بكر بن وائل عند عمر رضا كحالة ( ملف كامل )

قبيلة عظيمة من العدنانية، تنسب الى بكر بن وائل ابن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ ابن جديلة بن أسد بن نزار بن معد بن عدنان. فيها الشهرة و العدد، فمنها:

يشكر بن بكر بن وائل، و بنو عكابة ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل، و بنو حنيفة، و بنو عجل أبني لجيم بن صعب.

بلادها:

كانت ديار بكر بن وائل، من اليمامة، الى البحرين، الى سيف كاظمة، الى البحرين فأطراف سواد العراق، فالابلّة فهيت‌ [1] .

و قد تقدمت شيئا فشيئا في العراق، فقطنت على دجلة، في المنطقة المدعوة، حتى يومنا هذا باسمهم ديار بكر، و هي بلاد واسعة تنسب الى بكر بن وائل، وحدها ما غرّب من دجلة من بلاد الجبل المطل على نصيبين، الى دجلة، و منه حصن كيفا، و آمد، و ميّا فارقين، و قد يتجاوز دجلة، الى سعرت، و جيزان، و حين، و ما تخلل ذلك من البلاد، و لا يتجاوز السهل‌ [2] .

و من جبالها:

أسود، و الطور البري. و من أوديتها الثّرثار [3]

و سلمان‌ [4] .

------

تاريخها:

تعد قبيلة بكر بن وائل من أعظم القبائل المحاربة، فقد استعرت نيران الحرب بين بكر و تميم، عرفت بأيام مشهورة، منها: يوم ذى احثال، يوم السّنار، يوم سلمان، يوم الهزبر [5] ، يوم زبالة، يوم الجفار، يوم سفار، يوم ظهر، و يوم خوّى. و من وقعاتها الحربية وقعة كانت بين بكر و تميم في موضع يقال له: السفح كانت‌ [6] به وقعة بين بكر و تميم، و وقعة كانت بينهما في الصّليب‌ [7] . و من ايامهم مع بني تميم يوم العظالى، و هو آخر وقعة كانت بينهما في الجاهلية، و من ايامهم مع تميم في الإسلام يوم القرقيط.

و قد غزت هذه القبيلة تخوم الامبراطورية الفارسية، فجهز الملك شابور حوالي سنة 330 م جيشا لتأديبها، فقتل، و سبى، و أسر عددا كبيرا من الأسرى في فارس. و كانت بكر بن وائل مع امرئ القيس بن المنذر، يوم أغار عليه حجر الكندي، فردته،

[1] صفة جزيرة العرب للهمداني ص 169.

[2] معجم البلدان لياقوت ج 2 ص 636-637

[3] واد عظيم بالجزيرة يمد إذا كثرت الأمطار فأما في الصيف فليس فيه الا منافع و مياه حامية و عيون قليلة ملحة و هو في البرية بين سنجار و تكريب كان في القديم منازل بكر بن وائل و اختص بأكثره بنو تغلب منهم، و يحسن للباحث أن يرجع الى مقالة شليفر في المعلمة الاسلامية، حيث ذكر فيها عدة مواطن لبكر بن وائل.

[4] كان من مياه بكر بن وائل و ربما نزلته بنو ضبة و بنو نمير في النجع.

[5] مجمع الأمثال للميداني و في القاموس ج 2 ص 160 الهزير.

[6] انظر:

معجم البلدان ج 3 ص 97.

[7] جبل عند كاظمة.

------

و قتلت جنوده. و أغارت بكر على بعض بوادي الشام فقتلوا ملكا من ملوك غسان و استنقذوا امرأ القيس بن المنذر. و نجح الأمير حجر آكل المرار الكندي ان يعقد تحالفا بين قبائل العرب الوسطى، و منها بكر و تغلب، و قد أخذ هذا التحالف يتماثل للانحلال، و ذلك لما دب الفساد و الاضطراب بين القبائل المتحالفة، و اختلف أمراء كندة على الملك، بعد وفاة الحارث بن عمرو المقصور ابن حجر آكل المرار، فوقعت حرب بين شرحبيل بن الحارث و معه بكر و الرباب، و بنو يربوع، و سلمة بن الحارث و معه تغلب و النمر و بهراء، أسفرت عن قتل شرحبيل و انهزام شيعته.

