فقال حسّان بن ثابت يهجو المغيرة ويذكر هذه القصّة:
لَو أنَّ اللُّؤمَ يُنْسَبُ كانَ عَبْداً
قبيح الوجه أعورَ من ثَقيف
تركت الدين والا سلام لمّا
بَدَت لك غُدْوَة ذاتُ النَّصيف(ذات النصيف: ذات الخمار.)
وراجعت الصّبا وذَكَرت لَهواً
مع القينات في العمر اللطيف
انتهت رواية الاغاني وابن أبي الحديد.
وروى البلاذري في ص 343 من فتوح البلدان: أن الخليفة عمر بن الخطّاب لمّا أراد أن يُوَلّيه الكوفة ـ بعد هذه الواقعة ـ قال له: إن وَلَّيْتُكَ الكوفة أتعودُ إلى شيء ممّا قُرِفْتَ به؟ قال: لا.
وممّن أشار إلى زنا المغيرة؛ الحموي في 1 / 642 من معجم البلدان، والمستدرك 3 / 449، والوفيات 2 / 455 و 5 / 406، وابن كثير 7 / 281.
مناقشة السند:
في سند الحديث محمّد وطلحة والمهلَّب. وسبق الحديث عنهم في فصل استلحاق زياد. وورد ذكر عمرو، فمن هو عمرو هذا؟ هل هو عمرو بن زيان أو الرَّيان الذي يروي عنه سيف في الطبري ستة أحاديث، قال بترجمته في ميزان الاعتدال: (شيخ لسيف، لا شيء) أم تخيّله سيف غير هذا؟ لا ندري!
نتيجة المقارنة:
زعم سيف أن أبا بكرة وأخويه وشِبلاً كانوا جالسين في مشربة مقابل دار المغيرة وعندما هبّت الريح وانفتح باب الكُوَّتين أبصروا المغيرة ينكح امرأة وهو في داره، وأن اُمّ جميل كانت غاشية تغشى المغيرة، وأنهم رأوا أعجازاً ولم يروا الوجه، وأنهم صمَّموا حين قاموا، وأن المغيرة طلب من عمر أن يسألهم كيف رأوه؟ مستقبلاً أم مستدبراً؟ وكيف استحلّوا النظر إلى داره وهو ينكح زوجته التي كانت تُشبِهُ اُمَّ جميل؟ ثم يذكر اختلاف الشهود في كيفية رؤيتهم لهما وأن عمر قال للمغيرة:
لو تمَّت الشهادة لرجمتك. بينما صرَّح الرواة بأن المغيرة كان يختلف سرّاً إلى أُمّ جميل ولم تكن هي التي تأتيه إلى داره وأنهم رأوا المغيرة في دار اُم جميل ينكحها ولم يذكر أحد أنها كانت غاشية له، ولا ذكر أحد سؤال المغيرة من الشهود واختلافهم في جوابه، إلى غير ذلك مما أوردنا تفصيله. غير أن (سيفاً) لمّا أراد الدفاع عن المغيرة الامير اختلق كل ذلك، وأخرجه الطبري في تاريخه، ورواه رواته فشاع وذاع!!!.
موافقات
1-" بعض ما روي من قصة زنا المغيرة بن شعبة الثقفي " "منهم" الطبري في تاريخه الكبير "ج 4 ص 207" في حوادث سنة "17" قال بعد نقله زنا المغيرة ما هذا نصه: و ارتحل المغيرة و أبو بكرة، و نافع بن كلدة، و زياد، و شبل بن معبد البجلي، حتى قدموا على عمر، فجمع بينهم، و بين المغيرة فقال المغيرة: سل هؤلاء الاعبد كيف رأوني مستقبلهم، أو مستدبرهم، و كيف رأوا المرأة أو عرفوها فان كانوا مستقبلي فكيف لم استتر، أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر الي في منزلي على إمرأتي، و الله ما أتيت الا إمرأتي، و كانت شبهها فبدأ بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل و هو يدخله و يخرجه كالميل في المكحلة، قال: كيف رأيتها؟ قال مستدبرهما، قال فكيف استثبت رأسها؟ قال: تحاملت، ثم دعا بشبل بن مبعد فشهد بمثل ذلك فقا استدبرتهما أو استقبلتهما؟ قال: استقبلتهما، و شهد نافع بمثل شهادة ابي بكرة، و لم يشهد زياد بمثل شهادتهم، قال: رأيته جالسا بين رجلي إمرأة فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان، و أستين مكشوفتين، و سمعت خفزانا شديدا، قال: هل رأيت كالميل في المكحلة قال: لا، قال: فهل تعرف المرأة؟ قال: لا و لكن أشبهها، قال فتنح، و أمر بالثلاثة فجلدوا الحد ثم قرأ الآية المباركة، فقال المغيرة اشفني من الاعبد، فقال أسكت أسكت الله نأمتك الخ.
