البرتغال و قبائل الخليج اقتناص رؤية لـ جون بي كيلي

البرتغال و قبائل الخليج اقتناص رؤية لـ جون بي كيلي

البرتغال و قبائل الخليج اقتناص رؤية لـ جون بي كيلي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مدخل

كتاب يحوي على رصيد هائل من المعلومات والأخبار , المتعلقة بالأحداث التاريخية والسياسية في كل من [ عمان - والخليج ] , في الفترة الممتدة من [ 1795م إلى 1870م ] , وقد أشرفت [ وزارة التراث القومي والثقافة ] العمانية على ترجمة هذا الكتاب .

[ بريطانيا والخليج ] - تأليف [ جون بي كيلي ] - الجزء الأول - ترجمة محمد أمين عبدالله , كتاب يستحق أن يُقتنى لما فيه من قنوات معلوماتية هائلة يستطيع الباحث أن يعتمد عليها , وذلك حين يتصدى للتصنيف أو الكتابة في جزء من أجزاء الخليج وقبائله .

قد يكون المؤلف مبالغاً في وصفه لبعض الأمور , خصوصاً حينما يتناول أخبار [ الوهابية ] , إلا أنه للحق والحق يقال , الكتاب قيّم , بيد أن الأحداث التي حصلت في تلك القرون السابقة , هي التي بطريقة أو بأخرى أوجدت الوضع الحالي للمنطقة , علماً بأن المؤلف قد كتب كتابه في سنة [ 1965م] , وأشار إلى أن ثلث معلومات كتابه اقتبسها من رسائل جامعية له لنيل درجة الدكتوراة فيما بين عامي [ 1952م -1955م ] , واعتمد كثيراً على المعلومات الإستخبارية البريطانية القديمة .


لمحة عن حالة الخليج قديماً

قبل قرون عديدة من وصول البرتغاليين , كان الخليج يُعد أحد أهم المعابر التجارية في آسيا , وعن طريقه كانت تمر منتجات الهند والصين والأرخبيل الشرقي إلى الأسواق في إيران والشام , والعكس من ذلك كانت تعبر السلع الواردة من الجزيرة العربية وإيران وأوربا من نفس هذه الطريق إلى الهند والشرق الأقصى , وازدهرت مناطق عديدة على ضفتي الخليج , إلا أن معظمها اندثرت بفعل الأحداث المتوالية التي عصفت بالمنطقة على مراحل مختلفة , مثل ثورة [ القرامطة ] , وسقوط الخلافة [ العباسية ] , وغزوات [ المغول ] , وقيام إمبراطورية [ الصفويين ] في إيران, والعامل المؤثر أيضاً , هو عندما اكتشف البرتغاليين طريقاً بحرياً إلى [ الهند ] عبر [ رأس الرجاء الصالح ] و بحر [ العرب ] ثم إلى الهند , وانتفت الحاجة إلى [ الخليج ] , كان ذلك في نهاية القرن [ الخامس عشر ] ميلادي , ولم يستأنف المسار القديم إلا بعد شق قناة [ السويس ] في النصف الثاني من القرن [ الناسع عشر ] ميلادي .

وكان يستحيل على أي دولة أن تفرض نفوذها على الخليج , إذا لم تكن لها قوة وسيطرة بحرية , ولم تتمكن أي دولة من فرض نفوذها منذ سقوط الخلافة العباسية وإلى يومنا هذا , إلا في فترتين , وفي كلتا الفترتين كانت الدول المسيطرة من الدول البحرية , مملكة البرتغال في القرن السادس عشر ميلادي , والإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر .

المملكة البرتغالية كانت لها خطط توسعية هائلة ؛ حيث تطمح للسيطرة على [ جزر الهند الشرقية ] , وذلك عن طريق الاستيلاء على مداخلها التقليدية كالبحر الأحمر والخليج العربي , ثم مضيق [ ملقا ] عبر [ رأس الرجاء الصالح ] , وكان الرأس المدبر لهذه الأفكار هود القائد الكبير [ الفونسو البكورك ] , كان للبرتغال محاولات للسيطرة على قاعدة جزيرة العرب [ حضرموت ] في القرن العاشر الهجري , عن طريق بحر العرب ومن خلال الميناء الجنوبي [ الشحر ] , إلا أن سلطان حضرموت الكبرى آنذاك [ بدر بن عبدالله بن جعفر الكثيري ] أفشل مخططاتهم , وقبض على عدد من قراصنة البحار البرتغاليين وسلمهم إلى الدولة العلية [ العثمانية ] , ذلك الأمر الذي فتح نفوذاً قوياً للدولة الكثيرية الأولى في القرن العاشر الهجري قبل أن تنضوي الدولة الكثيرية في مراحلها التالية محصورة في مناطقها القبلية في شمال وادي حضرموت حتى الأطراف الجنوبية من الربع الخالي* , وبالتالي سقوطها في سنة 1967م , ومشكلة البرتغاليين أنهم جاءوا رافعين سلاحهم جانحين بقوة وبصراحة معلنة إلى رغبتهم بالسيطرة ولو بالقوة .