و كان للنعمان بن المنذر من ملوك لخم بالعراق، كتيبة يقال لها: الصنائع، و هم صنائع الملك، أكثرهم من بكر بن وائل.

و من وقعاتها الحربية يوم الوقبى، كان بينها و بين مازن، و يوم قراقر كان لمجاشع على بكر. و وقعة كانت بين بكر و بني سليط، في موضع يقال له: حداب في حزن بني يربوع، فسبوا نساهم، فأدركتهم بنو رياح و بنو يربوع، فاستنقذوا منهم نساءهم، و جميع ما كان في أيديهم من السبي. و يوم الفلج كان بين بكر بن وائل و بني كعب بن ربيعة. و اشتعلت نيران الحرب بين بكر و تغلب حوالي أوائل سنة 490 م، و ذلك ان البسوس، و هي خالة جساس بن مرة الشيباني، كان لها ناقة يقال لها: سراب، فرآها كليب وائل في حماه، و قد كسرت بيض حمام، كان قد أجاره، فرمى ضرعها بسهم، فوثب جساس على كليب، فقتله، فهاجت حرب بكر و تغلب ابني وائل بسببها أربعين سنة، حتى ضربت العرب بشؤمها المثل‌ [1] . و من أيام بكر و تغلب يوم واردات، يوم الذّنائب، يوم التّحالق، يوم الحنو، و يوم قضّة.

و وقعة كانت بينهما عند سويقة [2] .

و وقعة كانت بينهما بجبل أسود كانت الدبرة فيه على بكر.

و قد أصلح بين بكر و تغلب لبني وائل، الملك عمرو بن هند [3] ، فقد أخذ من

[1] في معجم البلدان ج 4 ص 129:

كانت وقعة بكر و تغلب العظمى في مقتل كليب و الجاهلية تسميها حرب البسوس و فيه كان يوم التحالف فكانت الدبرة لبكر بن وائل على تغلب فتفرقوا من ذلك اليوم و بعد تلك الوقعة كانت الوقائع التي جرها قتل كليب بن ربيعة حين قتله جساس ابن مرة فشتتهم اخوه المهلهل في البلاد.

[2] في معجم البلدان ج 3 ص 199: هي هضبة طويلة مصعلكة و لا يعرف بنجد جبل أطول منها في السماء

[3] الأغاني طبعة دار الكتب ج 11 ص 22 و في الأغاني ج 11 ص 44 و 45: ذكر ابن الكلبي ان صلحهم مع تغلب كان عند المذر بن ماء السماء.

------

الحيين و هنا من كل حي مائة غلام، ليكف بعضهم عن بعض، فكان أولئك الرّهن يكونون معه في مسيره، و يغزون معه، فأصابتهم سموم في بعض مسيرهم، فهلك علمة التغلبيين، و سلم البكريون، فقالت تغلب لبكر اعطونا ديات أبناءنا، فان ذلك لكم لازم، فأبت بكر بن وائل، فحكم عمرو بن هند انه لا يلزم بكر بن وائل، ما حدث على رهائن تغلب، فتفرقوا على هذه الحال.

و من أعظم الأيام الحربية التي خاضتها يوم ذي قار، و كان على عهد رسول اللّه (ص) ، و هو لبني بكر بن وائل، و قادمة بني شيبان، و بعدهم بنو عجل، على الأعاجم جنود كسرى، و من معهم من العرب، و رئيسهم إياس بن قبيصة الطائي. و كان مكان النعمان ابن المنذر بعد قتل كسرى إياه و تحت يديه طي‌ء و إياد و بهراء و قضاعة و العباد و تغلب و النمر بن قاسط قد رأس عليهم النعمان بن زرعة اعني النمر و تغلب. و كان سبب يوم ذي قار طلب كسرى تركة النعمان بن المنذر و كان النعمان قد تركها و ترك ابنا له و بنتا عند هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود الشيباني فمنع رسول كسرى من الوصول الى ما طلب و كتب كسرى الى قيس بن مسعود ابن قيس بن خالد و كان عاملا له على الطف بان يعين اياسا فأنفذ الى قومه ليلا و حرضهم على القتال و تواطأت العرب على العجم فطارت إياد عن العجم حين تشاجرت الرماح كأنهم منهزمون و قتل الهامرز و خلابزر عامل كسرى و أسر النعمان بن زرعة التغلبي و بسبب ما صنع قيس بن مسعود استدرجه كسرى حتى أتاه فقتله‌ [1] .