2- و إليك ما ذكره في الكامل "ج 2 ص 209" قال "في قضية المغيرة": كان بين المغيرة بن شعبة و بين ابي بكرة مجاورة و كانا في مشربتين في كل واحدة منهما كوة مقابلة للاخرى، فاجتمع إلى أبي بكرة نفر يتحدثون في مشربته فهبت ريح فتحت باب الكوة فقام أبو بكرة ليسده فبصر بالمغيرة و قد فتحت الريح باب كوة مشربته و هو بين رجلي إمرأة، فقال للنفر: قوموا فانظروا فقاموا فنظروا، و هم أبو بكرة و نافع بن كلدة و زياد ابن أبيه و هو أخو أبي بكرة لامه، و شبل بن معبد البجلي، فقال لهم اشهدوا قالوا: و من هذه؟ قال: أم جميل بن الا فقم، كانت من بني عامر بن صعصعة، و كانت تغشى المغيرة و الامراء، و كان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها، فلما قامت عرفوها، فلما خرج المغيرة إلى الصلاة منعه أبو بكرة، و كتب إلى عمر "قصته" فبعث عمر أبا موسى أميرا على البصرة.
3- فعليك بالتأمل في كلام أبي الفداء في تاريخه "ج 1 ص 171" قال: و في سنة سبع عشرة من الهجرة اختطت الكوفة، و تحول سعد إليها و اعتمر عمر و اقام بمكة عشرين ليلة، و وسع المسجد الحرام، و هدم منازل قوم أبوا أن يبيعوها، و جعل أثمانها في بيت المال، و في هذه السنة كانت واقعة المغيرة بن شعبة، و هي أن المغيرة كان عمر قد ولاه البصرة، و كان في قبالة العلية التي فيها المغيرة بن شعبة علية فيها أربعة و هو أبو بكرة مولى الني صلى الله عليه "و آله" و سلم، و أخوه لامه زياد ابن أبيه، و نافع ابن كلدة، و شبل بن معبد، فرفعت الريح الكوة عن العلية فنظروا إلى المغيرة و هو على أم جميل بنت الارقم بن عامر بن صعصعة، و كانت تغشى المغيرة فكتبوا إلى عمر بذلك فعزل المغيرة و استقدمه مع الشهود و ولى البصرة أبا موسى الاشعري فلما قدم إلى عمر شهد أبو بكرة و نافع و شبل على المغيرة بالزنا "و كانت شهاداتهم موافقة" و أما زياد ابن أبيه فلم يفصح شهادة الزنا، و كان عمر قد قال قبل ان يشهد أرى رجلا ارجو أن لا يفضح الله به رجلا من أصحاب رسول الله، فقال زياد: رأيته جالسا بين رجلي إمرأة و رأيت رجلين مرفوعتين كاذني حمار و نفسا يعلوا و استا تنبو عن ذكر و لا أعرف ما وراء ذلك، فقال عمر: هل رأيت المبل في المكحلة؟ قال: لا، فقال: هل تعرف المرة؟ قال: لا و لكن أشبهها فامر عمر بالثلاثة الذين شهدوا بالزنا أن يحدوا حد القذف فجلدوا و كان زياد أخا ابي بكرة لامه فلم يكلمه أبو بكرة بعدها.
4- و قد خرج القضيه ابن كثير في البداية و النهاية "ج 7 ص 81 ص 82" مفصلا و هذا نصه: قال: و في هذه السنة "أي سنة سبع عشرة" ولي عمر أبا موسى الاشعري البصرة و أمر أن يشخص اليه المغيرة بن شعبة في ربيع الاول فشهد عليه فما حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب، أبو بكرة و شبل بن معبد البجلي، و نافع بن عبيد، و زياد، ثم ذكر الواقدي وسيف هذه القصة، و ملخصها: إن إمرأة كان يقال لها ام جميل بنت الا فقم من نساء بني عامر بن صعصعة، و يقال من نساء بني هلال و كان زوجها من ثقيف قد توفي عنها، و كانت تغشى نساء الامراء و الاشراف، و كانت تدخل على بيت المغيرة بن شعبة و هو أمير البصرة، و كانت دار المغيرة تجاه دار أبي بكرة و كان بينهما الطريق، و في دار ابي بكرة كوة تشرف على كوة دار المغيرة، فبينما أبو بكرة في داره و عنده جماعة يتحدثون في العلية إذ فتحت الريح باب الكوة فقام أبو بكرة لغلقها، فإذا كوة المغيرة مفتوحة و إذا هو على صدر إمرأة و بين رجليها و هو يجامعها، فقال أبو بكرة لاصحابه: تعالوا فانظروا إلى أميركم يزني بام جميل، فقاموا فنظروا اليه و هو يجامع تلك المرأة، فقالوا لابي بكرة و من أين فلت إنها ام جميل و كان رأسها من الجانب الآخر؟ فقال: انتظروا فلما فرغا قامت المرأة فقال أبو بكرة: هذه أم جميل فعرفوها فيما يظنون، فلما خرج المغيرة و قد اغتسل ليصلي بالناس منعه أبو بكرة أن يتقدم، و كتبوا إلى عمر في ذلك، فولى عمر أبا موسى الاشعري أميرا على البصرة و عزل المغيرة فسار إلى البصرة فنزل البرد، فقال المغيرة: و الله ما جاء أبو موسى تاجرا و لا زائرا و لا جاء إلا اميرا.