على النقيض من ذلك البريطانيين الذين كانوا أكثر تخطيطاً وأبعد نظراً من نظرائهم البرتغال , حيث جاءوا كتجار باحثين عن التجارة والثروة , ولم تتحقق السيطرة الكاملة على الخليج إلا بعد انقضاء [ قرنين ] من الزمان , ونتيجة لسيطرتهم على الهند تمكنوا في القرن التاسع عشر ميلادي من فرض سيادتهم على منطقة الخليج .


وبعد الفوضى البرتغالية
مركز السلطة البرتغالية وقلبها النابض في الخليج , كان في قلعة [ هرمز ] , ومن هناك كانوا يمارسون سيطرتهم على مداخل الخليج , ولم يكن بمقدور أي دولة من الدول القائمة في الخليج آنذاك , ولا امبراطورية الصفويين , أن تحرر المنطقة من قبضة النفوذ البرتغالي , لأنه لم يكن لأي منهم في وضع يسمح بمواجهة وتحدي القوة البحرية البرتغالية .

في عهد عباس الأول الصفوي تمكن الفرس بمساعدة الإنجليز ؛ عندما قدموا إلى المنطقة في القرن السابع عشر ميلادي , حيث استعان باسطولهم البحري في القضاء على [ البرتغال ] , في عام [ 1622 ] م , انتهت للأبد السيطرة البرتغالية على المنطقة .


ولم تحاول كل من [ هولندا ] و [ فرنسا ] , بعدما جاوءا عقب دخول [ البريطانيين ] إلى الخليج , أن يمارسوا سيطرتهما على الطريقة [ البرتغالية ] ؛ النشاط التجاري هو نطاق وجودهم فقط , وفي أواخر القرن [ 1700] م , لم يبق من الوجود الأوربي سوى [ شركة الهند الشرقية البريطانية ] , وإن كانت مصالح هذه الشركة قد تقلصت في تلك المرحلة إلى درجة كبيرة , بسبب الفوضى التي عمت المنطقة منذ النكسة التي مني بها [ البرتغاليين ] .

وأهم نتائج هذه النكسة , هو تنافس [ المشيخات العربية ] الصغيرة الواقعة على [ ساحل الخليج ] فيما بينها على على السلطة , ومن أكبر هذه الأمارات هي [ سلطنة عمان ] التي تقع خارج [ حزام منطقة الخليج الأصلية ] , ومما تجدر الإشارة إليه أن اسم [ عُمان ] في العصور الوسطى كان يطلق على كل ذلك الجزء من الجزيرة العربية , الذي يقع [ شرق ] قطر , ثم [ جنوباً ] إلى المحيط الهندي , وفي القرن الثامن عشر [ 1700م] , كان هذا الأسم يُطلق على الزاوية الجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة العربية , والتي تشكل اليوم [ سلطنة عمان ] و [ الإمارات ] .


عُمان

التركيب الإجتماعي في عمان قبلي محض ؛ ففيها قرابة مائتي قبيلة رئيسية , وأعداد لا تحصى من القبائل الفرعية , وعمليات الثار والأحقاد القبلية منشرة فيما بينها ؛ بسبب عزلة البلاد عن العالم , ثم عزلة كل قبيلة عن الأخرى .

وتتكتل قبائل عمان ضمن طائفتين سياسيتين متعادية , [ الهناوية ] و [ الغافرية ] , ولم يستطع أحد أن يحدد بدقة أو يفسر أصول هذا الإنقسام الحزبي القبلي , ويقول جون بي كيلي : ( وترى بعض الأوساط أن منشأ هذا الإنقسام هو الحروب الأهلية التي مزقت عمان في القرن الثامن عشر ميلادي , بينما يرجعه البعض الآخر إلى العرب الأوائل الذين استوطنوا عمان , فقد بدأت هجرة القبائل العربية من الجنوب العربي للجزيرة في فترة مبكرة من القرن التاسع قبل الميلاد , واستمرت في التدفق على البلاد على امتداد العشرة قرون التالية , ولقد استأثرت القبائل اليمنية أو القحطانية , كما كانت تُدعى بالأرض الجديدة حتى القرن الرابع أو الخامس بعد الميلاد , عندما استقبلت البلاد أفواجاً جديدة من المهاجرين من أواسط وشرق الجزيرة , وقد استقر القادمون الجدد من العدنانيين والنزاريين , وهو الأسم الذي تُعرف به القبائل اليمنية في عمان , رغم المعارضة القوية من اليمنيين شمال وادي سمايل , والمنطقة التي تُعرف الآن بساحل الصلح – لم يكن مسمى الإمارات العربية المتحدة قائمة زمن المؤلف - ) ص11.

