من هو العشماوي الذي جعل كل سكان الجزائر أشراف قرشيون ؟

حمى التشرف في الجزائر
قصة العشماوي وكتابه حول “الأشراف” .. بقلم (عامر بغدادي)

يتخذ معظم الجزائريين ( قبائل وعائلات ) من كتاب العشماوي “السلسلة الوافية والياقوتة الصافية….” المرجع الرئيسي في الزعم أنهم من الأشراف أو مرابط أي من الأدارسة أو ينحدرون من نسل رسول الله . فمن هو هذا الشخص وما حكاية كتابه؟

لم تحدثنا كتب التاريخ ولا كتب الأعلام و لا كتب السير( جمع سيرة) ولا القوامبس ولا الكتب المدرسية عن العشماوي نهائيا، فهو شخص لم يكن معروفا لكن الوحيد الذي أشار إليه هو خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام، حيث ذكر أنه من مكة المكرمة وانه وضع مصنفا حول الانساب في حدود سنة 1142 هجرية والتي توافق 1730 م بمعنى ان العشماوي عاش خلال النصف الاول من القرن الثاني عشر الهجري الموافق للنصف الاول من القرن الثامن عشر الميلادي. مما يعني أنه ليس مؤرخا وليس من القدماء مثل ابن حزم وابن خلدون والتنسي وغيرهم. أما كتابه المذكور فله العديد من العناوين أهمها “السلالة أو السلسلة الوافية والياقوتة الصافية..”و “التحقيق في النسب الوثبق..”و “كتاب الاعتبار وجواهر الاخبار” وهذا العنوان الأخير شبيه بكتاب ابن خلدون “كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر..” من باب التقليد لاكتساب نوع من المصداقية لا غير.

ما الغاية من تأليف هذا ألكتاب؟ كان العشماوي من أتباع الطرقية الذين ينسبون أنفسهم لذرية الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليثبتوا لأتباعهم أنهم من قريش أو من أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم..وعاش خلال ظهور دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب بالجزيرة العربية (توفي في 1791) والتي عرف أتباعها لاحقا بالسلفية أو الوهابية. وكانت الدعوة السلفية حربا حقيقية ضد الطرقية(الصوفية) ودعاة النسب الشريف ومن لف لفهم ودار في فلكهم. فترك العشماوي مكة وتوجه إلى بلاد المغرب حيث كان للطرقية حظ عظيم من الوجود خلال العهد العثماني. فقد شجعها العثمانيون فانتشرت الصوفية ودعاة النسب الشريف بصورة واسعة للتقرب من العثمانيين و الحصول على الحظوة الاجتماعية و الاعفاء من الضرايب والمغارم وغيرها…فصار كل من هب ودب على وجه الأرض يدعي زورا أنه إدريسي شريف….

ضمن هذا الجو ألف العشماوي كتابه السلسلة الوافية وحشاه بكل من تعرف عليهم لتوسيع مجتمع الاشراف والطرقية و نكاية في السلفيين قام بتضخيم من ينتسبون للاشراف..ولم يتوقف الأمر عند تلك الحرب الدائرة بين أنصار الطرقية والسلفية ولكن كتابه تم نسخه مئات المرات وربما آلاف..وكل ناسخ يضيف أسرته وعرشه إلى الأشراف وفي النهاية أصبح غالبية الجزائريين أشرافا، وحتى الكتاب لم يحتفظ بعنوانه الأصلي ولكن وضعت له عناوبن أخرى ك “التحقبق في النسب الوثيق” و “كتاب الاعتبار وجواهر الاخبار” وهذه النسخة شائعة لدى الجزائريين بعد أن وثقتها ونشرتها في كتب شخصيات على صلة بمخابر ذات نزعة عرقية تشتغل لضرب الوجود العربي الهلالي في الجزائر…. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.



lk i, hgualh,d hg`d [ug ;g s;hk hg[.hzv Havht rvad,k ?