احسنت يا دكتور كويس انك موكب العصر
الاستغلال السياسي للعصبية القبلية في التاريخ الاسلامي
الحمد لله و الصلاة و السلام على عبده و مصطفاه و بعد.
لاشك ان العصبية القبلية كانت موجودة عند العرب في الجاهلية سواء بين العدنانية و اليمانية او بين المضرية و القيسية, او حتى بين بطون القبيلة الواحدة, حتى جاء الاسلام مهذبا لنفس العربي و قاصرا المنافسة على مجالات الخير من علم و جهاد و طاعة.
و مع طول الامد و بعد الملوك و الخلفاء على الاسلام , فقد استغل بعضهم العصبية القبلية الكامنة عند اهل البادية لتفريق الرعية و السيطرة عليها, ولم يراعوا في ذلك ما يجلبه الوقيعة بين الفريقين من شرور للامة و فساد للرعية, مما أضعف على المدى البعيد العنصر العربي كله ليبدله الله عز و جل بالعناصر التركية والكردية وغيرها لقرون متطاولة فسنن الله غلابة.
الامويون ولعبهم بالعصبية:
ففي العصر الاموي الاول فرض الامويون حكمهم بالقبائل اليمانية من كلب زعيمة قضاعة بالشام الذين صاهروا بني امية و قويت بينهما الروابط. و جاء ذلك على حساب المضرية, وبسبب تقريب الامويين لليمانية فسد ولاء فزارة و سائر قيس, ووقع الشر بين فزارة و كلب فتحاربتا في الاسلام مثل الجاهلية في وقعة بنات قين وهي عين ماء لكلب بن وبرة و بني القين بن جسر القضاعيتان حيث اغار الفزاريون عليهم مثلما كان في الجاهلية و العياذ بالله.
وظل تقريب اليمانية حتى اواخر الدولة الاموية, فجاء مروان بن محمد اخر خلفاء بني امية الذي سلب الخلافة من بني عمه عبد الملك بن مروان عندما تنازعوا فيما بينهم, و قد فرض نفسه بالقبائل المضرية في اقليم الجزيرة الفراتية و نبذ اليمانية حلفاء بني امية التقليديين, مما اضعفهم و جعلهم لا يقومون امام هجمات الخراسانيين انصار العباسيين عندما قدموا من الشرق, حيث كانت الشام في اضعف حالاتها بسبب تلك العصبية.
العباسيون و العصبية القبلية:
ورأينا كيف استغل ابو مسلم الخرساني العصبية و الفتنة بين المضرية من ناحية بقيادة والي الامويين بخرسان نصر بن سيار, ضد حلف ربيعة و اليمانية, ونذكر جميعا كيف كان نصر يفتخر بخندفيته و ان عمه قيس عيلان, رغم كونه واليا ومن المفترض ان تكون الرعية امامه سواسية, فيقول:
انا ابن خندف تنميني قبائلها ** للصالحات وعمي قيس عيلانا
وقد استثمر ابو مسلم ذلك فاوقع بينهم ثم قتل الجميع في النهاية و لم يبق بخرسان عربيا لتبقى خالصة له دون منغصات, مما اضعف اللغة العربية و اضعف النضج الديني بهذه الاصقاع الى اليوم.
وظلت العصبية بين اليمنية والقيسية على أشدها في عصر الخليفة المنصور.
ويحدثنا الطبري أن المنصور استشار قثم بن العباس بن عبيد اللّه بن العباس في معالجة ما في نفسه من مخاوف من احتمال أن يقوم الجيش بحركة ضد الحكم، فأشار عليه قثم بن العباس أن يترك الامر له ليعالجه دون أن يعلم الخليفة بالأمر، فوافق المنصور على ذلك.
وفي الغد أرسل قثم غلامه الى مجلس الخليفة وتواطأ على أن يطلب الغلام في المجلس من قثم أن يبيّن له أي الحيين أفضل اليمن أم مضر، وأن يصرّ على هذا السؤال وإن تظاهر قثم بضربه وشتمه ورفض سؤاله، وهذا ما حصل فعلاً حيث أجاب قثم غلامه بعد رفض وضرب وشتم والغلام يتوسل به ويصرّ عليه بالاجابة، وكانت إجابة قثم بتفضيل مضر على اليمن، الأمر الذي أثار الحزازة التقليدية بين الطرفين، وعلى أثر ذلك افترق الجند فصارت مضر فرقة واليمن فرقة والخراسانية فرقة وربيعة فرقة، فالتقى قثم المنصور وأخبره بنجاح الخطة وأشار عليه بضرب كل فرقة بالاخرى عندما يلزم ذلك.
العصبية في الاندلس:
على أن القدر الأكبر من تلك العصبيات تم تصديره الى الأندلس , حيث استثمره الامويون بالاندلس منذ تأسيس حكمهم الجديد بها, وقد شهدت قرطبة وما حولها مهرجان العصبيات العربية المهاجرة, وظل ذلك من شروق شمس الاندلس وحتى غروبها بسقوط غرناطة.
