قصة شيخ اولاد محمد شالح بن هدلان القحطاني واخيه الفديع

الفارس شالح بن حطاب بن هدلان حتى سنة 1340 هـ تقريبا
وكان مثاليا بشجاعته وامانته وصدقه وحسن اخلاقه وكرمه ووفائه وكان يحكم الحل والمشاكل سواء كانت على مستوى فردي او علي مستوى قبلي او فردي وكان محبوبا عند قبائل قحطان وعند القبائل الاخرى

له أخ يسمى الفديع
وكان اصغر من اخيه شالح كثيرا وكان شقيقا له وكان مثاليا بشجاعته واخلاقه ويماثل اخاه شالحا وفي كل شيء الا انه ككان مقامرا بفروسيته اى ابعدالحدود وكان وفيا مع اخيه شالح رحمه الله وخادما امينا له يرى ان تفانيه في اخيه الاكبر فضيلة من الفضائل ولا يعادلها شيء وبعد ان بلغ عمره اخمسة عشر عام تحمل مشاق الحياة عن اخيه شالح واصبح هو حامي ظعينتهم وكانت ابلهم لاتذهب للممرعى الا وهو معها مدججا بالسلاح وعلي صهوة جواده وكان حصنا حصين لئبله وارضه وجماعته ولايخطر ببال أي عدو ان يغير علينها مادام الفديع عندها واذا تجرا احد من الاعداء وأغار عليها فلا بد ان يرجع مدحورا وذات يوم مع بزوغ الشمس واخوه شالح جالس حول ناره ويحتسي القهوه 00 التفت الي الابل وهي في مباركها قرب البيت 0 وراها تعتب في عقلها 0 ولم ير الفديع 0 فنادى شالح قائلا الابل تعتب بعقلها هو الفديع غائب عنهااين هو 0 فقيل له ان زوجتك تنظف راسه 0 أي تغسله 0 فقام غاضبا وراى زوجته تغسل راس اخيه كعادتها 0 فقال الابل حائرة في مباركها 0 ولم تذهب للمرعى 0 وانت عند النساء تغسل راسك فاخذ من التراب ووضعه علي راس اخيه فقام الاخ البار خجلا من اخيه واخذ يمسح التراب عن راسه 0 وهو يردد كلمته العقو يااخي ثم طلب من زوجة اخيه ان تسرج جواده وتحضر سلاحه 0 وذهب للا بل مسرعا واخذ يطلق عقلها 00 واما شالح فقد رجع الي قهوته 0 وجلس من حولها وعندما اطلق الفديع عقل الابل رجع واخذ سلاحه ولبس كل عدته 0 ثم اتي الي اخيه يمشي بحذر وبخفه متناهيه من حيث لايشعر به فقبل راسه وقبل مابين عينيه وقال في امان الله يااخي 0 وركب جواده واتبع ابله التي لايطمئن شالح الا بوجود اخيه معها 0 وعندما رجع الفديع بعد غروب الشمس اتي الي اخيه شالح وسلم عليه وقبل مابين عينينه وجلس في مكان اخيه عند القهوه واخذ يصب لاخيه شالح ويقص عليه اخبار يومه الفائت ويداعبه بالنكت المضحكه ويحاول ان يثبت لاخيه شالح انه لايحمل في نفسه عليه اي عتب وانه لم يغتظ من حثو التراب علي راسه وكل مايهمه هو ان يكون اخوه راضيا عنه 0 وكان الفديع علي عادته اتيا بعدد من الغزلان 0 واصطادها في الفلا فاخذ يقدم لاخيه من طيب لحمها وعندما اراد شالح ان ياوي الي مضجعه 0 همست زوجته باذن الفديع وقالت ان الماء الذي عندنا نفد ولابد ان اخاك عندما ينتبه من نومه سيطلب ماء القهوه وسأخبره انه لايوجد عندنا ماء0 فقال احذري ان يعلم اخي بذالك وطلب منها ان تذهب لاحد الجمال وتنيخه بعيدا عن الابل وتضع رحله عليه وان تضع عليه مزادتين وركب الفديع جواده 0 واستاق الجمل امامه وراح وقبل ان يستيقظ اخوه عاد محملا الجمل الماء وحط عنه الرحل وسكب من الماء في الدلال اخيه لتكون جاهزه لاعداد القهوه وعندما يستيقظ 0 ونام هو قليلا الى قبل طلوع الفجر وقام كعادته وصبح اخاه بالخير وانطلق بابله كعادته للفلا وبعد ذلك اسرت امراة شالح لزوجها بما فعله الفديع 0 وعندما عاد الفديع بعد غروب الشمس وسلم علي اخيه وجلس عنده لاحظ الفديع ان اخاه شالح كثير التفكير ومشتت الفكار فساله قائلا مابك هذه الليله عسى اما تشكو من الم 0 اخبرني لان ما رايته من تفكيرك اساءني فقال يا اخي ليس بي شي
الا انني افكر في حالتك لانني اتعبتك في هذه الدنيا0 وانت وحدك الذي متحمل مشاق هذه الحياة وكل ايامك وانت علي صهوة جوادك وانا اعرف ان هذا الشي يضني وكم ود ان ابنائي كبار ليساعدوك ويخدموك ولكنك انت الذي متكفل بهذه القبيله الكبيرة فقال الفديع انا سعيد بأن اقوم بخدمتك ياشيخ وكل ما أوده بهذه الحياه 0

