نسب مزينة عند البلاذري في انساب الاشراف:

نسب مزينة وهم ولد عمرو بن أد
وولد عمرو بن أد بن طابخة:

عثمان بن عمرو.
وأوس بن عمرو، وأمهما مزينة بنت كلب بن وبرة بها يعرفون.
فولد عثمان بن عمرو بن أد:

لاطم بن عثمان.
وعدار، وحياوه.
وأفرك، وأمهم ابنة قيس بن عيلان بن مضر.
فولد لاطم بن عثمان بن مزينة:

هذمة.
وسعد. وجرس.
فولد هذمة:

ثور بن هذمة.
وعمران بن هذمة.
فولد ثور بن هذمة بن لاطم:

ثعلبة بن ثور.
وعبد بن ثور.
وعامر بن ثور.
فولد ثعلبة بن ثور:

خلاوة.
وعبد الله. وشيبان.
فولد خلاوة بن ثعلبة:

مازن بن خلاوة.
وقرة بن خلاوة.
وخالفة بن خلاوة.
وولد مازن بن خلاوة: نضلة بن مازن. وصبح بن مازن.

والحارث بن مازن.
ونهيك بن مازن. وكلاب بن مازن. وقرة بن مازن،
وهم رهط

بلال بن الحارث المزني
الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم [1] .
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ بِنَاحِيَةِ الْفَرْعِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، ثنا أَبُو نُعَيْمِ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَهُ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ [2] .
وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ وَابْنُ سَهْمٍ الأَنْطَاكِيُّ قَالا: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ الأَنْطَاكِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي مَكِينٍ عَنْ أَبِي عِكْرِمَةَ مَوْلَى بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ: أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلالا أَرْضًا فِيهَا جَبَلٌ وَمَعْدَنٌ، فَبَاعَ بَنُو بِلالٍ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَرْضًا مِنْهَا فَظَهَرَ فِيهَا مَعْدَنٌ أَوْ قَالَ مَعْدِنَانِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا بِعْنَاكَ أَرْضَ حَرْثٍ وَلَمْ نَبِعْكَ الْمَعَادِنَ، وجاؤوا بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ فِي جَرِيدَةٍ فَقَبِلَهَا عُمَرُ وَمَسَحَ بِهَا عَيْنَيْهِ، وَقَالَ لِقَيِّمِهِ:
انْظُرْ مَا خَرَجَ مِنْهَا وَمَا أَنْفَقْتَ فَقَاصِهِمْ بِالنَّفَقَةِ، وَرُدَّ عَلَيْهِمُ الْفَضْلَ.
وحدثنا الحسين بن علي العجلي عن يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أقطع عمر بلالا العقيق ما بين أعلاه إلى أسفله [3] .
وكان بلال بن الحارث يكنى أبا عبد الرحمن مات سنة ستين وهو ابن
[1] بهامش الأصل: بلال بن الحارث المزني رحمه الله.
[2] الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام ص 387.
[3] انظر الخراج ليحيى بن آدم ص 93.
ثمانين، وكان يسكن جبليهم الأشعر والأجرد، ويأتي المدينة كثيرا، وكان ابنه حسان بن بلال بالبصرة.
وولد صبح بن مازن بن خلاوة: الحارث بن صبح. والحويرث بن صبح. وناشرة بن صبح، وأمهم سبيعة بها يعرفون.
فمن بني صبح: معقل بن سنان بن نبيشة بن سلمى بن سلامان بن النعمان بن صبح، أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم قطيعة.

ومن بني الحارث بن مازن بن خلاوة: زهير بن أبي سلمى [1] الشاعر،
واسم أبي سلمى ربيعة بن رباح بن قرط بن الحارث بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة. وابناه كعب بن زهير. وبجير بن زهير الشاعران، وكان خال ربيعة أبي زهير من بني مرة بن غطفان، وهو أسعد بن غدير بن سهم بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان. وكان أسعد خرج في بني مرة ليغير على طي ومعهم أبو سلمى فأصابوا نعما وأموالا، فرجعوا إلى أرضهم فقال ربيعة أبو سلمى لأسعد خاله ولابنه كعب بن أسعد افردا لي سهمي وادفعاه إلي فأبيا ذلك عليه ومنعاه حقه، فلما جن عليه الليل قال لأمه: واللات لتقومن إلى بعير من هذه الإبل فتقعدن عليه أو لأضربن بسيفي ما تحت قرطك، يريد عنقها. فالتزمت سنام بعير منها وركبته وخرج بها وبالإبل حتى انتهى إلى قومه وجعل يقول:
ويل لأجمال العجوز مني ... إذا دنوت ودنون مني
كأنني سمعمع [2] من جنّ
[1] بهامش الأصل: زهير بن أبي سلمى والدكعب.
[2] السمعمع: الصغير الرأس أو اللحية. القاموس.
وقال أيضا:
ولتخرجن إبل مجنبة ... من عند أسعد وابنه كعب
الآكلين صريح قومهما ... أكل الحباري برعم الرطب
ثم إن أبا زهير مكث حينا، ثم أقبل بمزينة ليغير على بني ذبيان فلما نظرت مزينة إلى أرض غطفان هابوهم فتطايروا وتركوه فقال:
من يشتري فرسا كخير غزوها ... وأبت عشيرة ربها أن تسهلا
يقول أبيع فرسي إذا أشرفت عشيرتي على القوم فلم ينزلوا إلى السهل وتطايروا، ثم أتى بني عبد الله بن غطفان فكان فيهم.
وقال عبد الله بن عباس قال لي عمر بن الخطاب: أنشدني شعرا لأشعر شعرائكم. قلت: ومن هو؟ قال: زهير. قلت: وبم كان كذاك؟ قال:
كَانَ لا يُعَاظِلُ بَيْنَ الْكَلامِ وَلا يَطْلُبُ حُوشِيَّهُ وَلا يَمْدَحُ الرَّجُلَ إِلا بِمَا يَكُونُ في الرجال.
وحدثني شيخ من مزينة أن أبا سلمى قال لزهير ابنه: يا بني إن المزاح سباب الرضا ويوشك أن يصير غضبا فلا تمزح فيستخف بك أو تكتسب عداوة صديقك، وعليك بأوساط الأمور فإن أطرافها متفاوتة.

وكان كعب بن زهير [1] رحمه الله
أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكساه بردا اشتراه معاوية رحمه الله منه بعشرين ألف درهم، وهو برد الخلفاء، ويقال إن أبا العباس أمير المؤمنين اشترى البرد من قوم من النصارى كان كساهم إياه، وجعله أمنة لهم.
وامتدح كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قبل ذلك بلغ كعبا أنه أبلغ
[1] بهامش الأصل: كعب بن زهير رحمه الله.
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ شيء فخافه فقال:
نبئت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول
[1] في قصيدته الطويلة.

وكان عقبة بن كعب شاعرا،
وكان يقال له المضرب لأنه شبب بامرأة من بني أسد فضربه أخوها عدة ضربات بالسيف فلم يمت منها، وأعطي الدية:
وحي ودي قد يعلم الناس أنه ... كريم وما ظني بحب الأباعر
فولد عقبة بن كعب بن زهير: العوام لأم ولد يقال لها عيناء، وشبيبا أمه عربية.

