( النازلة الثالثة )


تحرير العرب خارج الجزيرة منسلطان الفرس والروم


أطمئن أبو بكر ومن معه منأصحاب النبي e إلي أن العرب الذين ارتدوا قدعادوا إلي حظيرة الإسلام كما كانوا سواء طائعين أم مجبرين . ثم تطلع الصديق بعدذلك إلي تحرير العرب المتفرقين خارج الجزيرة والتابعين لملك الفرس والتابعين أيضالملك الروم وكان المسلمون يرون في ذلك تأمينا لحدود الجزيرة العربية من ناحيةوتحريرا للعرب الخاضعين للفرس والروم من حكم الأجنبي من جهة أخرى . ولم يكن الصديقوأصحابه بدعا في ذلك فقد سبقهم الرسول e في الاهتمام بحدود الجزيرة وقد ركز صلوات الله عليه علي ما يليالروم حين أرسل جيشا إلي مؤتة ، وحين أعد جيش أسامه وأمر بإنفاذه ولكنه أجل لمرضه e ولوفاته .


كان أبو بكر والمسلمون معه يدركونأهمية تحرير العرب في الحيرة والغساسنة من ربقة الفرس والروم ولم لا يفعل ذلك وقدأسلم العرب جميعا داخل الجزيرة ولم يبق إلا هؤلاء العرب المتفرقون خارج الجزيرةالعربية . وقد يظهر أمامنا ونحن بعد دراسة تلك القضية تساؤل مهم وخطير لابد أننبرزه أمام القارئ المسلم الكريم فنقول إذا أراد الصديق أن يبدأ القتال ليرد العربمن حوزة الفرس والروم فبأي ميدان يبدأ ؟ أيبدأ بتحرير العرب في ميدان الفرس ؟ أميبدأ بتحرير العرب في ميدان الروم ؟ المتبادر إلي الذهن عند الإجابة عن هذاالتساؤل ؛ أن يبدأ الصديق بتحرير العرب في ميدان الروم وذلك لسببين : أ)ليتم ما بدأه الرسول في هذا المجال فالرسول بدأ بمحاربة الروم ولم يبدأ بمحاربةالفرس . ب) كما انه لابد أن يقتدي بالنبي e لانه متبع وليس بمبتدع .

(1)


لماذا الفرس قبل الروم



ولكن الصديق رحمه الله قدبدأ بميدان الفرس قبل الروم ويبدو أنه قد أضطر لذلك أضطرارا . وترجع أسباب حروبالمسلمين في العراق قبل الشام إلي رجل من المسلمين يسمي المثني بن حارثة الشيبانيوهو من بني بكر بن وائل ومن بني شيبان حيث أمًّر نفسه علي جيش صغير من أتباعه وقامبمحاربة المرتدين من العرب علي ساحل الخليج العربي وقد نجح في ذلك نجاحات كثيرةحتى أشرف علي العراق وظن أنه من السهولة بمكان تحرير العرب في العراق من سلطانالفرس ! ولكنه قبل كل شيء يحتاج إلي أمر من الخليفة يباركه في تلك المحاولةويوافقه عليها فذهب إلي أبي بكر في المدينة وحدثه بهذا الأمر وزينه له وطلب منه أنيأذن له بدخول العراق ومحاربة الفرس لتحرير العرب سكان الحيرة من أيديهم وقد هًّونعليه ذلك الأمر حيث أخبره بان العرب من قومه بني بكر منتشرون في العراق وسوفيستجيبون له ويعينونه إذا أحتاج الأمر لمعونته .


وقد أستشار أبو بكر أصحابهثم وافق للمثني علي مشروعه ذلك ، وأقبل المثني وأتباعه لاقتحام العراق ولكنه فجيءبالفرس يتمسكون بالعراق يدافعون عنها ولن يفرطوا فيها .


وقد عرف الخليفة ما أصابالمثني والمسلمين معه وصمم علي أن ينصره ويمده بالقوة اللازمة فأختار خالد بنالوليد بعدما فرغ من أمر اليمامة وأمره بالتوجه إلي العراق وأن يكون هو الأميروالمثني تابعا له ولما كان خالد قد وزع جنوده للراحة بعد اليمامة ولم يبق معه إلاعدد يسير لم يتجاوز الألفين فأمده أبو بكر بالقعقاع بن عمرو وأشترط علي خالد ألايقبل في جيشه من سبق أن ارتد عن الإسلام أو منهزما من أهل الردة وألا يكره الناسعلي الانضمام إليه .


كما أرسل أبو بكر في الوقتذاته جيشا كان مكتملا بقيادة عياض بن غنم ودفع به إلي دومة الجندل ليقضي علي منأرتد هناك وبعدما ينتهي يتقدم بجيشه إلي العراق ليقاتل بجانب خالد وجعل الصديقالقيادة العامة لمن يصل إلي الحيرة أولا ، فكان خالد هو السباق فأصبح القائد العاموكان عياض تابعا له وقائد من قواده ومع هذه السرعة التي تقدم بها خالد فقد وصل إليالحيرة وقاتل الفرس وقهرهم واستخلص العراق من أيديهم وكان عياض مازال مقيما عليدومة الجندل لم يكن قد فرغ من القضاء علي المرتدين حتي أعانه خالد وهكذا تم فتحالعراق العربي علي أيدي خالد بن الوليد القائد الملهم وقهر جموع الفرس المدافعينعنه .

* * * *







jpvdv hguvf ohv[ hg[.dvm lk sg'hk hgtvs ,hgv,l