النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: توينبي و نظرية التحدي و الاستجابة

توينبي و نظرية التحدي و الاستجابة من أجمل ما قرأت وتأثرت به، ووجدته مُفـتَـقراً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية المعاصرة هو نظرية “التحدي والاستجابة” لصاحبها “آرنولد توينبي 1889 – 1975م”،

  1. #1

    افتراضي توينبي و نظرية التحدي و الاستجابة


    توينبي و نظرية التحدي و الاستجابة

    من أجمل ما قرأت وتأثرت به، ووجدته مُفـتَـقراً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية المعاصرة هو نظرية “التحدي والاستجابة” لصاحبها “آرنولد توينبي 1889 – 1975م”، هذه النظرية نشأت في موسوعته التاريخية المُعنونَة بـ “دراسة للتاريخ” الواقعة في إثني عشر مجلَّدا، حيث أنفق توينبي واحد وأربعين عاماً في تأليفها.
    ما هي نظرية التحدي والاستجابة؟
    يُـفسّر توينبي نشوء الحضارات الأولى، أو كما يسمِّيها “الحضارات المنقطعة” من خلال نظريّـته الشهيرة الخاصة بـ “التحدي والاستجابة”، والتي استلهمَها من عِلم النفس السلوكي، وعلى وجه الخصوص من “كارل يونغ 1875 – 1961م” الذي يقول أنَّ الفرد الذي يتعرض لصدمة قد يفقد توازنه لفترةٍ ما، ثم قد يستجيب لها بنوعين من الاستجابة:
    • استجابة سلبية: النكوص إلى الماضي لاستعادته والتمسك به تعويضاً عن واقعه المُرّ، فيصبح انطوائيا.
    • استجابة إيجابية: تَـقَـبُّـل الصدمة والاعتراف بها، ثم مُحاولة التغلُّب عليها، فيكون في هذه الحالة انبساطيا.
    لاحظْ أنَّ الحالة الأولى من النظرية تنطبق تماماً على حال المسلمين، إذ أنهم تعرَّضوا لصدمة الحضارة فلجأوا إلى النكوص إلى الماضي دفاعاً عن النفس بدلاً من العمل لاستعادة القيادة وأستاذية العالم، للأسف لم يَعِ المسلمون هذه النظرية العظيمة كما لم يَعوا أيضاً أنه “كلما ازداد الوعي قلَّ الاستبداد”، فكان لابد من القراءة والجِدّ والعمل بدلاً من العيش على أطلال “عمر بن الخطاب” و ”خالد بن الوليد” و ”صلاح الدين” رضوان الله عليهم أجمعين، ولابد من زيادة الوعي والإدراك بعيداً عن الطيبة والسذاجة التي جعلتنا مطيَّة الأمم المستعمرة، ولابد من تطوير ما تركه السلف الناجح وإكماله ليقل الظلم واستبداد القريب والغريب.
    أتساءل لماذا جامعة مثل “هارفرد” الأمريكية تُدرس في مناهجها الإدارية طرق “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه في إدارة الدولة وإدارة الأزمات والحروب، في الوقت الذي لا يوجد حتى أدنى فكرة لدى المسلمين عن تلك المهارات، بل حتى لم يجعلوه عِلماً يُدرَّس! ولعل هذه النظرية تمثلت في الدولة اليابانية الحديثة التي درست عيوبها وخططت لمستقبلها وانتقلت من دمار القنبلة الذرية إلى ما هي عليه اليوم من الإبداع في الصناعة والمعرفة.
    عودة إلى نظرية توينبي، فقد آمن أنه كلما ازداد التحدي تصاعدت قوة الاستجابة حتى تصل بأصحابها إلى ما يسميه بـ “الوسيلة الذهبية”، والتي تتلخص في أنَّ أي حضارة تقوم بمواجهة التحدي بسلسلة من الاستجابات التي قد تكون أحياناً غير ناجحة في مواجهة التحديات التي تعترض طريق النهضة والحضارة، ولكن بالتحدي وكثرة المحاولات المتنوعة تهتدي الأمم إلى الحل النموذجي الذي يقودها بأمان إلى النهضة والحضارة، وتكون بذلك قد وصلت إلى الوسيلة الذهبية.
    الاستجابة ChaRes.jpg
    ولعل مشكلة أمتنا تكمن في مسألة الحلول الفاشلة، حيث أن أمتنا ليست عاجزة من أن تلد أفكاراً تصل بها إلى الوسيلة الذهبية، غير أنها تحتاج إلى سِعَة أُفق وجرأة على التصدي للمشاكل، فالإستمرار في الأخذ بالوسائل المُجرَّبة غير المُجديَّة يُمثـل الدوران حول النفس، بينما لو جربت الأمة طُرقاً جديدة لحققت التغيير المنشود، فقط يتطلب الأمر الجرأة على طرق الأبواب الجديدة وعدم الإكتفاء بالوسائل المجربة سابقاً.
    يقول “روبرت شولر”: “أُفضِّل أن أغير رأيي وأنجح على أن أستمر على نفس الطريقة وأفشل”.
    ويقول “ليوناردو ديفينشي”: “فقط عبر التجربة نستطيع أن نتعلم شيئاً”.
    ويقول “توماس أديسون”: “العديد من التجارب الفاشلة في الحياة تكون عندما لا يُدرك الناس أنهم كانوا قريبين من النجاح عندما استسلموا”، ويعلق أديسون على تجاربه الكثيرة: “أنا لم أقم بألف تجربة فاشلة، بل تعرفت على ألف طريق لا يؤدي إلى الحل الصحيح”.
    والخلاصة أنَّ هذا العدد من المحاولات سيأتي حتماً بالوسيلة الذهبية، وكل محاولة فاشلة تعطي نضجاً أكبر للحركة التغييريّة بإتجاه النهضة والحضارة، حتى توشك الحركة أن تعثر على الوسيلة الذهبية وتستخدمها، إنَّ فكرة الوسيلة الذهبية التي طرحها توينبي تبعث على الأمل، وتجعل من التجربة والمحاولة في حد ذاتها شرفاً كبيراً، لأنها تُسهم بشكل أو بآخر في إحداث التغيير، إما لكونها وسيلة ذهبية، أو لكونها وسيلة أوضحت طريقاً لا ينبغي لأصحاب المحاولات أن يسلكوه ثانيةً، كما أنها تحطِّم فكرة الجمود والتفكير بنمط واحد، فمن جرَّب وسيلة وفشل بها فليجرب وسيلة غيرها.
    وتذكر دائماً، أنَّ التخطيط دون عمل لا يُجدي، وعمل دون تخطيط لا يُجدي كذلك، والوصول إلى الوسيلة الذهبية من خلال تطبيق نظرية التحدي والإستجابة يحتاج إلى عمل حقيقي مدروس وواضح المعالم، ولا نكتفي فقط بالتنظير والخيال.
    فالنجاح = 1% إلهام وخيال + 99% جهد وإجتهاد