فأما العوام فكان شاعرا،
وكان يتحدث إلى امرأة بني عبس، ثم من بني ملاص يقال لها سوداء فجاء أخ لها يقال له حيان إليه فأوعده، فوثب العوام على حيان فضربه حتى سقط، وأخذه بنو ملاص فجاء أخوه شبيب فقال: أنا أكفل به لكم فقال: يا شبيب إنه الدم، فقال: أنا أذكى دما وأكرم نفسا، فكفلوه وخلوا عن العوام، ولم يكن حيان مات بعد، فلما مات انطلقوا بشبيب إلى أكمة يقال لها نضاد، وكان حيان لأم ولد فأنشأ شبيب يقول لابنته:
إني لأخشى يا علي عليكم ... حوادث هذا الدهر من كل جانب
أحلك بالثغر المخوف مكانه ... أبوك ولم يجمع أداة المحارب
وقال أيضا:
دعيني فقد أبليت صبرا وعفة ... فأسمح للموت الغداة قريني
[1] ديوان كعب بن زهير- ط. بيروت 1987 ص 65.
وجدتك لا تدرين ما حم في غد ... ولا ما غد جاء به فذريني
وما كنت أخشى أن تكون منيتي ... أسارا ولا قتلي بقتل هجين
وقال العوام:
سأجزي الزرق زرق بني ملاص ... بيوم نضاد أياما طوالا
ستعلم يا شبيب بلاء سيفي ... وقلب لم أعوده النكالا
كأن سيوف زرق بني ملاص ... تبادر مشرفيا أو هلالا
فليت الأرض فاءت بي إليهم ... وقد غلوا يمينك والشمالا
وانطلق رجل من آل أبي سلمى يقال له العطاف إلى عبد الملك بن مروان فاستعداه، فجعل قتيلا بقتيل. وعداد زهير بن أبي سلمى وولده في بني عبد الله بن غطفان، فربما انتسب بعضهم إليهم.

وولد عبد بن ثور بن هذمة:
كعب بن عبد. وعدية بن عبد، وهم رهط علي بن وهب الشاعر.
وقال هشام ابن الكلبي: وسمعت أيضا من يقول أنه عدية بن كعب بن عبد بن ثور. ووعيش بن عبد بن ثور.

فولد كعب بن عبد بن ثور:
حبشية بن كعب. وخلاوة بن كعب.
وعدية بن كعب. وكعيب بن كعب. وكلفة بن كعب. وفلفلة [1] .

منهم: النعمان بن عمرو بن مقرن [2] بن عائذ بن ميجا بن هجير بن نصر بن حبشية بن كعب،
كانت له صحبة وولاه عمر كسكر، وجوخى، ثم ولاه قتال الفرس بنهاوند، وكان على المسلمين ممن غزاها، وبها
[1] بهامش الأصل: خ، وقلفة.
[2] بهامش الأصل: النعمان بن مقرن رحمه الله.
استشهد، فبكى عليه عمر رضي الله تعالى عنه، وإليه نسبت قناطر النعمان بالجبل، وكان يكنى أبا عمرو.

وأخوه سويد قتل معه،
ويكنى أبا عدي.
ومن ولد سويد: معاوية بن سويد يحدث عَنْهُ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مجاهد قال: البكاؤون بنو مقرن وهم سبعة [1] .
قال الواقدي: سمعت من يقول أنهم شهدوا الخندق.
قال الواقدي: كان عمرو بن عامر [2] المزني حليف بني عامر بن لؤي، يكنى أبا عبد الله، وقد شهد الخندق، وهو قديم الإسلام أحد البكائين، ومات في أيام معاوية.

ومنهم معبد بن خليد [3] بن إثبة بن سليم بن بردويخ بن كلفة بن كعب،
صحب النبي صلى الله عليه وسلم.

وعبد العزى بن وديعة بن حراق بن لأي بن كعب بن عبد بن ثور بن هذمة الشاعر.

ومعقل بن يسار [4] بن عبد الله بن معبر بن حراق بن لأي بن كعب بن عبد،
ويكنى أبا عبد الله، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان زياد بن أبي سفيان حفر نهر معقل بالبصرة وأجراه عَلَى يد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بكرة أو غيره، فلما فرغ
[1] طبقات ابن سعد ج 6 ص 18- 20.
[2] بهامش الأصل: عمرو بن عامر رحمه الله.
[3] بهامش الأصل: معبد بن خليد رحمه الله.
[4] بهامش الأصل: معقل بن يسار رحمه الله.
منه وأراد فتحه بعث معقل بن يسار ففتحه ببركاته لأنه مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
وذكر القحذمي أن زيادا أعطى رجلا ألف درهم وقال له: أبلغ دجلة وسل عن صاحب النهر من هو، فإن قال رجل إنه نهر زياد فاعطه الألف، فبلغ دجلة العوراء ثم رجع، فقال: ما ألفيت أحدا إلا يقول نهر معقل، فقال زياد: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ من يشاء [1] . وقوم يقولون أنه جرى حفره على يدي معقل، والأول أثبت، وإليه نسب هذا الرطب المعقلي لأنه ظهر أول ما ظهر في نخل على الأرضيين التي على ذلك النهر.
ومات معقل بن يسار في أيام معاوية، وولاية عبيد الله بن زياد بعد أبيه، وكان قد انتقل إلى البصرة، وكان معقل عضل أخته أن ترجع إلى زوجها الأول وقد نكحت زوجا غيره ثم طلقها فنزلت فيه: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن [2] الآية.
وولد جرس بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد: لحي بن جرس.
منهم شريح [3] بن ضمرة، أول من جاء بصدقة مزينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وولد عبد الله بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم:
عدي بن عبد الله. وعمرو بن عبد الله. وبجالة بن عبد الله. وعيش بن عبد الله.
ولأي بن عبد الله. منهم سنان بن مشنوء بن عمير بن عبيد بن زيد بن رواحة بن زبيبة بن عامر بن عدي بن عبد الله بن ثعلبة، الذي استخلفه
[1] سورة المائدة- الآية: 54.
[2] سورة البقرة- الآية: 232.
[3] بهامش الأصل: شريح بن ضمرة رحمه الله.
النعمان بن مقرن على عمله، وسار إلى نهاوند، وكان يومئذ على كسكر وجوخى.

وولد عامر بن ثور بن هذمة:
عوف بن عامر. وعباية بن عامر.
منهم عطية بن مكدم بن عقيل بن وهب بن عمرو بن مرة بن عوف بن عامر بن ثور، كان شريفا بالحجاز.

وولد عمران بن هذمة بن لاطم:
عمرو بن عمران.
وولد عمرو: حجر بن عمرو. ومرة بن عمرو ومازن بن عمرو.
فولد حجر: قيس بن حجر.
وولد مرة بن عمرو بن عمران: غياث بن مرة.
فولد غياث: الكاهن بن غياث وولد بالجزيرة. وخفاف بن غياث.
وعبد فهم بن غياث. وحنظلة بن غياث. ومالك بن غياث. وفجر بن غياث.
منهم: بشر بن عصمة بن مصاد بن جابر بن عبدنهم بن غياث بن مرة بن عمرو بن عمران بن هذمة، شهد صفين مع علي عليه السلام وكان فارسا.
ومسافع بن عمرو بن زهرة بن واهب بن عبدنهم بن غياث الشاعر.

وولد عداء بن عثمان بن مزينة:
معاوية بن عداء.

وسعد بن عداء.
فولد معاوية بن عداء: صعصعة بن معاوية.
فولد صعصعة: عمرو بن صعصعة. وعامر بن صعصعة.
وناشرة بن صعصعة.
فولد عمرو بن صعصعة: بغيض بن عمرو.
وولد سعد بن عداء: عامر بن سعد.

وذؤيب بن سعد.
فولد عامر بن سعد بن عداء. سعد بن عامر. فولد سعد: كراثة بن سعد.
وولد ذؤيب بن سعد بن عداء: ثعلبة بن ذؤيب. ورزاح بن ذؤيب.

منهم: خزاعي بن عبدنهم [1] بن عفيف بن سحيم بن ربيعة بن عداء بن ثعلبة بن ذؤيب،
وهو الذي كسر صنم مزينة، ثم لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم مسلما، فكان على قبض مغانم النبي صلى الله عليه وسلم. وأخوه المغفل وابنه عبد الله بن المغفل [2] ، زوجه النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من الأزد، حين أسلم.
وقال أبو اليقظان: ولى عمر عبد الله بن المغفل عملا، ومات بالبصرة، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي.