و اتبعتهم بكر بن وائل يقتلونهم بقية يومهم و ليلتهم، حتى أصبحوا من الغد، و قد شارفوا السواد، و دخلوه في طلب القوم، فلم يفلت منهم كبير، و أقبلت بكر بن وائل على الغنائم، فقسموا بينهم تلك اللطائم بين نائهم، فكان أول من انصرف الى كسرى بالهزيمة إياس بن قبيصة. و كانت وقعة ذي قار بعد وقعة بدر بأشهر، و رسول اللّه (ص) بالمدينة، فلما بلغه ذلك قال:

هذا يوم انتصف فيه العرب من العجم و بي نصروا [2] .

(و في السنة التاسعة من الهجرة النبوية اعتنق قسم من بكر بن وائل الإسلام،

[1] العمدة لابن رشيق ج 2 ص 169.

[2] الاغاني ج 20 ص 132-138
------------

و بعد وفاته (ص) ، خرج الحطم بن ضبيعة، فيمن اتبعه من بكر بن وائل على الردة، فأرسل ابو بكر الصديق إليهم، حملة بقيادة العلا الحضرمي، فأعادهم الى حظيرة الإسلام.

و قد نصرت بكر بن وائل خالد بن الوليد سنة 12 هـ ضد الفرس. و حاربت مع المثنى سنة 14 هـ في العراق، و كان عددهم ستة آلاف.

و في حروب الجمل سنة 36 هـ انقسمت بكر الى قسمين: قسم انضم الى علي، و قسم حارب مع عائشة، فقتل منهم 500 رجل، ثم صارت بكر بن وائل من أنصار علي بن أبي طالب و شيعته.

و في سنة 65 هـ غلب عبد اللّه بن خازم، بعد موت يزيد بن معاوية، و معاوية بن يزيد، على مرو، و قتل سليمان و عمر ابني مرشد من بني قيس بن ثعلبة، ثم رجع الى مرو، و هرب من كان بمرو من بكر بن وائل الى هراة، و انضم إليها من كان بكور خرسان من بكر بن وائل، فكان لهم جمع كثير، عليهم أوس بن ثعلبة، فقالوا:

له نبايعك على ان تسير الى ابن خازم، و تخرج مضر من خراسان كلها، فقال لهم:

(7 ق ع) هذا بغي، و اهل البغي مخزولون، ثم اقتتلوا ساعة فانهزمت بكر بن وائل، حتى انتهوا الى خندقهم، و أخذوا يمينا و شمالا، و سقط ناس في الخندق، فقتلوا قتلا ذريعا، و هرب أوس بن ثعلبة و به جراحات‌ [1]

و قد اشتركت بكر مع المهلب بن أبي صفرة عامل عبد اللّه بن الزبير، في قتال الخوارج سنة 65، فقد أمّر المهلب على خمس بكر ابن وائل، عبيد اللّه بن زياد بن ظبيان. [2]

و حاربت بكر مع مصعب بن الزبير سنة 67 هـ ضد المختار، و كان على خمس بكر مالك بن مسمع‌ [3]

و اقبل داود بن قحذم سنة 71 هـ، بعد مقتل مصعب ابن الزبير، في مأتين من بكر ابن وائل، عليهم الأقبية الداودية، و به سميت، فجلس مع عبد الملك بن مروان على سرير، فأقبل عليه عبد الملك، ثم نهض، و نهضوا معه، فأتبعهم عبد الملك بصره، فقال: هؤلاء الفساق، و اللّه لولا ان

[1] تاريخ الطبري ج 7 ص 44-47

[2] تاريخ الطبري ج 7 ص 87، 88

[3] تاريخ الطبري ج 7 ص 147
--------

صاحبهم جاءني، ما أعطاني احد منهم طاعة [1]

و حاربت بكر مع ابن الأشعث، الحجاج ابن يوسف سنة 82 هـ و كان على خمس بكر ابن وائل مقاتل بن مسمع‌ [2] .

