القضاء العرفي لبدو مصر
وبشعة العيادي
تنقسم درجات التقاضي عند بدو مصر إلى ثلاث درجات لكل درجة منها قاضي. فالقاضي الأول بمثابة (محكمة ابتدائية)، والقاضي الثاني بمثابة (محكمة استئناف)، والقاضي الثالث بمثابة (محكمة النقض). وللوصول لمرحلة النقض (القاضي الثالث)، يستلزم ذلك أن يكون حكم القاضي الأول مناقضاً لحكم القاضي الثاني، أما إذا اتفق الأول والثاني على حكم واحد، فلا ترفع الدعوى إلى القاضي الثالث.
ولاشك أن وجود ثلاثة قضاة وثلاثة مراحل للتقاضي، يعنى وجود فكرة محاولة الوصول إلى حكم نزيه بقدر الإمكان. وهذا من الإيجابيات التي يتسم بها نظام التقاضي لدى بدو مصر.
وبعد اتفاق أطراف الدعوى على القضاة، يعين المدعى عليه " كفيل وفي " أي كفيلاً ضامناً له يفي بالحق الذي يحكم به القاضي، وكذلك يعين المدعي شخصاً من طرفه يسمى " كفيل دفا " أي كفيلاً يضمن الوفاء بما قد يقع علي المدعي ويقوم بالدفاع عنه عند المدعي عليه أثناء نظر القضية، ويشترط في الضامن أو الكفيل الصدق والوفاء. أما الشخص الصادق الوفي فلا يطلب منه ضامن ولا كفيل، بل يؤمنه البدو على مالهم بلا شاهد.
أما رسوم التقاضي فقد كانت تدفع للقاضي مسبقاً من كلا الطرفين المدعي والمدعي عليه، وتعرف هذه الرسوم عند بدو مصر بـ" الرزقة " ومن يخسر الدعوى عليه تسديد قيمة الرزقة، والتي تختلف حسب أهمية الدعوى، من " نعجة " إلى ثمانية جمال، وأكثرها ما يؤخذ في القضايا الخاصة بالنساء وقطع الوجه.
أما الشهادة فيكفى في عرف هذه القبائل شاهد واحد لإثبات الدعوى، لكن شريطه نزاهته وحسن سلوكه الأخلاقي.ومع ذلك تقبل شهادة اللص على اللص، وشهادة المرأة والصبي كشهادة الرجل البالغ.وللشاهد أجرة يمنحها إياه الطالب قبل أداء الشهادة وتعرف هذه الأجرة " بالآكال "(جمع ُأكل وتعنى الثمرة)، وإذا أدت شهادة الشاهد إلى اتهام لص نال عن أربعة جنيهات عن كل جمل أثبتت شهادته أن اللص سرقه. أما إذا كان عدد الجمال كثيراً فيتفق على مقدار الدفع مقدماً، وحجة البدو في ذلك هو أن الشاهد الذي ينال أجرة عن شهادته يكون أكثر دقة في تأدية شهادته ممن لا ينال أجراً عليها، لأنه يعلم بأن كل كلمة يقولها تمحص جيداً قبل قبولها. لكن يبقى أن هذا النظام في تأدية الشهادة به خلل كبير، حيث يفسح المجال للتأثير على الشهود من خلال الإغراء بالمال، مما يؤثر على سير العدالة. كما أن طريقة استجواب الشاهد نادراً ما يتم فيها تفنيد أقواله عن طريق أساليب الاستجواب التي تعتمد على ذكاء القاضي ووكيل الخصم. وهم لا يسيرون على القاعدة الفقهية " اليمين على من أنكر، والبينة علي من ادعي"، ويفضلون على أداء اليمين طقساً بدائياً قديماً يعرف عندهم " بالبشعة "،
البشعة
أما القضايا أو الجرائم الإنكار التي لا شهود لها، فلا يلجأ البدو إلى" اليمين" كما قلنا، بل يلجأون إلى قاضي البشعة أو المبشع، الذي يقوم باختبار المتهم إما بالنار أو بالماء أو بالرؤيا والحلم.
أما الاختبار بالنار وهذه الطريقه المتبعة الأن فيتم عن طريق إحماء البشع لإناء نحاسي كـ "طاسة البن"، وأحياناً ملعقة الطعام على جمرات الفحم، وبعد أن تصل إلى درجة الإحماء يريها المبشع لشاهدين ثم يمسحها بيديه ثلاثاً، ثم يتناول المتهم الطاسة أو الملعقة المحماة، ويلعقها بلسانه ثلاثاً، ثم يغسل لسانه بالماء ويريه للشاهدين فإذا كان هناك أثر للنار على لسانه، حكم المبشع بالدعوى لخصمه، و إلا حكم له. وهم يعتقدون بأن المتهم إذا كان مذنباً جف ريقه من الخوف والرعب، وأثرت النار في لسانه، والعكس إذا كان بريئاً. أما الاختيار بالماء، فهو طقس غريب، إذ يأخذ فيه المبشع إبريقاً من نحاس مملوء بالماء، ويجعل الحضور ومعهم المتهم في حلقه، ثم يشرع في التعزيم على الإناء فيتحرك الإناء عنده إذا كان مذنباً، ويقف عند المبشع إذا كان بريئاً. أما الاختبار بالحلم والرؤيا، فلا يقل غرابه عن سابقيه حيث يقوم المبشع بالتفكير في المتهم، ثم ينام ليظهر له الجاني في الحلم !، وعندما يصحوا يحكم عليه. وعلى أساس نتائج البشعة واختبارات المبشع يتوقف الحكم على المتهم، وإذا برئ المتهم طالب برد شرف كبير قد يصل إلي مائة جنيه، بينما كان المبشع يتقاضى خمسة جنيهات. ولا يوجد في سيناء وفلسطين سوي مبشع واحد للمنطقتين، وهو من قبيلة العيايدة،ومقره بمحافظة الاسماعلية ويتوارث هذه المهنة عن أجداده، وهي مأخوذة عن عامر بن عياد
المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: مجلس قبيلة العيايدةfaum hgudh]d ,hgrqhx hguvtd
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما ذكرت تماما هو المتبع عندنا البدو في الاردن
والسلام
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)