5- أسد الغبة "ج 5 ص 151" قال: و كان أبو بكرة من فضلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه "و آله" و سلم و هو الذي شهد على المغيرة بن شعبة و جلده عمر حد القذف و أبطل شهادته، و كذلك شبل بن معبد البجلي، و كان من الصحابة و هو اخو ابي بكرة لامه و هم أربعة اخوة لام واحدة اسمها سمية و هم الذبن شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا.
قال ابن الاثير في أسد الغابة "ج 2 ص 385" روى أبو عثمان النهدي قال: شهد أبو بكرة و نافع يعني ابن علقمة و شبل بن معبد على المغبرة أنهم نظروا إليه كما ينظر إلى المرود في المكحلة فجاء زياد فقال عمر: جاء رجل لا يشهد إلا بحق فقال: رأيت مجلسا قبيحا و نهزا فجلدهم عمر.
6- خرج علي المتقي الحنفي رواية أبي عثمان في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش "ج 2 ص 413" من مسند احمد بن حنبل و خرج قبله القصة من البيهقي بسنده عن بسامة بن زهير، قال: لما كان من شأن أبي بكزة و المغيرة الذي كان و دعا الشهود فشهد أبو بكرة و شهد "شبل" بن معبد، و نافع بن عبد الحرث، فشق على عمر حين شهد هؤلاء الثلاثة، فلما قام زياد "للشهادة" قال عمر: إني أرى غلاما كيسا لن يشهد إن شاء الله إلا بحق، قال زياد: أما الزنا قلا أشهد به، و لكن قد رأيت أمرا قبيحا، قال عمر: الله اكبر حد و هم فجلدوهم، فقال أبو بكرة "ثانيا": أشهد أنه زان، فهم عمر أن يعيد عليه الحد، فنهاه علي "عليه السلام" و قال: إن جلدته فارجم صاحبك فتركه و لم يجلده "هق".
"قال المؤلف": تأمل دقيقا حتى تعرف الحقيقة و تعرف سبب ترك زياد الشهادة و هو كان يعرف ذلك كما يعلم ذلك من حديث ابن كثير و أبي الفداء المتقدمين و غيرهما، فسبب زياد ان الصحابة الفضلاء على قول ابن الاثير حدوا حد القذف، و هذه القضيه من الموارد التي راجع فيها عمر بن الخطاب في حكمه إلى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام.
7- " بعض علماء أهل السنة الذين ذكروا زنا المغيرة ابن شعبة بالترديد و التحقيق و اعتراض السيد المرتضى و جواب قاضي القضاة " "قال المؤلف" ذكر القصة جمع كثير من علماء أهل السنة و الامامية عليهم الرحمة و قد ذكرنا القصة برواية علي المتقي الحنفي، و ابن الاثير الشافعي و ابن كثير الشافعي، و أبي الفداء، و ابن الاثير الجزري الشافعي في تاريخ الكامل، و ابن جرير الطبري في تأريخه الكبير، و الفاظ الجميع فيها اختلاف و فيها ما ليس في غيرها و الكل لم يذكروا القصة بكاملها بل زادوا و تقصوا و حرفوا و غيروا، و لكل منهم نظرة خاصة، و نظرة مشتركة، و باعمال ذلك سبب غموض القصة، و عدم معرفة القصة بوضوح و لم يذكر القصة بالتفصيل ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة و غير السيد الحجة "في الحجة على الذاهب" فعليه نكتفي بما ذكرناه من المختصرين للقصة، و نذكر إن شاء الله بعض ما ذكره ابن ابي الحديد ثم نذكر بعض ما ذكره السيد في "الحجة على الذاهب".
أغلب المؤرخين و المحدثين ذكروا القصة بعنوان الوقايع في سنة "17" و قد خرج ابن ابي الحديد الشافعي المتوفى سنة 655 القصة في "ج 12 ص 237 ط 2" تحت عنوان خاص و هو "مطاعن الخليفة الثاني"، و قال: "الطعن السادس" أنه "أي عمر بن الخطاب" عطل حد الله في المغيرة بن شعبة لما شهد "شهدوا" عليه بالزنا.
مواقع النشر (المفضلة)