و بلغت مقاتلة بكر بن وائل بخراسان سنة 96 هـ سبعة آلاف مقاتل‌ [3]

و حاربت بكر سنة 101 هـ مع عدي بن أرطاة الفزاري عامل يزيد بن عبد الملك بالبصرة، و ذلك ان يزيد بن المهلب مضى الى البصرة، و قد جمع عدي بن ارطاة اليه اهل البصرة، و خندق عليها و بعث على كل خمس من اخماسها [4] رجلا، فبعث على بكر بن وائل عمران بن عامر بن مسمع من بني قيس بن ثعلبة، فاقتتلوا و انتصر يزيد بن المهلب، و غلب على البصرة، و أخذ عامل يزيد فحبسه، و خلع يزيد بن عبد الملك‌ [5]

عبادتها:

عبدت بكر بن وائل صنما يقال له: ذو الكعبين و المحرّق‌ [6] ، و أوال، و عوض، و كانت تعبد كعبة شداد، و اعتنق قسم من بكر النصرانية
[1] تاريخ الطبري ج 7 ص 189.

[2] تاريخ الطبري ج 8 ص 13

[3] تاريخ الطبري ج 8 ص 106.

[4] في الأغاني للأصفهاني طبعة دار الكتب ج 8 ص 302:

أخماس البصرة خمسة فالخمس الأول العالية و الخمس الثاني بكر بن وائل و الخمس الثالث تميم و الخمس الرابع عبد القيس و الخمس الخامس الأزد.

[5] انظر تاريخ الطبري ج 8 ص 144.

[6] هو صنم كان بسلمان لبكر بن وائل و ساير ربيعة و كانوا قد جعلوا في كل حي من ربيعة له ولدا.
----------


المراجع:

تاريخ الطبري ج 3 ص 255 ج 4 ص 9 86، 181، ج 5 ص 129، 199، 201، 202، 208، 212، 222، ج 6 ص 20، 63، 67 ج 7 ص 44-47، 87، 88، 131، 147، 150، 189 ج 8 ص 13، 106، 144. الأغاني للأصفهاني طبعة دار الكتب ج 6 ص 4 ج 8 ص 302، 311 ج 9 ص 82 ج 11 ص 42، 44، 45، 49، 131.

الأغاني للأصفهاني طبعة الساسي ج 4 ص 134، 135 ج 14 ص 45 ج 16 ص 56 ج 19 ص 77 ج 20 ص 23، 132-138. المشترك لياقوت ص 29. الكامل للمبرد ج 1 ص 277. العهدة لابن رشيق ج 2 ص 162، 169. تاريخ ابن خلدون ج 2 ص 301، 302. نهاية الأرب للنويري ج 2 ص 330. صبح الأعشى للقلقشندي ج 1 ص 338 طبقات ابن صاعد ص 43. صفة جزيرة العرب للهمداني ص 169. القاموس للفيروزآبادي ج 2 ص 160. مسالك الممالك للاصطخري ص 22.

الصحاح للجوهري ج 1 ص 533. تاج العروس للزبيدي ج 7 ص 273. نهاية الأرب للقلقشندي مخطوط ص 84. لسان العرب لابن منظور ج 5 ص 147 ج 6 ص 377 ج 9 ص 90 ج 13 ص 484


معجم ما استعجم للبكري ج 1 ص 118. الاشتقاق لابن دريد ص 202، 205. مجمع الأمثال للميداني ج 2 ص 260، 263، 264، 265، 266، 267، 268، 269، 270.

معجم البلدان لياقوت ج 1 ص 271، 921، ج 2 ص 72، 217، 400، 631، 637، ج 3 ص 38، 95، 97، 122، 199، 415، ج 4 ص 129، 425، 880) .



f;v fk ,hzg uk] ulv vqh ;phgm ( lgt ;hlg )