الوعي الحضاري

في الفكرالاسلامي المعاصر



عبد الصمدالسويلم























مقدمة


بسم اللهالرحمن الرحيم


والصلاةوالسلام على خير الانام نبي الاسلام الذي به((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَبِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ )) وعلى الهالطيبين الطاهرين........وبعد:


ان الحديث عنإصابة الأمة الإسلامية بأعراض الضمور الحضاري غير مقبول من قبل الراي العامالاسلامي ويمكن القول بانه غير واقعي، لان الرأى العام الإسلامي يرفض التخلف،ويدرك مواقع السلبيات والايجابيات ويعمل جاهداً على تنمية الايجابيات وتنحيةالسلبيات، انطلاقاً من ان التاريخ الإسلامي عبر احقب المختلفة شهد إزدهاراً كبيراًفي كل مجالات الحياة، وان الإسلام في جوهره دعوة للعلم والتعلم...فكيف ياتي الحديثعن ضمور حضاري اصاب الامة الاسلامية؟!


فالمسلمون يعتزوندائماً بأنهم خير أمة أخرجت للناس كما وصفهم القرآن الكريم، وان الشعوربالخيرية قد حصّنهم ضد كل الأمراضالاخلاقية التي أصابت المجتمعات البشرية، وان المؤسسات التعليمية ومراكز البحثوضعت الحلول اللازمة للنهوض بالأمة الاسلامية واللحاق بالركب الحضاري العالمي بعدان حددت التحديات ومسيرة الأمة. حيث تناولت الدراسات العديد من الموضوعات التي تهمالأمة الإسلامية.


ومن خلال دراستهالمختلف اشكال التحديات المتشابكة التي تواجه الأمة الإسلامية تحاول ان تزيلالعراقيل أمام مسيرتها لتحقيق وحدتها ونهضتها، عبر الاعداد لصياغة حضارتهاالمستقبلية المنشودة على نحو يحقق المكانة المرموقة للعالم الإسلامي بين اممالعالم المختلفة، حيث كانت هذه المكانة واضحة المعالم إلى وقت قريب


لقد رفض المسلمونالرؤية الغربية لواقع الأمة،حيث ينظرالاسلام الى أن التقدم الحضاري ليس قاصراً علىالماديات فحسب والتي تتميز بها الحضارات الأخرى بعكس ما يراه الغرب ، لأن الحضارةلدى المسلمين لها ركائز من قيم الهداية الإسلامية والتي كانت الأمة فيها حريصة علىنشرها في الاطار الدولي العام عبرالتاريخ... وبعد انتصار المسلمين الصوري في جهادهم ضد المستعمر وحصولهم علىإستقلالهم الصوري والذي كان في واقع امره استبدال استعمار مباشر باخر غير مباشر عنطريق حكم العملاء اعقاب الحرب العالمية الثانية من خلال ثورات الاستقلال الوطني،عملوا جاهدين على مواجهة كل المشكلات الداخلية والخارجية التي تقف حجر عثرة فيسبيل مسيرة الأمة والشعوب المسلمة لبلوغ النهضة والتقدم والانطلاق إلى آفاق العصرالذى نعيش فيه،. وكانت البداية لمسيرة الأمة الجديدة هى في تسليط دوائر الضوء حولالسلبيات، حتى يمكن الاتجاه نحو الايجابيات اللازمة و محاولة التصدي لكل المشكلاتوالمعوقات التي تسربت و ترسبت في حياة المسلمين في عهود الاستعمارية... واستجلاءالصعوبات التي تعوق دراسة مشكلاتهم ووضع الحلول المقترحة في حيّز التطبيقوالتنفيذ، واكتشاف أهم أسباب المشكلات التي تواجه الأمة لغرض معالجتها.الا انالاخفاق الذي وقع في التنفيذ أدى الى الفشل في تحقيق ذلك هو يكمن في عدة امور منها:غياب روح العمل الجماعي مما ادى الى عدم فعالية العمل المؤسساتي، وقشرية القرارالجماعي، وظهور الاستبداد الفردي في قيادة دفة الحكم واتخاذ القرار وتهميش بل والغاء دور القواعدالشعبية واستبعاد التكنوقراط في صناعةالقرار كما ان منها غياب الرؤية الحضارية الحقيقية الاستقلالية والمتبلورة في صيغاستراتيجية وأطر تكتيكية وكانت المشاريع والبرامج المطروحة مجرد شعارات مرفوعة ليسالا، ومنها ايضا غياب النموذج الذي يجب التأسيء به والاقتداء به سواء النماذجالحضارية القديمة او المعاصرة ،ولذا فلقد عمل المفكرون من الاسلامين من امثال سيدقطب والسيد محمد باقر الصدر والسيد الخميني على العمل على بلورة مشروع اسلاميلطرحه وان كانوا مختلفين في كثير من الرؤىفضلا عن عدم نضج البعض منها.


والمسلمون وجدواان الغرب وصف أغلب الدول الإسلامية أوصافاعدة منها وصف "التخلف" أو "التدهور"، و بالرغممن ترديد بعض المؤسسات المتخصصة في البلاد الاسلامية تقليدا اعمى وتبعية لهذهالمصطلحات الغربية.. إلا ان الرأي العام الإسلامي تأصل لديه الوصف القرآني الكريمبأن الامة الاسلامية أمة متميزة وأنهم خير أمة أخرجت للناس، وبين رفض الاعترافبامكانية التطور والنهوض الحضاري على وفقالقيم الاسلامية وضرورة الذوبان والانصهارفي الحضارة الغربية لدى دعاة العولمة و بين التعصب المعاكس لقيم الحضارة الاسلاميةعبر رفض الانفتاح على الغير وقبول الاخر من قبل بعض السلفية، فقد أدى ذلك إلى عدمالاهتمام بمشكلة التخلف الحضاري وتجنب البحث فيها، مما عرقل تطور البحث في مشكلةالحضارة وفي تنفيذ اليات النهوض الحضاري عبر ترجمة نتائج البحوث الى ارض الواقعبالرغم من ان الأمة الإسلامية لها هوية حضارية أصيلة بدأت منذ بداية الدعوةالإسلامية وتنظيم المجتمعات المسلمة على ركائز متينة من تعاليم الدين الإسلاميالحنيف، وما تضمنته من وحدة الأمة ونهضتها، حيث صاغ المسلمون أعظم حضارة عرفهاالتاريخ الإنساني، حضارة لم تعرف الأنانية التعصبية قط ونحن هنا لانقصد الانظمة الطاغوتية الحاكمةبل نقصد عموم شعوب الامة الاسلامية حيثقدمت كل وسائل نهضتها ورقيها للاسرة البشرية في كل المجالات حتى بلغ العالم أوجحضارة معاصرة بفضل مؤثرات الحضارات الإسلامية الخالدة بفضل بقاء اثار تلك الحضارةالاسلامية في التطور الحضاري الغربي والذي يستمد بعض جذوره العلمية والثقافية منالحضارة الاسلامية بفضل الله تعالى. الا انه مع انتشار المصطلح الغربي، الذي وصفالأمة وألصق بها مشكلة "التخلف"، وهي مشكلة تتعلق بالابتعاد عن الاصالةالحقيقية للانطلاق مجددا الى مديات رحبة وخصبة للتطور الحضاري ، وبالرغم من واقعيةمشكلة التخلف لم يتم تناول بدايات هذهالمشكلة و أسبابها بشكل موضوعي كاف وكانتاغلب الدراسات المنشورة بين مدافع وناكرلظاهرة التخلف.


اما معارضة مصطلح «التخلف»فان إطلاق مصطلح"التخلف" في الادب السياسيالغربي على حال الأمة، يلقى معارضة شديدة من الرأي العام الإسلامي، وذلك لأسبابلها مدلولات نفسانية وعقائدية تراكمت في التربة الإسلامية عبر المراحل التاريخية،ويرجع ذلك العمق النفسي إلى شعور المسلمين المتزايد بأفضليتهم وخصوصية هويتهم التيوصفهم بها القرآن الكريم في قوله تعالى ((كنتم خير أمة أخرجت للناس)) وقد توافرلدى الأمة من خصائص اقترن بها هذا الوصفالقرآني الكريم على وفق شروط عدة منها :الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمانبالله تعالى، وهي ليس دعوة استعلائية أدت إلى انغلاق المجتمعات المسلمة على نفسهابل انها أدت إلى انفتاح المسلمين على المجتمعات الدولية في كل مكان للأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر والاصرار على الخوض في تحديات وصراعات حضارية واستراتيجيةلاجلالتفوق على الذات فضلا عن التفوق على الغير مما دفع الغرب الى اعتبار الاسلام خطرايهدد وجوده الحضاري، أي ان تهمة عنصرية الاسلام والمسلمين وهمجيتهم ووحشيتهم لا اساس لها من الصحة ولا محل لها فيأوساط المسلمين الذين لم يفرطوا في الرسالة التي كُلفوا بإبلاغها للأسرة الإنسانيةحيث اعتبروا رسالتهم انسانية امميةغير خاصة بهم فقط.


وقد كانت اشكالية البحث في اراء السيد محمد الصدر حول مسألة الصراع الحضاريتدور حول( ان الظروف التي رافقت البحث وطبيعة التناول التي تطرقاليها السيد محمد الصدر لهذا الموضوع من احداث الصراع السياسي انذاك مع النظامالقائم الذي منع من وجود كتابات صريحةتعبر عن اراء السيد محمد الصدر بوضوح تام،مما جعل ما تناوله (قدس) حول هذا الموضوع مليء بالغموض والضبابية في مطاويء اراءهالمتعلقة فيما وراء الفقه والمبعثرة هنا وهناك وهي اراء بطبيعة الحال قابلة لتاويلات عدة ،مما جعلها اشد غموضا فيالتناول من استاذه السيد محمد باقر الصدر الا ان ضرورة اعادة اكتشاف السيد محمدالصدر لاستخراج الدرر المبعثرة هنا وهناك الى درجة الغموض الذي لاينفع معه حتىاقتباس النص في الكشف المباشر والواضح عن مباني السيد محمد الصدر حول القضاياالراهنة لعمق الابهام والاجمال في الطرح لذا نحن بازاء تناول غير مسبوق لآراء عالملم يحظ باهتمام معتد به كما حظى به استاذه وتكمن الصعوبة في ضرورة منع وجوداسقاطات فكرية للباحث عند قراءة اراء السيد محمد الصدر مما يمكن ان يوصف بالتمحلوالتكلف، كما ان هناك ثمة مشكلة اخرى وهي معضلة المصطلح حيث اننانجد ان ثمة مصطلحات لكل واحد منها مدلوله ومكانته في الفكر البشري، لعل اهمها هومصطلح "صدام الحضارات" او"صراع الحضارات" ، وعدم التمييزالدقيق بين المصطلحات يؤدي الى تشويش في الفهم وتناقض في الادراك بل وصراع فيالمواقف، لذا على الباحث ان يحدد هذهالمصطلحات ويبين خلفيتها ، ويوضح الموقف منها.


ولعل في طليعة تلك الإشكاليات المنهجية المعتمدة التي لطالما أصابت البحث العلميبالاضطراب والبلبلة، حيث نجد ان إشكالية المصطلحات التي درج الباحثون على استخدامهادونما تطابق أو توافق في الراي على مدلولاتها لدرجة التناقض أو التعارض الجذري فيما بينهم فياستعمال تلك المصطلحات وتداولها، مما نتجعنه تباينات في وجهات النظر ابتدأ بتباين "شكلي" لفظي، سرعان ما يتحولإلى أزمة مفهومية بنيوية تصل إلى حدود إسقاط نصوص مرموقة وتاويها على وفق الفهم الجاهز في تمحل وتكلف واضح. ولانتلك المصطلحات هي أكثر بكثير من كونهامجرد صيغ لفظية بل هي مفاهيم قائمة بذاتها تحمل في طياتها تعقيدات قيمية مركبة لاترقى إلى الوعي العام بها مما يفقدها قدرةالتاثير على الواقع وينحصر تفكيك "رموزها" في ندرة من المتخصصين ليس الامما يجعل الحوار بينهم حوار طرشان، وزاد الطين بلة تداول غير الاكفاء منالمتخصصين، النصوص قراءة وبحثا مما كرس الجهل المركب وذلك لان المصطلح المفهومالملتبس، من شأنه أن يحدد أحيانا البحث في النص ، بحسب اختلاف الرؤيا في المنهجيةأوالغائيةالخارجية وكل ذلك حصل لانعدام وجود معايير معرفية لتحديد حدود المفاهيموتعاريف المصطلحات.


لذا يبدو من المستحيل والحال هذا الى التوصل إلى تناغم أو توافق في التعامل مع المصطلحات (المفاهيم) أو الكثير منهابحيثتصبح مصطلحات لا يعتريها اي اشتباه أو لبس أو سوء فهم، فلاخلاص للباحث من هذهالمشكلة الا باللجوء إلى التوسع في التوضيح داخل النصوص، أو اكثار الهوامش،للتعريف بتلك المصطلحات ، وربما يكونللباحث مصطلحات مفهومية تأسيسية في عملية اعادة انتاج وتاسيس للمصطلحات .


ولاجلهذا كله يرى الباحث ضرورة اتباع المنهج الوصفي-التحليلي في البحث،وبهذه الوصفيةالتحليلة تتكون صيغة اسلوبية توفيقية تضمن للبحث اكمال الصورة وبلورة التصور وتتيحاقران التبريرات بالتعليلات والنتائج بالاسباب وما توفيقي الا بالله...عليه توكلتواليه انيب.


















































المبحث الاول





مفهومأزمة الوعي الحضاري


الوعيوالحضارة..المصطلح والمفهوم



كرّم الله عز وجل الإنسان على سائر خلقه بالعقل والوعي وهو محور الرسالاتالسماوية, قال الله تعالى :"ولقد كرمنا بنى أدم وحملناهم في البر والبحرورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً"(سورة الإسراء 71)ولذا جاء التكليف للإنسان بامرين وهما العبادة لله عز وجل والعمارة للأرض وأي خللفي أداء الإنسان فيهما تصبح حياتة مضطربةقلقة ويعيش في ضيق وضنك.
وبناءً على ما سبق ذكره نجد أن المجتمعاتإنما تتطور في مسيرتها التاريخية بفعل وعي الإنسان باهدافه الحقيقية في الحياة منخلال سنن القوة والنصر والتمكين التاريجية في الأرض وفقا لنظرية الاستخلاف، ويعزىانهيار الأمم والمجتمعات الى الانحراف عن القيم الانسانية التي يعمل على محو معنى ذلك الوجود الحضاريالإنساني.. وهذا هو سرّ الحضارة عند قيامها أو انهيارها



وثمة ملاحظة آخرى يجب الانتباه لها في اثناء البحث العلمي الاوهي اننا نجد في مدلول كلمة حضارة عدم دقة مفهوم مصطلحالحضارة فهل هي مأخوذةمنالحاضرة التي يقابلها البادية؟ أم هي ما يخص الحاضر من دون الماضي والمستقبل؟ امياترى هي عبارة عن سلوك قائم على دقةالتنظيم والترتيب والنأي عن العشوائية؟ ام هي الذوق الرفيع في فن التعامل..(الاتكيت).كما يحلو لاعضاء السلك الدبلوماسي التعبير عنهاولا مشاحاة في الإصطلاح كما يقولون فيمكن القول أن مظاهر الحياة بأنشطتها المختلفةفيالحاضرةأو البادية تخضع لمبادئ عقائدية وفكرية وأخلاقية تنتمي إلى المنهج الإسلاميأوالغربيو من هنا ينشأ الصراع القائم ...
فضلاعن ان مفهوم الصراع يتضمنالصراعالقائم بين االحضارة الإسلامية والغربية في الميادين الفكريةوالاقتصلديةوالإعلامية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية والعلمية كافة ؛ وإنكانتالحضارةالغربية متفوقة من خلال امتلاكها القوى المؤثرة المالية والعسكرية وسواهالكن الحضارةالإسلاميةتزدهر بالايمان فتكسب قلوبا جديدة وأرضا جديدة كما قال السيد محمد الصدر(لديهم المال والسلاح ونحن لدينا الله).وسنتصرق الى (الوعي والحضارة)من حيث المصطلح والمفهوم.



































































اولا


الوعي..المصطلح والمفهوم


ل بيان أهمية هذا الوعي الحضاري لابدلنا من أن نطرحه في تقييمنا على واقعأزمتنا الراهنة التي يعيشها وطننا من جراء الاحتلال والفساد الاداري، والصراعالسياسي والحركات الإرهابية من دون تطرف فكري لكي يتم تشخيص حقيقة الخلل على ارضالواقع من دون اشتغال عرضي بمجرد وصف الخلل في المراحل التاريخية السابقةقد اسهمت في تركيز ارتكاز سلبي في لاوعي الامة عبرخلق نمط من التفكير الا وهوالتبرير السلبي بحيث اصبح اخر ما نفكر بهعند حدوث أزمة ما هو أن نلوم ذواتنا , ونهمّش دورنا فيما يحدث لنا من ازمات ؛ رغم ان الله عز وجل يقول" أن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (سورة الرعد 32) ويقول ايضا:" أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله علىكل شيء قدير" (سورة آل عمران165 ) إن أزمتنا الراهنة في جميع المجالاتالحياتية سواء اكانت سياسية أم غيرها هي (أزمة وعي) في فهم الدين وفقه التدين وخللفي معرفة الفرد بواجبات وحقوق الانتماء للمجتمع. فضلا عن تلك الغشاوة المزمنة التيأفقدتنا رؤية المدخل الحضاري ودفعتنا الىالولوج في حضارات الوهم المادي .التي حصرت الحضارة في العمارة والتقنية من دون اي اعتبار للقيم الانسانية والاخلاقية،بل كرست الايمان بشريعة الغاب والصراع مناجل البقاء وفلسفةالبقاء للاقوى في منظور الدراونينة والافكارالميكافيلية.
إن مستوى الوعي الحضاري الشامل لحاجات الإنسان والمجتمع هو الذي يحدد مستقبلنا ،فالشعوب المسلمة مهما نالها انحطاطحضاري تبقى تملك ادوات النصر
وللأهمية القصوى للوعي الحضاري ..لا بد اولا من بيان حقيقة هذا المصطلح ليتضحالمراد منه وليمهد فهمه للتطبيق والعمل .
فـ(الوعي) من المصطلحات الشائعة الاستعمال نتيجة لسعة استخدامها في مجالات شتى ولاسيما في القضايا الفكرية والثقافية.
وبالرجوع إلى أهل اللغة لبيان معنى الوعينجد ان ابن فارس يقول:"الواو والعين والياء: كلمة تدل على ضمَّ الشيء. ووعيتُالعلمَ أعيه وعياً . وأوعيت المتاع في الوعاء أُعيه.."[1] وهذا ما نجده في قولهتعالى: "وتعيها أذن واعية" (سورة الحافة 12) وقوله:"وجمعفأوعى" (سورة المعارج 18) وهي هنا بمعنى الجمع والحفظ .
ثم في مرحلة لاحقة صار المصطلح يستخدم بمعنى الفهم وسلامة الإدراك وفي علم النفسيعرف الوعي بأنه :" شعور الكائن بما في نفسه، وما يحيط به" [2] ومع تقدم العلم وتعقدّالمصطلحات والمفاهيم أخذ مفهوم ( الوعي) يسير باتجاه المزيد من العمق والسعة،ليستخدم في المجالات النفسية والاجتماعية والفكرية كافة . وليصبح معناه اخيرا" الإدراك العقلي الواضح بمتطلبات العمل الناجح " اي ان اي مشروع إنسانيلابد لكي ينجح من أن يسبقه تفكير موضوعي يضمن نجاحه من خلال توافقه مع سنن الحياة. و الوعي دون عمل مجرد احلام وامال ليس الا وبحسب راي السيد محمد الصدر الذي وردفي الخطبة الاولى من الجمعة الرابعة هناكاشارات ان تم تجريدها عن الخصوصية نستطيع فهم ان وجود العمالة القائمة على احترام الغرب واعتبار الفرد الغربي هو الفردالاكمل والامثل الذي يجب طاعته وهذه العمالة مرتكزة في وعي بعض الناس مما يجعلهمعملاء شاؤا ذلك ام ابوا لان من رضي بفعل قوم كان منهم وكل فعلهم ووعيهم قائم علىمحاربة الاسلام ووصمه بالتخلف حيث قاموا بنشر الفكروالفلسفة والثقافة الغربية [3].









































































