    j,dkfd , k/vdm hgjp]d hghsj[hfm hgf]d]


  2. #2

    افتراضي

    مشكور على هذا المقال الجيد واضيف يجب على النخب والمفكرين العرب والإسلاميين إعطاء توينبي وافكاره مزيدا من الاهتمام فهو من العلماء الذين بعلمهم وبأفكارهم يحاربنا أعداءنا ولعل اكبر دليل اذا قرأنا عن أسباب سقوط الحضارات عنده نعلم ان أعداءنا طبقوا علينا هذه الأسباب فحاربوا وشيطنوا المفكرين الاحرار بحيث لم يعد يسمع لهم وشقوا وأضاعوا كتلة المجتمع وأختم فأقول ان هذا العالم علمه خطير علينا اذا أهملناه وجيد لنا اذا اخذنا به

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. نظرية التحدي والاستجابة وتطبيقها على واقعنا العربي
    بواسطة الارشيف في المنتدى مجلس فلسفة التاريخ و حركة التاريخ و تأريخ التاريخ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-12-2020, 11:21 PM
  2. أرنولد توينبي
    بواسطة الارشيف في المنتدى موسوعة التراجم الكبرى
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-12-2020, 11:13 PM
  3. عندما يكتب توينبي عن العرب والإسلام
    بواسطة الارشيف في المنتدى مجلس فلسفة التاريخ و حركة التاريخ و تأريخ التاريخ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-12-2020, 11:00 PM
  4. نظرية التحدي و الاستجابة من أهم النظريات التي فسرت حركة التاريخ
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى مجلس فلسفة التاريخ و حركة التاريخ و تأريخ التاريخ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-09-2015, 03:17 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum