أصل القبائل البلوشية مع الادلة (المصادر: مراجع عربية واجنبية)
والآن لابد من عرض المراجع التاريخية الوثيقة التي وصلت الى يدي متقصداًَ إيراد النصوص القاطعة الدالة على عروبة البلوش . بألفاظ كاتبها وبكلمات المصنفين أنفسهم . إن كانت كتبهم مسطورة باللغة العربية أو كانت مكتوبة باللغات الأخرى . كاللغة الأوردية والفارسية والإنجليزية وغيرها . فإن من الواجب الإتيان بها مترجمة بالحرف والمطابقة التامة . ولا شك أن هذه المدارك المهمه التي نشرها الثقاة المتبحرون من أهل التحقيق وذوي المعرفة بتاريخ الشعوب وأجناسها ستكون براهين بتاريخ العرب عامة . وقد كان من الازم علينا نحن العرب الإعتراف بوجود البلوش العربي وكان من الواجب أيضاًَ إعتماد أقوال البلوش أنفسهم في إنتساب آبائهم وأجدادهم الى الأصل العربي بدون الذهاب الى نصوص التاريخ التي دونها الأجانب قديماًَ وحديثاًَ . فإن قوماًَ قد أمضوا هذه القرون الطويلة وهم يلهجون بأصلهم العربي . وقد تعرضوا في سبيل ذلك للموت والقتل الجماعي والتدمير وإحراق بيوتهم والطرد والترحيل وصلب شيوخهم على أيدي البهويين الفرس والأنجليز وغيرهم . فلم يصرفهم ذلك عن الإحساس بالعرق العربي ولم يمنعهم من المجاهرة بدعوى العروبة والتمسك بالرس العربي . ولم يوقف تمثلهم بشمائل العرب وشجاعتهم ووفائهم بالعهد وإقرائهم الضيف ويعرفهم علية ويثبت لهم إرتباط تاريخ آبائهم بالأمة العربية . فالبلوش إذن لم يكونوا منتظرين حتى يأتيهم أحد المؤلفين ليعلمهم أسانيد التاريخ الذي يصلهم بإخونهم في أرض العرب أو يدرسهم أدلة الأحتجاج لترسيخ أقوالهم اللاهجة بعروبتهم . لقد كان النسب العربي ولا يزال يفور دماًَ في أجسام البلوش الأصلاء ويتفجر عزماًَ وشعوراًَ في قلوبهم ويتسامى زهواًَ وعزاًَ في سجايلهم العربية المنحدرة اليهم من قلب هذه الأمه . إن البلوشي ليس محتاجاًَ لمن يلقنه الإستدلال على أصلة العربي . فمنذ ألفي عام وكرمان ومكران مربع من مرابع الهجرة العربية الخالصة القبائل . ولكن البلوش في هذا الزمان مفتقرون كل الإفتقار لمن يعلمهم اللسان العربي . ومحتاجون كل الإحتياج لمن يربط حبال القربى بينهم وبين إخوانهم العرب . فهم يبحثون عمن يعرف قلوبهم ووجوههم العربية ويريدون من يجوس خلال بلوچستان ليقلب عينية في آثار الظلم والتنكيل والبطش . الذي كان البلوش هدفاًَ له في كل أدوار تاريخهم . البلوش يريدون من إخوانهم العرب أن يتفاعلوا معهم في طريق تحررهم وفي سبيل إنعتاقهم من ربقة الذل والهوان . نعم إنهم لم ينتظروا من أحد ليقول لهم أيها البلوش إنكم عرب . فهم عرب أصلاًَ ودماًَ مثل سائر العرب الآخرين . لكنهم يجهلون اللسان العربي ولا يستطيعون النطق به للإسباب التي ذكرناها . غير إني أسوق أمام الباحثين هذه المصادر المتنوعة الثاتبة من قبيل تقرير المقرر وتحصيل الحاصل في البرهنه على الواقع المشاهد بالحواس العيانية . ففي هذا البحث المبني على شهادات العارفين بمنازل العرب وأيام الإسلام والقائم على إستقراءات المؤرخين الغربيين والشرقيين والمثبت بالمؤلفات المحبرة بأقلام البلوش أنفسهم فإني سأقدم أسانيد متينة ووثائق مؤيده بالعقل والمنطق للبيان في أصل البلوش العربي المبني على الواقع الوجودي التاريخي والجغرافي . قال المقدسي المعروف ـ بالبشاري ـ المتوفي 375 هـ صفحة ـ 480 ـ من كتابة ـ أحسن التقاويم في معرفة الأقاليم ـ طبع بالأفست 1909م ( ملتان تكون مثل المنصورة غير إنها أعمر . ليست بكثير الثمار غير إنها رخيصة الأسعار . ثلاثون خبزاً بدرهم . والفانيذ ثلاثة أمنان بدرهم . ليس عندهم زنا ولا شرب الخمر . ومن ظفروا به يفعل ذلك قتلوه أو حدوه . ولا يكذبون في بيع ولا يبخسون في كيل . ولا يخسرون في وزن . يحبون الغرباء . وأكثرهم عرب شربهم من نهر غزير ) . ولكن هذا المؤرخ الجغرافي الكبير بعد أن يقر الأصل العربي في ملتان وبعد أن يقر النسب العربي للقفس اليمانيين يتناول في الصفحة ـ 488 ـ والصفحة ـ 489 ـ من كتابة بالتجني عليهم بأوصاف الغدر والقسوة وسفك الدماء . وينعتهم بكل النعوت الكريهة ثم يعترف لهم بالشجاعة والكرم والأصل العربي . ولقد إعتمد المقدسي الأوصاف والنعوت والتهم التي رددها أعداء العرب في ذلك الزمان ضد القفس اليمانيين خاصة . ولم ينتبه هؤلاء المؤرخون الى ما تعرض له العرب في الملتان وفي مكران من القتل الجماعي والإبادة والذبح العام في قرون متتابعة . وسنين متلاحقة . وقد كان أشدها هولاًَ وأفظعها فتكاًَ تلك الهجمات التي قام بها البويهييون على قبائل القفس اليمانية في كرمان ومكران . لأن هؤلاء القفس قد أنفوا من الخضوع لعضد الدولة وللسلاطين من أمثالهم . الذين قد تربعوا في أرض الفتح العربي الإسلامي وأخذوا يزرون بالعرب ويذلونهم وينكرون جهادهم . والغريب في المسأله إن كبار المؤرخين الذين جاؤو بعد المقدسي ذكروا في مصنفاتهم القبائل العربية اليمانية المسماه بالقفس أوالقفص . ونصوا في كتبهم على وجود الأصل العربي في كرمان ومكران . وتحدثوا عن العرب الذين يقطنون جبال البلوص وأشادوا بشجاعتهم وكرمهم وعلو هممهم وأنفتهم من الذل ونخوتهم في إغاثة اللهيف والإيثار وإكرام الضيف . قد ترسموا خطى المقدسي أيضاًَ في شتم القفس والطعن بدينهم وسيرتهم غافلين عن الأسباب والعوامل والأحوال المفروضه عليهم آنذاك ومتغافلين عن الظلم والإعتداء والضيق الذي كان يدفع هذه القبائل العربية اليمانية للدفاع عن حماها والذب عن أرضها وشرفها وديار آبائها وأجدادها بالدماء والأرواح والغالي والنفيس . فلم يلتفت هؤلاء المؤرخون الى الكوارث والمهالك والمآسي التي أوقعها الأكاسرة في العهود القديمة بالقفس والبلوص . ولم يلتفتوا الى المذابح وقتل الصغير والكبير الذي أنزله البويهيون والغزنويون بهؤلاء . كان هؤلاء المؤرخون إبن حوقل ( في صورة الأرض ) وإبن النديم في ( تقويم البلدان ) وياقوت الحموي ( في معجم ) يعيدون ويكررون أقوال المقدسي في شتم القفس أجداد البلوش الأوائل . ويتناقلونها بحروفها والفاظها . كأنها قد كتبت لتعمم على هؤلاء الأفذاذ من أهل الفضل والتحقيق نصوصاًَ مقررة لا تقبل الجدل والمعارضة . مع إجماع هؤلاء العلماء الأماثل من مؤرخي الإسلام إجماعاًَ تاماًَ في كل عصور الحضارة الإسلامية على وجود العرب وغيرهم من القحطانيين والحميريين والعدنانيين في كرمان ومكران من أقدم العصور . قال ـ أبوالقاسم محمد الحوقلي البغدادي ـ المعروف ـ بأبي القاسم النصيبي ـ في كتابه ( صورة الأرض ) الطبعة الثانية ـ مدينة ليدن ـ مطبعة بريل 1967م صفحة ـ 320 ـ ( والمنصورة مدينة مقدارها في الطول والعرض نحو ميل . في مثله ويحيط بها خليج من نهر ـ مهران ـ وهي شبه بالجزيرة . وأهلها مسلمون . ملكها من قريش . من ولد هبار بن الأسود . وقد تغلب عليها أجداده وساسوهم سياسة أوجبت الرعية فيهم . وإيثارهم على من سواهم . غير أن الخطبة لبني العباس ) . صورة الأرض إبن حوقل صفحة ـ 309 ـ ( ومفازة بين القفص . ومكران وغريبها ـ البلوص ـ وحدود نواحي المتوجان ونواحي ـ مرموز ـ ويقال إنها سبعة أجبال ولكل جبل رئيس منهم وهم صنف مثل ـ الأكراد ـ وحي من أحيائهم ويكونون على ما قاله أهل نواحيهم نحو عشرة آلف رجل مستظهرين ممتنعين . وكان للسلطان عليهم جراية يستكفهم بها . وهم مع ذلك يقطعون الطريق . ويخيفون السبيل في عامة ـ كرمان ـ الى مفازة سجستان . وحدود فارس فإستأصل الملك شأفتهم وكسر شوكتهم وجاس ديارهم . وأخرب نواحيهم وشتتهم ثم الجاهم الى خدمته . ومزقهم في اكناف نواحية . ومملكته وهم رحالة لا دواب لهم . والغالب على خلقهم النحافة والسمرة وتمام الخلق . ويزعمون إنهم من العرب . وكانوا في دعوة أهل المغرب في جملة جزيرة خرسان ) . هذا هو النص الأصلي من النسخة العربية الأصلية . وسنلم بهذا النص وهو مترجم الى اللغة الفارسية . ليطلع القارئ على إعلان ـ البلوص والقفس ـ في كل زمن من الأزمان عن أصولهم العربية . وليرى القارئ مجاهرة البلوص والقفس والقفس فعلاًََ وقولاًَ في كرمان ومكران بأنهم من العرب على أية حالة من الحالات خلال القتل والتدمير والإستئصال الذي وصفه إبن حوقل وليعلم الناس أن البلوش مصرون كل الأصرار على إظهار إحساسهم برباط الدم والتاريخ بقومهم العرب في كل عصر من العصور . ولا ريب أن كل هذا التشهير والسب في أبناء القفس وبالبلوش المنحدرين من القبائل العربية الإسلامية التي فتحت كرمان و مكران قد كان بوحي من السلاطين ـ الغزنويين والبويهيين والسامانيين ـ الذين كانوا يبتدعون الوسائل المختلفة لطرد العرب من خراسان وكرمان ومكران . وتبديل اللسان العربي كما فعل الساميون والغزنويون . وفي هذه النسخة من كتاب ـ صورة الأرض ـ لأبن حوقل المترجمة الى اللغة الفارسية بقلم الأستاذ ـ جعفر الشعار ـ منشورات بنياد فرهنك إيران ـ ( المؤسسة الثقافية الإيرانية ) ـ طبع طهران ـ 345 ـ شمسي ـ صفحة ـ 75 ـ بعد أن يصف ـ إبن حوقل ـ الإبادة والقتل وسفك الدماء الذي أوقعة السلطان بالقفس . وبعد أن يتحدث عن فقرهم وعوزهم ونحافة أجسامهم وشجاعتهم وكرمهم وإنهم لايركبون الأنعام . يقول في الصفحة المذكورة إنهم عرب وإنهم موجودون في جميع ـ جزيرة خراسان ـ وإنهم يتبعون دعوة أهل المغرب القرمطية . فإن حوقل العلم الفرد في التحقيق الجغرافي والتاريخي يشهد تقريراًَ وإثباتاًَ بعروبة القفس أجداد البلوش . ولقد تعمتد الإشارة الى النسخة المترجمة الى الفارسية إشعاراًَ بالاجماع التاريخي على عروبة البلوش وتنبيهاًَ الى إقرار الإعلام الإيراني الپهلوي بعروبة القفس والبلوص . ولأن هذه النسخة من ـ صورة الارض ـ قد ترجمت الى الفارسية بالإشراف الپهلوي . وقد جاءت مقرة بوجود عربي في كرمان بوادي البلوص وديار القفس . مما يغيظ الدولة الإيرانية ذكره والتنويه به . وإظهاره مكتوباًَ ومطبوعاًَ الى الملأ . قال الحموي في المعجم الجزء الرابع صفحة ـ 147 ـ طبع المدرسة المحروسة 1899م . ومثله في كل النسخ الأخرى ( بلوص بضم الام وسكون الواو وصاد مهملة . جيل كالأكراد . ولهم بلاد واسعة بين فارس وكرمان . تعرف بهم في سفح جبال القفص . وهو املوا بأس وقوة وعدد وكثرة ولا تخاف القفص وهم جيل آخر ذكروا في موضعهم صفحة ـ 147 ـ من ( معجم البلدان ) المجلد نفسه . مع شدة بأسهم من أحد إلا البلوص . وهم أصحاب وبيوت شعر إلا إنهم لا يقطعون الطريق ولا يقتلون الأنفس كما تفعل القفس . وعند جميع المؤرخين كالإدريسي في ( نزهة المشتاق في إختراق الآفاق ) والمسعودي و الحموي و إبن خرداذبة في ( أوضح المسالك ) والأصطخري في ( صورة الأقاليم ) وصفي الدين عبدالمؤمن البغدادي في ( مراصد الإطلاع ) وإبن الفقيه وفي ( لسان العرب ) وفي ( القاموس ) وفي ( مقاييس اللغة ) لأبن فارس . وفي القاموس الفارسي المعروف ( برهان قاطع ) أن ـ البلوص والقفس والقفص و والبلوچ والكوچ ـ كلهم شئ واحد وإنهم عرب . وجاء في ( معجم قبائل العرب ) لعمر كحالة الجزء الأول صفحة ـ 16 ـ نقلاًَ عن ـ ياقوت الحموي ـ في المعجم ( القفس من جبال كرمان مما يلي البحر . وسكانة من اليمانية . ثم من الأزد ثم من ولد سليمة بم مالك بن فهم ) . قال الرهني . القفس جبل من جبال كرمان مما يلي البحر وسكانة من اليمانية ثم من الأزد بن الغوث ثم ولد سلمه بن مالك بن فهم وولده . لم يكونوا في جزيرة العرب على دين العرب للإعتراف بالمعادة والإقرار بالبحث . لقد أردت من هذا النقل إبراز صورة البحث ليقف عليها العرب . وليعرفوا ما للبلوش وما عليهم . وليزداد اليقين بعروبة هذه القبائل البلوشية . إن الحموي وجميع الذين كتبوا عن البلوص والقفص والقفس من المؤرخين المسلمين . فإنهم يعتقدون جميعاًَ بأصلهم العربي اليماني . ويؤكدون إنهم من جنس عربي واحد . وإنهم لا فرق بينهم إلا بالتسمية . وأن جبال القفص هي جبال البلوص وأن التفاوت بينهم في المواقع والمنازل قرباًَ وبعداًَ بين بعضها بعضاًَ مثل التفاوت بين بعض الجماعات من قبائل العرب .هذا ما نفهمه من كلام الحموي . ومن كلام الذين نقل عنهم ( الرهني و البشاري المقدسي ) . ولكن أريد أن أقول أن عادة النهب والسلب والقتل إن صحت تهمتها منطبقة على القفس والبلوص فإنها قد تكونت في هذه القبائل اليمانية من شدة الشعور بالظلم والإهانة . ومن شدة الإحساس بالجور والأذى والبطش الذي نزل بهم من الدولة البويهية . بعد تمزق دولة الإسلام وبعد تفرق شمل العرب . وبعد قيام الدويلات والإمارات التي إستقلت منفردة في سلطان خراسان وفارس وما وراء النهر . أي بعد ظهور ـ السامانية ـ في طبرستان والغزنوية في خراسان والبويهية في إيران والعراق أيضاًَ . والصفارية والسلجوقية الى جانب ما صاحب تلك القرون والأزمان والأحداث وما جاء قبلها وما تلاها من الثورات والحركات ـ المزدكية والزرتشية ـ التي تمثلت في ـ البابكية الخرمية والمازيارية وثورة الزنج ـ الشعوبية والغنوصية التي إستهدفت الجنس العربي بالإبادة والمحق الكلي والتشوية التاريخي والدس الفكري . فكانت هذه الأفكار الشعوبية هي التي يسرت السبيل لبروز ـ أبي مسلم الخراساني ـ وكانت مبادئها ودعواها بذوراًَ فاسدة نبتت منها ونمت فوق تربتها ـ حركة أبي مسلم ـ فتمزقت العرب في المشرق . وإنهدم كيان أمتنا في فارس وخراسان والعراق . وتهشم صرح الوحدة بعدئذ فخرجت تلك السلطانات والإمارات تحارب العرب في كل مكان من أرض خراسان وما وراء النهر وفارس وحتى بغداد نفسها . فحورب اللسان العربي وإزيحت القبائل العربية من مساكنها في أرض الفتوح . وغيرت هذه الإمارت التي أشرنا اليها أسماء جميع الأماكن والأراضي والمدن والمساجد التي كانت منسوبة الى العرب . أو كانت مسماة بأسماء القبائل العربية . فتشتت الجمع العربي وإنضمت بعض القبائل العربية الى جيوش محمود الغزنوي ومشى بعضها تحت لواء البويهيين ولجأ الكثير من العرب الى جبال القفص والى الديار المكرانية . فالذي يسميه هؤلاء المؤرخون سلباًَ ونهباًَ وفتكاًَ وتمثيلاًَ بالناس هو في حقيقته أعمال إنتقامية . وردود أفعال وثارات يقوم بها هؤلاء العرب بوجه الدولة البويهية التي إستبد بها نفر قليل يخزنون الذهب ويلعبون بدماء الناس وأموالهم . ويتباهون بأنهم قد داسوا صدر الخليفة العباسي بأقدامهم وأرغموا دار الخليفة على التسليم لهم والإذعان لإمرهم . وكان أهل كرمان ومكران من ـ القفس والقفص والبلوص وسائر العرب الاخرين يقتاتون ـ النبق ـ ويقومون ويقعدون ببطون خاوية من الطعام حتى إستندوا على دليل شرعي في الإغارة على أموال الدولة البويهية والتمرد عليها وقتل مأموريها . وليس هناك أي حكم فقهي إسلامي يلزم هؤلاء الناس بإطاعة البويهيين والإنقياد لهم . فليس للبويهيين أي وصف في الخلافة الشرعية . وليس لهم إذن بيعة مفروضة الطاعة . وأقول مرة أخرى إني قد تعمدت نقل هذه النصوص كاملة ليعرف الباحثون العرب تأثر بعض المؤرخين والكتاب بأوامر السلاطين وأهل الإمارات المنفصلين عن دولة العرب والاسلام . فتملقوا للبويهيين والغزنويين وأمثالهم . وأيدوهم بإباحة القتل وسفك دماء العرب . وإلا فكيف جاز لعضد الدولة البويهي أن يفني جيلاًَ كاملاًَ من المسلمين . وكيف حق له أن يقتل الصغير والكبير في تلك الحملة الغاشمة . التي لا يزال البلوش حفدة القفس والقفص يئنون من وقعها المدمر حتى زماننا هذا . والتي دهش لها العالم الاسلامي من أقصاه الى أقصاه لما أريق فيها من الدماء . ومهما ورد من الذم والسباب والقدح في القفس والقفص والبلوص في هذه الصفحات والسطور المنقولة من ـ معجم البلدان ـ ومن غيره فإنها تمثل صورة دقيقة المعاني صافية المنظر يراها القارئ فيبصر فيها عروبة هؤلاء القوم من العرب اليمانيين متمنعين نافرين من الذل . ويبدو القفس والبلوص عرباًَ أحراراًَ أباة للضيم أمام البويهيين والخنوع لسلطان البويهيين الذين كان وجودهم شؤماًَ على هذه الامة . وطالع سوء على بغداد التي أهانوا عزتها وأرغموا أنفها في شخص الخليفة العباسي الضعيف . يضاف الى هذه الحقائق أن البلوص والقفس عندما كانوا يتصدون لهذه القوافل فينهبونها أو ينالون أصحابها بالأذى والضرر . فقلد كانوا يتحركون الى مباشرة هذه الإعمال ومزاولة التصرفات المناوئه ـ لآبويه ـ بفتوى من علمائهم وفقهائهم مبنية على حالة الإضطرار من الجوع والفقر وخوف الموت من فقدان الزاد وإنعدام الطعام . فإخذوا في الإجتهاد في كون حكم البويييهن حكماًَ جائراًَ خارجاًَ على الخلافة معطلاًَ لأحكام الله وحدوده . ولأن القفس والبلوص قوم جياع يعيشون في القحط والمتربة في كل شهور السنة فقد كان لهم الحق في بيت المال هذا إنهم كانوا يشاهدون بعيونهم وهم يعانون التنكيل والغارات وجبروت البويهيين ما كان يعانية العرب في خراسان وفارس من معرة هذه الدولة وغمطها للعرب وحقدها . فلا بد أن يتمرد هؤلاء على قوانين عضد الدولة ويعتصموا بشرفهم مطالبين بحقوقهم كعرب وكمسلمين . أما نفي الرحمة عن قلوب القفس والبلوص وتكفيرهم وتجريدهم من الكرامة الإنسانية ووصمهم بكل الوصمات المشينة كما ورد في النعوت والأوصاف الآنفة الذكر . فذلك كلام قد توسل به أولئك السلاطين لتشوية هذه الأقوام العربية . التي كانت تأبى الخنوع لهم والطاعة بين أيديهم . فاخذوا يخترعون الأسباب ويبتدعون الحالات والذرائع لقتل القفس والبلوص . وتعويض وجودهم وطردهم من كرمان ومكران جرياًَ على سنة الدولة الكسروية التي انزلت بالقفس والبلوص قبيل ظهور الإسلام كل ضروب التدمير الكلي والذبح الشنيع . وقد سطر هذا في مصادر التاريخ الإيراني وتحدث عنه جميع الذين كتبوا في تاريخ مكران خلال العهد الساساني . وقد أشار الى ذلك الأستاذ ـ إسلام كاظمية ـ في كتابه ( جاي باي اسكندر ) الطبعة الثانية ـ طهران ـ انتشارات ـ جاويدان . فبعد أن تكلم هذا الكاتب عن أصل البلوش ـ البابلي ـ صفحة ـ 13 ـ وبعد أن قرر إنهم من ذرية ـ النمرود ـ أخذ يدافع عنهم . وشرع يفصل ما نال البلوش من الذبح والقتل والتدمير على أيدي الساسانيين وعلى أيدي الذين جاؤو بعدهم من ملوك الفرس وسلاطينهم الذين كانوا يأخذون أولاد البلوش رهائن جيلاًَ بعد جيل . كما جاء في ( معجم البلدان ) وقال الأستاذ إسلام كاظمية ( ويجب أن يذكر هنا ما فعله جنكيزخان وما أوقعة من السيوف في رقاب البلوش وما ركزه من الرماح في صدورهم ) وينبغي أن يذكر ـ حبيب الله خان ـ الذي أغار عليهم في زمن ـ محمد شاه قاجار ـ فخرب قلعة ـ پمبور ـ وقتلهم قتلاًَ ذريعاًَ جماعياًَ . وأسر الكثير منهم . صفحة ـ 16 ـ وكذلك جاء في هذا المصدر أن الأمير الكبير ـ ولي طهماسب ـ حاول ضرب البلوش وتدميرهم ومثله أيضاًَ ـ ناصر الدين شاه ـ فلقد وجه القائد العسكري ـ فيروز ميرزا فارما نفرما ـ والي كرمان ـ لغزو بلوچستان . ثم يقول الأستاذ ـ إسلام كاظمية ـ معلقاًَ على الحملات العسكرية التي قام بها السلاطين الإيرانيين لأجل إبادة البلوش ( وعلى أثر تلك النذالة والقسوة إختفت الكثير من الولايات البلوشية . وتفرق أهلها في الجبال ) . ( لقد ترجمت هذا النص الفارسي بحرفة من الكتاب المذكور ) . قال ـ صفي الدين عبدالمؤمن عبدالحق البغدادي ـ المتوفي 739 هـ في كتابه ( مراصد الإطلاع في معرفة الأمكنة والبقاع ) الجزء الثالث صفحة ـ 1113 ـ طبع القاهرة ـ منشورات دار إحياء الكتب العربية ـ ( القفس بالضم ثم السكون والسين المهمله . وأكثر ما يتلفظ فيه غير أهله بالصاد جبل بكرمان أهله كالأكراد يقال لهم القفس والبلوص وهو مما يلي البحر وأصل أهله عرب . لم يكن لهم دين يرجعون إليه . موصوفون بقلة الرحمة والفساد في الأرض لايقنعون بأخذ المال حتى يقتلوا صاحبة شدخاًَ لرأسه بالحجر وكان البلوص شراًَ منهم فتتبعهم عضد الدولة حتى أفناهم ) . والعبرة هنا هي إجماع هؤلاء المؤرخين كافة على أن البلوص والقفس منحدرون من أصل عربي . وإنهم أرومات من قبائل عربية يمانية مهما فرط من أقلام هؤلاء الأعلام من نعت القفس والبلوص بأحط النعوت وأرذل الصفات فسبب ذلك معلوم وقد جلونا حقيقة الأمر المحتجبة فيه وراء الأغراض والغايات الخاصة بالدولة البويهية . وجاء في ـ برهان قاطع ـ وهو من القواميس الفارسية الرائجة المعتمدة لدى الناطقين باللغة الفارسية تأليف العلامة مولوي محمد حسن المتخلص مارس 1829م الهند . مادة كوچ وبلوچ ـ ( كوچ وبلوچ بضم باي ابجد ولام اين است از توابع ارست : نام طائفة باشد در صحرانشينان كه در كوههاي اطراف ـ كرمان ـ توطن دارند وگويند اينها أزعربان حجازند ، وحرفت إيشان جنگ وخونريزي ودوزدي وراهزني بأشد أكر احياناًَ بيگانه نيابند يكد يگرا بكشند ومال يكد يكرا تاراج سنند . وهمچين برادران وخويشان وقرابتان ودوستان باهم جنگ كنند . أين فعل رابسيار خوب دانند . وبعض گوبند ( موضعي است ميان اصفهان وكرمان ) . ولقد ترجمت هذا النص الى العربية ( الكوچ والبلوچ ) بضم الباء واللام تابع لذلك هو إسم لطائفة صحراوية مستوطنة في الجهات الجبلية من كرمان ويقولون إنهم من عرب الحجاز وحرفتهم هي الحرب وسفك الدماء والسرقة وقطع الطريق . وإذا لم يجدوا غريباًَ في بعض الأحيان فإنهم يقتتلون بينهم . ويغير بعضهم على أموال البعض . وكذلك الإخوان أبناء العمومة والأقارب والأصدقاء يحارب بعضهم بعضاًَ . وإنهم يتباهون بهذا العمل . ويقول البعض إنه موضع بين أصفهان وكرمان ومعنى ـ كوچ ـ باللغة الفارسية البدو الرحل المنتقلون في الصحاري ) . إن هذا نص لغوي تاريخي مثبت في أدق مصادر اللغة الفارسية يقرر ناطقاًَ أن البلوش من عرب الحجاز . وما علينا من الأوصاف والنعوت المعهودة المكررة في إتهام البلوش وقذفهم . ولكن في هذا النص البين الواضح حجة ساطعة بوجه الكتاب الإيرانيين الذين يكتبون التاريخ بدافع الأغراض والأهداف الحكومية . وليس ثمة إعتراض لمعترض أمام هذه الوثيقة اللغوية التاريخية المستندة على هذا المرجع الدقيق من ( برهان قاطع ) ذلك القاموس المهذب الراجح لدى اللغويين الفرس . علماًَ أن الطبعة الجديدة لهذا القاموس طهران ـ 1332 ـ شمسي بإهتمام الدكتور ـ محمد معين ـ الأستاذ في جامعة طهران قد ورد فيها النص المذكور عينه . ولم يحرف كما حرفت نصوص عديدة في المراجع الفارسية وقد كانت تنص على نسبة البلوچ الى الأصل العربي . وقد صدرت بعض القواميس الفارسية تحت ظل الحكم الپهلوي فتعمد كاتبوها التحريف والتغيير . وكمثل لذلك جاء في ـ فرهنگ جديد ـ تأليف ـ فريدون كار ـ الطبعة الأولى طهران ـ 1345 ـ شمسي ( بلوچ : قطعه كوشت قرمزي كه برفرق خروس ديده ميشود . تاج خروس ـ خوچ ـ نام يكي از قبائل إيراني كه در بلوچستان زنطكي ميكنند ) الترجمة ( البلوچ : قطعه من اللحم حمراء تلوح على مفرق الديك ( عرف الديك ) . خرقه حمراء تعلق برأس الرمح . إسم ( لأحد القبائل التي تعيش في بلوچستان ) هكذا فإن الدوائر المعارف والقواميس والخرائط والكتب الحديثة الصادرة في إيران يتقصد كاتبوها في هذا الزمان تجاهل الأصل العربي لقبائل ـ البلوچ ـ ولقد تغافل مؤلف قاموس ـ فرهنگ جديد ـ عن المعنى المطابق لكلمة ـ بلوچ ـ وخرج على إجماع القواميس الفارسية المصدقة المكتوبة قبل الحكم الپهلوي . ولا شك أن من أسهل الظواهر . في الكذب المسطر والبهتان المدون في أوراق الكتب . هو أن تطبع القواميس والموسوعات اللغوية والجغرافية مبدلة الأسماء محرفة الألفاظ المواد والمقاصد حسب الأهواء وبدافع من الأغراض النفعية كما رأينا في أكثر المؤلفات المطبوعة بإشراف الإعلام الإيراني الپهلوي . والتي يظهر ذلك فيها عندما تتحدث عن تاريخ العرب عامة . والخليج العربي وتاريخ بلوچستان بخاصة مما سنفصل القول فيه في الصفحات القادمة من هذا الموضوع . تلك مراجعات سريعة قد أجريتها بين بعض القواميس ودوائر المعارف الصادرة باللغة الفارسية . وربما إستدل المؤرخون على نسبة موقع من المواقع أو نسبة أثر من الآثار الى أمة من الأمم بسبب معنى الإسم الذي يصدق على ذلك الموقع أو على ذلك أثر . وبسبب كلمة واحدة قد تكشف الأصل التاريخي لبعض الأمكنة والديار . ولذلك فإن من الواجب إمعان النظر في أصل الأسماء والتعمق في تفسيرها على مسمياتها . ولغة الأمة دائماًَ ومفرداتها اللفظية هي لسان تاريخها والدليل المهتدي الى عروقها الأولى وجذور سلالتها . فعند الكلام حول أصل جماعة من الجماعات أو التنقيب عن بقية من أحد القوم التابعين لإحدى الأمم لا يجوز إهمال صيغة الإسم وليس من الفهم والدرس المفيد إغفال المدلول اللغوي خاصة إذا كان الاسم منطبقاًَ على أوضاع تاريخية ومراحل معينة من القرون والسنين . والواقع الجغرافي مثل كلمة بلوص بلوچ قفس قفص . ولقد ثبت في التاريخ أن في أرض العرب قبيلة من قبائل العرب أسمها بنو بلوص وقد راجع بعض الباحثين كلمة بلوص الى أصلها البابلي من بيلوس كما هو معروف وواضح وسوف نبنيه في الصفحات القادمة . إن هذه النصوص التي أوردناها هي من أدق المصادر الدالة على عروبة مكران والمثبتة لوجود العرب في السواحل الفارسية منذ أيام النبي ـ موسى عليه السلام . وإنها من أهم المراجع والشواهد التي يجب العودة اليها . والنظر فيها من قبل أي باحث في تاريخ مكران والخليج العربي . وفي تعيين مواقع ـ سيف ـ مكران الذي قامت على ترابه السيادات العربية . ونشأت فوق أرضه البيوت من سراة العرب في عصور سحيقة ودهور طويلة . والذي كان موطناًَ من مواطن الأزد وبني تميم وقبائل العرب الأخرى . ولا شك في وجود هؤلاء العرب بمكران وقد أجمع مؤرخوا الإسلام جميعاًَ على تأييد ذلك والقول به . وقد ذكر ـ الأصطخري ـ أن ملوك هؤلاء العرب الذين كانوا يعمرون مكران . وإزدهرت بهم سواحلها كانوا من أقوى ملوك الإسلام . ولا ريب أيضاًَ فيما سطره التاريخ من المجد الأثيل ـ لآل الجلندري ـ فإن لهم الفخر كل الفخر إذ يختصهم رسول الله عليه الصلاة والسلام برسالة مكتوبة يدعوهم فيها للإسلام ( عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسبير ) لأبن سيد الناس ـ طبع بيروت ـ دار الجيل 1974م الجزء الثاني صفحة ـ 267 ـ ( كتاب الرسول عليه الصلاة والسلام الى ـ جفير وعبدأبني الجلندري الأزديين ملكي عُمان مع عمروا بن العاص ) . ومن الحق أن أقول إن المسح الجغرافي الذي تقدم به الأصطخري فإنه كسب علمي قيم في البرهنة على أن مكران والساحل الآخر من الخليج العربي موطن عربي منذ عهد النبي عليه السلام . والأصطخري هو عالم التاريخ والجغرافية . وقد كان خبيراًَ بمعادن العرب . وعارف بأنسابها وأيامها وعلى علم شامل بالسلطان العربي على سواحل مكران وسواحل الخليج العربي بجانبيه . وقد كان يسمي المنازل والأماكن بأسمائها وينسبها متأكداًَ الى سكانها العرب . وإنه قد كان يذكر هذه البيوتات العربية ـ الأزدية والتميمية ـ التي حكمت مكران بلهجة المطمئن الى ما يقول فيما يورد ويصدر من التقريرات والأدلة التاريخية والجغرافية ولم يسرف ـ الأصطخري ـ في ذم القفس والقفص كما فعل أقرانه . ولقد عرف نسب الجلندريين ذوي الشأن الكبير في تاريخ الساحل العربي من جهة الأرض المكرانية . فأفدنا من علم ـ الأصطخري ـ ومن بعده في الجغرافية التاريخية فإنكشف لنا الوجود العربي في مكران . وفي الساحل الثاني من الخليج العربي على منطق من الواقع والدراية والمشاهدة مما لا يمكن الجدل فيه . ولقد علمت أن القبائل البلوشية المنحدرة من سلالات الجلندريين لا تزال في مواطنها الأولى أو قريباًَ من بلوچستان ولكن أسمائها قد تبدلت وتغيرت وتحول إنتسابها من قبيلة الى قبيلة حتى إندمج أكثرها في قبيلة الرند المعروفة الواسعة الفروع وتوزع الآخرون وإنقسموا بين العشائر البلوشية ومن الحقائق التي لا يمكن أن تجحد ولها نور ساطع في صفحات التاريخ البلوشي . هي أن ـ القفس والقفص والبلوص ـ منذ زمن الذي كتب فيه ـ الأصطخري ـ كتابه حتى الآن . وهم يصرحون بإنتسابهم العربي . ويصرون على إرتباطهم بالعرب . ولا زالوا منذ القرون البعيدة التي سبقت ظهور الإسلام الى كل القرون التي تلت ذلك وهم يذكورن آباءهم العرب . ولم يستطع أي مؤرخ من الذين تحدثوا عن ـ القفس و القفص والبلوص ـ أن يتجاهل رجوع هؤلاء الناس الى أمة العرب كلما سألهم سائل عن منابت أصولهم وعن منشأ عروقهم . وكلما تعرضوا للتحدي والمفاخرة فإنهم يعودون الى التمسك بآبائهم الأولين في أرض الجزيرة العربية . فما فتئ البلوش وهذه لهجتهم في كل عصر وفي كل جيل من الأجيال الى يومنا هذا يموت الرجل منهم غيظاًَ ويحترق دمه في قلبة وتيبس عروق جسمة من التألم والضجر إذا قيل له : أنت لست عربياًَ . فإبن القبائل البلوشية الأصيلة لا يمكن أن يطلب من المؤلفين والكتاب أن يقنعوا الأمم والشعوب بقبول البلوش كمجموعة من القبائل العربية