اي دكتور بعد اما بيتخرج من كلية الطب بيشتغل طبيب غلابه زي
الدكتور مشالي بالضبط الله يرحمه، ودي إسمها فترة التكليف .....
اغلبنا بيروح قرية في منطقة نائية ويشتغل ممارس عام باطني حميات اطفال
وادواته سماعه وجهاز ضغط ومنظار اذن واقصي حاجة يعني ياخد غرزتين في عيان،
والحقيقة انا كنت من سعداء الحظ اللي ربنا اكرمهم بالموضوع ده لمدة سنه ونصف
في احدي القري النائية، وطبعا كل الشغل السابق ده مقابل جنيهات قليلة يوميا
لو جيت تقسم المرتب وقتها علي عدد ايام العمل ولكن فيها الف بركة
وكفاية اوي ان ربنا اكرمني بدعاء الناس الطيبين
اللي لسه ليهم في قلبي كل الحب حتي وقتنا هذا.
تخيل كده لو كل الدكاترة قرروا يفضلوا في الوحدات ويشتغلوا كلهم ممارسين عامين
يدي المحلول للسخن ويدي حقن للمغص وشربة الديدان للأطفال! شغلانه بسيطة ومباشرة
وممكن اي دكتور يشتغلها وهو نايم في البيت مش محتاجة اي مهارة ولا سفر علي الطريق
بالساعات لمدة خمس سنين مثلا عشان تحضير ماجستير او دكتوراة ولا مصاريف
ولا وقوف لمئات واحيانا آلاف الساعات في غرف العمليات للتعلم ولا اي حاجة في الدنيا،
هو البكالوريوس وتحفظ عدد محدود من أصناف الادوية لعلاج الأمراض الشائعة وخلاص علي كده.
لو ده حصل مش هتلاقي
جراح قلب يعمل لك قلب مفتوح لما تحتاج تغيير صمام او تزرع شريان تاجي
ولا هتلاقي جراح مخ وأعصاب يفرغ تجمع دموي في المخ لواحد عامل حادثة
ولا طبيب قلب يلحقك بدعامة في الشريان التاجي لمريض جلطة حادة ،
ولا دكتور مسالك يزرع كليه ولا دكتور عناية مركزة قاعد جنبك قريبك
في العناية يحسب له العلاج بجرعات دقيقة لأدوية قاتلة
اي زيادة او نقص فيه الجرعة قد يؤدي للوفاة،
ولا يعرف يركب انبوبة صدرية او قسطرة وريدية مركزية لعيان في العناية
ولا يعرف يفتح صدر عيان في اسرع وقت ممكن لإنقاذ حياته
ولا يعرف يركب انبوبة حنجرية لعيان ووضعه علي
جهاز التنفس الصناعى في ثواني لإنقاذ حياته
وعدد اخر كبير جدا من المهارات الطبية الأكثر تعقيدا
اللي محتاجة عشرات السنين لاتقانها واستخدامها لإنقاذ حياة البشر.
ولو حد تعب بجد صنفين الدوا والمعلومتين بتوع الممارسة العامه
هايقفوا عاجزين عن اسعافه ،
تخيلت حجم الكارثة و خدت بالك الموضوع خطير ازاي!
من وقت وفاة الدكتور مشالي الله يرحمة ويغفر له واللي انا متأكد
انه قدم اقصي ما يستطيع للبشرية كما كان مقدرا له منذ خلقة الله
و الخناقات شغالة بين بعض الزملاء اللي بيناقشوا النقطة دي
والناس اللي متخيلين انهم بيتكلموا من منطلق الجشع و ضد الغلابة،
متبقاش عاطفي وخليك عقلاني واتكلم بالمنطق
الممارس العام هو حل مؤقت وضروري في الوحدات الصحية
و المناطق الشعبية لعلاج وتشخيص الأمراض الشائعة،
لكن بحر الطب أوسع من ذلك بكثير، ..... مخطئ من يظن ان الطب
سماعه وروشته وخمس دقايق تكتب فيهم كلمتين للعيان وياخد العلاج ويروح
الطب اكثر تعقيدا مما يظن الناس،
والطب علم شاق مواكبته تستهلك اغلب سنوات عمر الطبيب
لو كان الدكتور مجدي يعقوب كمل في بلدهم واشتغل ممارس عام
كنا حرمنا آلاف الغلابة من صرح زي مركز القلب في أسوان،
رحم الله الدكتور محمد مشالي وجعل عمله الطيب في ميزان حسناته
وبارك في عمر أساتذتنا الأجلاء في كل مكان.
منقول من صفحة (هانى مهنى)
----------------------
مواقع النشر (المفضلة)