ثانيا


الحضارة.. المصطلح والمفهوم
ان مصطلح (الحضارة) من المصطلحات التيتختلف مدلولاتها من ثقافة إلى أخرى وذلك لانها ثقافات تحكمها البيئات المختلفة منموروثات وقيم سائدة.
فالحضارة في اللغة العربية مشتقة من الحاضرة ضد البادية وفي الإنجليزية (
civilization)تعود إلى الجذر اللاتيني (civites) وتعني المدنية، فالمعنيان متقاربان فياللغتين من حيث الجذر [3],اما ابن خلدون فجعل الحضارة(( غاية العمران و نهاية لعمره وأنها مؤذنة بفساده)) [4] فالحضارة عنده تعنيغاية المبالغة في التحضر و نهاية عمر الترف المادي المؤذن بعدها بالانحطاط ، وهذاالمعنى يختلف عن المعنى المعاصر.
اما تعريف ديورانت للحضارة فيقول:" الحضارة نظام اجتماعي يعين الإنسان علىالزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتألف من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية ، والنظمالسياسية ، والتقاليد الخلقية ومتابعة العلوم والفنون ، وهي تبدأ حيث ينتهيالاضطراب والقلق".
وعليه:. الحضارة لدى ديورانت هي حادثة عن الإنتاجية بغض النظر عن مستواها. وأماتايلور فنجده لايعرف ولايحدد مستوى الحضارة بحد سوى التقدم اللامتناهي. اذ يقول فيتعريفه للحضارة:"هي درجه من التقدم الثقافي تكون فيها الفنون والعلوم والحياةالسياسية في درجة متقدمة"
إلى غير ذلك من التعريفات التي تتفاوت حسب الخلفيات المعرفية والتاريخيةوالعقائدية عند النظر إلى الحضارة عند المفكرين, وبشكل عام فقد توسع مفهوم الحضارةليشمل كل أبعاد التقدم و هذا هو اتجاه المفكرين الفرنسيين، وهناك من جعله قاصراعلى نواحي التقدم المادي مثل أصحاب الفكر الألماني، وهناك من جعله مرادفاً لمفهومالثقافة .
والمفكر الإسلامي مالك بن نبي اعطى مفهوماً ديناميكيأ للحضارة متاثرا بالمفاهيم الانتربولوجيا ومفاهيم علمالنفس الاجتماعي في جدلية العلاقة بين الفرد والمجتمع يتحدد في ضرورة " توفرمجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقسم لكل فرد من أفرادهفي كل طور من أطوار وجوده منذ الطفولة إلى الشيخوخة المساعدة الضرورية له في هذاالطور أو ذاك من أطوار نموه "[5] .
بمعنى ان الحضارة عند مالك بن نبي وغيره من المفكرين هي أعم من العمران المادي ؛وهو ما دفع البعض للتمييز بين مصطلح (الحضارة ) ومصطلح (المدنية) على اساس انالمتحضر هو من يسكن الحواضر، والمتمدن هو من يسكن المدن، ولكن الكثير من الباحثيناكتشفوا أن رقي الحياة الإنسانية ذات بعدين أساسيين : بُعد شكلي وبعُد داخلي.لذاأطلقوا مصطلح (المدنية) على ما يتم من رقي حقيقي داخلي في مضامين الحياة الحضريةالجوهرية فالمدني هو ضد الهمجي، ومصطلح (الحضارة)اطلقوه على الارتقاء الشكلي فيوسائل العيش وأدوات الإنتاج وطريقة تنظيم البيئة. وراى البعض الآخر من المفكرين عكس ذلك بالضبط لذا أطلقوا مصطلح (الحضارة)على ما يتم من رقي حقيقي داخلي في مضامين الحياة الحضرية الجوهرية فالمدني هو ضد الهمجي،ومصطلح (المدنية) على الارتقاء الشكلي في وسائل العيش وأدوات الإنتاج وطريقة تنظيمالبيئة[6].
وفي المذهبية الإسلامية التي ننظر من خلالها للكون والحياة اهتمام شديد بمسألةالتفريق بين المدنية والحضارة.
فقد ذم الله عز وجل أمما وأقواماً تقدموا أشواطا بعيدة في العمران، واستخدام الموارد، وتصنيع الأدوات،لكن عتوهم عن أمر اللهتعالى في افساد هم لمضامين القيمالانسانية في نظمهم العمرانية ،كان سببا في إبادتهم. كما قال تعالى:"أولميسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذي من قبلهم كانوا أشدّ منهم قوة وأثارواالأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان ليظلمهم ولكنأنفسهم يظلمون" (سورة الروم9)
واكد لنا القران العظيم ان ما يبلغه اي قوم كقوم ثمود من الارتقاء والقوة لايعد تقدما ان لم يكن تقدما في القيمالانسانية والاجتماعية، وهي القيم الحضارية الحقيقية،بل سيكون انحطاطهم الاجتماعيوالخلقي سببا في جعل العمران من مقومات طغيانهم مما يجعله سببا مستقبليا لانهيارهمالاكيد يقول سبحانه: "واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبؤاكم في الأرضتتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فيالأرض مفسدين"(سورة الاعراف 74)لان القوم كفروا وأعرضوا عن قبول النصيحة فيماقاله لهم أخوهم صالح فكانت النتيجة أن أخذتهم الرجفة: "فأخذتهم الرجفةفأصبحوا في ديارهم جاثمين" (سورة الاعراف 78)



















































المبحث الثاني


التخلف الحضاريوحقيقته في الرؤية الفكرية الاسلامية


اولا


مفهوم التخلفالحضاري


ان تحديد مفهومالتخلف الحضاري يصعب إدراكه من دون مقارنته بمفهوم "التقدم الحضاري"فالتقدم هو عبارة عن حركة المجتمع إلى الأمام، والتقدم يكون ذا طابع جماعي ناتجبالضرورة عن حشد هائل متنوع من ألوان التقدم الفردي عبر العلاقة الجدلية لتفاعلالفرد والمجتمع، وفي تحليل التقدم الحضاري نراه قائما على جزئين: أولهما يتعلقبالوسائل، والثاني يرتبط بالقيم، فالتقدم ب"الوسائل" له طابع مادي يرجعإلى نشأة العلوم و تطبيقاتها مما يمكن ان يستخدم لتحقيق سعادة الانسان للوصول الىالغاية من وجوده في الكون بمعنى ازالة العوائق من صراع مع الطبيعة او صراع الانسانمع اخيه الانسان لاجل توجيه همته وبالكلية الى ما خلق من اجله وهو المعرفة الالهيةليس الا لا ان يتحول الى عبد للمادة ولشهواته النفسية[7].


و تقدم"القيم" فهو تحقيق القيم لاهدافيأتي في مقدمتها رضا الله تعالى والخير العام وهو عمران الدنيا والاخرة، أي انالتقدم المرتبط بهذه القيم يكون ذا طابع معنوي، وبمقدار تحقق هذين الجزئين وتوافرعناصرهما يمكن الحكم على حضارة ما بأنها متقدمة ام لا، لقد حققت الحضارة الإسلامية في الماضي نتائج إيجابية مهمة في كلا المجالين(الوسائل، والقيم السامية) مما جعلها حضارة عالمية خالدة نهل منها العالم كله.


وقد كتب تاريخ العصور الإسلامية على اساس دراسةالحكام والحكومات بعد سقوطها من قبل اعدائها فضلا عن فقدان الكثير من الوثائقالتاريخية


وأغفل الكتاب إلىحد كبير تاريخ المجتمعات المسلمة، كما انصب اهتمامهم على الجانب العسكري أكثر مناهتمامهم بالجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالرغم من انها من اهمالعناصر الضرورية للحكم على المستوى الحضاريلكننا نجد ان ذلك قد اكد لصوق تهمة التخلف وعدم النهضة الحضاريةللمسلمين[8].

----------------
[1] - معجم مقاييس اللغة 6/ 124
الموجودفي الموقع الاليكتروني


http://www.saaid.net/book/open.php?cat=90&book=1005
[2] - انظر : تجديد الوعي لبكار
الموجود في الموقع الاليكترونيhttp://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=print


&sid=407
[3] انظر
الصدرمحمد،موسوعة كتب الامام الشهيد السيد محمد الصدر ج7 منبر الصدر،الطبعة الاولى،مؤسسة احياء الكتب الاسلامية ،مطبعة انتشارات جلال الدين،سنة 1427 هجرية،ص25-27وكذلك ص 34-35





[4]- انظر : المعجم الوجيز اعداد مجمع اللغة العربية في القاهرة .


الموجود في الموقع الاليكتروني


www.arabicacademy.org.eg/admin/PrintingUpload/68/أبحاث%20المجمع%20-%20نسخة.doc او http://catalog.library.ksu.edu.sa/digital/323078.html
[5] - انظرمقدمة ابنخلدون. الموجود في الموقع
الاليكتروني


ar.wikisource.org/wiki/
[6] - انظر مشكلةالأفكار في العالم الإسلامي لمالك بن نبي. الموجود في الموقع
الاليكتروني


www.islammemo.cc/article1.aspx?id=45985 - 37k
[7] - انظر: تجديد الوعي لبكار,مقدمات للنهوض بالعمل الدعويلبكار الموجود في الموقع
الاليكتروني


.www.islammemo.cc/article1.aspx?id=45985 - 37k


[8]انظر المقالات المنشورة في المواقع الاليكترونية التالية


www.alriyadh.com/2004/08/24/article13744.html- 25k


وwww.burnews.com/articles.php?action=show&id=587 - 34k -
























































ثانيا





حقيقة التخلفالحضاري في الرؤية الفكرية الاسلامية





ان موقف النخب الثقافية من التعامل معالحضارة الاسلامية يتبنى عدة مناهج نقدية مختلفة المناشىء والدوافعوالاهداف، بحسب ما تم تبنيه من مختلف الثقافات المتفاوتة، التي تنازعت فيما بينهاللسيطرة على المشهد اليومي للحياة.


ومن اهمها المنهج التبريري الانهزامي" الدفاع السلبي "و المنهج الاقصائي، سواء أكان ذلك الغاءً او استبعادأللذات ام للغير اي الدائر بين تقديس الذات وتقديس الغرب.


ومنها المنهج الامتزاجي.والامتزاجيةرغمانها رفعت لواء الانفتاح تحت ذريعة التفاعل الايجابي مع الاخر الا انها تتضمنايحاءًا سلبياً بالعجز الذاتي وتكتفي بالتلفيقة والسطحية في تبني الاراء وفقدتالاصالة من جهة عدم الانتماء الحقيقي للذات، وفقدت الانتماء للغير من جهة اخرىوعاشت ازمة الهوية.واخيرأ هناك المنهج التأصيلي التفاعلي عبر تنقية الفكر الاسلامي من التلوث الثقافي بالغرب تحتمسمى العصرنة والحداثة،بل ممارسة التفاعل الايجابي مع القيم الانسانية المشتركةللحضارة الغربية.


ويعد المنهج الافتعالي اخطر المناهج،لما له الكثير من النتائج السلبية على بناء الحضارة الاسلامية. لقيامه على اساساستعارة مفاهيم ومصطلحات غربية لا تنسجم مع المنظومة المعرفية الحضارية للعالمالاسلامي تحت عنوان الحداثة ثم محاولةاسلمتها (والحقيقة ليس لها من الاسلام الا الاسم بل ان الذي يحدث هوتطويع المفاهيم الاسلامية للمفاهيم الغربية قسراً لتكون بنية ثقافية لقيطةوهجينة تجعل من الهوية الاسلامية مسخامشوها، وكل ذلك للإيحاء بالانفتاح نحو الحضارة الغربية ليس الا من اجل انتزاعالاعتراف بالهوية و اثبات وجود دور مزعوم في اتخاذ القرار التاريخي لمن تبنى مفهومالحداثة ممن تركز الشعور بالدونية في اللاوعي الجمعي لديهم.


فهؤلاء ممن ( يحاول ضغط الافكار والمعتقدات الدينيةالاسلامية بالشكل الذي يجعلها مقبولة ومعقولة طبقاً لمعايير الآخر ومنظومتهالمعرفية وهذا يولّد في اقصى حالات تطرفه الاتجاهات التي تؤمن بحقن النصوص بمضامينمعاصرة وهذا التيار يأتي لتبرير قبول افرازات الثقافة الغربية ومرجعياتها الفكرية،خصوصاً في جوانبها المقنعة ). (1)


لذا فهم في حالة دفاع مستمر عبراعتمادهمايديولوجية تبريرية لتقنين وشرعنة مشروعهم للحضارة الاسلامية عبر جعلها مرنةوموافقة للحداثة الغربية. وذلك لان المعيار في الحضارة لديهم هو مدى اقترابه منتلك الحداثة بقيمها كافة ، مما جعل الثقافة الغربية في موقع متقدم لديهم نسبياً في ساحة الصراع الحضاري، ولقدحققوا نجاحات في ذلك لانهم من منظري حكام الانظمة السياسية، ولقد كانت الثقافةالغربية هي التي تحدد اليات عملهم وكيفيته، اما بالنسبة الى من آمن من المفكرينبالمنهج الدفاعي السلبي فقد تبنى الدورً الترميمي في افضل احوالهً لسدالخلل في المنظومة المعرفية عبر تبني اطروحات جاهزة لا تجديد ولا اصالة فيها فهملا يلجأون الى التأصيل الفكري الا لاجل الدفاع عن الهوية ورد انتقاد الاخر وهجومهورفضه على اساس انه يعد رمزا لابادة الهوية واعتبار الصراع معه صراع وجود فلا حوارمعه ولاانفتاح عليه.


ومن ثم فقد حاول الغرب توجيه النظريةالاسلامية من خلال هؤلاء نحو مسار ينسجم عمليا مع الاسس الفلسفية للحضارة الماديةالغربية،وذلك من خلال ابتكار مصطلحات وخلق مفاهيم تتناسب مع طموحات الأمن القومي الغربي والرؤى الثقافيةالغربية اعداد لقبول الذهنية الاسلامية لأنماطً ثقافية وسلوك حضاري يكرس التبعيةالفكرية في عملية غسل دماغ ثقافية جمعية تعرقل تحرك المجتمع باتجاه مساره الحضاريالصحيح.


وبطبيعة الحال سيكون التطبيع القسريالمستمر على الصعيد النظري والعملي الذي يقوم به بعض المفكرين من الذينيقدسون الحضارة الغربية ، منتجا نحوا من تداخل المواقف و خلط الاوراق وتمييعالمفاهيم والرؤي والافكار وتشويه الحقائق وضبابية القرار والتحليل،وصولا الى تهميشالنظرية الاسلامية المتكاملة بمفاهيم استلابية مما يجعل حالة الاغتراب المعرفيوالحضاري امرا واقعا، وهو الذي سيقود اخيرا الى الوصول الى حالة الحيلولة من دونحصول قراءة واعية للذات و للآخر، لوجود خليط غير متجانس من الرؤى الاسلاميةوالعلمانية والتغريبيةوهو ما يمنع من الرؤية الموضوعية والقراءةالحيادية وسيساهم بالفعل في نقل الازمة الحضارية الغربية(وهي ازمة انحطاط القيم الانسانيةوالاخلاقية وانهيار النسيج الاجتماعي) الينا عبر العولمة والغزو الثقافي، لتصبحجزءا من بنيتنا الثقافية الاسلامية، ، فيجب قيام المفكرين الاسلاميين باعادة صياغةالتجارب وفقاً للتصورات الاسلامية، وعدم الاتكاء على التجارب الاخرىفي التعامل معواقع مغاير في الزمان والمكان، مع الحفاظ على المشترك الحضاري.وهذه الصياغة تتم(عبر آليات مرنة للتعاطي معها ليس بهدف جعل النص متحركاً تبعاً لتحرك الواقع، بلعلى العكس جر الواقع الى افاقه باعتباره هدفاً ووسيلته الانتقال والحركة).(2)


























ثالثا




اتباع المنهج الامتزاجي ودوافعه


يطرح التسأول المعتاد عن الدوافعالكامنة وراء ظهور هذه الظاهرة الانهزامية في الابتعاد عن الاصالة الحضارية وتاتي الاجابة على هذا التسأول في امكانيةارجاع هذه الظاهرة الى جذورها الاصلية وهورسوخ الشعور الاحباطي الذي لازم النهضة الحضارية في اغلب المراحل التأريخية، هذاالشعور قد تشكل على اساس الاحساس بوجود تخلف حضاري و عجز حضاري وخوف حضاري.


و الاحساس بوجود التخلف الحضاري ظهربعدة مظاهر منها التعلق بالآخر والتبعيةله وهذا مما ادى في النهاية الى فقداناصالة الانتماء الى الذات والانفصال عن القيم الحضارية الاسلامية، فان منيعتقد بهذا الموقف لا يقتنع بوجودالأهليةوالقابلية في حضارته لكي تحاور الآخر فضلا عن ان تصارعه(3).


ومما نتج عن الشعور بالعجز الحضاريالعجزعن توليد مفاهيم ومصطلحات تلائم الواقع المعرفي وبالتلازم مع وجود الخطاب الاعلامي المضاد القائم على تزييف الوعي الحضاري وتنميطالثقافة لصالح تكريس الثقافة الغربية وقعت بالتي هيمنة المفهوم والمصطلح الغربيعلى المسرح الثقافي مع ملاحظة ان الكثيرمن المفاهيم الغربية مفاهيم مجملة غامضة فضفاضة قابلة للانطباق على اكثر منتأويل لذا يراها كل طرف متلائمة مع ثوابتهومرتكزاته فلا يتردد لذلك في ادخالها وتوظيفها في منظومته الفكرية لتصبحبالتالي جزءا من ارثه الثقافي، وهذا النهجاكثر فاعليه في تحطيم حضارة الامة من دعوة الالغاء المباشرة وذلك لاكتسابهاالشرعنة باسم الحفاظ على الاصالة والانفتاح على الاخر.


وهذا التخلف الحضاري وهذا العجز الحضاريصاحبه خوفٍ حضاري بعد احداث 11من ايلول عام 2001 م بعد ان بدأت امريكاحملتها العسكرية ضد ما تسميه بالارهاب الاسلامي باحتلال افغانستان والعراق مما دفعبعض المفكرين لتقبل الثقافة الغربية واسلمة مفرداتها خوفاً من الاتهام بالرجعيةوالتخلف والسلفية والارهاب، لاجل اعطاء الاخرين انطباعاً حسناً عن الايديولوجيةالاسلامية على انها لا تتقاطع مع توجهاتهم العلمانية، ضمن فكرة تقبل حضارة الآخروهي محاولة لتبرئة الذات معززة بقناعات حقيقة بعجزها مرتكزة في العقل الباطن..


و قيادات التوفيقية تتالف من مثقفيالخارج حيث ساهم الاعلام الغربي العلماني في توسيع دائرة تفكيرهم لبسطها وفرضها على ارض الواقع الثقافي لا لاصالةومتانة فكرها بل لدعم الدوائر الغربية اعلاميا لها حيث تم الترويج لبضاعتهاعلىاعتبار اقربية معايشة واكثرية تعاطف تلك الشريحة للفكر الغربي من غيرها كنحو منالتخادم السياسي لاصحاب النعمة من الغربيين، فضلا عن ضعف وركاكة ثقافة غيرهم من المثقفين في الطرف الاخر.


عبر عملية تصنيع ثقافة مفتعلة مكونة مننماذج تبريرية تعمل على مسخ الخصوصيةالثقافية مما يعني محو الهوية الاسلامية وتوسيع الهوة بين الحضارتين الاسلاميةوالغربية بما يخدم مصالح الغرب الاستراتيجية مع ان كان من المفترض ان يكون هناكدورا تكامليا ثنائيا في تفاعله بالاستفادة من تطور التجارب الحضارية المتنوعة والناتج من الاحتكاك الحضاري مع الغرب من جهة مع أدراك مؤامرات الحضارة الماديةالغربية ووعي للخصوصية الذاتية الاسلامية من جهة اخرى، مما يقدم من منجزات فكريةوعملية لترسيخ الهوية والخصوصية المعرفية للمجتمع.في نسيج واحد متكامل،


وهناك ظواهر اخرى ظهرت جراء ما سبق اناشرنا اليه في جدلية الصراع الحضاري بين الحضارة الاسلامية مع الحضارة الغربية مماساهم في تعميق الازمة ومن هذه الظواهرانفصال المثقف الاكاديمي عن خط علماءالمرجعية الدينية وهي مؤسسة تمتلك ثقلا فكريا من خلال مخزون تراثي معرفي كبيريعطيها قدرة هائلة على التاثير والحركة ، ولايمتلك بذلك المثقف لوحده بسبب انفصالهعن خط المرجعية الدينية اي قدرة على حل الاشكاليات المطروحة، فالثقافة الاكاديميةجزء من العلاج وليست كله.واحساس المثقف الاكاديمي بالتفوق المعرفي مما اصابه بالغرور المعرفي، عبر احساسه امتلاكهالحقيقة المطلقة دون غيره، فساهم في تحديد قدراته الثقافية في حدود ضيقة مما حالتدون نموها، كما في مثال المثقف العراقي مما جعله ( يعيش ازمة في التعبير والمصطلحافقدته القدرة على استيعاب الموضوع والافكار بدقة، واعادة توليدها بثقة وابداع،فظلت لغة المثقف العراقي لا تحمل المعاني المطلوبة) (4).و انتشار ثقافة التطرفالديني، والتخندق خلف واجهة المقولات الطائفية الدينية، لانجاح المخططات السياسية،مما جعل بعض من المثقفين بل ومن شرائح المجتمع يتقبل كرد فعل سلبي المفاهيم الغربيةكما هي من دون ان يصحبها حالة اعادة انتاج، لتلائم الواقع الاسلامي ،خاصة مفاهيمكالتسامح والانفتاح والسلام العالمي والشرعية الدولية،فكان الترويج لها على حسابالمرتكزات الاسلامية ، وتم تحويلها الىمفاهيم مطلقة خارجة عن واقعها ومحيطها الخاص.


