أغرقتني صفية
النافذة التي تواجه النافذة والفارق بضعة أمتار، شارع يتوسد المسافة بين النافذتين لا يتسع لمرور راكب بحماره ومنزل خلى الدور الأرضي فيه من السقف شيد باللبن الأخضر ، كلما فتحت النافذة في الصباح أجدد هواء الحجرة أرها قد سبقتني وكأنها تنتظرني ، في البداية كنت لا أعتبر ولا أضع في مخيلتي لها بال ولا اعتبار ، انتابني تصرفها المتكرر حين رأيتها لا تفتر عن مراقبتي ، لقد تملكني الشعور أن تلك المرأة تترصدني وتراقبني عن كثب حتى انتبني احساس باليقين أنها تود إن تصل إلىّ وتعرف أخباري ، فقد كانت لا تترك النافذة ليلاً أو نهارا وخصوصاً في الصيف حيث لا تغلق النوافذ من شدة الحر ،وقد طال أمرها على هذا الحال ولم تكل ، رحت أتجاهل تصرفاتها وابتعد عن الجلوس أو الوقوف في الشرفة التي تقابلها كأني أختبئ عن مرمى عينيها ،وفي يوم من الأيام نما إلى سمعي أنها على ديانة وعقيدة تخالف عقيدتي ورحت أكْبتُ نفسي بعيداً عن النافذة ووضعت أمرها بعيد ا عن الحسبان واضعاً في ظني أن ما تفعله من وقوف وحركة أمامي أو تجاهي أنما يأتي نظراً لضيق بيتها فهي تتخذ من الدور العلوي مرتعاً لها ،وتوجست الخيفة أيضاً منها نظراً لحساسية الجو والمناخ السائد في البلد والبعد عن الشبهة ، فربما تكون مدفوعة من جهة أو فئة فئوية لتخلق مشكلة أكون فيها كبش الفداء ،حتى جهاز التسجيل الذي كان يصاحبني في جلستي واستمع عليه القرآن الكريم والذي كنت أرفع صوته ليطغى على الضوضاء المنبثق من لعب الأطفال بالشارع خفضت صوته فلم يعد لأحد أن يسمعه غيري،
هكذا تعاملت مع الأمور التي تحيط بي في تلك الأيام مع وضع الحسبان أن جهاز الأمن بالدولة لا يتوانى في القبض على أي مسلم يبلغ عنه كان كذبا أو صدقاً من هؤلاء وهذه الطائفة ، وكثيرا ما افتعلت تلك الطائفة الكذب على الأبرياء متعمدة ومدعية الاضطهاد وخطف النساء والفتيات القاصرات والتغرير بهن وكثير من هذه الأقاويل كانت تسود المناخ العام في ذلك الوقت ...لذلك أثرت السلامة لنفسي فلا حاجة لي بمثل تلك المرأة التي تراقبني عن كثب ...
وقد مضى شهرين أو أكثر وأنا على هذه الحالة أخشى فيها فتح نافذة حجرتي حتى لا أراها ولا أجعل لها مسلكا أو طريقاً تنفذ به إلىّ لما كان يدور في رأسي ،
******
وفي أحد الأيام أردت الخروج لقضاء بعض مصالحي وكان هذا اليوم حاراً شديد الحرارة
والكهرباء مقطوعة عن المنطقة ففتحت النافذة لينبثق الضوء لأرى كيف أبدل ملابسي بغية الخروج ؟وبالفعل فتحت النافذة و قمت باستبدال ملابسي وأعدت قفلها ثم خرجت ، كانت الساعة حينها تقترب من الحادية عشر والنصف صباحا ودرجة الحرارة تتعدى الخمسين درجة مئوية والأرض تحت الأقدام ملتهبة تكاد تحرق كل من يمشي عليها ، هناك على الشارع وقفت أنتظر مركبة للأجرة تنقلني حيث أريد وأبغي المدينة ، ولم يمر من الوقت الكثير وجاءت مركبة الكرسي الخلفي بها شاغر ليس به ركاب وقبل أضع قدمي بالمركبة إذا بتلك المرأة جاءت على عجل وراحت تلوح للسائق ينتظرها لتركب ...
*****
كان المقعد يتسع لثلاثة ركاب أما نحن فأصبحنا اتنين وكان يمكن تكون بيننا مسافة فاصلة
لكنها جلست ولصقت جسدها بجسدي فأحسست ببركان يخرج من جسدها ليحرقني ودرات
رأسها نحوي فإذا بي أرى فرحة في عيناها الخضراوتين وهي تبتسم وكأنها فازت بجائزة وهي تهامسني حتى لا يسمعها أحد من الركاب .......أحبك...
أغرقتني صفية في المحيط وليس لي دراية بالسباحة
بقلم : سيد يوسف مرسي


Hyvrjkd wtdm