المنتمية الى حمٌير وقحطان وعدنان بل أن وجوه البلوش الخلص وأجسامهم لناطقة بملامحها وتكوينها الخلقي بعروبة طويلة العروق ضاربة الأصول في كل قبائل العرب . وإن أفخاذها وفصائلها وفروعها على علم وإتصال ببطونها من مواطن هجرتها الأولى . فلم تدخل هذه القبائل البلوشية في عروبتها إذن بين النفي والإثبات في محاولت الكتاب والمؤلفين . وفي محاورات الأصدقاء والأعداء . فهؤلاء لم يخالط الشك في قلوبهم في أصلهم العربي . ولكن بعض المؤرخين من الأجانب الأوربيين الذين لم يستوعبوا تاريخ الهجرات العربية من جزيرة العرب وبعض المؤلفين المسلمين الإيرانيين قد حاولوا التشكيك في أصل البلوش . فكتبوا الكتب ونشروا المقالات فلم يؤثر ذلك على إحساس البلوش بتاريخهم العربي . ولم يثبت قبالة المراجع التاريخية التي تواترت منشورة في كل القرون لتؤكد وجود القفص والقفس والبلوص كقبائل حميرية قحطانية كانت قد إستقرت في كرمان قبل الإسلام . وإن جبال البلوش الحالية كانت في ذلك الزمان تسمى ـ جبال القفص ـ هكذا كان يسميها المؤرخون الأوائل . ومنهم إبن خلدون في تاريخه . وفي عصر الدولة الساسانية . إشتق إسم ـ البلوش من البلوص . وبعض المؤرخين يقول أن البلوچ أو كوچ أو كوسون ـ الذي هو في الأصل الإسم ـ بليوس ـ ملك بابل ـ النمرود ـ وجاء في كتاب ( جاي پاي اسكندر ـ سفري در بلوچستان ) تأليف ـ إسلام كاظمية ـ وحسين ملك باللغة الفارسية الطبعة الثانية ـ طهران ـ 1330 ـ شمسي ـ وقد أشرنا إليه سابقاًَ صفحة ـ 31 ـ نقلاًَ عن البروفسور ـ رالينسون ـ بلوچ ـ مفرس ـ بليوس ـ الذي كان ملكاًَ لبابل . وقد ورد إسمه مع إسم ـ النمرود بن كوش ـ في الكتاب المقدس وعلى مر الأيام فقد إستبدل ـ كوچ ـ وبلوچ ـ مكان ـ بيلوس وكوس ـ ويقولون وادي ـ KET - KEC - KAC - وقد سمي بهذه الأسماء حسبما تشير إليه دلالات هذه الكلمات . ومن المحتمل أن يكون هذا أيضاًَ مشتقاًَ من ـ كوچ ـ ( وقد ترجمته من النص الفارسي ) وفي الصفحات القادمة سنورد مقتبساًَ من أحد المؤلفين البلوش في أصل كلمة ـ كوش ـ وفي تصريفاتها ومرادفاتها . وقال إسلام كاظمية في الصفحة ذاتها ومن ـ جاي پاي اسكندر ـ وتقوم عقيدة البروفيسور ـ رالينسون ـ على آيات من ـ سفر التكوين ـ في العهد القديم من الآية السادسة الى الآية العاشرة . وإستند المؤلف أيضاًَ على كتاب ـ سفرنامه سايكس ـ صفحة ـ 127 ـ باللغة الفارسية وفي الصفحة ـ 14 ـ من ـ جاي پاي اسكندر ـ قال الأستاذ ـ إسلام كاظمية ـ إن الأسانيد والرقم والنقوش قبل الإسلام تشير الى سيطرة عساكر الملك الفارسي داريوش على بلوچستان . ثم سخر المؤلف معلقاًَ بالمثل العربي ( والحر تكفيه الإشارة ) . وكان قصده من ذلك أن بلوچستان لم تكن أصلاًَ من أملاك الدولة الفارسية . ولم تكن أرضاًَ إيرانية . لا في عصور الدول الإيرانية الأسطورية كالبيشدادانية والخمانشية . ولا في عصر الدولة الأشكانية أو السامانية . بل أن الفرس قد وصلوا بلوچستان ونزلوها في بعض قرون التاريخ . بالغزو والهجوم والإحتلال القسري . ولكن هذا المؤلف قد نفر مما إعتمده ـ رالينسون ـ من آيات العهد القديم حسب عادة الكتاب الإيرانيين الرسميين في شكهم وإشمئزازهم من كل مصدر تاريخي يربط البلوش بالسلالات العربية . وكان المؤلف في الصفحة ـ 12 ـ قد أورد بعض التسميات التي يكررها هؤلاء الكتاب إعتقاداًَ منهم أنها الأصل لكلمة ـ مكران ـ وقد عرضنا ذلك آنفاًَ . وقد شذ هؤلاء الكتاب الإيرانيون شذوذاًَ منكراًَ إذ تمحلوا في تفسير كلمة ـ مكران ـ فإدعوا إنها مأخوذه من ـ ماهي خوران ـ وليس هنا ما يدعوا الى إختراع الأسماء مثل ـ ماكا ـ كسمكوران ـ كچ مكوران ـ ليخلص هؤلاء الكتاب الى القول بأن هذه الأسماء كلها مشتقة من ـ ماهي خوران ـ ولقد إستغربت من الأستاذ ـ إسلام كاظمية ـ وفي كتابه نظرات وصفية صريحة كيف ينزل الى الأخذ بهذه المغالطات والخيالات الباطلة المنافية لما يراه العلماء بالوضع الأول لهذه التسمية . إن الذي روج هذا التحريف وأشاع هذا الإجتهاد الخاطئ هو السير ـ توماس هلدينج ـ في مقالته ( أوضاع مكران القديمة ) المنشورة في الصفحة ـ 487 ـ من جريدة ـ الجغرافية الملكية ـ عدد إبريل من عام 1896م . كما نقل ذلك الأستاذ إسلام كاظمية صفحة ـ 12 ـ فإن هذا المستشرق هو الذي قال بتحول كلمة ـ ماهي خوران ـ الى مكران . وقال أيضاًَ أن كلمة ـ إكتيوفاجي ـ التي يستعملها اليونانيون في هذا تتضمن المعنى نفسه أي ـ ماهي خوران ـ ولا أدري لماذا يغير الإستعمال التدريجي كلمة ـ ماهي خوران ـ ولا يغير الألفاظ الأخرى عامة . ولماذا إنقلب هذا الإسم بين ملايين الأسماء ملفوظة ومنطوقة ومكتوبة باللغة الفارسية مثلما كانت عليه منذ تكلم الفرس بها .
ومنذ سموا بها الذوات والكوائن الحية والأماكن وهي باقية هكذا تتحرك بها الألسن بدون تغيير وتحويل والتبديل الكلي كما حدث لتركيب حروف مكران . ولكن من الضروري أن نفهم هنا بأن جميع المستشرقين في أول بداية الإستشراق قد دفعهم الغرور الى إدعاء العلم بكل ما في بلدان الشرق من الديانات والعلوم والتواريخ واللغات والأقاليم والأسرار الفكرية . وقد شجعهم في ذلك مبادرات المسلمين الى تصديقهم في كل ما كتبوا من الشكوك والدسائس و الظنون المريبة . وكان المسلمون غارقين في لجج الأمية . وكان المستشرقون وحدهم في الميدان ولهم الصولة والجولة يتنقلون في ديار الإسلام يدعون لدولهم الإستعمارية . ويتصرفون في جمع المعلومات كيفما يريدون . ويبالغون في إجتهاداتهم حسبما تهوى الدول التابعون لها . ولقد أولع بعضهم بتفسيرات غريبة للمصطلحات والأسماء التي إتفق عليها المؤرخون وتداولها الناس . وأغرم جميعهم بتضليل المسلمين وخدعهم . عن طريق إظهار البراعة المعجبة في معرفة أصل اللغات الشرقية بتغيير الألفاظ وقلب الحروف واللعب بالكلمات كما جرى في كلمتي ـ ماهي خوران ـ ومكران ـ فلقد كان تبديل هاتين الكلمتين وتفليق الإستنباطات فيهما حيلة من حيل المستشرقين وخدعة من خدعهم . قال ـ لاريمر ـ في كتابه دليل الخليج الجزء الرابع ـ القسم الجغرافي ـ صفحة ـ 1425 ـ الطبعة الثانية ـ الدوحة ـ في مقدمة التعريف بالقبائل البلوشية ( ويسكن الأقليم ـ يعني إقليم مكران ـ قبائل مختلطة معظمها تدعي إنها من سلالة العرب الذين أقاموا أصلاًَ في مكران أو إنتقلوا الى هناك من محل إقامتهم في السند وفي كامش ) . ثم أردف هذا المؤلف بذكر بعض من قبائل البلوش . ونسب طائفة منها الى العرب . ومع أن لاريمر كان عجلاًَ في هذا البحث فلم يكشف كل أنساب القبائل البلوشية المنتمية الى العرب . إلا إنه قد نص على أن أكثر سكان إقليم بلوچستان ينتسبون الى الأصل العربي . وقد كان في أقصى مجهودة وثمرة إستقراءاته السريعة المعتمدة على مجموعة التقارير والإستطلاعات والخرائط العسكرية البريطانية والرسائل التي أعدها المبعوثون . الإنجليز الذين كلفوا من دولتهم ( أيام كانت الهند تحت السيطرة البريطانية ) بدرس مناطق الخليج العربي إستعداداًَ للحرب العالمية الأولى وكانت هذه الدراسات والإستكشافات الجغرافية والتاريخية قد بدأت في الربع الأخير من القرن التاسع عشر . فتناولها الباحث ـ لاريمر ـ ونسقها ورتب موادها وموضوعاتها في تصنيف دقيق ليخرج منها كتابه ـ دليل الخليج ـ الذي كتبه في سبيل مصالح الإنجليز الذين كانوا في عهد حكومة الهند البريطانية يعنون عناية شاملة بقياسات المسح الجغرافي ويهتمون بالمواقع والجزر والسواحل التي يستفاد منها عسكرياًَ في الخليج العربي . ويلتفتون الى الأراضي النفطية والثروات الزراعية والحيوانية أكثر من إهتمامهم بمسائل الأنساب وأصول القبائل . ولذلك لم يتوسع ـ لاريمر ـ في بحث أصل كل قبيلة بلوشية . فعندما كان ـ لاريمر ـ يتجول في الخليج العربي وإيران في العقد الأخير من القرن التاسع عشر ليجمع ملاحظات ما كتبه الوكلاء والمندوبون السياسيون الأنجليز . كان البلوش في ذلك الوقت عرضة للقتل والطرد والتنكيل والحروب الثأرية ضد بعضهم بعضاًَ . وكانت هذه القبائل بين نارين محترقتين الإحتلال البريطاني والإحتلال الإيراني . ولكن ذلك الرعب والفقر ونيران المعارك المشتعلة لم يصرف البلوش عن إعلان أصلهم العربي أمام هذا الباحث السياسي الإنجليزي . ولاريب أن مجاهرة البلوش بعنصرهم العربي في ذلك الزمان الذي قد تنكر فيه الكثير لأصولهم العربية خوفاًَ أو طمعاًَ . لابد أن يكتب في تاريخ عروبة البلوش بحروف من النور والذهب . وجاء في دائرة المعارف الإسلامية الجزء الثالث صفحة ـ 1330 ـ مادة بلوخستان ( ويذهب موكلر MOCKLER الى أن إسم حلب الذي جاء في القصص يثبت أن البلوچ إنحدروا من قبيلة علاف العربية . وهي من بني علاف الذين كانوا في مكران حوالي عام 65 هـ وإحتفظوا بالبلاد بعد أن قتلوا ـ سعيد بن أسلم ـ الذي كان الحجاج قد إستعمله عليهم ) . وجاء في الصفحة نفسها من هذا المصدر ( ويلوح أن البلوچ قد هضموا بعض القبائل من الأصل الهندي أثناء إقامتهم في مكران وعلى حدود السند . أو لربما كانت بعض العشائر العربية قد وصلت الى مراتب ذات الشأن بينهم . ونحن لا ننكر وجود الأجناس الهندية وغير الهندية في بلوچستان . ولكننا نقول بعروبة أربع وأربعين قبيلة بلوشية . وإذا كان القصد من ( الهضم ) هو الإختلاط في العيش والسلوك الإجتماعي والأعمال الزراعية والتجارية و التمازج الروحي الديني فإن هذا مقبول وحاصل الوقوع في بلوچستان ويراه ويدركه كل أحد . أما إذا كان المفهوم من كلمة ( هضم ) وكلمة ( إندماج ) هو الذوبان في المصاهرات والتزاوج وفقدان الهوية البلوشية المميزة فإن ذلك لم يحدث إلا النادر القليل منه . لأن القبائل البلوشية متصاعدة بتفاخرها حتى بين بعضها البعض . ومتمايزة في مصاهراتها وتزواجها ومن المتعذر غاية التعذر دمج العناصر الغير بلوشية في بلوچستان وتذويبها في بودقة العصبية القبلية البلوشية التي ترفض التزاوج مع هذه العناصر والأجناس إلا فيما لا يقاس عليه كقاعدة للحكم في بعض الأطراف البلوشية . ومهما لخص مؤلفو ـ دائرة المعارف الإسلامية ـ وحذفوا من تاريخ البلوش ومهما دسو من الشكوك والتخرصات والريب والتشويهات المقصودة في تاريخ الإسلام عموما وتاريخ العرب خاصة . فإنهم لم يستطيعوا أن ينفوا عروبة البلوش ولم يقدروا أن يتجاهلوا العشائر العربية في بلوچستان . ولوعورة بلوچستان وللفواصل البعيدة بين قبائل هذا الإقليم وأطرافه وأقطاره المترامية المجزأه . وللقحط والجدب والجفاف الدائم . فلقد صعب الوصول الى قلب بلوچستان . وإمتنع على الباحثين والمؤرخين والسياح ومخططي الحدود الجغرافية التجول في هذه البلاد والإطلاع على قبائلها المقسومة . بين إيران وبين حكومة الهند البريطانية . وذلك إما لمشقة العناء ومكابدة التعب وخشية الموت من الجوع والظمأ . أو خوفاًَ من القبائل المتحاربة الهائجة . ولهذا السبب لم يتمكن المؤلفون الأوربيون من الجوسان خلال الديار البلوشية ولم يسهل عليهم النفاذ الى المحيط القبلي الأساس في مكران . ثم إن من العسير على الغربيين الإستعماريين المتذرعين بالمسيحية من الإرساليات التبشيرية أن يتوغلوا في وديان بلوچستان وجبالها وصحارها بحجة البحث والتأليف في أنساب القبائل البلوشية فإن دين الإسلام هو كنه الوجود في عقل الرجل البلوشي وفي قلبه . والمثل الإسلامية العليا . هي نزعة القوة والحياة في طبيعة القبيلة العربية . فلم يجد المبشرون المسيحيون . ورسل الإستعمار الغربي أية قدرة لبناء كنيسة لهم في بلوچستان لإتخاذها وكراًَ للدسائس الإنجليزية ووسيلة للعمل الإستعماري . ونتيجة لهذا فإن أكثر الكتاب الغربيين قد كتبوا عن بلوچستان من بعيد . كما فعل مؤلفو ـ دائرة المعارف الإسلامية ـ وتحدثوا عن التركيب الإجتماعي للأجناس الموجودة هناك . وهم في عواصمهم بأوروبا . فجاء مؤلفوه يرسلون الكلمات المتناقضة بعضها وراء بعض . ويوغلون في الإحتمالات والظنون . إذ أنهم قد كتبوا وهم بعيدون عن مشاعر هذه الأمة . وعن منابع تاريخها الصافية . والآن فإني أريد أن أنتقل الى المؤلفين البلوش أنفسهم لأسمع ماذا يقولون وماذا يكتبون حول أصل آبائهم وأجدادهم . فأغوص معهم في أغوار مكران وأروح وأغدو في لغة الأوردو وفي اللغة الإنجليزية . ولقد إخترت عدة كتب لهذا الغرض قد صنفها البلوش فقرأتها وتدبرتها وعرفت الذي فيها . وفوقفت طويلاًَ عند واحد منها لأقدم منه بعض الموجزات المرتبطة ببحثنا مستعيناًَ بالترجمة الى العربية والفارسية . والكتاب هو ( بلوچ قوم أورأسكي تاريخ ) أقوام البلوش وتاريخهم تأليف مولانا ـ نورأحمد خان فريدي 1968م الناشر ـ قصر الأدب ـ ولقد آثرت الإبتداء بهذا الكتاب لأن مؤلفه قد أورد فيه تفصيلاًَ وافياًَ لأكثر المراجع التي ذكرت فيها أصول القبائل البلوشية . وسأترجم ما يعن لي من الموارد في هذا الكتاب . وأريد أن أقول مؤكداًَ إن جميع الإيردات المتناقضة والأقوال المتباينة التي ينفي بعضها بعضاًَ في هذا الكتاب وفي غيره والتي فسحت المجال أمام أعداء البلوش في التخرص الكثير والحدس والشك في أصل البلوش هو وجود السكان الهنود وعبيد البلوش والأجناس الأخرى ( والجميع مسلمون ) التي تقطن بلوچستان وتقيم بين البلوش ويحسب إنها بلوشية في ديانتها ولباسها وطرق حياتها لكنها ليس من قبائل البلوش في الأصل والإنتماء . وهي محض فئات أخرى من المسلمين متآخية في المجتمع البلوشي . فمحور الجدل في أصل البلوش وعلة الأخذ والرد . وسبب الكلام الكثير المتعارض هو هذه الطوائف من الناس . والمؤرخون البلوش الذين قرأت كتبهم . وإطلعت على أقوالهم في الدفاع عن أصولهم وأنسابهم يبذلون كل طاقاتهم . ويعرضون كل ما لديهم من البراهين والأدلة في مناقشة المخالفين لهم من الكتاب الإيرانيين ومن بعض المستشرقين بدون أن ينتبهوا الى كون السبب الأول للريب وكثرة الأقاويل في أصل البلوش هو إمتلاء بلوچستان بأقوام ليست من أرومات القبائل البلوشية . فتحمس الكتاب البلوش بعواطف ملتهبة يردون على خصومهم ويتكلفون المدافعة والإستنباطات فلم يفردوا فصولاًَ معينة لفرز الأقوام الغير البلوشية وتفصيل القول في أماكنهما وأعدادها أو تشخيص مواقعها وبيان نسبتها من البلوش الأصليين فأدى ذلك الى إختلاط الأمور وتشابكها وتداخل الأسماء فلم يكن في قدرة الباحث الذي لم يدخل بلوچستان ولم يشاهد الواقع بعينة أن يميز بين البلوش وبين غيرهم . إلا بعد الجهد والإتصالات والمشاهدات والنظر في نسب كل قبيلة من القبائل . هذه من دعامات الفهم الشامل لتاريخ بلوچستان ولمعة من الفكر لتوضيح الفروق الحاصلة في هذا الإقليم بين البلوش المتوجهين الى العرب بكل حواسهم وذكريات أجدادهم وبين الأقوام التي لم تدخل في الجدول القبلي . وكما قلنا سابقاًَ إن الذين ينفون نسب العرب عن أجدادهم في بلوچستان من هؤلاء الذين يتمثلون أقوال الكتاب الإيرانيين ويستغربون حماس القبائل البلوشية للأصل العربي . فإنهم حقاًَ ليسوا من العرب وهم صادقون في دعاواهم لأنهم خليط من أقوام أخرى وخارجون من حيز التكوين القبلي البلوشي . ونسير الآن مع الكتاب البلوش لنعرض تصوراتهم الخاصة . وآراءهم الفردية مهام كانت من القوة والضعف في مجال التحقيق والتدريس . والغاية أن يقف الباحث العربي على المجمل الكلي وبعض الجزئيات المفصلة من التاريخ البلوشي . وحتى الأساطير والخرافات التي حفل بها القصص الشعبي البلوشي . فقد كان المبتغى من نسجة وحبك خيوطه هو ترويج دعوة البلوش لأصلهم العربي . وتجديد شعورهم بذلك . ولهذا فإني سأشير الى بعض الأساطير التي شاعت في أواسط البلوش عن تولد جدهم الأعلى من ( جنية ) التي تزوجها ـ الحمزة بن عبدالمطلب ـ رضي الله عنه كما يزعم وضاع تلك الأساطير والمهم هو إستصقاء الملاحظات الخاصة بتاريخ البلوش قال ـ نور أحمد خان فريدي ـ صفحة 33 ـ ( وقد أقام البلوش بقوة سواعدهم منطقة نفوذ كبيرة من حدود مركز البنجاب الى حدود إيران . ويدخل فيها ـ ديرة اسماعيل خان ـ كوت أدو ـ كوت فتح خان ـ ديرة غازي خان ـ متهن كوت ـ ميربور ـ خيربور ـ سهيداربور ـ تندواله ـ ويقول في الصفحة ـ 37 ـ ولقد جاء في مصادر البلوش التاريخية أن البلوش من ولد الحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه . ويذكر المؤلف الأسطورة المتداولة على ألسنة البلوش . والتي مفادها أن الحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه قد رأى ملاكاًَ ( جنية ) . وذلك عندما كان يجري خلف طريدته في يوم من أيام الصيد والقنص فعلقها قلبه . وبعد المغازلة والإختلاط ـ حسب رواية فريدي ـ ( إذ نترجم كلامه بالنص الحرفي ) فحملت منه تلك ( الجنية ) بولد إسمه ـ عبدالرحمن ـ وبعد ذلك ولد لعبدالرحمن ولد إسمه ـ أبان ـ وكان لأبان ولد إسمه ـ هارون ـ وكان لهارون ولد إسمه ـ محمد ـ وقد جاء محمد بن هارون في جيش ـ محمد بن القاسم الثقفي ـ عندما غزا السند . وقد إنحدر البلوش من أولاده الخمسة . وقد نقل فريدي هذه الأسطورة من كتاب ( تحفة الكرام ) . غير أن الأستاذ فريدي ينفي نفياًَ قاطعاًَ صحة هذه الخرافة ثم يستشهد بكتاب ( طبقات إبن سعد ) وينفي أن يكون للحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه أية سلالة أو نسل بعد وفاة حفيدة ـ محمد بن يعلي ـ إلا بنتاًَ واحدة ( هكذا قال فريدي ) . وفي الصفحة ـ 40 ـ و ـ 41 ـ ينقل عن الأستاذ ـ مير محمد بخش تالپور ـ قوله ( ويحتمل أن يكون الحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه الذي كان كثير السفر للتجارة والصيد بين الوديان وسفوح الجبال ( شأن أمراء العرب الآخرين ) !!! قد تزوج في العراق أو الشام ( في زمن الحمزة لم تفتح العراق ولا الشام بعد . فما معنى هذا ! ) . ثم قال ـ إبن بطوطة وناصر خسروا ـ قد ذكرا أناساًَ في القدس ينتسبون الى الحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ولم يذكر المؤلف مرجع الصفحة من هذين الكتابين . ثم قال إن من الممكن أن يكون الحمزة قد تزوج في هذه المناطق . وأولد أولاداًَ . وقال فريدي ومادام البلوش قد ثبت نسبهم الى الحمزة منذ مئات السنين . وإن القرائن لتؤكد هذا وتدل عليه الآن فإن من الجائز أن يكون للأمير ـ جلال خان ـ وأولاده شرف الانتساب الى الحمزة بن عبدالمطلب . وقال إن رواية ـ مير بخش تالبور ـ تقوي الإحتمال الذي قال به ـ مير علي شيرقانع ـ في كتاب ( تحفة الكرام ) من أن المقصود بالملاك التي تزوجها الحمزة هو إنها إمرأة جميلة من الإنس وليست ملاكاًَ من الملائكة . وضرب مثلاًَ أن الشعراء يشبهون النساء الجميلات الكريمات بالملائك لروعة الحسن والنجابة في وجوههن . وفي الصفحة ـ 44 ـ ينقل فريدي أقوالاًَ للمحامي ـ عبدالغفار خان بلوچ ـ مقتبساًَ من مجلة ـ بلوچي دنيا ـ أكتوبر 1958م صفحة ـ 39 ـ بعنوان ( نظرة واحدة في نسب البلوچ وحسبهم ) وقد جاء فيه ما يلي ( وقد هاجرت قبيلة أنمار مرة واحدة من منازلها القديمة الى الحجاز ونجد . بحيث لم ُيذكر بعد ذلك موطنها الأول ـ حسب قول الكاتب المشار إليه ـ ففي عام 1400 قبل الميلاد . إنتشرت قبيلة أنمار في غربي ـ شيراز ـ حتى ـ دجلة والفرات ـ . وقد سمي هذا الإقليم كله بإسم ( إقليم أنمار أو نمر ) . ثم يواصل فريدي كلامه فيقول ( وخلاصة البيان الآنف الذكر هو أن البلوچ يجب أن يكونوا من سلالة ـ أنمار ـ وأن هؤلاء الأنماريين قد إنتشروا عام 1400 قبل الميلاد بين دجلة وشيراز ) . ثم يعارض رأي المحامي الكاتب ـ عبدالغفار خان بلوچ ـ فيقول ( إننا لا نوافق أبداًَ الإدعاء بأن تكون قبيلة ـ أنمار ـ موجودة بسبعة قرون قبل ميلاد المسيح فأن الشواهد والأمثلة المتوفرة لدينا تثبت أن ـ أنمار ـ نفسه قد ولد بعد ميلاد المسيح بمائة عام . وقد نقل من ( طبقات إبن سعد ) الجزء الأول صفحة ـ 53 ـ رواية ـ هشام بن محمد ـ أن ـ معداًَ ـ والد ـ كهلان وأنمار ـ قد ولد في زمان ـ عيسى بن مريم ـ عليه السلام . ثم يخلص فريدي الى القول بأن الأنماريين الذين إنتشروا من دجلة الى الفرات الى شيراز هم ولد ـ أنمار بن نزار بن معد ـ لأن بين أولاد ـ سبأ ـ وحفدته ولداًَ إسمه ـ أنمار ـ وفي ( طبقات إبن سعد ) أن في اليمن ست قبائل من ولد سبأ وأن قبيلة أنمار هي واحدة من هذه القبائل الست . ويستند فريدي على ( طبقات إبن سعد ) ثم يقول : وعلى هذا المنطق فإن نمراًَ من الأنمار الذين ذكرهم ـ عبدالغفار بلوچ ـ هم من ولد ـ أنمار بن سبأ ـ . وليسوا من ولد ـ أنمار بن نزار بن معد ـ لأن ( أنماراًَ ) الأخير قد ولد في زمن المسيح . ولم يكن موجوداًَ قبله بسبعة قرون . أما ( أنمار بن سبأ ) فقد كان معاصراًَ لإبراهيم الخليل عليه السلام . ( ومعد والد كهلان وأنمار ) كان معاصراًَ للمسيح عليه السلام . وذكر ـ محمد بن سائب الكلبي ـ أن معد بن عدنان كان مرافقاًَ ـ لنبوخذ نصر ـ في حملته على اليمن . وفي الصفحة ـ 45 ـ تحدث فريدي عن تطور كلمة ـ بلوچ ـ من كوش الى ـ تبعلوث أو بيلوث ـ وكيف أن الآشوريين والبابليين كانوا ينطقونها بشكل ـ بيلوس أو ـ بعلوس ـ وكان العرب في العصور الوسطى يقولون ـ بلوص ـ وإستعملها بعد ذلك أهل فارس بلفظ ـ بلوچ ـ وأستشهد فريدي على هذا بالأستاذ ـ محمد سردار خان بلوچ ـ في كتابه ( تاريخ البلوش وبلوچستان ) الذي سنتكلم عنه في الصفحات القادمة . ثم قال نقلاًَ عن الكتاب المشار إليه : إن البلوش جميعاًَ منحدرون من ( كوش ) الجد الأصلي لجميعهم ـ بلوص ـ الذي كان إسمه ـ النمرود ـ وقد أورد هذا النص من المرجع المذكور .


THE BALOCHIS THUS BELONG TO THE ROYAL FAMILY OF THE
KALDIAN TRIBES OF THE KUSHTE RACE THE FIRST MIGHTY
RULLER OF THE FIRST KALDIAN DYNASTY WAS NIMROD THE BELUS
ETC - HISTORY OF THE BALUCHH RACE . P . 18

واليكم مصادر :

أعزائي الكرام هذه المصادر التي استند عليها الشيخ معن بن شناع العجلي الحكامي في كتابه "بلوشستان ديار العرب" والمصادر بلغة الأردو والعربية والانجليزية والفارسية،وهذا دليل على اجتهاد المؤلف للتوصل الى الحقائق، وهناك مراجع عديدة غير
هذه:


المراجع العربية


1 ـ أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم لأبي عبدالله محمد إبن البشاري المقدسي .
2 ـ الأخبار الطوال للدينوري .
3 ـ أنساب الأشراف للبلاذري .
4 ـ الأنساب للسمعاني .
5 ـ تاريخ البيهقي لأبي الفضل محمد بن الحسين البيقهي .
6 ـ تقويم البلدان تأليف إسماعيل بم محمود أبي الفدا .
7 ـ المسالك والممالك والمفاوز والمهالك لأبن خردابة .
8 ـ نزهة المشتاق في إختراق الآفاق لأبي عبدالله محمد بن محمد الإدريسي .
9 ـ صور الأقاليم والمسالك والممالك لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الأصطخري .
10 ـ مرآة العالم لمحمد حسين خان صنيع الملك الملقب باعتماد السلطنة .
11 ـ معجم البلدان لياقوت الحموي .
12 ـ تاريخ الطبري .
13 ـ طبقات إبن سعد .
14 ـ الكامل لأبن الأثير .
15 ـ مروج الذهب للمسعودي .
16 ـ العقد الثمين للمطهر المبارك بوري .
17 ـ دائرة المعارف الإسلامية ـ الترجمة العربية ـ طبع القاهرة .
18 ـ دليل الخليج ـ الترجمة العربية ـ طبع الدوحة قطر .
19 ـ الحدود الشرقية للجزيرة العربية ـ تأليف ـ ج ـ ب ـ كيلي ـ ترجمة محمد أمين عبدالله ـ طبع الكويت .
20 ـ شرح قصيدة نشوان لأبن سعيد الحميري ـ طبع القاهرة .
21 ـ تاريخ إبن خلدون .
22 ـ معجم القبائل العربية ـ عمر رضا كحالة .
23 ـ سبائك الذهب ـ للمسعودي .
24 ـ جمهرة أنساب العرب لأبن حزم .
25 ـ صورة الأرض لأبن حوقل .
26 ـ وفيات الأعيان ـ لأبن خلكان .
27 ـ فتوح البلدان للبلاذري .
28 ـ ديوان المتنبي .
29 ـ ديوان الفرزدق .
30 ـ القاموس المحيط .
31 ـ تاج العروس .
32 ـ لسان العرب .
33 ـ مختار الصحيح .
34 ـ مقاييس اللغة لأبن فارس .
35 ـ البستان للشيخ عبدالله البستاني ـ طبع بيروت .
36 ـ التخصيص لأبن سيده .
37 ـ دراسات تاريخية عن أصل العرب وحضارتهم الإنسانية لمعروف الدواليبي ـ طبع بيروت .
38 ـ جريدة الثورة البغدادية العدد ـ 3095 ـ الصادر في 24 أغسطس 1978م . مقالة باقر لطفي بعنوان أثر الفكر العربي في الحضارة الأوروبية .


المراجع الفارسية

1 ـ بلوچستان ـ تأليف ذبيح الله ناصح .
2 ـ مجلة سخن الطهرانية ـ السنة الرابعة عشرة ومقالة الأستاذ علي أكبر جعفري ومنشور في العددين الثامن والتاسع .
3 ـ بلوچستان ومرزهاي ـ تأليف أمان الله جهانباني .
4 ـ چاهبار وبلوچهاي ـ بقلم علي أكبر بلوكباشي مقالة منشورة للكاتب المذكور في مجلة ـ دانشكدة أدبيات وعلوم انساني ـ صفحة ـ 1348 ـ
5 ـ جاي پاي اسكندر وسفري در بلوچستان ـ تأليف إسلام كاظمية وحسين ملك ـ طبع طهران .
6 ـ شهرهاي باستاني سواحل وجزاير خليج فارس وبحر عمان ـ تأليف أحمد إقتداري ـ طبع طهران .
7 ـ بحرين ـ سعيد النفيسي ـ طبع طهران .
8 ـ بحرين ازآغاز تاريخ تامروز ـ تأليف زٌرين قلم ـ طبع طهران .
9 ـ جغرافياي نظامي بلوچستان انكليز ـ تأليف علي رزم آرام .
10 ـ عمليات قشون در بلوچستان ـ تأليف أمان الله جهانباني ـ طبع طهران .
11 ـ چچ نامه تأليف على بن حامد الكوفي ومترجم الى الأوردو ـ طبع الهند .
12 ـ برهان قاطع ـ قاموس فارسي .
13 ـ فرهنگ عميد وفرهنگ جديد ـ قاموسان فارسيان .
14 ـ فرهنگ بهار عجم ـ طبع الهند ـ قاموس فارسي .
15 ـ ناسخ التواريخ ـ لسان الملك محمد تقي سپهر .
16 ـ دائرة معارف آريانا ( دائرة المعارف الأفغانية ) طبع كابول .
17 ـ لغت نامه ـ تأليف الأستاذ علي أكبر بإشراف الأستاذين ـ محمد معين وجعفر شهيدي ـ طبع طهران .
18 ـ حدود العالم من المشرق الى المغرب ـ منسوب الى البلخي المتوفي ـ 322 هـ ـ 934م ـ طبع كابول .
19 ـ ديوان حافظ الشيرازي .

والى غير هذا من المراجع التي وردت الإشارات اليها في صفحات الكتاب .


المراجع الأوردية

1 ـ تاريخ بلوچستان تأليف ـ راي بهادر هيتورام ـ طبع لاهور 1907م .
2 ـ تاريخ بلوچستان تأليف ـ سردار غلام خان قرائي ـ طبع باكستان .
3 ـ تاريخ بلوچستان تأليف ـ ميرگل خان نصير ـ طبع باكستان .
4 ـ تاريخ بلوچستان تأليف ـ ملك صالح محمد لهري .
5 ـ تاريخ بلوچستان تأليف ـ محمد آخوند صديق ـ طبع الهند .
6 ـ تاريخ سند تأليف ـ محمد معصوم يكهري .
7 ـ بلوچ قوم أورأسكي تاريخ تأليف ـ نور أحمد خان فريدي ـ طبع باكستان 1972م .
8 ـ بلوچي قبائل تأليف ـ المستر لانگ ـ باللغة الإنكليزية .
9 ـ مجلة بلوچي دنيا ( دنيا البلوش ) ـ صدرت في الملتان باكستان .
10 ـ خلافت أمويه أور هندستان تأليف ـ القاضي أطهر المبارك پوري ـ طبع دلهي الهند ـ 1975م ـ من الصفحة ـ 356 ـ الى ـ 360 ـ
11 ـ هندوستان مين عربون كي حكومتين ( الحكومات العربية في الهند ) تأليف القاضي ـ أطهر المبارك پوري طبع دلهي الهند ـ 1967م ـ
من الصفحة ـ 23 ـ الى صفحة ـ 76 ـ


REFERENCES

NOTES ON THE ARABIC DIALECT SPO KEN IN THE BALKHREGION OF AFGHANISTAN BY
ABDUL SATTARSIRAT

HISTORY OF BALUCHRACE AND BALUGHISTAN

ROYAL COGRAPHICAL SOCITY R . HUGHESIMPERIAL C - 2 ETTEER INDIA VOL BALUCHISTAN . C . HARCHEOLYCAL CUTTA 1908

MOCKLER . BALUCH AND THER RACE

SIR OTHOLDICH

IRAN HITORY . BY . MILKUM

BALUCH TRIBES MR . LONGWORTH TAMES

CORONEL . O . T . DUKE

NOTE OF THE BALUCH TRAIBES - BRUCE

HUGES BILER

NARRATIVE OF VARIOUS JOURNEYS IN BALOCHISTAN . AFGHANISTAN

AN ACCOUNT OF THE INSURRETION AT KALAT . AND A MEMOIR ON EASTEM BALOCHISTAN . BY CHARLES MASSOIN . ESG

NOTES ON AFGHANISTAN AND BALUCHISTAN MAJOR HENRY GEORGE RA VEXTY


ولكم مني التقدير والاحترام،،دمتم بخير أعزائي


ملاحظة : الموضوع من منقول من احدى المنتديات لعضو اسمه باحث قطري



Hwg hgrfhzg hgfg,adm lu hgh]gm