أضاليل اليهودفى الحديث الشريف





بقلم: د محمد زغروت رحمه الله , والد مؤسس الموقع


أولا: السنة النبوية فى عيون الغرب


تعرضت السنة النبوية المشرفة فى القديم لهجمات بعض الفرقالإسلامية الخارجة على سنن الحق لإثبات حجيتها وإثبات مشروعيتها مما أدى إلى تحريفهاعلى أيدى الشيعة والخوارج والمعتزلة وكذلك تعرضت إلى نفر من أبناء المسلمين ينكرونحجيتها فى القديم والحديث ، كما تواجه السنة فى عصرنا الحاضر هجمات بعض المستشرقينالمتعصبين من اليهود ودعاة التبشير والاستعمار بهدف الفتنة وزلزلة هذا الركن الركينمن التشريع الإسلامى ، ومما يؤسف له أنه قد تابعهم فى هذا المجال نفر من أبناء أمتنامغررين بأقوال هؤلاء المستشرقين وقد وجدت جمعيات المستشرقين التى تتألف من رجال الدينالمسيحى أو اليهودى فى مجال السنة النبوية زادا كبيرا للطعن فى الإسلام ولغزو المسلمينغزوا فكريا قائما على تحريف مبادئ الإسلام وتشويه جماله فقاموا بعدة دراسات وأخذواينشرونها فى المحيط الإسلامى وقد اتسمت أبحاثهم بسمات الحقد والكراهية والبعد عن المنهجالعلمى الصحيح مما ينبغى الإحاطة بها جيدا ومن أمثلة ذلك:


1-سوء الظن والفهم لكل ما يتصل بالإسلام فى أهدافه ومقاصدهكما شمل سوء الظن رجال المسلمين وعظمائهم إذ تناولوهم بالتشويه والتقليل من شأنهم.


2-تصوير الحضارة الإسلامية تصويرا دون واقعها محاولين التهوينمن شأنها واحتقار آثارها بإظهار النعرات الطائفية من فرعونية وبابلية وآشورية وفينيقيةوذلك بهدف إبعاد الأنظار عن الحضارة الإسلامية .


3-الجهل بطبيعة المجتمع الإسلامى على حقيقته والحكم عليهمن خلال نظرتهم الحاقدة للإسلام ومن هنا فهم يحكمون بمعيار لا يناسب طبيعة المجتمعالمسلم ولا أصوله ولا عاداته ولا تقاليده .


4-إخضاع النصوص للفكرة التى يفرضونها وفق أهوائهم وإلواءالنص بطريقة تتناسب مع ميولهم وأهوائهم .


5- تحريفهم للنصوص والإساءة فى فهم العبارات حينما يجدونمجالا للتحريف .


6-تحكمهم فى المصادر التى ينقلون عنها إذ أن أغلب المخطوطاتالمهمة تقع تحت أيديهم فى مكتبات ودور الكتب الأوروبية الكبرى .


بهذه الروح المتعصبة تناول المستشرقون اليهود ومن سار علىدربهم السنة المشرفة تناولا خبيثا مغررين بالمثقفين العرب حيث انخدع بهم البعض ووثقوافى مقدرتهم العلمية وإخلاصهم للحق -كما يدعون- فأخذوا يقلدونهم وينقلون آراءهم دونتمحيص أو تدقيق بل منهم من أخذ يفاخر بالنقل عنهم والأخذ من بحوثهم واعتناق أفكارهم.

التدليس فى الحديثالشريف وأسبابه



كان للخلاف بين على ومعاوية أثاره فى انقسام المسلمين إلىطوائف ، ومن هذه الطوائف من بالغ فى التعصب لما ذهب إليه وحاول أن يدعوه بالقرآن والسنةفإن لم يجد هذا صريحا أوّل القرآن على غير حقيقته أو حمل نصوص السنة ما لا تتحمله فإذاعز عليه ذلك نسب إلى رسول الله (ص) ما لم يقله كالذى وضعه الشيعة فى على رضى اللهعنه "من أراد أن ينظر إلى أدم فى علمه وإلى نوح فى تقواه وإلى إبراهيم فى حلمهوإلى موسى فى هيبته وإلى عيسى فى عبادته فلينظر إلى على" فقابلهم المتعصبون لمعاويةبقولهم "الأمناء ثلاثة: أنا وجبريل ومعاوية" .


وبهذا بدأ الوضع فى الحديث ثم أخذ الدس على السنة يزداد شيئافشيئا فهب العلماء لدرء هذا الشر وحماية حديث رسول الله منذ بداية عصر صغار الصحابة وكبار التابعين وعنوابالبحث فى إسناد الحديث وفحص أحوال الرواة قال مجاهد: "جاء بشير العدوى إلى ابنعباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله، قال رسول الله فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثهولا ينظر إليه "أى لا يستمع" فقال يا ابن عباس مالى لا أراك تسمع لحديثى؟أحدثك عن رسول الله ولا تسمع؟ فقال بن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قالرسول الله ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والزلول - أىسلك الناس كل مسلك مما يحمد ويذم لم نأخذ من الناس ، وعن محمد بن سيرين قال "لميكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سمو لنا رجالكم فينظر إلى حديث أهلالسنة فيأخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم فنشأ بهذا علم ميزان الرجالالجرح والتعديل وأصبح علم الحديث يشمل موضوعين رئيسيين: 1- علم الحديث رواية. 2- وعلم الحديثدراية.


وموضوع علم الحديث رواية هو "أقوال الرسول وأفعاله وتقريراتهوصفاته من حيث نقلها نقلا دقيقا" أما علم الحديث دراية فيراد بها مجموعة"القواعد والمسائل التى يعرف بها حال الراوى والمروى من حيث القبول والرد وموضوعه"السند والمتن" من حيث أحوال كل منهما .


البواعث التى أدت إلى التدليس والوضع فى الحديث


1- القصص والوعظفإن القصاصين يعنيهم أن يستميلوا قلوب العامة بما يرغب فى المعروف ويحذر من المنكرولا يبالون أن يضعوا فى ذلك أخبارا ينسبونها إلى رسول الله بقصد التكسب والارتزاق وتقربا للعامة بغرائب الروايات ومن ذلك "منقال لا إله إلا الله خلق الله من كل كلمة طيرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان ومن هؤلاءميسرة بن عبد ربه فقد سئل من أين جئت بهذه الأحاديث فقال وضعتها أرغب الناس .


2- الانتصار للمذهبولاسيما مذاهب الفرق السياسية بعد ظهور الفتنة وأكثرهم كذبا الرافضة فقد سئل عنه الإماممالك فقال لا تكلمهم ولا تروى عنهم فإنهم يكذبون ، ومن أمثلة تلك الأحاديث الموضوعة"أنا ميزان العلم وعلى كفتاه والحسن والحسين خيوطه وفاطمة علاقته والأئمة مناعمود توزن فيه أعمال المحبين لنا والمبغضين لنا" .


3- الزندقة فقدخضع أصحاب الزعامة والرئاسة والجاه لأهل البلاد المفتوحة لسلطان الإسلام ولكنهم ظلوايحملون فى صدورهم الحقد عليه ولا يستطيعون المجاهرة بعدائه فوضعوا أحاديث طابعها السخفوالسخرية ليفسدوا بها الدين مثل "خلق الله الملائكة من شعر ذراعيه وصدره"ومن الزنادقة عبد الكريم بن أبى العوجاء قتله محمد بن سليمان العباسى أمير البصرة وقالعبد الكريم عند قتله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث احرم فيها الحلال وأحلل الحرام.


4- التقرب إلىالحكام بما يوافق أهواءهم مثل قصة غياث بن إبراهيم النخعى مع أمير المؤمنين المهدىحين دخل عليه وهو يلعب بالحمام فساق بسنده على التوالى عن النبى أنه قال "لا سبقإلا فى نصل أو خف أو حافر أو جناح " فزاد كلمة "أو جناح" إرضاء للمهدىفمنحه المهدى عشرة آلاف درهم ثم قال بعد أن ولى: "أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسولالله (ص) .