الحاصل أن القبائل ذات الأصل اليمني القحطاني كانوا تحت مسمى [ الهناوية ] , بينما القبائل المنحدرة من الأصل النزاري يُعرفون بـ [ الغافرية ] , وظل هذا الإنقسام يُعذي الصراع القبلي بين الطائفتين .وبجانب الإنقسام القبلي بين هذين الفريقين , هناك الإنقسام المذهبي ؛ فالسواد الأعظم والأغلب من القبائل الغافرية [ سنية ] المذهب , بينما أغلبية [ الهناوية ] وليس كلهم ينتمون إلى المذهب [ الإباضي ].


أهم العناصر [ الهناوية ] هم آل سعد سكان الباطنة , والحرث والحجريين والحبوس سكان مقاطعة الشرقية , وآل بوسعيد وبني رواحة والعوامر سكان عمان الوسطى .


الساحل المتصالح

التركيب القبلي للمنطقة الشمالية – أي في شمال الجهات العمانية – تركيب معقد على غرار الوضع في عمان عموماً , وقد ظل محتفظاً بهذا الطابع منذ نهاية القرن الثامن عشر [ 1700م ] , وثمة تقسيمان قبليان [ القواسم ] سكان الجزء الشمالي , و [ بنو ياس ] سكان الجنوب , ويتقاسمان السلطة السياسية في المنطقة , وليس لهذين الفريقين ولاء لحكام عمان , مع أن بني ياس كانوا على علاقة ودية مع حكام عمان , وكل من [ القواسم ] و [ بنو ياس ] ميالين ومتعاطفين مع [ الهناوية ] .

مفهوم لفظة [ القواسم ] تعني القبائل التي تدين بالولاء لشيوخ القواسم في الشارقة ورأس الخيمة , ويقول جي بي كيلي : ( أما كم عدد القبائل الموالية لشيوخ القواسم , ومدى نفوذهم , ونوعية توزيعهم ؛ فموضوع يتعذر الحكم فيه ) ص 34 , أغلب سكان رأس الخيمة أهم موانيء المنطقة ؛فينتمون إلى قبيلة [ الخواطر ] وهم فرع من قبيلة [ النعيم ] التي يقيم معظم أفرادها في [ الظاهرة ] , أما في الشارقة الميناء الثاني للقواسم ؛ فأغلبية السكان من [ بني قتب ] , وفي جزيرة الحمرا , وأم القوين اللتين تقعان بين هذين الميناءين وتخضعان لسلطة شيوخ القواسم , فتسكنهما قبيلتي [ بني زعب وبني علي ] , وفي عجمان المرتبطة بالقواسم ؛ فكان زمام السلطة بيد آل بو خريبان , وهم فرع من النعيم , ومذهب القواسم [ سني ] .

أما في دبي ؛ فالأمر يختلف إذ تبدأ سلطة [ بني ياس ] , وبني ياس ليسوا قبيلة متجانسة , إذ أنها تتألف من نحو عشرين تقسيماً قبلياً صغيراً وكبيراً , وتنتشر على ضفاف المنطقة الممتدة من داخل قطر حتى جزيرة مسندم , والأغلبية العظمى من القبيلة المذكورة تقطن أبو ظبي والمنطقة المحيطة بها والظفرة , أما نفوذ الحكم لهذا [ الحلف القبلي ] ؛ فهو بيد [ آل بو فلاح ] , وهم من أصغر الفصائل القبلية في المنطقة .

أما الفصائل الهامة داخل [ بني ياس ] هم [ الهوامل ] و [ والمحارقة ] و [ آل بوفلاسة ] و [ آل بو محير ] و [ والقبيسات ] و [ الرميثات ] و [ الرواشد ] و [ المزاريع ] و [ المشاغين ] , ودبي هي مركز الحكم , غير أن مصدر الحكم لهذه القبيلة ومصالحة تقوم على أسس [ إقليمية ] , على العكس من [ القواسم ] الذين يعتمدون في الحكم في المقام الأول على النشاط [ الملاحي ] .