وكذلك الانتشار الواسع لكثير منالمصطلحات والمفاهيم، ذات الطابع الغربي في الخطـاب الاسـلامي، مما اعتبرها البعضخصائص ثقافية لا يمكن تجاهلها وتجاهل اثارها حيث فرض على المثقف تقبلها وتقبل جملةمعتد بها من المفردات الملازمة والمتولدة عنها وهي محاولة لازالة المفاهيم الاسلامية في صراع الحضارات وهذه المفردات والتي ينبغي الحذر من التعامل بها تعتبر جزء من المأزق الثقافي تمت صياغتها عبر تراكمات وارتكازات دخيلة ، يُراد منها خلقازمة الهوية الحضارية، وهي بذلك تسمح للثقافة الغربية بالاقتحام المشرعن الىالمشروع الحضاري الاسلامي، وتخلق الارضية الخصبة لثقافة الاخر للبقاء والاحتواء،وهذه المفردات لها دلالات خطيرةتشكل خللاًعميقا في طبيعة فهم الواقع وفي طبيعة التعامل معه بما يتلائم مع الحالةالتاريخية، وهي مساهمةً الآخر في صياغةذاكرة اصطلاحية وهمية لاجل بناء هوية مزورة من خلال القيم المستوردة للامةعبر الية التطبيعً الحضاري.


حيث يساهم هذا التطبيع في افراغ النظريةالاسلامية من واقعه العملي لتتحول الى وجود طقسي جاف لا نهضة فيه ليُعطى للآخر ذريعة منطقية لاقصاء الاسلام عن الحياةالاجتماعية على اساس اعتبارالاسلامهوالمسؤول عن التخلف الحضاري الذي عانى منه العالم الاسلامي،على اساس تبني ما حدثفي اوربا من اقصاء التيار الديني الكنسي، وحصره الدين ضمن دائرة الكنيسة علىاساس ان الدين افيون الشعوب وعنوان التخلف ولولا ذلك لما امكن للتقدم الحضاريالاوربي ان يأخذ مداه الا ان السيد محمد الصدر قد اكد بان التشريع الاسلامي يعالج امراض ومشاكل كلالنفوس والعقول ويحل كل المشكلات على جميع الاصعدة . [1]





















































المبحث الثالث


الغزو الثقافيوكيفية محاربته في ضوء الفكر الاسلامي


اولا





مفهوم الغزوالثقافي


هناك صراع ثقافي عالمي ؛ كون (الثقافة)بوصفها أسلوبحياةستظل موجودة رغم تبدل الوضع السياسي لمن يحمل تلك الايدلوجيا .


و يعمل الغرب دائما على تطوير نتاجهالثقافيوتطويرإمكاناته العلمية والتقنية ولا نقول نتاجه القيمي، من اجل ان تصبح حضارته وثقافته هي المسيطرةالوحيدة علىانحاءالعالم. و لاجل تكريس ذلك استخدم الغرب كل نفوذه وإمكاناته الاعلامية والعسكرية في إخضاع شعوب العالم في آسيا وإفريقية وأمريكا اللاتينية في حربنفسية كونية في عملية غسل دماغ جماعي،وقد وجد الغرب أن السيطرة الثقافية أفضل قوةوأقل تكلفة ،فعمل بالاضافة الى تكريس وجوده العسكري في تدعيم نفوذهالسياسيوالاقتصادي والثقافي.ووفقالدروس السنن التاريخيةنجد بان الأمم التي تمسكبزمامالحضارة العالمية هي التي تضع شروط النهضة الحضارية على بقية الامم الاخرى،وهي التي تحدد مواصفات الثقافة والقيم المختلفة وكمثال على ذلك ما كانت عليهالحضارات السابقة كاليونانية والاغريقية وحضارت الشرق الاوسط والادنى والحضارةالاسلامية من ريادة وقيادة في ميدان الركب الحضاري العالمي، ونتيجة العلاقةالجدلية الديناميكية بين القيم والعمران يكون قوام النهضة وبالتالي يكون عدمالتوافق والتناسب المطرد بين القيم الحضارية الانسانية وبين التطور التقني سببالانهيار الحضارات كما نجده في تاريخالحضارات القديمة حيث اننا نجد ان سبب انهيار تلك الحضارات امام الغزو الهمجيوالبربري الوحشي من اقوام متخلفة حضاريا هو سقوطها القيمي فقد عجزت عن البقاء رغمانها كانت في اوج تطورها التقني انذاك ، وهكذا استوعبالغربالدرس جيدا فهو عندما ينظر الى العالم فيصراع الرقي الحضارة لا يفعل ذلك من منطلقالتهديدباستخدام القوة الغاشمة وحدها بل بالاضافة اليها نجده يستخدم ما لدى ثقافاتوارتقاءحضاري تقني لاغراء الأمم والشعوب الأخرى في السير في ركابه، معتمدا في ذلك ايضاعلىقدرتهالفائقة في إيجاد الأزمات الدولية، وعلى قدرته في التنظير التضليلي لتلكالازماتو ادعائه بالقدرة على العمل على معالجتها.


و لا شك في أن الغرب يعاني الكثير منالأزمات علىالصعيدالفكري والاجتماعي، لكن تفوّقه التقني الحضاري، وتقدّمه الكبير في البحثالعلميونجاحه الباهر على مستوى التقنية الصناعية


وبذلك تمكن من اختراق (الوعي الحضاري الجمعي) للشعوب النامية، مماجعل نخبها المثقفة تنقسم على نفسها بازاءالموقف من الصراع الحضاري مع الغرب ما بين مُعادٍوموالٍومتردد فمثلا اننا نجد أننا نستخدم بعض الأفكاروالمقولات الغربيةفيالرد على أفكار ومقولات غربية أخرى، كما أننا نجد أنفسنا منخرطين في حرب ثقافيةداخليةبين المتعصبين من الاصوليين للثقافةالإسلامية وبين المتعصبين للثقافة الغربية من المعجبين بالحياة الغربية.


واليوم نحن نجد انفسنا بحاجة الى حماية ثقافتنا منالغزو الثقافي الغربي





















































ثانيا








كيفية محاربة الغزوالثقافي


(توصيات )


يعمل الغرب دائما على تطوير نتاجهالثقافيوتطويرإمكاناته العلمية والتقنية ولا نقول نتاجه القيمي، من اجل ان تصبح حضارته وثقافته هي المسيطرةالوحيدة علىانحاءالعالم. و لاجل تكريس ذلك استخدم الغرب كل نفوذه وإمكاناته الاعلامية والعسكرية في إخضاع شعوب العالم في آسيا وإفريقية وأمريكا اللاتينية في حربنفسية كونية في عملية غسل دماغ جماعي،وقد وجد الغرب أن السيطرة الثقافية أفضل قوةوأقل تكلفة ،فعمل بالاضافة الى تكريس وجوده العسكري في تدعيم نفوذهالسياسيوالاقتصادي والثقافي.ووفقالدروس السنن التاريخيةنجد بان الأمم التي تمسكبزمامالحضارة العالمية هي التي تضع شروط النهضة الحضارية على بقية الامم الاخرى ولاجل الانتصار فيمواجهة الغزو الثقافي لابد من الاخذ بالخطوات التالية:.
1-الاعتراف بهيمنة الثقافة الغربية على العالم وهو اعترافمهم لانه يبعدنا عن المكابرة من جهة ويعمل على جعلنا على استعداد تام لمواجهةالغزو الثقافي.
2-مواجهةالغزو الثقافي الغربيلايمكن أن تتم إلاّ من خلال العودة الى ثقافتنا الإسلامية لاجل تعزير وتقوية وجودهاودورها الحضاري، ولاجل تحقيق ذلك لابد من ممارسة النقد الذاتي لأوضاعنا الثقافيةالسائدة، لاجل تحسين مستوى إنتاجناالثقافيكما ونوعا.
3- الانفتاح الايجابي على الثقافة الغربيةلان معرفتنا بواقع الثقافة الغربية محدود، و المعرفة الجيدة لها تتطلب فيضاً من البحوثوالدراسات العلمية الجدية والرصينةوالمتقنة، فلا بد من توفيرالإمكاناتللقيام بذلك.
فدراسة مشكلات الثقافة الغربية تُشكِّل ركيزة منركائز الدفاع ضد الغزو الثقافي،
إنالغرببماديته التي ادت الى فقدانه للقيم الاخلاقية والانسانية قد فقد المرجعيات التيكان من المفترض يستمد منها التوجيه الحضاري والتي تحكم تصرفاته، وأضرار هذالاتظهر إلاّ إذا تفاقمت الأزمات الاقتصادية، وانكشفت اكذوبة الرفاه الاقتصادي التيكانيسترها الرخاء الزائف.
اننااذا سرنا في عين طريق التحضرالغربي، فان هذا يعني أننا قد حكمناعلى أنفسنا بـ(الذيلية) له بشكل غير محدود وأبدي. إن جزءاً من اصالة تطورناالثقافي ومن اسلوبنا في مواجهة الغزو الثقافي هوأننقوم بسلوك طريق مختلف عن طريقه بل ومباين له ، على صعيد سلم الأولويات للقيمالاساسية الحضارية، لذا نحن في حاجة إلىإستراتيجية ثقافية تهتم بتطوير قيم الإيمان والاخلاص والاصالة والاستقامة السلوكية في أخلاقيات العملالممتثلفي الإنجاز المتفوق نوعا وكما والجدية والدقة والتعاون والجودة...
ويعدالتعليم الجيد اساس تطور أي ثقافة، الا اننا نلاحظان مستوى الوعي والحماسة والاندفاع نحو التعلم قد بدات تتراجع على اثر استبعادالنخب المثقفة من مراكز اتخاذ القرار وتدني المستوى المعاشي بما يليق بتلك النخب، وهذاسيجعل الاستراتيجة المنشودة للتصدي للغزو الثقافي حبرا على ورقكما يقال!!!
لذايجب التصدي لمنع تحول الاكاديمين الى ابواق وامعات للانظمة الحاكمة.


ان السيد محمدالصدر يرفض اعتبار الحضارة قائمة على العلم والتقنية لان العلم الطبيعي عاجز عنتفسير كثير من الظواهر الكونية والطبيعية وعلاج وحل كثير من المشاكل النفسيةوالاجتماعية والاخلاقية بل ان الاستعمار وخدمته هم الذين يجعلون الضغوطاتوالبلاءات على المجتمع[2].


.................................................. ...............


[1] انظر الصدر محمد،موسوعة كتب الامام الشهيد السيد محمد الصدرج7 منبر الصدر،الطبعة الاولى، مؤسسة احياء الكتب الاسلامية ،مطبعة انتشارات جلالالدين،سنة 1427 هجرية،ص 92-97


.................................................. ...............


[2] انظر الصدر محمد،موسوعة كتب الامام الشهيد السيد محمد الصدرج7 منبر الصدر،الطبعة الاولى، مؤسسة احياء الكتب الاسلامية ،مطبعة انتشارات جلالالدين،سنة 1427 هجرية،ص 98-103




















المبحث الرابع











صراع الحضارات في المنظور الفكري الاسلامي وكيفية التعامل مع هذاالصراع


اولا


صراع الحضارتفي المنظور الفكري الاسلامي




ان الفرق بين الحضارة والثقافة كمفهومينقد يلتبسعلى البعض التفريق بينهما مهم جدا من ناحية البحث العلمي لان ما يريد الغرب اشاعتههو ان الحضارة تنحصر في التطور التقني في حين ان مايريد الاصوليون ان يروجوا له انالحضارة منحصرة في الثقافة والثقافة عندهم هي مجموعة القيم الجامدة ليس الا!!!


والحقيقة انالحضارةتشمل الإنتاج المادي وغير المادي لأمةمنالأمم من خلال تفاعلها مع عناصر البيئة المختلفة.
أماالثقافة فتشمل الإنتاجغيرالمادي إنها منظومة الأفكار والقيم والتقاليد التي تراكمت مع الزمن في البيئةوالتراثلتشكل المزاجية والحالة النفسية والعقلية والذهنية السائدة في المجتمع وهي في تطور دائم.
وعلىهذا الأساس فالثقافة تشكل الجانب المعنوي القابل للتغير والتحول أما الحضارة فتمثلالجانب الثابت في تاريخ الأمة كأدواتالإنتاجوالجانب الإقتصادي والعسكري وارثها الثقافي.
وبناءعلى ماسبق فإن ما نجده في الحرب الثقافية بين الغرب والاسلام هوغياب دورالحضارةالإسلاميةبمفهومها الواسع المميز عن الصراع من جراء حالة التخلف الذي تعيشه الأمة ولذا نجد انه لابد من التنبيه إلى امرين اساسين

الأول: - أن مفهوم الحضارة في جانبه المعنوي وهو الجانب القيمي والأخلاقي لم يكتمل إلافي الحضارةالإسلاميةفقط دون جميع الحضارات السابقة واللاحقة لها وعلى هذا الأساس فيمكناعتبارصراع القيم هذا صراع حضارات أوحربا ثقافية كما يحلو للبعض تسميتها بناء على اعتبارالثقافةجزءا من كل هو حضاري.

الثاني: - ليستالحضارة الامريكية والاوربية هي الحضارة الوحيدة فهناك توجد حضارات ذات طابعاستقلالي في طور النمو ومنها الحضارةالصينية واليابانيةوالتيتمثل قوى عظمى واعدة في المستقبل المتعدد الاقطاب وإن كان الظاهر عليها الان أنهاتسير في منظومة الحضارة الغربيةبطابعهاالحديث فهذا لأنها تمثل حضارة حقبة تاريخية واحدة تسير فيركابواحد حيث من الطبيعي في الحقبة التاريخيةالتشابه في المظاهر الحضارية لوجود التأثير والتأثر بين الأمم والثقافات ويبقىان الجانب القيمي بينها وبين الحضارةالغربية مختلف.
ويمكنلامة الإسلام التي تنبع ثقافتهامنإرثها الديني والحراك التاريخي يشهد بذلك ان تدافع عن ثقافتها في هذا الصراعالحضاري وان تنفتح وتتفاعل حضاريا بشكلايجابي مع تلك الحضارت الشرقية الناهضة من اجل انتصار على الغرب في الصراع الحضاري.














إنمصطلح - مفهوم "الصراع"، هو أحدأبرز المصطلحات - المفاهيم الرائجةالتدوال بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك مفاصل الشيوعية، وظهرت الدعوةللتبشير بنهاية التاريخ، وفاقاً لأطروحة فرانسيس فوكوياما، إثر طرح ما يسمىباطروحة الصدام الاستراتيجي بين الحضارت وحروب المستقبل على يد صامويل هانتغتون.وإذا كان هذا الأخير قد نظرإلى الصدام بين "الحضارات" باعتبارهنتيجة حتمية للتباين الإيديولوجي والثقافي، وهي توليدات مقدسة وحتمية لديه(1)،متجاهلاً عن عمد القواسم البشرية المشتركة والتفاعلات الايجابية بين"الحضارات" وخصوصاً ما كان منها واحدا في الاصل والنشأة على مستوىالجذور او على مستوى وحدة التجربة الإنسانية، لكن صامويل هانتغتون قد نجح في تنصبما يشبه الموقف الثقافي والدلالي الموحد حول مصطلح الصراع، إلى درجة انه قد زرعوتثبيت مضمون معرفي خاص لهذا المفهوم.


لقد جعل هانتغتون من عقول مثقفي القرنالعشرين حقلا خصبا لآرائه حول الصراع الحضاري ، الى درجة انه ما عاد ينظر إلىمصطلح - مفهوم الصراع إلا عبر النموذج "الهانتغتوني" الرافع لرايةالحرب.


فرفضتاي راي او دلالة غير تلك. في هستيريا ثقافية عامة وعالمية،من جراء القلق الغربي منالفراغ الايدلوجي والاستراتيجي اعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الامميةالاشتراكية الماركسية، وتصاعد تيار الرعب المرضي من النهضة الإسلامية أو:"الإسلاموفوبيا" تحت ذريعة الارهاب الاسلامي لدى الدوائر الاستراتيجيةالغربية(2)وهذه "الإسلاموفوبيا" ليست موجهة ضد الإسلام فحسب كما يتوهمالبعض، بل هي ايضا موجهة ضد الإسلاميين عموماً (3). عبر ظاهرة التحذير مما يسمّىفي الغرب بالتهديدات القادمة من الارهاب الاسلامي من خلال الاستحضار الدائم المقصودلصورة نمطية عن العالم الإسلامي باضطراباته المتعددة، وامتداده الشاسع جغرافيا،وامكاناته الاقتصادية ، وتضخمه الديمغرافي المضطرد، وعداء شعوبه( التي تعاني منالتهميش التاريخي) لهيمنة الغرب وجنوحه الإلحاقي واستتباعه وهذا كله جعل الكثير منالمحللين الغربيين يكثرون من الحديث عن الإسلام على أساس اعتباره "صوتاًالعداء الحضاري المتخلف ، و في المقابل نلاحظ لا مبالاة الغرب وغطرسته الثقافية،واجتياحه الاقتصادي(4).


ومنخلال صراخات الحرب الصادرة من المرحبين والدعاة والمبشرين بالايديولوجية العسكريةللصراع الحضاري من المستفيدين منها ، قد أصمَت قعقعة السيف المسلول بين "الحضارات" الآذان تبعاً لنظريةهانتغتون عن اي حوار او التقاء حضاري. وبصرف النظر ، فإننا نرى انه ليس من الضرورةان ينحصر الصراع باعلان الحروب واستخدام العنف بالضرورة. فالصراع صيغة معقدة منصيغ الاختلاف والنزاع مع المشروع الحضاري المادي المؤدي بالمحصلة النهائية إلىمالا نراه في مصلحة المجتمع الإنساني، بالرغم من اختزان هذا المشروع للكثير منالايجابيات والانجازات التي ليس لمنصف أن ينكرها من رقي تقني. فقيم الغرب تشكل نسيجاً متهرئا ممزقا. وبذلك يتسبب الغربفي انهياره الحتمي الذاتي(5) . أما الصراع بالحرب التي يندفع إلى الولوغفيها دعاة "حربولوجية"(6) في اليمين الامريكي المتطرف الجديد خلالالسنوات الأخيرة فمواجهته امرضروري لانه لا يمكن مواجهة العدوان والغزو العسكريوردع الظلمة والطغاة الا بكل اشكال المقاومة حتى المسلحة منها(7) ، وإذا كان في الإسلام جهاد فهو من أجل حماية المشروعالإلهي القائم على الهداية إلى الحق ليس الا وهو للضرورة فحسب(8) وفاقا لرأي السيدالخميني(9). وعندما كان المسلمون يضطرون إلى خوض حرب، فإنما كانوا يخوضونها فيسبيل اللّه وليس لاغراض دينوية(10) فحتى لوان الحرب أنتهت،، فإن الصراع الحضاري لايتوقف بل يستمر بوسائل أخرى.


لقد فعل خطاب الصراع الهانتغتوني فعله وتجاوز نطاق المؤمنين به والمروجين له،حتىوصل إلى حد تبني خصومه له، تحت تبريرخطابات واقعة تحت تاثير ردود فعل أخلاقية وسياسية تلائمه. لكن خصوم الغرب قدالتزموا موقع الدفاع فقط مما جعل الغربيحتفظ لنفسه بالمبادرة في الهجوم. وهم حتى فيما طرحوه من مبنى (حوار الحضارت)القائم على رفض خطاب "الصراع"من أساسه في خطاب "الحوار"(11) أو "التفاهم"، أو"التعاون والشراكة"(12) أو "التنافس الحضاري"(13) ،أو للاندماجبين "الحضارات" جميعا والابتعاد عما بينها من خلافات(14) ، أوعزل الهويةالحضارية عن الصراع الدولي"(15). و لعل أحدث صراع مفاهيمي هو التباين بينمفهومين هما مفهوم الحضارة لصامويل هانتغتون، و للسيد محمد خاتمي. لان الأول يرىبان الحضارة هي كيان ثقافي وهي هي أعلى تجمع ثقافي للناس. وهي تتحدد فيالعناصر الموضوعية المشتركة مثل اللغة والدين والتاريخ والعادات والمؤسسات والهوية في حين إن الثاني يرى بان الحضارة هيالآثار المادية للحياة الاجتماعية ولجميع المراكز والمؤسسات الاجتماعية، وبلغةاخرى هي المؤسسات الاقتصادية والسياسيةوالاجتماعية في حين ان الثقافة هيالمعتقدات والعادات والتقاليد والتراث الفكري والعاطفي المتأصل في المجتمع.


ايان الحضارة عند هانتغتون هي أقرب ما تكون الى الثقافة منه عند خاتمي.


أما مصطلح مفهوم الحوار الحضاري ومصطلح مفهوم الآخر فهو يعزز طرح السؤال الملح: الاوهوما الحوار وما هوالآخر؟وليس ثمة تناغمً او اتفاق بين العلماء والباحثين على تحديد مفهوم موحدللمصطلحين . فضلا عن السؤال التقليدي: ما الأنا؟ بل انه فوق كل ذلك كان ما يطرحهالمعارضون لاراء هانتغتون من حجج اضعفعلميا بكثير من حجج هانتغتون بالرغم من جمالية تلك المباني الانشائية بل وصوابيةبعض الاراء، و لقدظهرت على الكثير منهم علامات العجز الفكري المصحوب بالمكابرة، ،وورد على معظمهم الاتهام بالعجز عن تقديم "صورة بديلة مقنعةللعالم"(16)، حيث وصف تنظيراتهم علىانها تطرح بديلاً"عن الحضارة الغربية طوباويا غير واقعي(17)


والحقان الصراع حقيقة إنسانية تكوينية ذاتية مركوزة في الذات البشرية، وفي حركة الحياة. ولايوجد اي شيء في الإنسان وفي علاقاته الناس الا وهوقائم على الصراع والتحدي والمقاومة ،ولذافان "المابعد" قائم على "الماقبل" من خلال الصراع.


وحتىالديمقراطية الغربية نفسها مؤسسة وقائمةعلىنحو من صراع القوى ضمنحدود ومواصفات معينة.


وبالتاكيد نتيجة لنشوء قوى جديدة فانمستقبل العالم هو التعددية لا الوحدانية الحضارية والثقافية التي لن تعود قادرة على مصادرته واجتياحه بالكامل.اما بالنسبة الى المشروع الحضاري الإلهي فنجد فيه مصلحة في عدم إكراه الناس على اختيار طريقة الحياة(18)، وفي منححق الاختلاف عن الآخر في ظل سلوك حضاري(19)، من خلال (التعاون الحضاري) لبناء العالم بعد القضاء على القوى الامبريالية لا قبلذلك وليس من خلال دعاوى العولمةالعلمانية السطحية الديمقراطية الغربية ،ويتم كذلك ابتداءا عبر تنظيم وتقنين لالية الصراع بين المشروعين الحضاريين: الماديالغربي والإلهي الشرقي، كما ان هناك ضرورة لتوجيه الصراع الداخلي عبر توجيهالاختلاف من خلال اعتماد التنافس السلمي وقبول الاخر. من خلال اعتماد صيغة عقلانيةلتنظيم "الصراع" والاختلاف لتقرير ما فيه الصلاح،وما فيه دفع المفسدة،واعتماد المشاركة في القرار كطريق لحل المشاكل في إدارة الصراع داخل المجتمعالمسلم لاجل توجيه الصراع في إدارتهخارجا، لتحقيق أعظم أهداف المشروع الحضاري الإلهيالا وهي اممية العدالة، بدلا عن عولمة السوق وفرض أنماطالهيمنة والاستكبار العالمي.لقد تحدث السيد محمد الصدر عن الحريات المزعومةالزائفة فاكد ان حرية المراة مثلا ليس في نزع الحجاب وان حرية ابداء الراي وحرية الصحافة لاوجود لهامن الناحية العملية وان الحرية الحقيقية هي الحرية من النفس الامارة بالسوءوالشهوات وهي حرية اخروية وان الغرب اشاع التشكيك والتساول عن الاحكامالالهية واكد بان الحرية الاقتصاديةالغربية ليس الا للقلة المتنفذة وان هناك استعمارا قديما وجديدا وصريحا ومبطنامكتوما[19] ولقد اكد السيد محمد الصدر على ان الاستعمار يكره الاسلام والمذهبالجليل ويحاول تقليل بل والغاء الشعائر الدينيةكما وصف الاستعمار الامريكي بانهاستعمار مشؤوم ولكنه لن يستطيع ازالة ايمان المؤمنين وان امريكا تحاول تسخير كلالدول تحت سيطرتها وارادتها لكننا نعتقد بان مستقبل البشرية الى الخير والصلاح علىيد منقذها الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف ،بل ان التخطيط الالهي يقلب بعضقرارات الاستعمار لتصب في مصلحة الدين والشريعة وان الاخوة في الاسلام هي الاتموالاهم فالوحدة داخل الحوزة وبين المذاهب ضد العدو المشترك (امريكا-اسرائيل-بريطانيا)كفيلةبالنصر[20]








--------------------------------


الهوامش


انظرالى :


1- هانتغتون ، صامويل - في : "صدام الحضارات المنشور فيالموقعالاليكترونيwww.maktoobblog.com/email_post.htm?uid=drisslagrini&post=182041- 150k2


-أنظر: سعدي ، محمد - "الجنوب في التفكير الاستراتيجي الأميركي " - مجلة"المستقبل العربي" - بيروت 1/10/1998.المنشور في الموقع الاليكترونيwww.caus.org.lb/Home/publication_results.php?mode=category&CID=36


.


3-أنظر : هوليداي، فرد - نشرة "المقتطف الثقافي" - المركز الاستشاريللدراسات والتوثيق - العدد 219 - 6/5/1999 - بيروت.والمنشور في الموقع الاليكتروني www.dirasat.net/material/isdarat/isdarate.htm





4-محبوباني، كيشوري - أخطار التفسخ - في كتاب: "صدام الحضارات"والمنشور في الموقع الاليكتروني www.arabiyat.com/forums/showthread.php?t=11854.





5-المقصود بهذا المصطلح المنحوت من لفظتي "الحرب"و"الايديولوجيا" الإشارة إلى المتاجرين بالحروب من دعاة ان يعلو صوت الحرب دائماً على ما عداه.


6-خاتمي، السيد محمد - خصائص الحضاراتwww.islamic-council.com/conf_au/14/55.asp.


7-انظرمطهري في تفسيره للجهاد إلى اعتباره مماثلاً للصراع، إذا أخذنا بالتفسير المعنويله.(راجع كتاب: "الهجرةوالجهاد" المنشور في الموقع الاليكتروني، www.ahl-alquran.com/arabic/document.php?page_id=140www.alhikmeh.com/arabic/mktba/sira/alentelaq/01.html


8-الخميني، الإمام روح اللّه "مختارات.." المنشور في الموقع الاليكترونيwww.yasoob.com/books/htm1/m022/27/no2735.html.


9-المصدر السابق.


10-جريدة الحياة بتاريخ 28/5/1997 . وبتاريخ 11/7/1997، وبتاريخ 24/4/1997 و13/3/1997.. المنشورة في الموقع الاليكترونيwww.alhayat.comوفي جريدة القبس الكويتية بتاريخ 18/1/1998.


المنشورةفي الموقع الاليكترونيwww.alqabas.com.kw


11-أنظر: غارودي ، روجيه ، "الإسلام"والمنشورفي الموقع الاليكتروني4shared.com/file/23549273/2fbef47f/________________.html.


12-سروش، عبد الكريم حول إشكاليات الصراع بين الحضاراتالمنشور في الموقع الاليكتروني www.rifae.com/page.php?cat=13&id=24


13-عجمي، فؤاد - "الاستدعاء" - في كتاب "صدام الحضارات" والمنشور في الموقع الاليكتروني- www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&article=271913&issue=9517


14-بينيان، ليو - "تطعيم الحضارة –المنشورفي الموقع الاليكترونيwww.imamsadr.net/New/News/news.php?NewsID=3576


15-كوثراني، وجيه - "صدام حضارات، أم إدارة أزمات" المنشور في الموقع الاليكتروني فيwww.science-islam.net/print_article.php3?id_article=635%E2%8C%A9=fr


16-هانتغتون، صامويل - في: "صدام الحضارات"،المنشور في الموقع الاليكتروني.www.assafir.com/Opinions.aspx?EditionId=755&ChannelId=16886


17-اسبوزيتو، جون - مقابلة معه - جريدة السفير المنشور في الموقع الاليكتروني assafir.com/Article.aspx?EditionId=908&articleId=925&ChannelId =20551


18-المصدر السابق.


[19]انظر الصدر محمد،موسوعة كتب الامام الشهيد السيد محمد الصدرج7 منبر الصدر،الطبعة الاولى، مؤسسة احياء الكتب الاسلامية ،مطبعة انتشارات جلالالدين،سنة 1427 هجرية،ص 166-175


[20]انظر الصدر محمد،موسوعة كتب الامام الشهيد السيد محمد الصدرج7 منبر الصدر،الطبعة الاولى، مؤسسة احياء الكتب الاسلامية ،مطبعة انتشارات جلالالدين،سنة 1427 هجرية،ص 166-175 وكذلك ص 233-ص وكذلك243 ص286-290






































































































ثانيا


كيفية التعامل مع صراع الحضارات في ضوء الفكرالاسلامي


بناءا على ما سبق ذكره نجد ان خلاصة ماوصنا اليه تكمن في ضرورة اعادة قراءة التاريخ بموضوعية وضرورة وجود اصالةواستقلالية في عملية الانفتاح على الحضارة الغربية في عملية تفاعل حضاري ايجابيةمع الغرب ولاجل انجاح تلك المهمة حيث اننا نجد ان هناك ظواهر اخرى ظهرت جراء ماسبق ان اشرنا اليه في جدلية الصراع الحضاري بين الحضارة الاسلامية مع الحضارةالغربية مما ساهم في تعميق الازمة ومن هذه الظواهرانفصال المثقف الاكاديمي عن خطعلماء المرجعية الدينية وهي مؤسسة تمتلك ثقلا فكريا من خلال مخزون تراثي معرفيكبير يعطيها قدرة هائلة على التاثير والحركة ، ولايمتلك بذلك المثقف لوحده بسببانفصاله عن خط المرجعية الدينية اي قدرة على حل الاشكاليات المطروحة، فالثقافةالاكاديمية جزء من العلاج وليست كله.واحساس المثقف الاكاديمي بالتفوق المعرفي مما اصابه بالغرور المعرفي، عبر احساسه امتلاكهالحقيقة المطلقة دون غيره، فساهم في تحديد قدراته الثقافية في حدود ضيقة مما حالتدون نموها


ولاجل كل هذا نجد ان هناك ضرورة لاتخاذ الخطواتالاتية:


1-محاربة الارهاب والتطرف الفكري باسمالاسلام، بنشر الاسلام الحقيقي، وعدم تحويله الى مجرد مفردات مبسترة آنيّة متلائمةمع معاييرالحداثة، التي ظهرت بعدة صور تنسجم مع التوجهات الغربية تحت شعار النظام العالمي الجديد والمجتمع المدني والشرق الاوسط الكبير الجديد.


2-تبني المنهج التأصيلي في دراسةالحضارات العالمية، حتى الغربيةخاصة الامريكية منها، وبهذا المنهج يستطيع للمثقفالاسلامي تجاوز الازمة الفكرية المفتعلة و الاستغناء عن الاستيراد المفاهيميوالانفتاح على الحضارة الغربية مع الحفاظ على الخصوصية القيمية للمجتمع المسلمبعين الاعتبار في ذلك الانفتاح.وقد مُورس هذا المنهج بصورة اثبت نجاحه بشكل منقطع النظيرادهش الجميع من قبل السيد محمد الصدر(قدس) فقد ( استطاع السيد الشهيد محمد صادقالصدر ان ينجز كل ذلك " اي مشروعه التغييري الثوري" عبر منظومة مفاهيميةمغايرة، وان يؤسس شبكة من المفاهيم الخاصة، مفاهيم دينية – اجتماعية، ومفاهيم حولشؤون القيادة، ومفاهيم حول الشؤون الثقافية والسياسية الاخرى، شكلت بمجملها نسيجاًمعرفياً ميزه عن سواه... فلقد جاء هذا النسيج المعرفي بشيء من الفرادةوالخصوصية والابتكار... فهناك قصدية واضحة في انتقاء اي مفهوم وعلاقته بالآخر، ومنثَمَ الخروج بمسميات ومصطلحات للتجربة، وبالتالي فانها تشكل مشروعاً تغييرياً لهمحاوره ومعالمه ومرتكزاته الخاصة ). (5)


3- ممارسة نحو من الرقابة على الانتاج الثقافي المتداول حاليا في الساحةالاسلامية، لا بمعنى منع ممارسةالحريات الفكرية، بل بمعنى الوقوف ضد انتشارالافكار والتيارات الاستعمارية المؤدلجة التي تعادي القيم الثابتة للمجتمع المسلم،وفي الوقت الذي يتبجح به الغرب بالحرية الفكرية وقبول الاخر الا ان الغرب الديمقراطي يرفض التنازل عن ثوابته ومعتقداته، ويحارب الافكار الخارجة عنها، بل ويحاكماصحابها بتهمة معاداة السامية ومحاربة الارهاب، و الوقائع على ذلك اكثر من انتحصىر. لذا يجب اخضاع المفردات والمفاهيم المستحدثة لعملية اعادة انتاج تناسبالمنظومةالمعرفية الاسلامية للحفاظ على خصوصيات مكونات الهوية الاسلامية.


4- تشكيل مراكز بحث ومؤسسات دراسات دينية عصريةلها مناهج معاصرة خاصة تعمل لتخريج الباحث الاسلامي الذييعد امتداداً طبيعياً للمرجعية الدينية في التوجهات العلمية لكي ياخذ دوره الطبيعيفي ارساء دعائم المشروع الحضاري الاسلامي وذلك لبيان رفض دعوى الانغلاق من قبل بعضالجهات الثقافية واعتبارها جهة معادية تقف بوجه المرجعية الدينية وعلماء المسلمين ذوالنزعة الدينية المتعارفة و كذلك رفض اعتبار المرجعية الدينية وعلماءالمسلمين بؤرة لصناعةالارهاب والعنفالطائفي، كما ان تنوع الانشطة الثقافيةيجعل من الصعوبة بمكان على المرجعية الدينية التقليدية ان تواجه ذلك الغزو الثقافيبايدلوجية شاملةعقلانية لوحدها وباساليبهاالتقليدية لافتقارها الى الادوات البحثية و لحاجتها الى التخصص المعرفي ولحاجتهاللتفرغ وهو امر متعذر على المرجعية انتقوم بها لوحدها رغم انها من الحاجات الثقافية الاساسية للمجتمع المتناميةباستمرار.




................................


الهوامش


( 1 ) العالم الديني والتواصل مع العصر:عبد الله الفريجي، مجلة النبأ، العدد 61، السنة 7 ايلول / 2001 http://www.annabaa.org/pastnba/index.htm


( 2 ) العالم المسلم بين تحصين الذاتوالانفتاح على الآخر: محمد خليل، مجلة النبأ، المستقبل للثقافة والاعلام العدد 61السنة 7 ايلول / 2001 http://www.annabaa.org/pastnba/index.htm


( 3 ) انظرمانشربهذا الصدد في http://www.ahewar.org/debat/nr.asp


( 4 ) المشهد الثقافي العراقيالاشكاليات والمعالجات: حسن بركة الشام المنشورفيhttp://www.baghdadtimes.net/Arabic/cat200.php?sid=1213


( 5 ) المرجع الشهيد محمد الصدر، سيرتهالذاتية ومنهجه العلمي، مجلة الفكر الجديد، دار الاسلام للدراسات والنشر، لندنالعدد 18، 7 نيسان، لسنة 2000م، ص325.







































































































المصادر




[1] - معجم مقاييس اللغةالموجودفي الموقع الاليكتروني


http://www.saaid.net/book/open.php?cat=90&book=1005
[2] - انظر : تجديد الوعي لبكار
الموجود في الموقع الاليكترونيhttp://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=print


&sid=407
[3] انظر
الصدرمحمد،موسوعة كتب الامام الشهيد السيد محمد الصدر ج7 منبر الصدر،الطبعة الاولى، مؤسسةاحياء الكتب الاسلامية ،مطبعة انتشارات جلال الدين،سنة 1427 هجرية،





[4] - المعجم الوجيز اعداد مجمع اللغةالعربية في القاهرة .


الموجود في الموقع الاليكتروني


www.arabicacademy.org.eg/admin/PrintingUpload/68/أبحاث%20المجمع%20-%20نسخة.doc او http://catalog.library.ksu.edu.sa/digital/323078.html
[5] - مقدمة ابن خلدون. الموجود في الموقع
الاليكتروني


ar.wikisource.org/wiki/
[6] - مشكلة الأفكار في العالم الإسلاميلمالك بن نبي. الموجود في الموقع
الاليكتروني


www.islammemo.cc/article1.aspx?id=45985 - 37k
[7] - تجديد الوعي لبكار,مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي لبكار الموجود في الموقع
الاليكتروني


.www.islammemo.cc/article1.aspx?id=45985 - 37k


[8]مجموعة مقالات المنشورة في المواقع الاليكترونية التالية


www.alriyadh.com/2004/08/24/article13744.html- 25k


وwww.burnews.com/articles.php?action=show&id=587 - 34k -





[9]العالم الديني والتواصل مع العصر:عبد الله الفريجي، مجلة النبأ، http://www.annabaa.org/pastnba/index.htm


[10]العالم المسلم بين تحصين الذاتوالانفتاح على الآخر: محمد خليل، مجلة النبأ، المستقبل للثقافة والاعلام اhttp://www.annabaa.org/pastnba/index.htm


[11]مقالات منشورة في http://www.ahewar.org/debat/nr.asp


[12]المشهد الثقافي العراقي الاشكالياتوالمعالجات: حسن بركة الشام المنشورفيhttp://www.baghdadtimes.net/Arabic/cat200.php?sid=1213


[13]المرجع الشهيد محمد الصدر، سيرتهالذاتية ومنهجه العلمي، مجلة الفكر الجديد، دار الاسلام للدراسات والنشر، لندن.





[14]هانتغتون ، صامويل - في : "صدام الحضارات المنشور فيالموقع الاليكترونيwww.maktoobblog.com/email_post.htm?uid=drisslagrini&post=182041- 150k2


[15]-سعدي ، محمد - "الجنوب في التفكير الاستراتيجي الأميركي " - مجلة"المستقبل العربي" - بيروت 1/10/1998.المنشور في الموقع الاليكترونيwww.caus.org.lb/Home/publication_results.php?mode=category&CID=36


.


[16]-: هوليداي، فرد - نشرة "المقتطف الثقافي" - المركز الاستشاري للدراساتوالتوثيق - العدد 219 - 6/5/1999 - بيروت.والمنشور في الموقع الاليكتروني www.dirasat.net/material/isdarat/isdarate.htm





[17]-محبوباني، كيشوري - أخطار التفسخ - في كتاب: "صدام الحضارات"والمنشور في الموقع الاليكتروني www.arabiyat.com/forums/showthread.php?t=11854





[18]خاتمي، السيد محمد - خصائص الحضاراتwww.islamic-council.com/conf_au/14/55.asp.


[19]امطهري كتاب: "الهجرة والجهاد" المنشور في الموقع الاليكتروني، www.ahl-alquran.com/arabic/document.php?page_id=140www.alhikmeh.com/arabic/mktba/sira/alentelaq/01.html


[20]- الخميني، الإمام روح اللّه "مختارات.." المنشور في الموقع الاليكترونيwww.yasoob.com/books/htm1/m022/27/no2735.html.


[21]-جريدة الحياة المنشورة في الموقع الاليكترونيwww.alhayat.com


[22]:غارودي ، روجيه ، "الإسلام"والمنشورفي الموقع الاليكتروني4shared.com/file/23549273/2fbef47f/________________.html.


[23]-سروش، عبد الكريم حول إشكاليات الصراع بين الحضارات المنشور في الموقع الاليكتروني www.rifae.com/page.php?cat=13&id=24


[24]-عجمي، فؤاد - "الاستدعاء" - في كتاب "صدام الحضارات" والمنشور في الموقع الاليكتروني- www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&article=271913&issue=9517


[25]--بينيان، ليو - "تطعيم الحضارة –المنشورفي الموقع الاليكترونيwww.imamsadr.net/New/News/news.php?NewsID=3576


[26]--كوثراني، وجيه - "صدام حضارات، أم إدارة أزمات" المنشور في الموقع الاليكتروني فيwww.science-islam.net/print_article.php3?id_article=635%E2%8C%A9=fr


[27]--اسبوزيتو، جون ،مقابلة مع جريدة السفير المنشور في الموقع الاليكتروني assafir.com/Article.aspx?EditionId=908&articleId=925&ChannelId =20551






















hg,ud hgpqhvd td hgt;v hghsghld hgluhwv - uf] hgwl] hgs,dgl