وعلى الرغم من هذا الجو الملئ بالتدليس والتحريف حسبنا أننقول أن أمتنا الإسلامية هى الأمة الوحيدة بين أمم الأرض التى اهتمت بحديث نبيها اهتمامابالغا باذلة فى ذلك أقصى الجهد فى حفظ أسانيد الأحاديث ما لم تعنى به أمة من قبل لقدحفظوا القرآن ونقلوه متواترا آية أية وكلمة كلمة وحرفا حرفا ثبت ذلك فى صدورهم حفظاومشافهة وبالكتابة فى المصاحف وكانت لهم أوجه للقراءة بسبع لهجات أو طرق ، وحفظ المسلمونأيضا عن نبيهم كل أقواله وأفعاله وأحواله فهو المبلغ عن ربه وما ينطق عن الهوى والموضحلشريعته ؛ فقد جاءت كل أقواله وأفعاله موضحة للقرآن أو مفسرة له أو ذاكرة لشئ سكت عنه، وهو الرسول المعصوم والقدوة الحسنة يقول الله تعالى "وما ينطق عن الهوى إن هوإلا وحى يوحى"(1) وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب كل شئ يسمعهعن رسول الله فسأل الرسول أيكتب عنه فقال أكتب فوالذى نفسى بيده ما خرج منىإلا الحق" ، ومن هنا حرص المسلمون على سنة نبيهم واتسمت الرواية بالأمانة التامةوالحذر الشديد فى رواية الأحاديث عن النبى فجاء بعضها متواتر لفظا ومعنى أو معنى فقط وعُرف بعضها بالأحاديث الصحيحة وبعضهابالحديث الحسن .


ولما كانت السنة النبوية المطهرة هى المفتاح الحقيقى الوحيدلفهم القرآن الكريم بل هى مفتاح الحضارة الإسلامية منذ أن أرسى رسول الله أسس هذه الحضارة لأن العمل بالسنة النبوية المشرفةهو فى حقيقته محافظة على كيان الإسلام نفسه وإحياء لحضارته التى جاءت متنوعة شاملةلكل دروب الحياة أقول إن كانت للسنة النبوية هذه المكانة فقد حرص أعداء الإسلام منيهود ومستشرقين ومبشرين وغيرهم على تشويه مصدرى الإسلام الأساسيين القرآن الكريم والسنةالنبوية فى آن واحد وهما النوران اللذان تركهما الرسول لأمته حيث يقول: "تركت فيكم ما إن تمسكتم بهلن تضلوا من بعدى كتاب الله وسنتى" أخرجه الحاكم وصححه عن أبى هريرة .


وإذا كان محور البحث هنا حول تأثير اليهود فى السنة فإنناسوف نتناول موقف المستشرقين وخاصة اليهود وشبههم التى أثاروها حول سنة النبى والتى تأثر بها كثير من الكتاب المسلمين ، وسوفنقصر الحديث هنا على مستشرقين اثنين خطيرين كان لهما خطرهما الشديد فى مجال الدراساتالإسلامية وهما "ماكدونالد" ذلك المستشرق الأمريكى والمستشرق اليهودى"جولد تسيهر" اللذان لا تزال كتبهما وبحوثهما مراجع خصبة للمستشرقين فى هذاالعصر وهما اللذان طعنا فى السنة طعنا شديدا لولا أن قيض الله للسنة من أبنائها المخلصينمن دافعوا عنها وصححوا التحريف الذى بثه هذان المستشرقان الخطران فى كتب السنة .