ومنهم: معن بن أوس [3] بن نصر بن زياد بن أسعد بن أسحم بن ربيعة بن عداء بن ثعلبة بن ذؤيب،
وهو الذي يقول في قصيدته اللامية التي أولها:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنية أول
ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كف تبدل
إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بودّ آخر الدهر تقبل
[1] بهامش الأصل: خزاعي بن عبدنهم رحمه الله.
[2] بهامش الأصل: عبد الله بن المغفل رحمه الله.
[3] هو من مخضرمي الجاهلية والإسلام، وله مدائح في جماعة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الأغاني ج 12 ص 54.
وهو القائل أيضا:
ترى حالب المعزى وإن سر قاعدا ... وحالبهن القائم المتطاول
يعني حالب الإبل وقد مدح معن سَعِيد بْن العاص بْن سَعِيد بْن العاص بن أمية.
ودخل معن البصرة فتزوج ابنة عم له يقال لها ليلى، فاستأذنها في إتيان بلاده فأذنت له فأبطأ عليها، فركبت إليه فوجدته في بت وجبة صوف فقالت له: أهذا عيشك الرفيع الذي نزعت إليه؟ فقال لها: لو قد جاء الربيع فرأيت الخزامى والزهرة لرأيت عيشا طيبا، فأمرت فنظف وكسي، ثم إنها رجعت إلى البصرة وقد طلقها وندم.

ومنهم بشر بن المحتفز [1] بن عثمان بن بشر بن أوس بن نصر بن زياد بن أسعد بن أسحم بن ربيعة بن عداء بن ثعلبة بن ذؤيب
وهم بخراسان، وهو ممن رفع عليه أَبُو المختار يزيد بْن قيس بْن يزيد بن الصعو إلى عمر بن الخطاب في قصيدة له فقال:
فأرسل إِلَى الحجاج فاعرف حسابه ... وأرسل إِلَى جزء وأرسل إلى بشر
فقاسمه عمر ماله، وكان بشر بن المحتفز على جنديسابور من كور الأهواز، وكانت لبشر صحبة ورفع عليه عند عمر رضي الله تعالى عنه أنه اتخذ لجنديسابور مسجدا يصعد إليه بدرجة عالية، وأنه لبس البزيون [2] واتخذ الأخلة كما تتخذها العجم، فقال: أما المسجد فإني بنيته فوق ظهر بيت، لأني في بلدة كثيرة الخنازير فكرهت أن تدخل المسجد. وأما البزيون
[1] بهامش الأصل: بشر بن المحتفز رحمه الله.
[2] من أنواع الحرير.
فإنه ثوب جميل باق، وأما الأخلة فاتخذتها لأني رجل أفلج الأسنان فالطعام يبقى في أسناني فأخرجه بالخلال، فسكت عمر ولم يغير ذلك عليه.
وكان له ابنان أحدهما: عثمان بن بشر بن المحتفز، والآخر عبد الرحمن، وكان ابن الزبير ولى عبد الله بن خازم خراسان، وبعث بعهده عليها إليه وهو بها، فقال سُلَيْمَان بْن مرثد أحد بني سَعْد بْن مَالِك بْن ضبيعة بْن قَيْس بْن ثعلبة بن عكابة: والله ما ابن الزبير بخليفة مجتمع عليه، وإنما هو رجل عائذ بالبيت، فحاربه في جموعه فظفر ابن خازم، وقتل سُلَيْمَان، قتله قيس بْن عاصم السلمي، واحتز رأسه. واجتمع فل سليمان إلى عمرو بن مرثد أخيه بالطالقان، فسار إليه ابن خازم فقاتله فقتله، وولى ابن خازم ابنه محمد بن عبد الله بن خازم هراة، فهاج بنو تميم بهراة وقتلوا محمدا، فظفر أبوه بعُثْمَان بْن بشر بن المحتفز بالطالقان حين حارب عمرو بن مرثد فقتله صبرا، ويقال إنه ظفر به وبأخيه أيضا فقتلهما.
وكتب عبد الملك إلى ابن خازم بولاية خراسان كتابا، فأمر رسوله بأكله وقال: ما كنت لألقى اللَّه وقد نكثت بيعة ابْنُ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبايعت ابن طريدة، فكتب عَبْد الملك إلى بكير بن وساج بولايته خراسان، وكان بكير قد باينه، وقاتله بقرب مرو فقتل ابن خازم، قتله وكيع بن الدورقية، وأتى بكير بن وساج برأس ابن خازم فبعث به إِلَى عَبْد الملك بن مروان، وقطعت يد ابن خازم، فبعث بها إلى عثمان بن بشر بن المحتفز.

وولد أوس بن مزينة:
سليم بن أوس. وعامر بن أوس.
فولد سليم: محارب بن سليم. وثعلبة بن سليم.
فولد محارب: حلمة.
فولد حلمة: خالد بن حلمة. وشيبان بن حلمة.
وولد ثعلبة بن سليم بن أوس: عبادة بن ثعلبة. وذبيان بن ثعلبة.
وعبد الله بن ثعلبة.

