بسم الله الرحمن الرحيم

يوم القيامة (قصة قصيرة)

عندما يموت عيسى عليه السلام يمكث الناس ما شاء الله أن يمكثوا ثم يبعث دخانا لا يشمه مؤمن إلا مات فلا يبقى إلا شرار الخلق فعليهم تقوم الساعة

- تظهر هذه الحالة في شكل موت يعتقد الناس أنه وباء أو شيء من ذلك يهلك فيه المؤمنون ويبقى فيه شرار الخلق

فيأمر الله تعالى ملك الصور أن ينفخ فيه نفخة الصعق "صعقة الموت" وهي الراجفة فأول من يصعق رجل يلوط - اي يصلح - حوض إبله ليسقيها فيه فيموت جميع الخلائق التي قدر عليها الموت "وهم أهل الأرض وسكانها" أما الملائكة وحور الجنة وجواريها وولدانها فلا يموتون وأنا الحديث الذي جاء فيه أن كل الأحياء تموت بما فيها الملائكة فلا يصح والله أعلم

فتهلك الأجساد ولا يبقى منها سوى عجب الذنب فمنه يركب الخلق يوم القيامة

فيتركهم الله ما شاء أن يتركهم فإذا حان يوم القيامة جمع الأرض وبسطها ومدها وحول الجبال إلى كثيب مهيل ثم نسفها وسواها فلا ترى في الأرض عوجا ولا أمتا أي لا ترى فيه تلالا ولا مرتفعات ولا وديان ولا منخفضات أرض منبسطة مستوية كخبزة النقي وهو الخبز الذي يوضع على الجمر (انظر الصورة المرفقة)

ثم يبعث الله مطرا - جاء في بعض الروايات أن الله ينشئه من تحت العرش وأنه كمني الرجال - فيهطل على الأرض فإذا أصاب عجب الذنب نبت الجسد منها كما تنبت الحبة في حميل السيل ويشق الجسد الأرض كما تشق النبتة الأرض حتى يستوي قائما

فإذا اكتمل نمو الأجساد أمر الله تعالى ملك الصور فنفخ فيه نفخة الفزع وهي الرادفة فتنطلق الأرواح من مستقرها قيل أن أرواح المؤمنين تحشر في حواصل طير خضر تسرح في الجنة وتعود إلى قناديل معلقة تحت العرش وأن أرواح الكافرين تحشر في موضع في أسفل الأرض وقيل أن كل روح تحشر في قبرها الذي قبر جسده فيها والله أعلم وأحكم وهناك تعيش روحه حياة البرزخ فتدخل كل روح إلى جسدها فإذا هم قيام ينظرون حتى إنهم ليحتون التراب الذي علق برؤوسهم عندما شقت أجسادهم الأرض حفاة عراة غرلا رجالا ونساء إنسا وجنا يرى بعضهم بعض يسمعهم الداعي وينفذهم البصر لا ينظر بعضهم إلى بعض من هول المطلع

وتدنو الشمس منهم - جاء في بعض الروايات أنه تكون على بعد ميل واحد منهم فقط - ويعلمون أنه يوم القيامة فيمكثون ما شاء الله أن يمكثوا
حتى إذا بلغ بهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقولون ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم فيأتون آدم عليه السلام فيقولون اشفع لنا إلى ربك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله فيأتون موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته فيأتون عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيأتون النبي فينطلق النبي فياتي في موضع قدام العرش يقال له الفصح فأيقع ساجدا لربه عز وجل ثم يفتح الله عليه من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبله ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع قال تعالى (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) فيرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ويسأل الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء بين عباده فيعطى ذلك ويسأل الله تعالى في أمته فيقول أمتي يا رب أمتي يا رب أمتي يا رب فيقول الله تعالى له يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب

فيهبط النبي إلى الأرض والناس في مصافهم – جاء في بعض الروايات أنه إذا هبط إليهم النبي واخبرهم بقدوم الرب تبارك وتعالى جثو على ركبهم ورفعوا رؤوسهم إلى السماء وجحظوا بأعينهم إليها حتى أن أحدهم لا يقدر على الإرماش فذلك قوله تعالى (مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم هواء) ويقف مع أمته وكل نبي واقف مع أمته فتنشق السماء الأولى وينزل ملائكتها فيقول الناس أفيكم ربنا؟ فيقولون لا وهو آت فيحيطون بأهل الأرض ثم تنشق الثانية فيسألهم أهل الأرض أفيكم ربنا؟ فيقولون لا وهو آت ويحيطون بملائكة السماء الدنيا ثم السماء الثالثة كذلك والرابعة كذلك والخامسة كذلك والسادسة كذلك والسابعة كذلك كل ما نزل أهل سماء أحاطوا بالذين قبلهم

ثم يأمر الله تعالى ثمانية من الملائكة بحمل العرش ووضعه في أرض المحشر وهي أرض الشام فيهبطون حتى يضعوه حيث أمرهم الله ثم يجيء الله تعالى في ضلل من الغمام والملائكة حافين به يسبحونه ويقدسونه ويتجلى لعباده في الأرض فإذا رأوه صعقوا جميعا "صعقة الغشي وليس الموت" فيكون أول من يفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجد موسى عليه السلام أخذ بإحدى قوائم العرش يقول النبي "فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" اهـ

ثم يقضي الله تعالى بين البهائم حتى أنه ليقاد للجماء من القرناء إذا نطحتها حتى إذا فرغ منها قال كوني ترابا فيقول الكافر عندئذ "يا ليتني كنت ترابا"

ثم يبدأ في حساب عباده من الإنس والجن فأما المؤمنين فيستدنيهم حتى يضع عليهم كنفه أي ستره وأول ما يحاسبهم عليه الصلاة فإن صلحت صلح العمل كله وإن فسدت فسد العمل كله فإن صلحت صلاتهم يقررهم بذنوب وقعوا فيها في الدنيا حتى إذا رأوا أنهم قد هلكوا قال "سترتها لك في الدنيا وأغفرها لك اليوم" وأما الكفار فينادى عليهم على رؤوس الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين"

ثم توضع الموازين وتتطاير الصحف كل عبد يأخذ كتابه بيده فيطير كتابه حتى يقع في يده فأما المؤمن فيستلم كتابه بيمينه وأما الكافر فيستلم كتابه بشماله فيقرأون ما سطر فيها من أعمالهم

ثم يوضع العبد أو الأمة وحسناته في كفة وسيئاته في الكفة الأخرى ولا يوجد نص يفيدنا عن العلة في ذلك إلا أن الذي يظهر لنا والله وحده أعلم وأحكم حتى يعلم العبد أو الأمة أنه يستحق درجته في الجنة أو دركته في النار

ثم يأمر الله الإنس والجن كل يتبع معبوده فأهل الأصنام يؤتى بالأصنام فتقودهم حتى يتساقطون في النار ومن يعبد ملاكا أو نبيا يصور لهم صور تشبه صور أولئك الملائكة وأولئك الأنبياء فتقودهم حتى يتساقطوا في النار ومن يعبد إنسيا أو جنيا إن كان المعبود صالحا في نفسه صور لعابديه صورته وإن كان هو كافر في نفسه فهو بنفسه يقودهم حتى يسقط ويسقطون معه في النار فإذا سقطوا في النار استقبلتهم أبوابها إذا بلغوا إليها فتحت في وجوههم لكل باب من الكافرين قسم قسمه الله لها وفي هذا دليل على أن النار يومئذ يؤتى بها حتى تكون في موضع قريب من الأرض واسفل منها بحيث الساقط من الأرض يسقط في النار وهي عريضة حتى أنها تمتد إلى تحت الصراط كما سوف يأتي معنا

فيبقى المسلمون من أتباع جميع الأنبياء وفيهم منافقوهم فيأتيهم الله في صورة غير الصورة التي تجلى فيها لهم عند الحساب فيقول ماذا تنتظرون؟ فيقولون ننتظر ربنا! فيقول أنا ربكم فيستعيذون بالله منه ويقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا! فيختفي عن أنظارهم ثم يتجلى لهم في صورة التي عرفوه بها أول مرة يضحك فيخرون ساجدين له سبحانه إلا المنافق يصير ظهره طبقا واحدا كالوتد كل ما جاء أن يسجد بنط وسقط على قفاه

فيأمرهم أن يتبعوه فيتبعونه جميعا مسلمهم ومنافقهم ويلج بهم في موضع كله ظلمة ويختفي عنهم سبحانه ويعطي كل واحد منهم نور يهتدي به في هذه الظلمة وفي طريقهم جواد تسير بهم إلى الصراط وهو الجسر المضروب على ظهر جهنم فأما المنافقون فيسيرون قليلا ثم ينطفئ نورهم فيرون مصابيح المسلمين فيريدون أن يلحقوا بهم فلا يستطيعون فينادون المسلمين "انظرونا نقتبس من نوركم" أي انتظرونا نسير معكم على نوركم أو تعطونا قبسا من نوركم لنهتدي به فيقولون لهم أو يقال لهم أرجعوا وراءكم فالتمسوا نورا أي ارجعوا إلى الموضع الذي أعطانا الله فيه النور لعلكم تعطون نورا خلفا عن نوركم الذي انطفئ فيتيهون في الظلمة حتى يتساقطوا في النار فيستقبلهم الباب الذي يلج بهم إلى الدرك الأسفل من النار والعياذ بالله

وأما المسلمون فيسيرون على نورهم حتى يصعدوا الصراط وهو دحض مزلة أدق من الشعر وأحد من السيف فيسير المسلمون عليه كل بحسب أعمالهم كلمح البصر وكالبرق وكأجاويد الخيل وكأسرع الرجال ودون ذلك ومنهم من يهرول ومنهم من يسعى ومنهم من يمشي ومنهم يحبو ومنهم من يزحف على بطنه ومنهم من يزحف على ظهره ويكون النبي أول من يعبر وأمته أول الأمم عبورا للجسر ودعوى الأنبياء يومئذ اللهم سلم سلم

ومن تحت الجسر من موضع ماء تنطلق خطاطيف كشوك السعدان تخطف الناس فمنهم من تخدشه ويسلم ومنهم من تلقطه وتطرحه في النار على ظهر جهنم وهو الموضع الذي أعد لعصاة المسلمين

فينتهي المطاف بالسالمين إلى قنطرة بين الجسر والجنة ويحبسون هناك يقتص بعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى لا يجد أحد في نفسه على أحد ثم يؤمرون فيدخلون الجنة
وللجنة ثمانية أبواب منها باب يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون والمراد بذلك لا يدخله إلا من مات صائما فيدخل من ذلك الباب وعرض أبواب الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى بالشام والمسافة بين الموضعين متقاربة أما ما ورد أن عرض أبواب الجنة مسيرة أربعين سنة فلا تصح وهي من وضع قصاص أهل الكتاب رواها عبدالله بن سلام ورواها عنه عتبة بن غزوان وغيره فالأصل أن هذا القول منشاوه من أهل الكتاب فيكون هذا القول هو من زيادات قصاصهم رواها عنهم ابن سلام عن حسن نية ورواها عنه عتبة وغيره كذلك والصحيح ما أثبتناه لانه خبر صححي عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقدم عليه خبر منقول عن أهل الكتاب

(انظر الصورة التوضيحية المرفقة بهذا الموضوع)

وأما الذين دخلوا الجنة بغير حساب ولا عذاب فأولئك لم يشهدوا شيئا من أهوال يوم القيامة فمنذ أمر الله تعالى نبيه بأن يدخلهم مع الباب الأيمن من أبواب الجنة أو من أي باب شاءوا من أبواب الجنة الأخرى انتقلوا فورا من الأرض إلى الجنة ودخلوها آمنين

وفي الحديث أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم إكراما لهم وتطييبا لخواطرهم والذي يظهر أنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء عندما يحبسون في القنطرة التي بين الجسر والجنة واختلف المفسرون في مقدار هذا النصف أهو نصف يوم من أيامنا أو نصف يوم من أيام الله تعالى الذي مقداره الأف سنة من أيامنا قد يكون هذا وقد يكون ذاك والله وحده أعلم وأحكم

قام بجمعها وإعدادها أبو عبدالرحمن صقر بن عبيد العتيبي
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

تنبيه: هذا المقال هو حصيلة جمع الأحاديث والآثار التي رويت في أهوال يوم القيامة بعد حذف الموضوع والضعيف جداً وقام بربط الأحاديث بعضها ببعض فإن بعض الأحاديث تأتي - بسبب الرواة - مبتورة وناقصة في سردها فنجد إكمال ما نقص في خبر في خبر أخر فتم هذا المقال على النحو الذي قرأتموه.



d,l hgrdhlm (rwm rwdvm)