سلسلةالأنبياء القدامى الكرام




1- النبى شعيب






خروج موسىعليه السلام إلى أرض مدين، واجتماعه بنبيّ الله شعيب عليه السلام


خرج سيدناموسى عليه السلام من أرض مصر يريد النجاة من كيد فرعون وجنوده، ولم يكن خروجهجُبنًا لأن الأنبياء يستحيل عليهم الجبن، وتوجه عليه السلام إلى مدين ماشيًا علىقدميه بغير زاد ولا دابة يركبها فكان يأكل ورق الشجر، ومدين هي المدينة التي أهلكالله تعالى فيها قوم نبيّه شعيب، وبقي يمشي مسيرة ثمانية أيام حتى وصل إلى مدينوقد أثّر به الجوع والتعب، فجلس تحت ظل شجرة فأبصر امرأتين وكانتا أختين ترعيانالأغنام وتريدان سقي أغنامهما من بئر كبيرة، كان الرعاة يسقون مواشيهم منها وكانتهاتان الأختان تحبسان غنمهما لئلا يختلط بغنم الآخرين، فأشفق موسى عليه السلامعليهما فسألهما عن سبب تعهدهما لرعاية الغنم بأنفسهما، فأخبرتاه بأن أباهما شيخ كبيروليس عنده من الأولاد الذكور من يرعى له هذه الأغنام، وكان موسى عليه السلام لماورد ماء مدين وهو البئر وجد عليه جماعة من الرعاة يسقون أغنامهم منه فلما فرغواأعادوا صخرة كبيرة عليه، وكانت هذه الصخرة لا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فلما حدثتهاتان الأختان خبرهما لموسى عليه السلام تقدم نحو الصخرة الكبيرة الموضوعة على فمالبئر فرفعها وحده ثم استقى منها الماء وسقى لهاتين المرأتين غنمهما ورد الحجرمكانه، فلما فرغ من ذلك انصرف إلى ظل شجرة وجلس تحتها يدعو الله تعالى ويشكره،يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن نبيه موسى عليه السلام عندما خرج إلى مدينةمدين: ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِيسَوَاء السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَالنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَاخَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌكَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّيلِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [سورة القصص.


بعد أن سقىموسى عليه السلام غنم المرأتين رجعتا إلى أبيهما نبي الله شعيب عليه السلاممسرعتين وأخبرتاه بخبر موسى عليه السلام، وكيف سقى لهما غنمهما وأخبرتاه بقوته،وطلبتا منه أن يكرمه على هذا الصنيع الحسن معهما، فسُرّ شعيب عليه السلام لحسنصنيع موسى وبعث إحدى ابنتيه هاتين لدعوته إليه، فجاءت إلى موسى عليه السلام تمشيعلى استحياء ووقار وحشمة وطلبت منه أن يذهب معها إلى أبيها ليجزيه على عظيم صنعهمعها ومع أختها وعلى سقيه غنمهما، فقام معها موسى عليه السلام وقال لها: امشي خلفيوانعتي لي الطريق فإني أكره أن تُصيبَ الريح ثيابك فتصف جسدك، فمشت خلفه تصف لهالطريق حتى وصل إلى أبيها شعيب عليه السلام، فلما جاءه أخبره بأمره من حين وُلدوالسبب الذي أخرجه من أرض مصر، فلما سمع نبي الله شعيب خبر موسى عليه السلام طمأنهقائلا له: لا تخف نجوت من القوم الظالمين، لأنه لا سلطان لفرعون وجنده في أرضمدين. يقول الله تبارك وتعالى: ﴿فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَىاسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَلَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَالْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.


وطلبت إحدىالفتاتين من والدها شعيب عليه السلام أن يتخذ موسى عليه السلام أجيرًا عندهلقوَّته وصدقه وأمانته قائلة له: ﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِاسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ وإنما سمته قويًّا لرفعه الصخرة العظيمة وحده عنرأس البئر، وسمته أمينًا لأنه أمرها أن تمشي خلفه عندما جاءته تدعوه إلى المجىءإلى أبيها، وأخبرت أباها بما فعل معها عندما دعته إليه فسُرَّ أبوها شعيب عليهالسلام بأمانة موسى وورعه ورغب فيه وزوَّجه ابنته التي أحضرته وقيل اسمها"صفورا" على أن يرعى له الغنم ثماني سنين يكون فيها أجيرًا عنده وإن شاءيتممها موسى عليه السلام عشرًا، ولكن موسى عليه السلام أتمَّ المدة كلها وهي عشرٌتفضلا منه، قال الله تبارك وتعالى إخبارًا عن موسى عليه السلام وما جرى بينه وبينشعيب عليه السلام: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّهَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًافَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِقَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ .


فائدة:اختلف في الشيخ المذكور في الآية فقيل هو شعيب نبي الله عليه السلام وهذا هوالمشهور عند كثيرين، قال بعضهم: بأن شعيبًا عاش عمرًا طويلا بعد هلاك قومه حتىأدركه موسى عليه السلام وتزوج بابنته، وقيل هو رجل اسمه شعيب وكان سيد الماء ولكنليس بالنبي صاحب مدين، وقيل هو ابن أخي شعيب، وقيل رجل مؤمن من قوم شعيب، وقيل غيرذلك. والله اعلم.














منهو النبى شعيب


هوالنبي شعيب بن ميكيل بن يَشجر بن مدين، وهو منذريّة النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويقال إنّه من أحفاد النبي لوط، وهو منالأنبياء العربيين الأربعة: هود، وصالح، وشعيب، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وكانمميّزاً بفصاحة لسانه، وحكمته، وبلاغته، وتأثيره في قومه. وقد ذُكر النبيّ شعيب فيالقرآن الكريم عشر مرات، فقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَيَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْالْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُعَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ* وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَبِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِيالأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. صدق الله العظيم.


بُعث سيّدنا شعيب إلى قوم مدين، وهم من العربوكانوا يقطنون في بلاد الحجاز، في الجهة القريبة من بلاد الشّام وخليج العقبة،وبالتحديد بالقرب من مدينة معان في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وبالقرب من بحيرةلوط، فقال تعالى: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ} سورة هود. وكانت القبيلةعلى دين سيدنا إبراهيم عليه السّلام، وهو دين جميع الأنبياء والمرسلين، ولكنّهمابتعدوا عن عبادة الله وحده لا شريك له، وانحرفوا عن العقيدة، وأخذوا يعبدون شجرةالأيك. وكانت مدين من القرى المزدهرة في التجارة وقد غرّتهم الحياة الدنيا عنعبادة الله عز وجل، فكانوا يبخسون في المكيال والميزان ويُطففون فيهما، ويأكلونالمال الحرام، ويقطعون الطرق، ويعترضون القوافل، ويشيعون في الأرض فساداً وظلماً.


بعث النبيشعيب إلى مدين أرسل الله سبحانه وتعالى النبي شعيب إلى قوم مدين بعد أن أفسدوا فيالأرض، ودعاهم لعبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما لا ينفعهم ولا يضرّهم،ودعاهم لترك الظلم، والعدل في المكيال والحفاظ على حقوق النّاس، وأرشدهم لطريقالحق والابتعاد عن المفاسد، وقبح الأخلاق والأفعال والنوايا، وذكّرهم بنعم اللهالتي لا تُحصى ولا تُعد، *-*وحذّرهم من حب المال، والانغماس في الشهوات، وما كانردّهم إلّا استهزاءً بنبي الله وسخريّة بدعوته، وصدّه عن محاولاته بجميع الطّرقالممكنة، وحاول محاولات عدّة، ولكن لم يستجيبوا له. وبعد أن تمادى قوم شعيب كثيراًفي فسادهم وضلالهم والابتعاد عن الحق أهلكهم الله سبحانه وتعالى، فأنزل اللهعذاباً شديداً على القرية، وزُلزلت بهم الأرض حتى مات من عليها جميعاً وأصبحواجثثاً هامدة، لا حياة فيهم، بعد أن تكبّروا في الأرض وتجبّروا، وسخروا من قدرةالله عز وجل في إيجادهم ورزقهم.


ظل أهلمدين فى عنادهم لنبيهم وعدم الإستجابة له ولكنه كان صابرا لأمر الدعوة التى أمربها ولكنهم أعرضوا عنه وكذبوه واتهموه بالسفه حين إذن جاء أمر الله حينما توعدهمبعذاب قريب فى مدة ثلاثة أيام وبعد إنقضاءهذه المدة أصابت قوم مدين الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين...







hgkfn audf sgsgm hgHkfdhx hgr]hln hg;vhl