يابوذعار اكفيك لوني الحال

-------------- واصبر علي الدنياوباقي تعبها


وان غم اخوه معثرين العيالي
-------------- انا لخويه سعد عينه عجبها


وان جن مثل مخزمات الجمالي
-------------- كم سابق تقزي وانا من سبها


كم خفرة قد حرمت للدلالي
-------------- لبست سواد عقب لذة طربا


وانجيت لي قفر من النشر خالي
--------------يفرح بي الحواز يوم اقبل بها


افديك ياشالح بحالي ومالي
-------------- يافارس الفرسان مقدم عربها


يا متيه ابله بروس المفالي

-------------- ياللي حميت حدودها من جنبها

قال هذه الابيات لأخيه فتأثر واجابه بهذه القصيده:



لا واخو(ن) لي عقب فرقاه باضيع
--------------كني بما يجري على العمر داري




اخوي يا ستر البني المفاريع
---------------ومطلق لسان الى باهلها تماري



ما قط يوم شــد بين الفراريع
-----------------ياكود ما بين الكمي المشاريه


ليته عصاني مرة قال ما طيع
------------------كود اني اصبر يوم تجرت الجواري


أنا اشهد انه لي سريع المنافيع
-------------------- عبد مليك لي ولاني بشاري



تشهد عليه مناتلات المصاريع
--------------------واعداه من كفة تشوف العزاري


يمناه تنثر من دماهم قراطيع
---------------------وعوق العديم اللي بدمه يثاري



جداع سفرين الوجيه المداريع
---------------------مخلي سروج الخيل منهم عواري


القلب ما ينسى بعيد المناويع
----------------------ليث على صيد المشاهير ضاري




وكأن شالحا قد توقع بهذه القصيدة مستقبل اخيه الفديع لأن الفديع كان مغامرا بقتاله وكان اخوه شالح يخشى عليه دائم من مغامراته لأنه يراه هو كل شيْء بالنسبه له وكان يفضله على نفسه ويفاخر به عند القبائل وذات يوم كان شالح راحلا بظعينة وهو في الهودج معصوبه عيناه فأغار على الظعينتهم كوكبة من الخيل وتبين ان هذه الخيل المقيرة هي خيل الحمدة زعماء قبيلة عتيبة الشجعان المشهورين بالفروسية والين يضرب المثل بشجاعتهم فأخذشالح وحده يدافع عن الظعينه بكل بسالة وكان الحرب بينه وبين الميرين سجالا فمرةيهزمهم ويبعدهم عن لاظعينةومرة يكثرون عليه ويهزمونه الي ان يصل الى ظعينته ثم تتصاعد صيحات لانساء وزغريدهن خافزات له على القوم فيلقى القوم وهم على هذا المنوال وقد لاحظت والدة شالح والفديع ان شالحا أعياه الطرادفنزلت الفديع من هودجه واسرجت جواده الاصفر واحضرت سلاحه وقالت انزل وهب لمساعدة اخيك لان القوم سيغلبونه فقال يا أماه انا اذوب كمدا واحترق حسرة من حين سمعت غارة الخيل ولكن كيف أرى حتي أساعد أخي فقالت أنا سأجعلك تبصر وكان متلهفا لان يرى بعينيه حتى يهب لمساعدة اخيه وعندما انزلته امه من الهودج وأتت بماء وغسلت عينيه وأخذت تفتحهما بشدة ويقال انه عندما تفصل كل جفن عن الاخر نزل الدم والصديد معا من عينيه فوثب كأنه النمر وركب جواده وهو يبصرالا قليلا وكانت خيل الاعداء اتيه بأخيه فاستقبلهم الفديع المغامر غير مبالي فجندل اول فارس ورجعت الخيل هاربة فجندل الاخر ثم جندل الثالث وعندما انغمس بين الخيل ورشقوة بعدد كثير من الرماح دفاعا عن النفس فأصاب الفديع رمح فوقع قتيل ولكن الاعد استمروا بالادبار لانه قد أعياهم القتال ونزل الشيخ شالح عن جواده وقلب اخاه فاذا هو متوفي رحمه الله وكانت نكبه موجعه لشالح وكانت لحظات ألم أحس وكأن خنجرا مزقت أحشاه دون ان يستطيع ايقاف المها الابالدموع التي تسابقت متناثرة علي وجنتيه اللتين علاهما غبار المعركة وبعد ان قبل أخاه القبله الاخيرة نظر الى ذلك الجبين الذي طالما لامس الارض من خشية الله ونظر الى تلك العيينين التي طالما سهرتا عليه الليالي الطوال ونظر الي ساعديه اللذين طالما نطلقت منهماالرماح لتصافح صدور الاعدا ء ذائدة عنه وعن محارمه وامواله وهكذا دارت الافكار براس الامير شالح ثم مسح التراب عن اخيه بكف مرتعش وطبق جفنيه وامر من حوله ان يكفنوه وكانو في وادي بنجد يسمي (خفا) وكان علي جانب الوادي هضبه تسمى هضبة (خفا)فدفن الفديع رحمه الله على مقربه من هذه الهضبه وهكذا طويت صفحته من التاريخ سجلت مثلا رائع للشجاعه وشهامه والوفاء وكيف كان بر الاخوين لبعضهما والمعامله بينهما التي هي من شيم العرب واحدي مفاخرهم الذي تمجدهم وتئيدهم 0




لقد رثي شالح اخاه بهذهي القصيده رحمهم الله شالح والفديع وجميع الفرسان الذي تطرقنا
-------------------------------------------------------
-------------------- امس الضحى
أمس الضحي عديت روس الطويلات
-----------------وهيضت من راس الحجا ماطرالي