المماليك و العصبية القبلية:
ادرك سلاطين المماليك صعوبة السيطرة على العرب لكونهم يأنفون من تسلط مماليك عليهم, وقد ثار حصن الدولة ثعلب الجعفري بعرب مصر ضد اول سلاطين المماليك ايبك لانفتهم ان يحكمهم مملوك, وقد اوقع بهم عز الدين ايبك وقعة منكرة اخمدت جذوتهم ردحا من الزمن.
ثم سرعان ما فكر المماليك في استغلال القوى القبلية فقاموا بحكم القبائل بواسطة امراء للبادية فأمروا عدة امراء من قبيلة جذام و طيئ و هوارة, وفي الشام نصبوا ال الفضل بن مهنا الطائيين ملوكا للبادية, وكلفوهم بمد الجيش بسلالات الخيل و بالمشاركة في الجهاد عند الحشد ضد الصليبيين و التتار.
العثمانيون يقصون العنصر القبلي:
شهد العصر العثماني اقصاء للبدو و العنصر القبلي بصورة كبيرة, حيث نظر لهم على انهم خارجون عن القانون الى ان يثبت العكس و هو ما يعكس ضعف التواصل بين الدولة و مشايخ العرب, ونتيجة لذلك عادت غارات الاعراب على المدن و على قوافل الحج وظل الامر كذلك تقريبا الى العصر الحديث.
وشهد العراق و الشام استغلال العثمانيين للقبائل الكبيرة لضرب بعضها بعضا مثل عنة و شمر و المنتفق و غيرها, ومثل ضرب المعنيين في لبنان بالامراء الشهابيين.
محمد علي باشا و العصبية:
وقد استثمر محمد علي باشا حاكم مصر في بداية القرن التاسع عشر قوى القبائل العربية في مصر وما حولها مما قواه داخليا ثم قواه ضد العثمانيين, فتحالف مع عدة قبائل و ناصرها ضد اعدائها مقابل وقوفها معه في غزواته الغزيرة, فمن القبائل التي حالفها الحويطات و العليقات و الهنادي وغيرها.
وقد استثمرها في قمع القبائل الاخرى في مصر في البداية, ثم حولها بعد استتباب الامر له في قمع الدولة السعودية الاولى و الثانية في نجد , وغزو السودان و اوغندا و ضمهما لمصر, ثم في فتح الشام, وقمع ثورة اليونانيين ضد الدولة العثمانية.
الاستعمار و العصبية القبلية:
غزت القوى الاستعمارية بلاد العرب منذ قرنين اولا بواسطة الرحالة و المستكشفون الذين نقلوا صورة مجتمعاتنا البدوية و الحضرية و مدى قوة كل قبيلة و فتحوا مجالات للتعاون مع شيوخ بعض القبائل, وتلا ذلك تجنيد بعض القبائل الكبيرة بالذهب الانجليزي و الفرنسي واغروهم بمناهجة الحكومة العثمانية لتفتيتها حتى قضوا بهذه القبائل على الخلافة العثمانية, التي كان اهم اخطائها اقصاء العنصر العربي و إلغاء ديوان الانشاء العربي.المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: رسالة اتحاد النسابين العربhghsjyghg hgsdhsd gguwfdm hgrfgdm td hgjhvdo hghsghld
احسنت يا دكتور كويس انك موكب العصر
تأصيل تاريخي مميز يا دكتور يوضح اخطاء الخلفاء و الملوك
يظهر من السرد التاريخي مدى جشع الملوك وان حرصهم على الكراسي مقدم لديهم على وحدة الامة و هذا من الفجوات و الفجعات الكبرى
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
العصبية القبيلة والنزعة القبيلية لا تزال موجود بالعرب ولن تموت ابدااا لانها مرجع تاريخي وديني وعائلي وقبلي وهي رمز العرب ازي يصفة الغرب للاسف بالتخلف وهو رمز الاصل والعروبة لانهم لايملكون لهم أب
بارك الله فيك اخي الكريم الاستاذ ابو الوفا.
و ان كنت تقصد التمسك بقيم القبيلة التي تممها الاسلام و هي من مكارم الاخلاق التي بعث النبي لاتمامها, فهو كذلك, كالكرم و الشهامة و المروءة و النجدة و الشجاعة و غيرها.
أما ان كان المقصود بالعصبية عبية الجاهلية و نصرة الاخ ولو كان ظالما فقد نهى الاسلام عن ذلك.
فكريا و سياسيا اعتبر الحكام القبائل مثل التكتلات السياسية ( وما يسمى اليوم بالاحزاب) وقيموها وفق الانتماءات و الولاءات لهم , وضربوا بعضهم ببعض كي يصفو لهم الحكم.
واذكر ان العثمانيين مثلا كانوا يجيدون الوقيعة بين ابناء بيت المشيخة في القبائل الكبيرة بأن يقربوا ابن عم للشيخ ويغرونه بالانقلاب على شيخه, وترى ذلك مثلا طوال قرنين مع ال السعدون أمراء المنتفق, و مع ال الجربا امراء شمر بالعراق و الشام و غيرهم.
شكرا بارك الله فيك
مشكور يا دكتور ايمن على الطرح الطيب
بورك اصلك وفرعك
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)