وحتى منتصف القرن الثامن عشر [ 1700م] , كان [ آل بوفلاح ] وأغلبية بني ياس , تقيم في واحة [ ليوا ] , وتقع في أعماق [ الظفرة ] , أما في موسم الصيف ؛ فينتقل معظمها وبالأخص [ الرميثات ] و [ القبيسات] إلى الجزء الشمالي من الساحل بحثاً عن الأسماك واللولو , ولا تعود إلى مواطنها إلا في فترة الحصاد [ القيظ ] , ولم تحاول هذه المجموعات الإستقرار على الساحل لعدم وجود الماء , ثم في القرن الثامن عشر وتحديد في سنة [ 1761م ] اكتشف الماء في جزيرة [ أبوظبي ] القريبة من المنطقة الرئيسية , وهكذا بدأت الهجرة من واحة [ ليوا] , ولم ينته القرن حتى انتقلت فصائل عديدة من [ بني ياس ] لأبوظبي .

يضيف جي بي كيلي معلقاً على نفوذ [ بني ياس ] : [ وقد امتد نفوذ بني ياس حتى أطراف الظاهرة خلال الحقبة الثالثة من القرن الثامن عشر [ 1700م] , وبنهاية القرن بدا وكأنهم يحاولون الإستيلاء على واحة البريمي بالتحالف مع الظواهر , كما أقاموا صداقات مع [ العوامر ] , وهي قبيلة كانت قد بدأت في تلك الفترة في ارتياد المنطقة , وبما أن العوامر يرجعون في الأصل إلى [ حضرموت ] ؛ فقد أخذوا يجوبون الجانب الشرقي إلى منحدرات عمان, وذلك في نهاية القرن الثامن عشر , وقد استقرت فئة منهم فيما بعد بعمان الأم , بالقرب من [ نزوى ] على ساحل الباطنة , إلا أن الفئات البدوية منها استمرت في تجوالها غرباً في اتجاه [ خطمة ملامة ] , وهي المقاطعة الواقعة مباشرة إلى الغرب من [ واحة البريمي ] , وإلى المزيد من الجهة الغربية حيث [ الظاهرة ] , ولما كانت هذه القبيلة غير مستقرة , وترتاد مناطق بعيدة ؛ فإن تنقلاتها غير ثابتة , وقد تضمحل وتتلاشى من الوجود قبل مرور وقت طويل في مطاوي الربع الخالي ] ص 41 .


كانت العلاقات بين بني ياس والقواسم يشوبها التحفظ , ولكن فيها شيء من الإنسجام نسبياً , وكلاهما ينتمي إلى المذهب [ السني ] , ولم يتدخل بني ياس في الصراع [ الهناوي – الغافري ] ؛ لأنهم كانوا يقيمون في واحة [ ليوا] عندما انفجر الصراع بينهم , وبعد بداية القرن التاسع عشر [ 1800م ] بدأ [ آل بوفلاح ] في تثيق علاقتهم بحكام [ آل بوسعيد ] , والتي توثقت أكثر في نهاية القرن .

وإلى ذلك الوقت لم تكن المصالح الإقتصادية بين [ القواسم – بني ياس ] متعارضة ؛ فبني ياس اقتصر نشاطهم على الزراعة والرعي , ولا يملكون إمكانات ملاحية تمكنهم من منافسة القواسم , وبعدما زادت خبرتهم بالبحر عمدوا إلى صيد اللؤلوء بشكل متزايد , بحيث أخذوا يهددون القواسم في سيطرتهم على الخلجان , ويقول جي بي كيلي : ( وعندما وصلت العلاقات إلى هذا الحد من التوتر في الثلاثينات من القرن الثامن عشر , انفجر العداء السياسي والديني ؛ لكي يضاعف من حدة التنافس بين الطرفين , ويحيله إلى عداء مستحكم ) .

أما المناطق الواقعة شمال الربع الخالي , من المحتمل أن بعض العناصر البدوية [ آل مرة – المناهيل – الرواشد ] كان يجوبونها في بعض الأوقات لرعي قطعانهم هناك , أما [ المناصير ] فقد كانوا يرتادون [ الظفرة] على امتدادها من [الرملة الحمرا] شرقاً , إلى [ بينونة ] غرباً ؛ بل ربما يصلون في تجوالهم إلى جزيرة قطر والأحساء .

____

*من الموروث الحضرمي

المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: مجلس قبائل الخليج العام

---

hgfvjyhg , rfhzg hgogd[ hrjkhw vcdm gJ [,k fd ;dgd

للرفع والنفع