منهم إياس بن معاوية [1] بن قرة بن إياس بن هلال بن رئاب بن عبيد بن سوءة بن سارية بن ذبيان بن ثعلبة بن سليم بن أوس بن مزينة،
وكان لإياس بن هلال صحبة، وكانت أم إياس بن معاوية أم ولد، وكان إياس يكنى أبا وائلة. وكان أبوه معاوية بن قرة من خيار أهل البصرة، وكان يكنى أبا إياس.
قال أبو الحسن المدائني: كان إياس بن معاوية قاضيا فقيها قائفا يزكن فلا يخطئ، استقضاه عمر بن عبد العزيز، وأرسل رجلا من أهل الشام وأمره أن يجمع بين إياس والقاسم بن ربيعة الحوشي من بني عبد الله بن غطفان فيولي القضاء أنفذهما، فقدم البصرة فجمع بينهما فقال إياس للشامي: أيها الرجل سل عني وعن القاسم فقيهي المصر الحسن وابن سيرين، فمن أشار عليك بتوليته فوله. وكان القاسم يأتي الحسن وابن سيرين، ولم يكن إياس يأتيهما، فقال القاسم. لا تسألهما عنا فو الله الذي لا إله إلا هو إن إياسا لأفضل مني وأفقه وأعلم بالقضاء، فإن كنت عندك ممن تصدق فإنه ينبغي لك أن تقبل قولي، وإن كنت كذابا فما يحل لك أن توليني، فقال إياس للشامي: إنك جئت برجل فأقمته على شفير جهنم فافتدى نفسه من النار بيمين حلفها كذب فيها يستغفر الله منها وينجو مما
[1] بهامش الأصل: اياس بن معاوية القاضي.
يخاف. فقال الشامي: أما إذ فطنت لهذا فإني أوليك فاستقضاه فلم يزل على قضاء البصرة سنة ثم هرب.
المدائني قال: قيل لإياس- وكان إذا تبين له وجه الحكم أمضاه ولم يؤخره-: إن فيك أربع خصال: دمامة، وكثرة كلام، وإعجاب بنفسك، وإنك تعجل بالقضاء، فقال: أما الدمامة فالأمر فيها إلى غيري، وأما كثرة الكلام أفبصواب أتكلم أم بخطأ؟ قالوا: بصواب. قال: فالإكثار من الصواب أمثل من الإقلال. وأما إعجابي بنفسي أفيعجبكم ما ترون مني؟
قالوا: نعم. قال: فأنا أحق بأن أعجب بنفسي. وأما قولكم إني أعجل بالقضاء فكم هذا؟ وعقد بيده خمسة، فقالوا: خمسة. قال عجلتم.
قالوا: هذا أوضح من أن نبطئ فيه. قال: فإني أتبين القضاء فلا أبطئ بإنفاذه ولا أؤخره.
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِح الْمُقْرِئُ عَن ابن كناسة قال: لما ولي عمر بن هبيرة العراق أيام يزيد بن عبد الملك دعا إياسا إلى ولاية القضاء فأباه عليه، فضربه أسواطا وأجبره على ولاية الحسبة بواسط.
قالوا: والتقى رجلان على أحدهما مطرف خز، وعلى الآخر كساء أنبجاني، فادعى صاحب الأنبجاني أن المطرف له والإنبجاني لصاحب المطرف. ودعا إياس بمشط وماء فبل رأس كل واحد منهما وقال لأحدهما سرح رأسك فسرح رأسه، فخرج في المشط غفر المطرف، وسرح الآخر فخرج في المشط غفر الأنبجاني فقال له: يا خبيث، الأنبجاني لك فأقر فدفع المطرف إلى صاحبه.
وقال إياس: ما يسرني أني كذبت كذبة لا يطلع عليها في الدنيا
ولا أؤخذ بها في الآخرة وأن لي مفروحا به في الدنيا. وقال إياس: لو صحبني رجل فقال: اشترط علي خلة واحدة لا تزيد عليها لقلت: لا تكذبني.
المدائني قال: شهد وكيع بن أبي سود عند إياس شهادة، فقال له:
يا أبا مطرف إنما يشهد الموالي والتجار والسفلة وليس يشهد مثلك من الأشراف فقال: صدقت. فلما انصرف قيل له: إنه لم يجز شهادتك قد قعد عنها. فقال: لو علمت أن هذا هكذا لحبجته [1] بالعصا.
قال: ودخل الحسن على إياس فبكى، فقال: ما يبكيك يا أبا واثلة؟ قال: الحديث الذي جاء « [أن القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة، قاض تعمد الحق فأخطأ فهو في النار وقاض تعمد الجور فهو في النار وقاض تعمد الحق فأصاب فهو في الجنة] » .
قالوا: ورد إياس شهادة رجل من المسلمين فشكا ذلك إلى الحسن فقال الحسن: يا أبا واثلة لم رددت شهادة هذا وهو مسلم وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
« [من صلى قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو مسلم له ما لنا وعليه ما علينا] » ؟ فقال إياس: يا أبا سعيد إن الله يقول: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشهداء [2] وهذا ممن لا نرضاه فسكت الحسن.
قال: ورأى إياس رجلا فقال له: قد حلقت نصف لحيتك قال:
نعم، ثم قال: فمن أين عرفت ذلك؟ قال باختلاف الشعر.
واختصمت إلى إياس امرأتان في غزل. وكل واحدة منهما تدعيه، فأخذ الغزل منهما وقال لإحداهما: كيف غزلك؟ قالت بالفارسية، وقال
[1] حبج: ضرب. القاموس.
[2] سورة البقرة- الآية: 282.
للأخرى: كيف غزلك؟ قالت: منكوس، فنظر إلى الغزل فقال: هو بالفارسية فقالت الأخرى: صدقت هو غزلها ولكنها رهنته عندي.
واختصم إلى إياس امرأتان في كبة غزل فأخذها وقال لإحداهما: على أي شيء كببتها؟ فقالت: على جوزة. وسأل الأخرى فقالت: على خرقة، فأمر بنقض الكبة فوجد الجوزة، فدفعها إلى صاحبتها.
وكان يقول: صاحب المرأة الواحدة إذا حاضت حاض، وإذا مرضت مرض وإذا زارت زار.
قالوا: واستودع رجل رجلا مالا ثم طلبه منه فجحده، فخاصمه إلى إياس، فقال للطالب: أين دفعت إليه المال؟ قال: بموضع كذا ولم يحضرنا أحد. قال: فأي شيء كان في ذلك المكان؟ قال: شجرة. قال: فانطلق إلى ذلك الموضع وانظر فلعل الله أن يوضح لك هناك ما يتبين لك به أمرك، فمضى الرجل. وقال للمطالب: ارجع حتى يجلس خصمك فجلس وإياس يقضي ولا ينظر إليه ساعة، ثم قال: أترى صاحبك بلغ موضع الشجرة التي ذكر؟ قال: لا. قال: يا عدو الله إنك لخائن حائن. قال: أقلني أقالك الله. فأمر أن يحتفظ به حتى جاء خصمه، فقال: قد أقر لك بحقك فخذه منه.
قال: واستودع رجل رجلا من أمناء إياس مالا وحج، فلما قدم طلبه فجحده، فأتى إياسا فأخبره فقال له إياس: أعلم أن أتيتني؟ قال: لا.
قال: أفنازعته عند أحد؟ قال: لا، قال: فانصرف وعد إلي بعد يوم أو يومين، ودعا إياس أمينه ذاك فقال له: قد اجتمع عندي مال كثير أريد أن أودعك إياه وأوليك أمر أيتام، أفحصين منزلك؟ قال: نعم، قال: فعد.
إلي يوم كذا واعدد موضعا للمال وقوما يحملونه، وعاد المودع إلى إياس فقال له: انطلق إلى صاحبك فاطلب منه مالك فإن أعطاك إياه وإلا فقل له إني أخبر القاضي خبرك، فأتاه فدفع المال إليه، فرجع إلى إياس فأخبره أنه قبض ماله، وجاء الأمين فزجره إياس وزبره وقال: لا تقربني يا خائن.
واستودع رجل رجلا كيسا فيه دنانير، وغاب فطالت غيبته ففتق المستودع الكيس من أسفله وأخذ الدنانير وصير مكانها في الكيس دراهم وخاطه والخاتم بحاله، فقدم صاحب المال بعد خمس عشرة سنة فطلب ماله فدفع إليه الكيس بخاتمه ففتحه فلم يقبله، وقال: هذه دراهم ومالي دنانير، قال: هكذا كيسك بخاتمك فرافعه إلى عمر بن هبيرة، فقال لإياس: أنظر في أمر هذين. فقال للطالب: ما تقول؟ فقال: أعطيته كيسا فيه دنانير فأعطاني كيسا فيه دراهم فقال إياس، مذ كم سنة؟ قال:
مذ خمس عشرة سنة. فقال للآخر: ما تقول؟ قال: قد دفعت إليه كيسه بخاتمه، قال: فضوا الخاتم، ففضوه ونظروا إلى الدراهم فوجدوا فيها دراهم ضربت بعد الوقت الذي أودع فيه كيسه بعشر سنين وخمس سنين وأقل وأكثر، فقال له: قد أقررت أن الكيس عندك مذ خمس عشرة سنة فاتق الله ولا تظلم الرجل، فأقر بالدنانير فألزمه إياها.
قالوا: وشهد أبوه معاوية ورجل آخر عنده ونفر معهما على رجل بأربعة آلاف درهم لرجل، فقال المشهود عليه: تثّبت في أمري فو الله ما أشهدت الشهود إلا بألفين، فقال إياس لأبيه وللشاهد الآخر: هل كان يوم شهدتما في الصحيفة فضل؟ قالا: نعم كانت طينته في نصف الصحيفة ولم يمكنا أن نكتب شهادتنا فختمنا تلك الطينة، قال: أفكان هذا الرجل يمر
بكم فيقول: احفظوا شهاداتكم على فلان بأربعة آلاف؟ قالا: نعم.
قال: اغتركم ودعاه خاليا فقال: يا عدو الله، خدعت قوما مغفلين فكتبت صكا بألفين ووضعت طينا في وسط الصك ثم كتبت في الجانب الآخر من الصحيفة بأربعة آلاف، ثم جعلت تمر بهم فتقول: احفظوا شهاداتكم على فلان بأربعة آلاف، أما والله لأنكلن بك. فقال: أذكرك الله ألا أقلتني ولم تفضحني، وأقر بما صنع فحكم إياس له بألفين.
قالوا: وأتى إياسا دهقان فنازع رجلا عنده فقال له: كأني بك تقدر في نفسك كذا وتريد أن تقول كذا وتحتج بكذا. فقال الدهقان: أقاض أنت أصلحك الله أم عراف؟.
قالوا: ونظر إياس إلى نسوة قد فزعن من بعير، فأشار إليهن فقال:
هذه حامل، وهذه مرضع، وهذه بكر. فسئلن فكان الأمر كما قال: فقيل له: كيف علمت هذا؟ فقال: رأيتهن يمشين فلما فزعن وضعت كل واحدة يدها على أهم المواضع إليها، فوضعت البكر يدها على أسفل بطنها، ووضعت الحامل يدها على بطنها ووضعت المرضع يدها على ثديها.
وكان إياس يقول: شرقي كل بلد أكثر أهلا من غربيّه، ومن قرب منزله من النهر كان أقل آنية ممن بعد عن النهر.
وسمع إياس كلام رجل في سفينة فقال: أنت ابن فلان؟ قال:
نعم، قال: سمعته ينازع رجلا، فشبهت كلامك بكلامه.
وقال لرجل: أنت ابن فلانة؟ قال: نعم. قال: شبهت عينيك بعينيها.
ونازع رجل رجلا عنده، فسأله البينة فقال: يا أبا الرازقي. فقال
إياس للشاهد: أرضيت بهذه الكنية؟ قال: نعم هي كنيتي. قال: لهذا لا نرضى بك.
ونازع أيضا عنده رجل رجلا فسأله البينة فنادى شاهدا له: يا أبا الكفور، فقال إياس: مكانك يا أبا الكفور، انصرف عنا، هات غير هذا.
وخاصم رجل إلى إياس رجلا في جارية وقال: هي حمقاء. فقال إياس: لا أعلمه يرد من حمق. قال: إن حمقها كالجنون. فقال لها إياس:
أتذكرين يوم ولدت؟ قالت: نعم. قال: فأي رجليك أطول؟ قالت لإحدى رجليها: هذه. قال: ردوها فإنها مجنونة.
قال: ونظر خالد الحذاء يوما إلى امرأة فأعجبته، فقال لها: يا أمة الله، أفارغة أنت أم مشغولة؟ قالت: بل فارغة فأتبعها ولقيه رجل فسلم عليه وكلمه وغابت المرأة فاغتم فلقيه إياس فأخبره خبر المرأة فقال: انطلق بنا إلى الموضع الذي رأيتها فيه وامش بين يدي فإذا انتهيت إلى الموضع الذي فقدتها فيه وخفيت عليك فقم بمقدار ما كلمك الرجل، ففعل إياس ذلك المقدار بآيات قرأها، ثم قال له: امض بنا وأعاد ما قرأ فلما انتهى إلى آخره قال له: دخلت هذا الزقاق لا محالة، ولم يكن للزقاق منفذ، فدخل إياس الزقاق على نسوة جلوس فيه فقال: امرأة دخلت قبيل هذا الوقت عليها قميص أحمر وملحفة بيضاء؟ قلن: نعم امرأة لا بأس بها. قال: فلها زوج؟ قلن: لا. قال: فمن وليها؟ فسموه فعرفه فأرسل إليه فدعاه فزوجها من خالد ودخل بها من يومه.
قال: وذكروا ذات يوم تواصل الناس وتقاطعهم، فقال رجل: يا أبا
واثلة أخبرني عن رجلين بالمصر صالحين لا يتزاوران ولا يتواصلان؟ فقال إياس: كأنك تسألني عن الحسن وابن سيرين؟ قال: ما أردت غيرهما.
قال: وقال إياس لقوم كانوا يجالسونه من أهل مكة: قدمت بلدكم فعرفت قوما من خياركم وشراركم، قالوا: متى قدمت ومتى عرفتهم؟
فقال: هنا قوم خيار أكفأ منكم قوما، وقوم شرار أكفأ قوما، فعلمت أن خياركم من ألفه خيارنا، وشراركم من ألفه شرارنا.
وقال سلم بن قتيبة: رآني إياس ولا أعرفه ولم يكن رآني قبل ذلك فقال: أأنت ابن قتيبة؟ قلت: نعم. قال: عرفتك بشبه عمك عمرو بن مسلم. قلت: رحمك الله عمي ضخم أمغر [1] ، وأنا رجل آدم نحيف، فقال ليس يعسر هذا إنما يعرف بالقلب.
وقدم إياس مكة فقال لأصحابه: هل لكم في سلم بن قتيبة، وهو إذ ذاك ببئر ميمون، هو الجالس في ظل راحلته فنظروا فإذا هو سلم، فقال سلم لإياس: كيف علمت أني سلم؟ قال: حج إخوانك وألّا فك جميعا وعرفت مذهبك، فعرفت أنك ستتبعهم، ورأيت بعيرا من إبل الملوك عليه رجل من رجال القرى فأوقعت ظني فلم أخطئ.
وكان إياس يقول عرفت الزكن من قبل أمي، وكانت خراسانية فكانت تخبرني أن إخوتها وأهل بيتها يزكنون ويتفرسون، ولقيت قوما بمكة فعرفتهم بشبه أمي وعرفوني فإذا هم من أهل بيتها.
قالوا: وسمع إياس نباح كلب فقال: كأنه مربوط إلى جانب بئر فوجدوا الأمر كما قال، فقال: سمعت لصوته دويا وصدى.
[1] المغرة: طين أحمر، والأمغر الأحمر الشعر والجلد، والذي في وجهه حمرة في بياض صاف.
القاموس.
المدائني عن شيخ من باهلة قال: أتيت منزل ثابت البناني فإذا أنا برجل طويل الثوب، طويل الذراع أحمر يلوث عمامته لوثا قد غلب على المجلس فقلت: من هذا فقال رجل: يا أبا واثلة، فعرفت أنه إياس. قال:
فسمعته يقول: تكون غلة الرجل ألفا فينفق ألفا فيصلح أمره وتصلح غلته، وتكون غلته ألفين فينفق ألفين فيصلح أمره وتصلح غلته، وتكون غلته ألفين فينفق ثلاثة آلاف فيوشك أن يبيع العقار في فضل النفقة.
المدائني عن جويرية بن أسماء، حدثني عَبْد اللَّهِ بْن مُعَاوِيَة بْن عَبْدِ اللَّهِ بن جعفر قال: كان إياس لي صديقا، فدخلنا على عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْنِ أبي بكر وعنده جماعة من قريش فتذاكروا السلف، ففضل قوم أبا بكر، وآخرون عمر، وآخرون علي بن أبي طالب، فقال إياس، إن عليا رحمه الله كان يرى أنه أحق الناس بالأمر، فلما بايع الناس أبا بكر ورأى اجتماعهم عليه وأن قد صلح العامة اشترى صلاح العامة بتقصية [1] الخاصة، يعني بني هاشم، قال: ثم ولي عمر ففعل مثل ذلك، فلما قتل عثمان اختلف الناس، وفسدت العامة والخاصة، ووجد أعوانا فقام بالحق ودعا إليه.
قالوا: وتدارأ [2] عنبة بن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْحَارِث بْن هشام المخزومي، وخالد بن عرفطة اليشكري فقال عنبة: من قبلنا كان أفضل، وقال خالد: الناس اليوم أفضل، فتراضيا بإياس فقال إياس: أما أنا فقد أدركت أبي وجدي، وكان جدي أفضل من أبي، وأبي أفضل مني.
[1] بهامش الأصل: بتقصيه أمر.
[2] تدارأوا: تدافعوا في الخصومة. القاموس.
المدائني عن أبي إسحاق بن حفص قال: رأى إياس في المنام أنه لا يدرك النحر فخرج إلى ضيعة له فمات بها سنة اثنتين وعشرين ومائة.
وكان إياس يقول: الحرير لا يخدعني ولا يخدع ابن سيرين ويخدع الحسن وأبي.
قالوا: وتبصر هلال شهر رمضان جماعة فيهم أنس بن مالك وقد قارب المائة فقال أنس: قد رأيته هو ذاك، وجعل يشير فلا يرونه. ونظر إياس إلى أنس وإذا شعرة من حاجبه قد انثنت، فمسحها اياس وسواها بحاجبه ثم قال: يا أبا حمزة: أرنا موضع الهلال فجعل ينظر ويقول:
ما أراه.
قالوا: ومات معاوية بن قرة أبو إياس وهو ابن ست وسبعين سنة، وقال إياس في العام الذي مات فيه: رأيت كأني وأبي على فرسين فجرينا جميعا فلم أسبقه ولم يسبقني، فعاش أبي ست وسبعين سنة، وأنا فيها، فلما كانت آخر لياليه قال: أتدرون أية ليلة هذه؟ هذه ليلة استكملت فيها عمر أبي. ونام فأصبح ميتا.
الْمَدَائِنِي عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُسْلِم قَالَ: قال إياس: رأيت حية اتبعها ابن عرس في بستان فلما ألح عليها صعدت في نخلة، فأتبعها فسلكت على سعفه وأتبعها فتعلقت بخوصة وتدلت، فقرض الخوصة فسقطت إلى الأرض ولم تقدر على الحركة، فنزل فقتلها.
ودخل إياس منزل رجل فرأى موضعا من الحائط أو الأرض فقال: في هذا الموضع حية فوجد الأمر كما قال، فسئل عن ذلك فقال: رأيت الحائط أو قال الأرض يابسا كله ورأيت هذا الموضع أقل يبسا، فعلمت أن فيه شيئا يتنفس.
وقال إياس لأبان بن الوليد: أنا أغنى منك، فقال أبان: وكيف ولي كذا وكذا، فقال إياس: إن كسبك لا يفضل عن مؤونتك، وكسبي يفضل عن مؤونتي.
ورأى إياس يوما نسوة مقبلات فقال: هذه حامل، وهذه مغيبة أوأيم، وهذه حائض، فنظر فوجد الأمر فيهن على ما ذكر، فقال: أما الحامل فرأيتها أثقلهن وطئا، ورأيت هيئة الأخرى رثة، ورأيت الحائض أقربهن إلى المسجد فتأخرت عنه فصارت أبعدهن منه.
ورأى رجلا يمشي متأبطا شيئا، فقال: معه سكر، وقد ولد له غلام، فوجدوا ذلك كما قال، فسئل فقال: رأيت الذباب قد أطاف به، فقلت معه شيء حلو وهو يشبه أن يكون سكرا، ورأيته نشيطا فرحا، فظننت أنه قد ولد له غلام.
وقد رأى جارية معها طبق مغطى بمنديل فقال: معها جراد، فكان كما قال، فقال: رأيته خفيفا على يدها.
ورأى حمارا عليه حمل ظاهر خفيف، والحمار يطأ وطء مثقل فقال: قد حمل خمرا، فوجد كما قال.
ونظر إلى جنازة فقال: صاحبها حي لم يمت، فوضعت الجنازة فعض إبهام الرجل فإذا هو حي، فردوه فقيل له: كيف علمت؟ فقال: رأيت أصابع قدميه منتصبة والميت لا تنتصب أصابع قدميه، وكان ذلك الميت غريقا.
وأتى يوما بماء فقال: هذا قاطر فوجد كما قال، فقال: رأيته صافيا جدا.
وشهد الفرزدق عند إياس بشهادة فقال: قد أجزنا شهادة أبي فراس، ولكن زيدونا شاهدا، فقام الفرزدق مسرورا، فقيل له: إنه والله ما أجاز شهادتك ولو أجازها لم يستزد شاهدا، فقال: ولم لا يرد شهادتي وقد قذفت ألف محصنة وقال:
أتيت إياسا شاهدا فأجازني ... إجازة مقبول الشهادة صادق
وما اعتاض مني شاهدا ليردني ... إياس ولكن أخذه بالوثائق
[1] وكان إياس يقول: الشيبوط [2] من البني. والشيم [3] كالبغل بين الفرس والحمار، وليس ثم نسل به.
وقال رجل لإياس: أنا أعرف مثل ما تعرف، فنظر إياس إلى صدع في الأرض فقال: ما هذا الصدع؟ قال: لا أدري. فقال إياس: فيه دابة، فكان كما قال إياس فقال له إياس: يا بن أخي أن الأرض لا تنصدع إلا عن دابة أو نبات.
وسمع إياس عواء كلب فقال: كان هذا الكلب مربوطا ثم أطلق، أما سمعتموه يأتي صوته من جهة واحدة، ثم اختلف فقرب وبعد حين أطلق.
ونظر إياس إلى رجل في المسجد فقال: هو: غريب، أعور، معلم، قد ذهب له غلام سندي، فوجد كما قال، فقال: إني رأيته كالمتحير فعلمت أنه غريب لا يألف المكان، ويلتفت بجمعه إذا التفت، فقلت
[1] ليسا في ديوان الفرزدق المطبوع.
[2] سمك دقيق الذنب، عريض الوسط.
[3] الشيم: سمك. القاموس.
أعور، ورأيته لا يكلم الصبيان فقلت معلم، ورأيته إذا رأى غلاما سنديا تأمله.
وقال إياس: ليس يولد من الحيوان شيء إلا ظاهر الأذنين.
وشرقت لإياس شاة فسمع ثغاء ولدها بعد حين حين فعرفه.
ورأى إياس رجلا فقال: لص سرق الساعة فخذوه، فلم يلبث أن جاء من يطلبه فقال: رأيته دهشا مدلها يكثر الالتفات.
واختصم أهل قريتين في دجاج في قفص فقال لهم: خلوها، ثم قال: هذه دجاجكم وهذه دجاج أهل القرية البعيدة منكم، فقيل له:
كيف علمت؟ قال: رأيت دجاج هذه القرية مطمئنة مستأنسة، ورأيت دجاج الأخرى قد رفعت رءوسها ومدت أعناقها نافرة.
ورأى ديكا ينفر الحب ولا يقرقر فقال: هذا هرم، لأن الهرم إذا ألقي له الحب لم يقرقر والشاب يقرقر ليجمع الدجاج إليه.
وقال إياس: أرسل إلي بلال بن أبي بردة فأتيته فلم يكلمني، وقام وقمت فقال: ما رأيت عند إياس ما يذكرون، فبلغني قوله فقلت:
ما سألني عن شيء. ثم بعث إلى فسألني عن شيء فقلت: لا أدري، فقال: ظن، قلت: لا يجوز الظن، فقال: أو يكون شيء لا يجوز فيه الظن؟ قلت: كم ولدي؟ قال: لا أدري. قلت، ظن. قال: لا يجوز الظن.
وكان لإياس أخ له خزلة [1] ، فعير أبو إياس إياسا به فقال له إياس:
مثل أخي مثل الفرّوح يخرج من البيضة فيأكل ويكفي نفسه، ومثلي مثل
[1] أي تفكك في مشيه النهاية لابن الأثير.
الفرخ يخرج ضعيفا محتاجا إلى غيره، ثم يتحرك فيطير وينهض، والدجاجة لا نهوض لها فذلك أنا وأخي.
قالوا: وتزوج المهلب بن القاسم بن عبد الرحمن الهلالي أم شعيب بنت محمد الطاحي، وأمها عكناء بنت أبي صفرة، وكان المهلب بن القاسم ماجنا فشرب يوما وامرأته بين يديه، فناولها القدح فأبت أن تشرب، فقال: أنت طالق إن لم تشربيه، وفي الدار ظبي داجن فعدا فكسر القدح فجحد المهلب طلاقها، ولم يكن لها شهود إلا نساء، فأرسلت إلى أهلها فحولوها فاستعدى ابن القاسم عدي بن أرطأة فردها عليه فخاصمته إلى إياس وهو قاض لعمر بن عبد العزيز، وشهد لها نساء، فقال إياس: لئن قربتها لأرجمنك، فغضب عدي على إياس فقال له عمر بن يزيد الأسيدي، وكان عمر عدوا لإياس، وذلك أنه قضى على ابنه بأرحاء كانت في يده لقوم، فقال عدي لعمر: انظر قوما فيشهدون على إياس أنه قذف المهلب بن القاسم ليحده ويفضحه ويعزله، فأتى بيزيد الرشك، وبابن أبي رباط مولى بني ضبيعة ليلا، فأجمعوا على أن يرسل عدي إلى إياس إذا أصبح فيشهدوا عليه، وكان ربيعة بن القاسم الحوشبي حاضرا فاستحلفه عدي ألا يخبر إياسا بما هم عليه فحلف، وأتى إياسا فقال: جئتك من عند عدي فاحذر الناس، ولم يذكر له شيئا فاستراب إياس الأمر فتوارى، ثم خرج إلى واسط واغتنم عدي فاستقضى الحسن، وكتب إلى عمر يعيب إياسا ويثني على الحسن، وشنع على إياس وقال أنه يقول: إذا كثرت أمطار السنة فهي وبيئة وما علمه بذلك، فكتب عمر إليه: ما رأيت أحدا من أهل زماننا
الثناء عليه أحسن منه على إياس، وقد بلغني وصح عندي رضخ [1] من شأنكم، وأقر الحسن

ومنهم: ذو البجادين [2]
رحمه الله تعالى، وهو عبد الله، وكان اسمه قبل إسلامه عبد العزى. وكان أتى عمه وابنته عنده وقد أراد الهجرة، فقال يا عم: إنه قذف في قلبي حب هذا الرجل، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا آتيه.
فقال: لئن فعلت لأسلبنك، فأبى إلا أن يفعل فسلبه، فأتى أمه فأعطته بجادها، وهو كساء، فقطعه نصفين فتدرع إحداهما وارتدى الأخرى فسمي ذا البجادين، وأتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو القائل وهو يسوق ناقة النبي صلى الله عليه وسلم:
تعرضي مدارجا وسومي ... تعرض الجوزاء للنجوم
هذا أبو القاسم فاستقيمي

ومن مزينة: بكر بن عبد الله المزني [3]
مات بالبصرة سنة ثماني ومائة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ محمد، ثنا معاوية بن عمر، وثنا نعيم العجلي عن أبي عقيل عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: إن الدنيا دار فتن بعض أهلها ببعض، وكل امرئ مزين له ما هو فيه، وإن المؤمن من زينت له الآخرة فهو ينظر إليها ما يفيق من حبها، قد حالت شهوتها بينه وبين لذاذة عيشه، يمسي كئيبا ويصبح حزينا، فطوبى له وماذا يعاين لو قد كشف الغطاء من السرور، وما خير عمر وإن طال يذم آخره، وما يضرك
[1] الرضخ: خبر تسمعه ولا تستيقنه. القاموس.
[2] بهامش الأصل: ذو البجادين رحمه الله.
[3] بهامش الأصل: بكر بن عبد الله المزني.
ما ذوى عنك إذا حمدت مغبته، وإن الناس وإن فازوا كلهم وهلكت لم ينفعك ذلك، وإن فزت وهلكوا لم يضرك هلاكهم، وقد هتف الكتاب إليك صارخا بما أنت إليه صائر، فكيف ترقد على هذا العيون، أم كيف يجد قوم لذاذة العيش بعد هذا لولا التمادي في الباطل، والتشايع في القسوة من دون هذا يجزع الصديقون.
حدثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، أنبأ حميد قال: كان بكر بن عبد الله المزني يقول: ما أرى التجارب تنفعنا، ولو أن عبدا أقيم في سوق، فقيل لا عيب فيه إلا أن التجارب غير نافعة له ما اشتراه أحد.
أبو الحسن المدائني قال: قال بكر بن عبد الله المزني: التجسس من الخب، والخب من الدناءة والفجور.
وقال: طول الصمت حبسة، وترك الحركة عقلة، وكلام الذي يدل على الخير أفضل من الصمت.
حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا وكيع عن يزيد بن إبراهيم التستري عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: كانت امرأة متعبدة باليمن، فكانت إذا أمست قالت: يا نفس، الليلة ليلتك لا ليلة لك غيرها فتجتهد، فإذا أصبحت قالت: يا نفس، اليوم يومك لا يوم لك غيره فتجتهد.
وروى أبو هلال الراسبي عن بكر بن عبد الله قال: كان في بني رقاش رجل قال: لا أضحك حتى أعلم أفي الجنة أنا أم في النار.
المدائني عن الضبعي أن بكر بن عبد الله المزني سمع رجلا يقول: دع المراء لقلة خيره، فقال: بل دعه لكثرة شره.
حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا سهل بن محمود أبو السري عن
معتمر بن سليمان عن أبيه قال: قال بكر المزني: لو كان الرجل يطوف على المجالس يقول استغفروا لي لكان أحق بذلك من المسكين الذي يطوف عليهم ليعطى ويطعم.
وروى غالب عن بكر بن عبد الله أنه قال: متى شئت أن تلقى عبدا النعمة عليك أسبغ منها عليه وهو أشد تبلغا في شكر الله منك لقيته، ومتى شئت أن تلقى عبدا هو أقل ذنوبا منك وأشد لربه خوفا لقيته.
حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا غسان بن المفضل الغلابي عن رجل من قريش عن عبد الرحمن بن زياد، وكان من آل زياد، قال: كتب أبي إلى بكر بن عبد الله المزني، وكان جاره: أن ادع الله لي، فكتب إليه بكر: أتاني كتابك تسألني أن أدعو الله لك، وحق لعبد عمل ذنبا لا عذر له فيه، وخاف موتا لا بد له منه أن يكون مشفقا وبدعاء إليه مستغيثا، ولست أرجو أن يستجاب لي بقوة في عمل ولا براءة من ذنب.
حدثنا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الفضل السدوسي، ثنا مرجي بن وداع الراسبي عن غالب القطان قال: كان بكر يقول: ضع كبير المسلمين منك بمنزلة أبيك، وضع تربك منهم بمنزلة أخيك، وصغيرهم بمنزلة ولدك، فأي هؤلاء تحب أن يهتك له ستر؟
وقال: إذا شئت أن تلقى من النعمة عليك أفضل منها عليه، وهو أدأب في الشكر منك وجدته، وإذا شئت أن تلقى من أنت أعظم منه جرما وهو أخوف لله منك لقيته، فلا ترض لنفسك بهذا، وإذا رأيت كبير المسلمين فقل: هذا خير مني، آمن وعمل الصالحات قبلي، وإذا رأيت من هو أصغر منك، فقل: هذا خير مني، كسبت السيئات وعملتها قبل أن
يولد هذا، ودع من الكلام ما إن أصبت فيه لم تؤجر، وإن أخطأت أثمت، وإياك وسوء الظن بأخيك.
حدثني أحمد بن إبراهيم، ثنا أبو النضر عن عقبة بن أبي الصهباء قال: سمعت بكر بن عبد الله يقول: ما قال عبد قط: الحمد لله إلا وجب عليه نعمة بقوله، فما جزاء تلك النعمة؟ جزاؤها أن تقول الحمد لله فتلك نعمة أخرى، فلا تنفد نعم الله.
حدثنا أحمد، ثنا غسان الغلابي عَن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَن أبي حرة قال: أتينا بكر بن عبد الله نعوده، فأقبل إلينا وهو يهادي بين رجلين، فسلم علينا ثم قال: رحم الله عبدا أعطي قوة فعمل بها في طاعة الله، أو قضي به في ضعف فكف عن محارم الله.
حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا سلام بن أبي مطيع عن غالب قال: كان بكر بن عبد الله يقول: إذا رأيت من أخيك أمرا تكرهه فلا تكفر به، ولكن احمد الله الذي عافاك مما ابتلاه به.
المدائني عن كهمس قال: سمعت بكر بن عبد الله يقول: يكفيك من الدنيا ما قنعت به ولو كف من تمر وشربة ماء وظل خباء، وكلما فتح عليك من الدنيا شيء ازدادت نفسك له انفتاحا.
حدثنا أحمد، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ بكر قال: لا يزال الرجل بخير ما أمسى وأصبح زاريا على نفسه في ذات الله.
قالوا: وذكر بكر يوم عرفة فقال: قد شهدت مشهدا أو رأيت منظرا لولا أني كنت معهم لرجوت أن يغفر لهم.
أحمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن المرجى بن غالب بن بكر قال: إذا رأيت الناس يفخمونك فقل: هذا فضل لست له بأهل، وإذا بعدوا عنك وأنكرتهم فقل: هذا ذنب أحدثته ليس منهم أتيت.
حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن إسماعيل عن أبان بن خالد السعدي قال: رأيت على بكر بن عبد الله طيلسانا قومته في نفسي ثلاثمائة درهم ومقطعة من برود من هذه المنزلة قباء ثمنه عشرون ومائة درهم.
حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا هارون بن عيسى عن حكام الرازي عن سعيد بن سابق عن عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله قال: البسوا ثياب الملوك وأميتوا قلوبكم بالخشية.
حدثنا أحمد، ثنا حماد بن سلمة عن حميد قال: كنا نرجو، أو نرى أن بكر بن عبد الله مجاب الدعوة.
أحمد عن العلاء العطار عن عبد الله بن دينار قال: كان بكر بن عبد الله يمر بالمساكين فيجلس معهم، وإن عليه لثيابا سرية.
قالوا: وكسا بكر رجلا أحد ثوبيه، فقالت له أم ابنه عبد الله بن بكر في ذلك، وكأنها لامته، فبينا هي تحاوره إذ جاءته مولاة له بثوب قد غزلته هدية إليه، فقال: أعطينا خلقا وجاء الله بجديد.
قال المدائني: قال بكر بن عبد الله، ليس الواعظ من جهل أقدار السامعين، وإرادة المريدين.
حدثنا روح بن عبد المؤمن عن المعتمر بن سليمان عن أبيه قال: كانت أم بكر بن عبد الله عند رجل غني، وكان أميرا، فكانت تكسوه الثياب الجياد، وكان بكر يكره أن يرد عليها شيئا، فربما بلغت كسوته أربعة آلاف
درهم، فكان يلبس تلك الثياب ويجلس مع المساكين بينهم وكان يقول:
أرجو أن أعيش عيش الأغنياء وأموت موت الفقراء، قال: وكذلك مات ما ترك شيئا.
حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا سهل بن محمود عن زياد بن ربيع عن غالب بن بكر أنه قال: إني لأحب أن أرى الرجل من إخواني حسن السحنة، متوسطا على نفسه وأهله يظن من رآه أن له مالا فيموت فلا يدع مالا، وأكره أن أرى الرجل من إخواني متقشفا مبتئسا سيّئ السحنة مضيقا على نفسه وأهله، ويظن من رآه أنه مقتر، فيموت فيدع مالا كثيرا.
حدثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا حماد بن زيد عن هشام قال: ركب أبا حمزة التمار دين، فأتى بكر بن عبد الله فقال له: مالي أراك مغموما؟ فذكر دينه، فقال: وكم هو؟ قال: أربعمائة درهم، فأخرج إليه أربعمائة درهم وقال: والله ما أملك غيرها.
حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا أبو سلمة عن أبان بن خالد قال: رأيت بكر بن عبد الله مخضوبا بسواد.
وروى حماد بن سلمة عن حميد أن بكر بن عبد الله خضب بالسواد، ثم تركه.
وقال بكر: عجبا إني أخطئ إذا شاورت، وأصيب إذا شوورت.
وروى أبو هلال قال: كان بكر يخضب بالسواد حتى احترق وجهه، فتركه وخضب بالحناء.
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صعب عن رجل عن هشام عن بكر قال: خرجت من منزلي فإذا أنا بحمال يحمل كارة وهو
يقول: الحمد لله، استغفر الله لا يزيد عليهما، ثم انتهى إلى مكان، فوضع الكارة ليستريح. قال: فقلت له: يا عبد الله سمعتك تقول كلمتين لا تزيد عليهما؟ فقال: وما أعجبك من ذلك أن ابن آدم بين نعمة وذنب، فأنا أحمده على النعمة، واستغفره للذنب. قال بكر: فقلت في نفسي:
لقيت والله يا بكر رجلا أفقه منك.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ علية عن غالب القطان عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: إذا خرجت لحاجة فعرضت لك عيادة مريض أو جنازة فقل: الحمد لله الذي يسرّ لي هذا الخير والأجر.
وكان لجد بكر فيما ذكر أبو اليقظان صحبة، ولا عقب لهم.
وقال غير الكلبي: من مزينة أبو ذرة، ومولاه أرطبان، وكان كثير المال، فولد أرطبان: عونا أبا عبد الله بن عون المحدث، وكان عبد الله يكنى أبا عون، وأم عون بن أرطبان ابنة قارن الطبري.
قال: ومنهم: جسر، وسعر [1] ابنا سنان، كانا من وجوه أهل البصرة ولهما صحبة.
وقال محمد بن سعد: عائذ بن عمرو المزني محدث.
وقال الحسن: كان من خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم [2] .
[1] لم أجدهما في كتب تراجم الصحابة.
[2] طبقات ابن سعد ج 7 ص 31.







نسب حميس بن أد بن طابخة
وولد حميس بن أد: حرب، كانوا مع أبرهة الأشرم فهلكوا يوم الفيل ونجا منهم ستون، فهم إلى اليوم ستون لا يزيدون على ذلك، إذا ولد مولود مات رجل، وهم في بني عبد الله بن دارم وأمهم الخشناء بنت وبرة أخت كلب بن وبرة.
فولد حرب: عوف بن حرب. وبشير بن حرب. وعمرو بن حرب. والأعور بن حرب.
فولد عمرو: برمة بن عمرو. وكعب بن عمرو. وعكابة بن عمرو.
وولد الأعور بن حرب: كلدة. وسفيان. وعبد الله.
وولد كعب بن عمرو: دثار بن كعب، وأمه ابنة تغلب بن وائل أو ابنة وائل.
وقال أبو اليقظان: بنو حميس بالكوفة في بني مجاشع، وبالبصرة في بني عبد الله بن دارم.
ومن بني حميس: المفوف الشاعر الذي يقول:
سوار أنت فتى نزار كلها ... تعطي الجزيل ولا ترفقه
وكان المفوف أرسل امرأته من خراسان وأرسل أيضا رجل آخر امرأته، فاخذهما الخوارج فمضى المفوف وصاحبه إلى الخوارج. فأما المفوف فأصاب المحنة فخلي وامرأته، وأما الآخر فأخطأ فقتل.



ksf l.dkm uk] hgfgh`vd td hkshf hghavht