نقد سياسة التغريب
بقلم: د فتحي زغروت

تم ابتعاث الطلاب الشباب من النابهين إلى أوروبا ليتعلموا هناك . وإذا حللنا هذه النقطة لوجدنا ظاهرها عملا جيد إذ من مصلحة البلاد أن يتعلم الشباب العلوم الحديثة التي تطورت في أوروبا وأن يقفوا على أسرار الحضارة الغربية ، ولكن على ما يبدوا أنا إشراف الدولة على هؤلاء الطلاب لم يكن دقيقا ، وأن الهدف لم يتحقق كما يقول الشيخ محمد قطب إذ بذورالعلمانية بدات تدخل ساحة التعليم ومن ثم غزت الحياة في مصر الإسلامية


فعاد أغلب هؤلاء الشبان حاملين تلك الفكرة والتيحاول الغرب أن يعمل على انتشارها وخاصة قد سبق مصر إليها تركيا عن طريق المبتعثين أيضا ثم قام مصطفي أتاتورك بفرضها على البلاد وإقصاء الدين جانبا عن الحياة .


وقد كان من هؤلاء المبتعثيين الشيخ رفاعة الطهطاوي وكان إماما لإحدي البعثات وشيخا لها فقد عاد حاملا معه بذور التغريب والعلمنة للدعوة إلى تحرير المرأة وساهم بقسط وافر في زعزعة عقيدة الولاء والبراء وإن كان عن غير قصد وذلك بإغراقة في مديح أوروبا والثناء عليها في كتب كثيرة ولعل من أبرزها كتابه في مدح باريس ( تخليص الإبريز في تلخيص باريز ) .


والغريب أنه قد تم إرسال أطفال بين الثامنة والتاسعة من الأسرة المالكة إلى أوروبا ، إذ أرسل الخديوي توفيق نجليه الأميرين عباس حلمي وعمره أثنتا عشرة سنة ، ومحمد على وكان عمره عشر سنوات حيث أرسلهم إلى سويسرا وهذه الطريقة الخاصة بأبناء الملوك العرب أو السلاطين أو الأمراء هي الطريقة التي تبنتها أفكار الصهيونية والتي دأبت على أستقبال هؤلاء المبتعثيين من الأمراء الصغار للتعرف عليهم والأختلاط بهم حتى يجنوا الثمرة عندما يكونون حكاما في بلادهم وهذه هي القاصمة الكبري التي أصابت الحكام المستبدين في بلادنا وكيف تلعببهم الصهيونية والغرب ويأثرون في صنع القرار .


أما السياسة التغريبية الثانية التي أتبعها محمد على فهي إنشاء نظام تعليمي جديد على نسق الأنظمة التعليمية في الغرب ، وقد يخالجنا العجب في السياسة التعليمية التغريبية هذه فكيف لذلك الرجل الجاهل الأمي أن يميز بين تعليم أزهرى متخلف لا يحقق له أغراضه وتعليم أوروبي متطور يري أنه الوسيلة الوحيدة لتحقيق أغراضه وجموحه ، وقد يزول العجب والغرابة عندما ندرك ماهية الحاشية التي تحيط به فأغلبها نصاري ويهود وخبراء فرنسيين ، من هذا المنطلق أدار محمد على وجهه عن الأزهر والكتاتيب وجعلها في ناحية وفي ناحية أخرى أقام نظاما تعليميا قائما بنفسه مقتبسا من الغرب .
وبهذا أحدث نوعين من التعليم يتجازبان تعليم الشباب في مصر . مما أصاب شباب الأمة بثنائية رهيبة كان لها أثرها في مجالات عديدة.

مراجع: قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين – دكتور سليمان بيومي – سلسلة عالم المعرفة – جدة ص187 ، 189 .


واقعنا المعاصر ص207 .





kr] sdhsm hgjyvdf