وتسابقن دموع عيني غزيرات
----------------- ضــــفقت بالكف اليمين الشمالي


وجريت من خافي المعاليق ونات
-----------------والقلب من بين الصناديق جـالــي


واخوى ياللي يم قارة (خفا) فات
-----------------من عاد من عقبه بيستر خـــمالـي

ليته كفاني سو بقعا ولا مات
-----------------وانا كفيته سو قـــبر هـــيالي

وليته مع الحيين راعي الجمالات
----------------وانا فدا له من غبون الليالــي

واخوي ياللي يوم الاخوان فلات
----------------من خلقته ما قال ذالك وذالــــي


تبكيه هجن تالي الليل عجلات
----------------ترقب وعدها يوم غـــاب الهلالــي

وتبكي على شوفة بني عفيفات
----------------من عقب فقدة حرمــــــن الــدلال

عوق العديم إن جا نهار المثارات
--------------- والخيـل من حســه يجيهـــتن جفال


وكان لشالح ثلاثة من 0000

الصبيه اكبرهم ذعار وذيب وعبدالله فأخذ شالح يربيهم ويعلمهم الفروسيه وتبين له وهم في سن الطفوله ان من بيهم صبيا سيعيضه بأخيه الفديع وكان مؤديبا طائعا ألأبيه فأصبح شالح لايحب ان يغيب عنه لحظه واحده الى ان برز بيدان الفروسيه وكان مثلا للشجاعه وكان مضرب الامثال بين قبائل نجد اما اخوان ذيب ففرسان من اشرس فرسان قبيلة قحطان وكانا يتقدمان الغزاه الى بلاد الاعداء ولهم افعال مجيدة بين قومهم ولكن شهرة ذيب وشجاعته النادرة غطت على اخوانه وعلي غيرهم وقبل ان يأتي دور ذيب بقي شالح يترقب الفرص علي الحمده رؤسا قبيلة عتيبه ولاخذ ثار اخيه الفديع وقد اعدة العدة لذلك وبعد مرور الايام سنحت الفرصه لشالح ولاخذ الثار من الحمدة بعدان تقابلو بالميدان وكان احد اقارب شالح المسمي مبارك بن غنيم بن هدلان قد تعهد بأخذ ثار الفديع فعمد الى عبيد بن الامير ترحي ابن حميد الفارس المشهور ووعمد اليه في حومة الوغي فجندله بثأر الفديع فكبر المصاب علي االحمده بفقدان عبيد بن تركي بن حميد وكان خسارة مؤلمه لهم واخذ اخوه ضيف الله بن تركي يتمثل بهذه الابيات راثيا اخاه عبيد ومتوعدا قبيلة قحطان التي قتلت اخاه محرضا الامير محمد بن هندي بن حميد علي ذلك فقال




ياونتي ونة كسير الجباره
--------------اليا وقف محتار وليا قعد ون

عليك ياشباب ضو المناره
------------------عليك ترفات الصبايا ينوحن

من مات عقب عبيد قلنا وداره
------------------- لاباكي عقبه ولاقايل من

تبكيك صفر البسوها غياره
-------------------- وتبكيك يوم ان السبايا يعنن

وتبكيك وضح ربعت بالزباره
---------------------اليا قزن من خايع ما يردن

الخيل عقب عبيد مابه نمارة
----------------------وش عاد لو راحن وشعاد لو جن

ياشيخ ماتامر عليهم بغاره
-----------------------كود الجروح الي علي القلب يبرن

يقطع صبي ما ينادي بثاره
-----------------------الى اقبلن ذولي وذوليك قفن

ياهل الرمك كل يعسف مهاره
----------------------- والمنع ما نطريه لاهم ولاحن



في ذات ليله : كان الأب الشيخ شالح بن هدلان ساهراً مع إبنه الفارس ذيب ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار فأنشده هذه الأبيات :

يا ذيب أنا يابوك حالي تردّى ... وأنا عليك من المواجيب يا ذيب
تكسب لي إللي لاقِحٍ عِقب عدّا ... طويله النسنوس حرشا عراقيب
تجر ذيلٍ مثل حبل المعــــــــدا ... وتبري لحيران ٍ صغار ٍ حباحيب
وأشري لك إللي ركضها ما تقدا ... ماحدٍ لقى فيها عيوب وعذاريب
قبا على خيل المعادي تحــدى ... مثل الفهد توثب عليهم تواثــــيب
أنا أشهد أنك باللوازم تِســدا ... لو حال من دونه عيال ٍ معاطيب
ليث ٍ على درب المراجل مقـدّى ... ما فيك يا ذيب السبايا عذاريب

وبعد أن قال والده هذه الابيات بطريقة المزاح ، أسرها الابن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفيه وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب زعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً ، وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيباً إلى أين نحن ذاهبون ؟ فقال إلى ديار القوم وأشار إلى قبيلة عتيبة ، لنكسب منهم إبلا لأهلنا ، وقال لابد أن آتي لوالدي من خيار إبل عتيبة واستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبه ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم ، وهذه البئر تسمى ( ملية ) وهي تقع غرباً عن جبل ذهلان بأواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها ورداً لعتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيله بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي إنحدر منه ذيب ورفاقه ، باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته إختفى تحت شجرة أطلق عليهم عياراً نارياً فأراد الله أن يصيب ذيباً إصابه مميته.
لقد حلّت كارثه على أبيه الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، إنه فقد كل أمل في الحياة : فقد كل ركن على وجه الارض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ، لقد خرّ ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها وودع الابل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة إلى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الابطال ، ودع ذيب نجداً ورياضها ودع غزلان الرئم والارانب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد إنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيله التي ضربت أروع مثل ٍ بين الابناء والآباء.
بعد أن سقط ذيب على الارض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا إليه وضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنه ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهليهم.
أما الصياد الذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلى مكانهم ووجد الدم يلطخه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعه وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزه فرجع إلى جماعته الذيب يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال إن ركباً من العدى إنحدر من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا وما دلك على أنه زعيم ، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وإن في خنصره خاتماً فضياً ، فقالوا هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمي عتيبة ، وكان معهم فتاة قد جلا أهلها منذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثه وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيباً بالكهف ، ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها ، وقالت ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان ، الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقه ولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت لا والله لم يكن بيني وبينه أي شيء من هذا ولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلا إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره إلى الارض ثم يضع ما جاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأه من جيرانه وهذه طريقته بالحياة وعليكم أن تسالوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيله .
ما أكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم وإن وقع نبأ مصرع إبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولاشك أنه سيتجرّع ويلات الحزن ومرارته ومآسي الفراق ولوعاته ..

وإذا المَنيّـة أنشبت أظفارها ... ألفيت كُلّ تميمةٍ لا تنفعُ

إنها كارثه كبرى ليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان : وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة ابنه ، وأول ما قال هذة القصيدة :

يا ربعنا ياللي على الفطّر الشيب ... عز الله أنه ضاع منكم وداعه
رحتوا على الطوعات مثل العياسيب ... جيتوا وخليتوا لقلبي بضاعه
خليتوا النادر بدار الأجانيب ... وضاقت بي الآفاق عقب إتساعه
تكدرن لي صافيات المشاريب ... وبالعون شفت الذل عقب الشجاعه
يا ذيب أنا بوصيك لا تاكل الذيب ... كم ليلةٍ عشـّـاك عقب المجاعه
كم ليلةٍ عشـّـاك حِرش العراقيب ... وكم شيخ قوم ٍ كزته لك ذراعه
كفه بعدوانه شنيع المضاريب ... ويسقي عدوه بالوغى سِم ساعه
ويضحك ليا صَكّت عليه المغاليب ... ويلكد على جمع العدو باندفاعه
وبيته لجيرانه يشيّـد على الطيب ... و للضيف يبني في طويل الرفاعه
جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب ... وأفخت حبل الوصل عقب إنقطاعه
كني بعد فقده بحامي اللواهيب ... وكني غريب الدار مالي جماعه
من عقب ذيب الخيل عِرج ٍ مهاليب ... ياهل الرمك ما عاد فيهن طماعه
قالوا تطيب وقلت : وش لون أبا طيب ... وطلبت من عند الكريم الشفاعه***
ثم أردفها بقصيدة على نفس البحر والقافيه وقال :

ذيبٍ عوى وأنا على صوته أجيب ... ومن ونتي جضت ضواري سباعه
عز الله إني جاهل ٍ ما أعلم الغيب ... والغيب يعلم به حفيظ الوداعه
يالله يا رزّاق عِكف المخاليب ... يا محصي خلقه ببحره وقاعه
تفرج لمن صابه جروح ٍ معاطيب ... وقلبه من اللوعات غادٍ ولاعه
إن ضاق صدري لذت فوق المصاليب ... مانيب من يشمت فعايل ذراعه
صار السبب مني على منقع الطيب ... ونجمي طِمَن بالقاع عقب إرتفاعه
يا طول ما هجيتهن معْ لواهيب ... ولاني برادي كسرها من ضلاعه
ويا طول ما نوختها تصرخ النيب ... وزن البيوت إللي كبار ٍ رباعه
وأضوي عليهم كنهم لي معازيب ... إليا رمى زين الوسايد قناعه
أضوي عليهم واتخطى الأطاتيب ... وآخذ مهاويه الجمل باندفاعه
أبا أنذر إللي من ربوعي يبا الطيب ... لا ياخذ إلاّ من بيوت الشجاعه
يجي ولدها مذرب كنـّـه الذيب ... عِز لِبُوه وكل ما قال طاعه
وبنت الردي ياتي ولدها كما الهيب ... غبنٍ لبُوه وفاشله بالجماعه
يا كبر زوله عند بيت المعازيب ... متحرّي ٍ متى يقدّم متاعة
انتظر ردودكمـ



rwm hgado ahgp fk i]ghk hgoktvd ,hodi hgt]du