أولا: ماكدونالد ومحاولة تشويه الحديث الشريف


ومما يؤسف له حقا أنه هناك ظاهرة خطيرة وقع فيها الكثير من أبناء أمتنا العربية ألا وهى ظاهرة دوائر المعارفالعالمية وقد اعتبروها مراجع هامة بعدما ترجمت إلى العربية ، وهى مجحفة للسنة النبويةإجحافا شديدا ، وسوف نؤكد ذلك ببعض الأمثلة التى وردت فى دائرة المعارف الإسلامية وفيهاتطاول على السنة النبوية المشرفة حفظها الله . ومن هذه الأمثلة:


1- يقول ماكدونالدالمستشرق الأمريكى والذى يعد من أكبر المتعصبين ضد الإسلام والمسلمين ومن محررى دائرةالمعارف الإسلامية: "يجدر بنا الآن أن نتكلم عن الآراء التى أسندها الحديث إلىمحمد على أننا إذا حاولنا أن نجد فى الحديث ما نستطيع أن نقطع بصحة نسبه إليه من الوجهةالتاريخية فإن عملنا هذا يكون لا غناء فيه على الإطلاق فمن الواضح أن هناك أحاديث كثيرةلا يمكن أن تكون قد صدرت عنه كما أننا لن نستطيع أن نعرف أبدا الأحاديث التى صدرت عنهحقا"(2) والعجيب أن هذا الرجل يستشهد بالمستشرق اليهودى جولد زيهر ويستشهد بكلامه فى تشكيكه أن تلك الأحاديث قد صدرت عن الرسول(ص) انظر إلى هذاالخلط العجيب وهذا التشكيك المريب الذى أتى به على لسان جولد زيهر الذى بين لنا"أن الأحاديث ليست فى الواقع إلا سجلا للجدل الدينى فى القرون الأولى ومن ثم كانتقيمتها التاريخية ، لكن هذا السجل مضطرب ، كثير الأغلاط التاريخية وفيه معلومات مضللةلم تؤخذ من مصادرها الأولى حتى أنه أصبح لا يصلح إلا لتكملة المصادر الأولى الأخرىوتوضيحها لهذا ينبغى أن نوجز الكلام فى الأحاديث باعتبار أنها تعبر عن آراء محمد أوآراء المسلمين فى صدر الإسلام ولا يقتصر الأمر على هذا فإن الأحاديث التى نجد فيهامشابهة لما ورد فى القرآن مشكوك فيها كذلك"(3) إن هذا المستشرق يدعىأن هناك أحاديث كثيرة لا يمكن أن تكون قد صدرت عن النبى ومحاولة إثبات شئ من الحديث الصحيح إلى النبى أمرلا يمكن القطع به ولا بصحته وإذا أردنا أن نبحث عن ذلك فسوف تكون محاولات فاشلة .


2- يقول ماكدونالدأيضا "من الواضح أننا نلمح هنا أثر الجدل الذى ثار بين الفرق فى وقت متأخر ويبدولنا هذا الأثر أشد وضوحا فى القول لأن الأمة الناجية ستكون ممن يقطنون الشام ولا شكفى أن المقصود بهذا بنو أمية..." ثم يختم ماكدونالد كلامه عن الأحاديث النبويةبقوله "ونستخلص مما تقدم أنه لا شك فى أن الأحاديث فى ذاتها لا تعتبر أساسا يمكنناأن نبنى عليه الحقائق التاريخية(4) فإن هذا المستشرق يدعى أن الفرق الإسلاميةبعدما انشقت عن الإسلام واختلفت فى الآراء والمفاهيم أخذت كل منها تضع لنفسها الأحاديثالتى تؤيد بها رأيها ومعتقدها .


3- ثم يدعى ماكدونالدأن الحديث النبوى ملئ بالأساطير والتعقيد والخرافات وكذلك فيه زيادات أدت إلى التناقضالشديد وخاصة فى صفات الله انظر إليه وهو يقول فى دائرة المعارف الإسلامية عن الحديثالنبوى "ثم دخل على الحديث فيما بعد زيادات وتغييرات ، وأول هذه الزيادات ما كانخاصا بالأساطير ثم جعلت الأحاديث صفات الله أكثر وضوحا وكثر الكلام فى صلته بالملائكةوالجن وقد اتسع الكلام فى الاعتقاد بالجن وأصبح فعل الله معقدا نجد هذا كثيرا فى صحيحالبخارى وبخاصة فى كتاب التوحيد وبدأ الخلق ونجد فيه كذلك الكلام عن وجه الله وعن عرشهوعن خلق السماوات والأرض ، وجاء فيه أيضا أن الله يتنزل من السماء الدنيا فيقول منيدعونى فأستجيب له ، من يستغفرنى فأغفر له ، وتجد كذلك قصة آخر من يدخل الجنة من أهلالنار وكيف يضحك الله منه وفى الآخرة يمسك الله الأرض على إصبع والسماوات على إصبعثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض. وورد الكلام عن عينيه فى القرآن تارة بالمفرد فىسورة الفرقان الآية 40 وتارة بالجمع . كما ورد فى الحديث أنه ليس كالمسيح الدجال وقداتسم الحديث بالزيادات التى أدت إلى التناقض الشديد فى صفات الله ولهذا نجد ذلك يكثروروده "إن رحمتى تغلب غضبى أو تسبقه" وتجد أيضا ذلك الحديث المخيف"هؤلاء للجنة ولا أبالى وهؤلاء للنار ولا أبالى" وقد ورد ذلك فى إحياء علومالدين للغزالى 7/ 308 ، ثم يتابع حديثه قائلاإن الأحاديث التى تتكلم عن مسائل الغفران بالذات يبدوا فيها التناقض واضحا جليا فمنناحية نجد أن النطق بالشهادتين وقليلا من العمل الصالح يكفل للعبد الغفران ، ونجد منناحية أخرى أن تسعة وتسعين وتسعمائة وألف سيذهبون إلى النار ثم ينهى حديثه فى هذا الصددمازحا بقوله : إن قول "أن التسعة وتسعين وتسعمائة سيكونون من يأجوج ومأجوج"كما ورد فى البخارى ج3 ص143 ثم يختم ماكدونالد كلامه عن الأحاديث النبوية بقوله نستخلصمما تقدم أنه لا شك فى أن الأحاديث فى ذاتها لا تعتبر أساسا يمكننا أن نبنى عليه الحقائقالتاريخية"(5)





ثانيا: جولد زيهر اليهودى ومحاولة تشويه الحديثالشريف

تفنيد أضاليل زيهروالرد عليها



لقد كثرت الاحاديث الموضوعة عن النبى او عن الصحابه رضوان الله عليهم وخاصة العصر الأموي فقد كان ملئ بالاحداث والفتوحات وقد كثرتالفرق وانشق الكثير منها عن الاسلام فى ذلك العصر وسوف نكتفى هنا بأربعة مزاعم نفندها للقارئالكريم


الزعم الأول:


هو ظهور علم الحديث نتيجة تطور الدولة السياسى والاجتماعىفى القرن الأول والثانى: يقول الدكتور مصطفى السباعى رحمه الله أن "جولد تسيهر"يرى أن القسم الأكبر من الحديث ما هو إلا نتيجةللتطور الدينى والسياسى والاجتماعى للإسلام فى القرنين الأول والثانى "وهذه دعوةباطلة لأن الرسول لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا وقد وضع الأسس الكاملة لبنيان الإسلامكما هو واضح فى القرآن الكريم وفى سنته المشرفة إذ يقول الرسول: "تركت فيكم أمرينلن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتى" وكان آخر ما نزل من القرآن الكريم علىالرسول الكريم(ص) "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكمالإسلام دينا" سورة المائدة آية 3 فما توفى رسول الله إلا وقد كان الإسلام ناضجاتاما لا كما يدعى هذا المستشرق اليهودى إذا لم يكن هكذا لما استطاع عمر بن الخطاب أنيسيطر ويسوس مملكتى كسرى وقيصر وهما من الممالك ذات الحضارات العريقة فلو كان الإسلامطفلا لم ينضج - كما يدعى - لما نهض الفاروق عمر بهذا العبء ولما نعمت البلاد بالأمنوالسعادة وإذا كان المسلمون فى البلاد المفتوحة فد واجهوا من المشاكل ما لها سند فىالقرآن والسنة إلا أنهم اعتمدوا على الاجتهاد والقياس ما قارب بين المسلمون فى بقاعالأرض فى عبادتهم وتعاملهم بأحكام واحدة وهذا يدل على صدق الإسلام وحيويته وبقاءه حياإلى أن تقوم الساعة.








الزعم الثانى: (الأمويون ساعدواعلى وضع الحديث لتثبيت ملكهم)


وهو ما أثاره حول موقف الأمويين من الدين وتثبيت ملكهم الدنيوىوتدعيم سياستهم حيث أتهمهم بوضع الأحاديث التى تدعم سياستهم ضد العلويين وقد اتهم الإمامالزهرى فى وضع أحاديث تساند ملكهم .


ومما لا شك فيه أن هذا المستشرق أقام نظريته على الخلاف الذىزعم أنه كان قائما بين الأمويين من جهة والعلماء الأتقياء من جهة أخرى ، وقد صور لناالأمويين على أنهم جماعة دنيوية ليس لهم هم إلا الفتح والاستعمار ، وأنهم كانوا فىحياتهم العادية جاهلين لا يمتون إلى تعاليم الدين الإسلامى وآدابه بصلة وهذه بلا شكدعوى باطلة فالتاريخ يذكر بكثير من الإعجاب فتوحات الأمويين حتى إن رقعة الإسلام بالعصرالعباسى لم تزد كثيرا عما كانت عليه فى العصر الأموى والفضل فى ذلك يرجع للأمويين حيثكان أبناء خلفائهم على رأس الجيوش الفاتحة الغازية فى سبيل إعلاء كلمة الله ونشر شريعتهفهل كان هؤلاء دنيويون؟ وهل كانوا لا يفهمون الإسلام وهم يتفانون فى سبيله ؟ ومما يدللعلى كذب هذا المستشرق تلك النصوص التى تثبت تقوى الأمويين وعدم انحرافهم عن الإسلامويروى بن سعد فى طبقاته عن نسك "عبد الملك" وتقواه قبل الخلافة ما جعل الناسيلقبونه "بحمامة المسجد" ، وقد سئل بن عمر أرأيت إذ تفانى أصحاب رسول اللهمن نسأل فأجابهم سلوا هذا الفتى وأشار إلى عبد الملك وقد قال عبد الملك للزهرى يرشدهإلى تتبع السنن والآثار إذ كان يومئذ شابا فقال له: "أئتى الأنصار فإنك تجد عندهمعلما كثيرا" كما كان الوليد بن عبد الملك متدينا حقا فقد أنشأت فى عصره أكثر المساجدالمعروفة اليوم وهكذا معظم خلفاء بنى أمية .


والسبب فى وقوع هذا المستشرق فى هذا القول بأن الأمويين كانوادنيويين هو التدوين فى العصر العباسى وكان عصرا مشبعا بالعداوة لبنى أمية ومن هنا كثرتالروايات والأخبار تهون من شأنهم ولعبت الشائعات التى أثارتها صنائع العباسيين عن الأموييندورا شديدا ومن هنا كثرت الشائعات التى تناقلها المؤرخون ولاكتها الألسن دون تحقيقبجانب صنائع العثمانيين - الموالين لعثمان بن عفان - وولاة الشيعة والروافض لذا فإنالروايات التى تتعلق بالأمويين فى حاجة إلى التدقيق والتمحيص .


أما ما ادعاه هذا المستشرق اليهودى من وضع فى الحديث بسبباشتداد العداوة بين الأمويين والعلماء الأتقياء فهو أمر لا أساس له من الصحة لأن العداءكان بين الأمويين وبين زعماء الخوارج والعلويين وليس بين هؤلاء العلماء الذين نهضوالجمع الحديث وتدوينه وروايته ونقله أمثال "سعيد بن المسيب" وأبى بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومى وسليمان بن يسار والإمام الزهرى وعطاء والشعبى وعلقمهوالحسن البصرى وغيرهم من علماء الحديث الأتقياء .


مما سبق يتضح تهافت هذا الزعم وبطلانه وإن كانت هناك خصومةبين الأمويين والعلماء فإنها بين الأمويين وزعماء الخوارج والعلويين ولا علاقة لهذهالخصومة بالعلماء الذين دأبوا على نشر السنة وحفظها .





الزعم الثالث: (علماء المدينةهم البادئون بالوضع فى الحديث)


يدعى هذا المستشرق اليهودى كما جاء فى كتابيه دراسات إسلامية، والعقيدة والشريعة فى الإسلام إن العداء كان بين الأمويين وعلماء المدينة وأن علماءالمدينة هم الذين بدءوا بحركة الوضع فى الحديث ليقاوموا بها الأمويين وهذا الادعاءكاذب وفيه من البهتان والافتراء ما يدل على ذلك فإن علماء المدينة لو كانوا فعلوا ذلكووضعوا أحاديث لعرفها علماء الأمصار الأخرى وقد كان هذا العصر زاخرا بالعلماء فى مكةودمشق والكوفة والبصرة ومصر وأمصار الإسلام الأخرى وفيها من الصحابة والتابعين والعلماءالكم الكثير فهل شارك علماء الإسلام إبان العصر الأموى علماء المدينة فى الوضع ؟ فلمنسمع فى التاريخ أن أحدا من العلماء أنكر على أهل المدينة أحاديثهم بل إن علماء الأمصارجميعا يعترفون بأن حديث الحجاز أصح حديث وأقواه ، ثم رأينا الخليفة عبد الملك يعترفلعلماء المدينة بصحة الحديث حين أشار على الزهرى أن يأتى إلى دور الأنصار فيتعلم منهم.


من هنا يتضح تهافت قول هذا المستشرق :"أن المدينة كانتدار ضرب الحديث وابتكاره ووضعه للناس" .


الزعم الرابع: (وضع الحديث ترغيباودفاعا عن الدين)


يدعى ذلك المستشرق أن علماء المسلمين أجازوا الكذب دفاعاعن الدين حيث يقول "جولد زيهر"ونظرا لأن ما وقع فى أيديهم - أى العلماء –من ذلك لم يكن ليسعفه فى تحقيق أغراضهم أخذوا يخترعون من عندهم أحاديث رأوها مرغوبافيها ولا تنافى الروح الإسلامية وبرروا ذلك لأنهم إنما يفعلون هذا فى سبيل محاربة الطغيانوالإلحاد والبعد عن سنن الدين لعل هذا القول من المستشرق اليهودى يثبت عدم إدراكه لطبيعةعلماء الحديث الذين ترفعوا عن الكذب فى حياتهم العادية فما بالك لو كذبوا على الرسولفهم يعدون الكذب على النبى جريمة لا تغتفر بل أنهم كفروا من يفعل ذلك وأوجبوا قتلهوعدم قبول توبته فإن هذا اليهودى الذى تعود الكذب ظن أن كل الناس كذابين مثله أما ادعائهبأن سعيد بن المسيب قد وضع الحديث فى المدينة فهى تهمة لا دليل لها من التاريخ فكيفله أن يدعى ذلك وهذا العالم الكبير الذى تعرض للضرب والإهانة والتنكيل حتى لا يبايعبيعتين فى وقت واحد فيخالف سنة الرسول فهل يستبيح لنفسه بعد ذلك أن يكذب ليدافع عنسنة رسول الله (6)








مراجع المبحث الثالث


1- النجم 3 ،4


2- دائرة المعارفالإسلامية طبعة 4 ص255 طبعة دار الشعب القاهرة


3- المصدر السابقونفس الصفحة


4- دائرة المعارفالإسلامية طبعة 4 ص256 ، 257


5- دائرة المعارفالإسلامية طبعة 4 ص256 ، 257


6-للاستزادة يرجعالى كتاب السنه ومكانتها فى التشريع الاسلامى مرجع سابق


7- انظر مباحثفى علوم الحديث مكتبة وهبه الطبعة الأولى 1987م ص20


8- ومن أراد الاستزادةفليرجع إلى كتابه السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى ص275 وما بعدها .




Hqhgdg hgdi,] tn hgp]de hgavdt