تفسير آية (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ..)


إعداد د/ فتحى زغروت


"لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِأَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ"(سورة الحجر، الآية 88)


يخاطب الله نبيه قائلاً:- (لا تمدن عينيك) والمعنى قد أغنيتك بالقرآن عما في أيدي الناس ; فإنه ليس منا من لم يتغن بالقرآن; أي ليس منا من رأى أن القرآن لا يغنى بما عنده حتى يطمح بصره إلى زخارف الدنيا وعنده معارف المولى.


يقال: إنه جاءت سبع قوافل ليهود قريظة والنضير في يوم واحد، فيها البر والطيب والجوهر وأمتعة البحر، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها في سبيل الله، فأنزل الله- تعالى-: ولقد آتيناك سبعا من المثاني أي فهي خير لكم من القوافل السبع، فلا تمدن أعينكم إليها.
وإلى هذا قال بعض المفسرين، وأورد قوله - عليه السلام-: ليس منا من لم يتغن بالقرآن أي من لم يستغن به. وقوله: أزواجا منهم: أي أمثالا في النعم،أي الأغنياء بعضهم أمثال بعض في الغنى، فهم أزواج .


وهذه الآية تقتضي الزجر عن التشوف إلى متاع الدنيا على الدوام، وإقبال العبد على عبادة مولاه، ومثله ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه الآية.
وليس كذلك، فإنه روي عن النبي - صلى الله عليهوسلم- أنه قال: حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة. وكان- عليه الصلاة والسلام- يتشاغل بالنساء، وهذه جبلة الآدمية وتشوف الخلقة الإنسانية، ويحافظ على الطيب، ولا تقر له عين إلا في الصلاة لدى مناجاة المولى. ويرى أن مناجاته أحرى من ذلك وأولى.


ولم يكن في دين محمد الرهبانية والإقبال على الأعمال الصالحة بالكلية كما كان في دين عيسى، وإنما شرع الله سبحانه حنيفية سمحة خالصة عن الحرج خفيفة على الآدمي، يأخذ من الآدمية بشهواتها ويرجع إلى الله بقلب سليم.


ورأى القراء والمخلصون من الفضلاء الانكفاف عن اللذات والخلوص لرب الأرض والسماوات اليوم أولى ; لما غلب على الدنيا من الحرام ، واضطر العبد في المعاش إلى مخالطة من لا تجوز مخالطته ومصانعة من تحرم مصانعته، فكانت القراءة أفضل، والفرار عن الدنيا أصوب للعبد وأعدل ;


وأما قوله تعالى: واخفض جناحك للمؤمنين أي ألن جانبك لمن آمن بك وتواضع لهم. والجناحان من ابن آدم جانباه; ومنه قوله تعالى: "واضمم يدك إلى جناحك" وجناح الطائر يده، أي تواضع لهم وكن لينا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " .


إلى اللقاء مع آية آخرى...




gQh jQlE]~Qk~Q uQdXkQdX;Q YAgQnٰ lQh lQj~QuXkQh fAiA HQ.X,Qh[Wh l~AkXiElX