنة بين المنهج الوصفي و المنهج التجريبي
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى مجلس تطوير الذات
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 17-11-2017, 10:28 AM
  3. على أي شيء تدل هشاشة المنهج
    بواسطة مهندس الانساب في المنتدى مجلس السلالات العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-10-2016, 03:22 PM
  4. المنهج الشرعي في التعامل مع العيوب !!
    بواسطة معلمة أجيال في المنتدى الدنيا مزرعة الاخرة . تعال نؤمن ساعة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-03-2016, 12:37 PM
  5. معنى المنهج وضابطه الصحيح.
    بواسطة ام نواف في المنتدى مجلس العقائد العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-05-2010, 12:05 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum