مسيلمة الكذاب يشكل أزمة حادة بإدعائه النبوة


فكيف تمت مواجهة تلك الأزمة ؟



مسيلمة الكذاب حينما أدعي النبوةأراد أن يشغل الناس بقرآن أدعي أنه يتنزل عليه من السماء ولكن شتان ما بين القرآنيين والقارئ لقرآنمسيلمة يدرك علي الفور أنه كذب وافتراء .


فلما قدمت وفود بني حنيفة علي الصديق قال لهم : أسمعونا شيئا من قرآنمسيلمة ، فقالوا : أو تعفينا يا خليفة رسول الله ؟ فقال : لا بد من ذلك ، فقالوا :كان يقول : يا ضفدع بنت الضفدعين نقي لكم نقين ، لا الماء تكدرين ولا الشاربتمنعين ، رأسك في الماء، وذنبك في الطين ، وكان يقول : والمبذرات زرعا ، والحاصدات حصدا والذاريات قمحا ، والطاحناتطحنا ، والخابزات خبزا والثاردات ثردا ، واللاقمات لقما ، إهالة وسمنا ، لقد فضلتمعلي أهل الوبر ، وما سبقكم أهل المدر ، رفيقكم فامنعوه ، والمعتر فآووه والناعيفواسوه ، واذكروا أشياء من هذه الخرافات التي يأنف من قولها الصبيان وهم يلعبون ، فيقال : إن الصديق قال لهم :ويحكم ، أين كان يذهب بقولكم ؟


وقد أورد أبو بكر بن الباقلاني رحمه الله في كتابة إعجاز القرآن أشياء منكلام هؤلاء الجهلة المتنبئين كمسيلمة وطليحة والأسود وسجاح وغيرهم ، مما يدل عليضعف عقولهم وعقول من اتبعهم علي ضلالهم ومحالهم .


وقد روينا عن عمرو بن العاص أنه وفد إلي مسيلمة في أيام جاهليته ، فقال لهمسيلمة : ماذا أنزل علي صاحبكم في هذا الحين ؟ فقال له عمرو : لقد أنزل عليه سورةوجيزة بليغة ، فقال : وما هي ؟ قال : أنزل عليه ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلاالذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) قال : ففكر مسيلمةساعة ثم رفع رأسه فقال : ولقد أنزل علي مثلها ، فقال له عمرو : وما هي ؟ قالمسيلمة : يا وبر يا وبر ، إنما أنت إيراد وصدر ، وسائرك حفر نقر : ثم قال : كيفتري يا عمرو ؟ فقال له عمرو : والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب .

وذكر علماء التاريخ أنه كان يتشبه بالنبي e ، بلغه أن رسول الله e بصق في بئر فغزو ماؤه ، فبصقفي بئر فغاص ماؤه بالكلية : وفي أخري فصار ماؤه أجاجا ، وتوضأ وسقي بوضوئه نخلافيبست وهلكت ، وأتي بولدان يبرك عليهم فجعل يمسح رؤوسهم فمنهم من قرع رأسه ، ومنهم من لثغ لسانه ، ويقال : إنه دعالرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمي .



وقال سيف بن عمر عن خليد بن زفرالنمري ، عن عمير بن طلحة عن أبيه أنه جاء إلي اليمامة فقال : أين مسيلمة ؟ فقال :مه رسول الله ، فقال : لا حتى أراه ، فلما جاء قال : أنت مسيلمة ؟ فقال : نعم .قال : من يأتيك ؟ قال : رجس ، قال : أفي نور أم في ظلمة ؟ فقال : في ظلمة ، فقالأشهد أنك كذاب وأن محمدا صادق ، لكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر ، واتبعههذا الأعرابي الجلف لعنه الله حتى قتل معه يوم عقربا لا رحمه الله .([1])



خالد بن الوليد يتصدي لأزمة مسيلمة الكذاب



بعدما رضي الصديق عن خالد بنالوليد وعذره بما أعتذر به عن مقتل مالك بن النويرة والزواج من امرأته ؛ بعثه إليقتال بني حنيفة باليمامة ، وعبأ معه المسلمين ، وكان علي جماعة الأنصار ثابت بن قيس بن شماس ، فسار لا يمربأحد من المرتدين إلا نكل بهم ، وقد هجم علي خيول لأصحاب سجاح فشردهم وأمرباخراجهم من جزيرة العرب ، وأردف الصديق خالدا بسرية لتكون ردءا له من ورائه. وكان وقد كان بعث قبله إلي مسيلمة عكرمةبن أبي جهل ، وشرحبيل بن حسنة ، فلم يقاوما بني حنيفة ، لأنهم كانوا كثيري العددوالعدة وقد نجاوز أعدادهم الأربعين ألفا من المقاتلة ، وقد تسرع وناجزهم عكرمة قبلمجيء صاحبه شرحبيل فهزم وبقي في مكانهمنتظرا خالدا ، فلما سمع مسيلمة بقدوم خالد عسكر بمكان يقال له ( عقربا ) في طرفاليمامة والريف وراء ظهورهم ، وندب الناس وحثهم ، فحشد له أهل اليمامة ، وجعل عليمجنبتي جيشه ( المحكم بن الطفيل ) و ( الرجال بن عنفوة بن نهشل ) ، ( وكان الرجال) هذا صديقه الذي شهد له أنه سمع رسول الله e يقول : إنه قد أشرك معه مسيلمة بن حبيب في الأمر ، وكان هذاالملعون من أكبر ما أضل أهل اليمامة ، حتى اتبعوا مسيلمة ، لعنهما الله ، وقد كانالرجال هذا قد وفد إلي النبي e وقرأ البقرة ، وجاء زمن الردة إلي أبي بكر فبعثه إلي أهل اليمامةيدعوهم إلي الله ويثبتهم علي الإسلام ، فارتد مع مسيلمة وشهد له بالنبوة


قال سيف ابن عمر عن طلحة عنعكرمة عن أبي هريرة : كنت يوما عند النبي e في رهط معنا الرجال ابن عنفوة ، فقال : إن فيكم لرجلا ضرسه فيالنار أعظم من أحد ، فهلك القوم وبقيت فتنة الرجال أعظم من فتنة مسيلمة .([2])


وقرب خالد وقد جعل عليالمقدمة شرحبيل بن حسنة ، وعلي المجنبتين زيدا وأبا حذيفة ، وقد مرت المقدمة فيالليل بمجموعة من الفرسان تناهز الأربعين أو الستين فارسا ، عليهم مجاعة بن مرارة، وكان قد ذهب لأخذ ثأر له في بني تميم وبني عامر . وبينما هو راجع إلي قومه فأخذوهم فلما جيء بهمإلي خالد عن آخرهم فاعتذروا إليه ولما سألهم عن سبب مجيئهم قالوا لأخذ الثأر وكانينتظر خالد أن يكون مجيئهم لاستقباله والترحيب به فلم يصدقهم ، وأمر بضرب أعناقهمكلهم ، سوي مجاعة فأنه استبقاه مقيدا عنده – لعلمه بالحرب والمكيدة – وكان سيدا فيبني حنيفة ، شريفا مطاعا . ويقال : إن خالدا لما عرضوا عليه قال لهم : ماذا تقولونيا بني حنيفة ؟ قالوا : نقول منا بني ومنكم بني ، فقتلهم إلا واحدا اسمه سارية ،فقال له : أيها الرجل إن كنت تريد عدا بعدول هذا خيرا أو شرا فاستبق هذا الرجل –يعني مجاعة بن مرارة – فاستبقاه خالد مقيدا ، وجعله في الخيمة مع امرأته ليلي أمتميم ، وقال : استوصي به خيرا .

التكمله ف الحلقه القادمه







1- البداية والنهاية ج6 صـ 331 .
2- تاريخ الطبري ج3 صـ283 .

1- البدايةوالنهاية ج6 صـ327 ، والطبري ج3 ص287.
(3)




lsdglm hg;`hf da;g H.lm ph]m fY]uhzi hgkf,m