تاريخ بني هلال قبل التغريبة الكبرى
بني هلال ونسبهم ومكان تواجدهم قبل التغريبة (1- 2)


باحثون عسفوا مسميات الأماكن الجغرافية وفق أهوائهم في سبيل ان تكون مناطقهم مدار الأحداث.

كنت قد أشرت في كتابات سابقة إلى ان بني هلال قبيلة هوازنية كانت تختلط في منازلها بنجد والحجاز مع بطون أخرى من هوازن وتناولنا سيرة بني هلال كأدب منتشر في أرجاء الوطن العربي تختلف فيه الروايات وتتعدد، وأشرنا إلى الخطأ الذي يقع فيه العامة حيث ينسبون كل أثر قديم لبني هلال سواء كان حصوناً أو منازل حجرية أو آباراً مطوية، ومن خلال تعقيب الأخ العرفج الذي يزعم فيه ان بني هلال من اليمن وأنه وقف على حصونهم مستنداً على كتابات مؤرخين من اليمن، ومن خلال ما وصلني من عدد من القراء يطلبون ايضاح حقيقة ذلك، لزم إجلاء الاشكال بشيء من التفصيل وعلى جزءين وسنفند ما جاء في تعقيب العرفج وكذلك مزاعم من اعتمد عليهم:

قال العرفج (سبق وان ذكرت بأن السراة قد تكون مرت بما يسمى الجعفرية قريب صنعاء، لأن القبيلة موطنها الأصلي في شبوة..).

وأقول كنت قلت في مقال سابق إلى ان السراة ليست قبيلة وها أنت تثبت خطأك ولا أدري على أي أساس جعلت السراة قبيلة فالشاعر يقول:

ونلقى سراة من هلال بن عامر

يزيل الصدى والغل عني سلامها

فالسراة قال الجوهري هو جمع السري، وفي المصباح السري الرئيس والجمع سراة. والمقصود هنا أمراء وكبار بني هلال بن عامر، إما شاعر القصيدة فلا خلاف على اسمه ونسبه وعصره كما جاء عند ابن خلدون وهو سلطان بن مظفر بن يحيى ويرد نسبه في داود بن مرداس بن رياح بن ابي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان. قال القصيدة وهو بالمهدية في سجن الأمير أبو زكريا بين سنة 1625ه وسنة 647ه وفي بيت آخر من القصيدة يتحدث عن نفسه بأنه من أصل حجازي بدوي ولم يقل يمني فيقول:

حجازية بدوية عربية

فداوية ولهى بعيد مرامها

قال العرفج (يبدو ان الحافي قد خلط بين بني هلال بن عامر، وحسبها بني هلال القرية الموجودة في عسير حالياً) أ. ه .

وأقول سبحان الله كيف فهمت من إشارتي لعليا العبيدية أني أعني القرية في عسير!! والتي لم أشر لها من قريب أو بعيد، يا رعاك الله فما زدنا قولاً ان عليا من قبيلة عبيدة وعبيدة في ذلك الوقت وما زالت تمتد في وادي تثليث إلى أطراف بيشة وكانت لهم مع بني هلال معركة وتبين ذلك قصيدة أبي زيد الهلالي التي منها:

علمي بعليا والقنا يذرع القنا

بحزوى ولا مالت معي من نفودها

وعيوا على عليا عبيده كلهم

وعيوا على عليا ذخاير جدودها

وحزوى مورد ماء غرب عروق سبيع في قاع يسمى قاع حزوى في منطقة الطائف واحسبه يعنيه.

قال العرفج: "ومنهم المؤرخ اليمني بدر بامحرز، الذي أوجد نظرية وهي ان هوازن أصلها (أوسان) وغطفان أصلها (قتبان)، وهي ممالك حميرية كانت تقطن فيما يعرف اليوم بمحافظة شبوة بالجمهورية اليمنية الشقيقة" أ. ه .

أقول لقد كنت استغرب كيف ان أحداً يدعي قراءة التاريخ ويخالف مالا خلاف عليه فيما تواتر في كتب التاريخ وعلم الأنساب والروايات الشفوية والنصوص الأدبية! وقد بطل العجب حينما ذكرت اليمني (بدر بامحرز) والذي أنت معتمداً على كتاباته في الشبكة العنكبوتية فيما ذهب، فلتعلم ان بامحرز لا يعدو كونه قارئاً سطحياً للتاريخ وهو للجهل أقرب منه للعلم بنى كتابته على وهم محاولة عسف مسميات الأماكن الجغرافية وأسماء القبائل وكأنها قاطنة حضرموت وشبوة منذ عهد حمير والتبع بناء على حجج واهية ودلالات واهنة لا يعتد بها فكيف تترك أمهات الكتب من قديمها وحديثها وبحوث علمائنا الاجلاء ممن عرفوا بأمانتهم العلمية ودقة البحث والتقصي حتى غدوا مضرب المثل في هذا العلم، ثم تذهب إلى تصديق من حاول ان يزيف الحقائق وفق أهوائه. وقد كنت احسب ان هذه الكتابات لا تتعدى حدود منتديات الغفلة، أما وقد وصلت إلى منبر الرياض وهي الجريدة المقروءة عربياً ولها مصداقيتها لذا كان لزاماً علينا ان نفند ادعاءات بامحرز، ليتبين القارئ الكريم مدى افتراء المدعو بامحرز على كتب أهل التاريخ ومعاجم البلدان وعلماء الانساب قديمهم وحديثهم، في سبيل ان يجعل بني هلال من اليمن.

يقول بامحرز "ورد في معجم قبائل العرب (عمر رضا كحالة) أثناء ذكره لبني نمير من بني عامر ومواطنهم أورد اسمين لموضعين هما: ملهم ومران وقال في الحواشي (بان السكوني قال عنهما: هما لبني نمير على بعد ليلة من مرة ومرة معروفة اليوم باسمها ورسمها غرب مدينة عتق موطن آل خليفة (بني هلال) باتجاه الصحراء وفي نفس اتجاه وادي جردان الشهير والذي ما زالت بقايا بني نمير تعيش فيه إلى يومنا وهم يدعون بال نمارة أو النميري" أ. ه .

وأقول ملهم بلدة في شمال الرياض ما زالت بهذا الاسم حتى اليوم وما جاء عند ياقوت الحموي "ملهم: بالفتح ثم السكون وفتح الهاء قال أبو منصور: ملهم وقران قريتان من قرى اليمامة معروفتان، وقال السكوني: هما لبني نمير على ليلة من مرة وقال غيره: ملهم قرية باليمامة لبني يشكر واخلاط من بني بكر وهي موصوفة بكثرة النخل، ويوم ملهم: من أيامهم، قال جرير:

كأن احداجهم تحدى مقفية

نخل بملهم أو نخل بقرانا

وقد حرف بامحرز (قران) الى مران ليشتقها من مرة في اليمن بعد ان اعيته الحيلة في ملهم، حتى ينقل بني نمير بن عامر بن هوازن من نجد ويجعلهم النمارة من كندة في اليمن! وهذا والله تدليس جاهل، قرأ ان مران من منازل بني هلال بن عامر فحرف قران اليه، جاء عند ياقوت الحموي "مران قال السكري: هو على اربع مراحل من مكة الى البصرة، وقال الحازمي: بين البصرة ومكة لبني هلال من بني عامر" وفيه يقول شيخنا ابن خميس حفظه الله ومران من مياه كشب في وادي كثير المياه والاشجار يجتازه طريق البصرة الى مكة ويكثر ذكره على ألسنة الرحالة وعلماء المنازل والديار وكان قاعدة رئيسية لقبيلة بني هلال بن عامر وما زال بهذا الاسم وتقول فيه الشاعرة وضحا الجدعية من شاعرات القرن الثالث عشر الهجري:

ابكي على مران عدٍ به الروى

والحفر يعنى للعليل بماه

يقول بامحرز والسوط هي المرتفعات الجبلية المعروفة في شبوه وهي هضبة جبلية واسعة تبدأ من عند الحواضن الجبلية المقابلة لفجوج صحراء الربع الخالي واودية الكور (مذحج). وقد كان العرب القدماء يقولون في مقولاتهم المتداولة وهم يحددون بداية نجد (من رأى حضناً فقد أنجد) تثبت ما نذهب اليه بأن اسم نجد يبدأ من حواضن خليفة وفجوجها ليشمل صحراء الربع الخالي واودية المشرق اليمني وأودية حضرموت.

واقول عجباً لهذا لم يذخر حيلة لتعزيز وهمه!! فقد نقل جبال حضن من عالية نجد الى حضرموت!! جاء عند ابن بليهد (رحمه الله) في صحيح الاخبار فإذا جزت العرف متجهاً الى جهة الشرق وانت في بطن الجوبة جوبة ركبة فالتفت على يمينك ترى حضن قد سد الافق اليماني قال في معجم البلدان هو جبل في عالية نجد وهو اول حدود نجد وفي المثل (انجد من رأى حضناً).

يقول بامحرز ففي كتب سيرة بني هلال المطبوعة والمتداولة في المكتبات ورد ان بني هلال عندما انتقلوا من موطنهم الاصلي في بداية تغريبتهم قد مروا بموضع باسم (حزوى) ووجدناه يقع في صحراء الدهناء وهي صحراء الربع الخالي.. وان موقعها على وجه التحديد ينحصر في المنطقة الواقعة بين العبر والجوف.. وفي هذا اثبات قاطع بأن الموطن الاصلي الذي انتقلت منه القبائل الهلالية انما يقع في الجنوب ونواحي شبوه وحضرموت أ. ه .

واقول يبدو انه طاب له التحريف بلا رقيب، فصارت حزوة في جوف اليمن!! بينما حزوة التي في الدهناء وذكرتها المعاجم هي مورد ماء ومنه يمتد الى الجنوب الشرقي عرق رملي يسمى عرق حزوة في الدهناء في منطقة الرياض ويقع على دائرة عرض 26.23وخط طول 47.28وكذلك حزوى مورد ماء غرب عروق سبيع في قاع يسمى قاع حزوى في منطقة الطائف ويقع على دائرة عرض 22.42وخط طول 42.47وهو المعني في قصة بني هلال وحصلت لهم فيه معركة مع قبيلة عبيدة كما سبق. وهذا يطابق ما وثقته كتب التاريخ ثم الهمداني الذي يستشهد به يقول في كتابة صفة جزيرة العرب "رنية وتربة بين ديار بني هلال"، وحزوى تقع شمالاً عنهما.

منقوول



jhvdo fkd ighg rfg hgjyvdfm hg;fvn