النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: خبر محمد بن الحنفية وَابْن الزُّبَيْر وعبد الملك بْن مروان

خبر محمد بن الحنفية وَابْن الزُّبَيْر وعبد الملك بْن مروان 16- قَالُوا: بايع مُحَمَّد ابْن الحنفية ليزيد بْن مُعَاوِيَة، حين أخذ مُعَاوِيَة لَهُ البيعة عَلَى الناس، غير مغتاض ولا

  1. #1
    كاتب في الانساب
    تاريخ التسجيل
    23-01-2011
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    1,145

    افتراضي خبر محمد بن الحنفية وَابْن الزُّبَيْر وعبد الملك بْن مروان

    خبر محمد بن الحنفية وَابْن الزُّبَيْر وعبد الملك بْن مروان

    16- قَالُوا: بايع مُحَمَّد ابْن الحنفية ليزيد بْن مُعَاوِيَة، حين أخذ مُعَاوِيَة لَهُ البيعة عَلَى الناس، غير مغتاض ولا متلوّ (ولا ملتو «خ» ) عَلَيْهِ [1] فكان مُعَاوِيَة يشكر لَهُ ذَلِكَ ويصله عَلَيْهِ، ويقول: مَا فِي قريش كلها أرجح حلما وَلا أفضل علمًا وَلا أسكن طائرًا وَلا أبعد من كُلّ كبر وطيش ودنس من مُحَمَّد بْن علي!! فَقَالَ لَهُ مروان: ذلك يوم (كذا) والله ما نعرفه إلا بخير، فأما كلما يذكر فَإِن غيره من مشيخة قريش أولى بِهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَة: لا تجعلن من يتخلق لنا تخلقا، وينتحل لنا الفضل انتحالا كمن جبّله الله على الخير/ 518/ أو 259 ب/ وأجراه على السداد، فو الله ما علمتك إلا موزعا معزى بالخلاف.

    [ابن الحنفية وابن الزبير]
    وَكَانَ يزيد يعرف ذَلِكَ لَهُ أَيْضًا، فلما ولي يزيد، لم يسمع عَن ابْن الحنفية إلا جميلا، وببيعته إلا تمسكا ووفاءا، وازداد لَهُ حمدًا وعليه تعطفا.
    فلما قتل الحسين بن علي وكان من أمر ابْن الزُّبَيْر مَا كَانَ- مما نحن ذاكروه إن شاء اللَّه- كتب يزيد إِلَى ابْن الحنفية يعلمه أن قد أحب رؤيته وزيارته إياه ويأمره بالإقبال إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّهِ ابنه: لا تأته فإني غير آمنه عليك. فخالفه ومضى إِلَى يزيد، فلما قدم عليه، أمر (به) فأنزل
    [1] لم يذكر المصنف هؤلاء القائلين بالقضية المذكورة هاهنا، ولا مشايخهم من سلسلة الروات كي ينظر في شأنهم، فالرواية بما أنها بلا سند ومرسلة غير واجدة لشرائط القبول، ولا ناهضة للحجية- لاحتمال كون رواتها أو بعضهم من الكذابين أو ممن يأخذ الجعل من بني أمية لترويج شأنهم واختلاق الأباطيل لتقوية سلطانهم- فما تضمنته مردود على مختلقها، ولعله هو معاوية فإنه دائما كأخيه كان يزور الإفك والبهتان، ويقرض بعض من كان متصلا بخصمه ممن لا استقلال له بالخصومة، تضعيفا لجانب خصمه وتمويها على البسطاء وتجليبا لمن قرضه إليه وفصلا عن عدوه!!!
    ---

    منزلّا وأجرى عليه ما يصلحه ويسعه، ثُمَّ دعا بِهِ وأدنى مجلسه وقربه حَتَّى صار مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: آجرنا الله وإياك في الحسين بن علي، فو الله لئن كان نقصك لقد نقصني ولئن كان أوجعك فلقد أوجعني، ولو أني أنا الَّذِي وليت أمره ثُمَّ لم استطع دفع الموت عَنْهُ إِلا بجز أصابعي أَوْ بذهاب نواظري لفديته بِذَلِكَ، وإن كَانَ قد ظلمني وقطع رحمي!!! وَلا أحسبه إِلا قد بلغك أنا نقوم بِهِ فننال منه ونذمه وأيم اللَّه مَا نفعل ذَلِكَ لئلا تكونوا (ظ) الأحباء الأعزاء، ولكنا نريد إعلام الناس [1] بأنا لا نرضى إِلا بأن لا ننازع أمرًا خصنا اللَّه بِهِ وانتخبنا اللَّه لَهُ!!! فَقَالَ لَهُ ابْن الحنفية: وصلك اللَّه ورحم حسينا وغفر له، وقد علمنا أن ما نقصنا فهو لك ناقص، وما عالنا فهو لك عائل، وما حسين بأهل أن تقوم به فتنقصه وتجذبه [2] وأنا أسألك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أن لا تسمعني فِيهِ شَيْئًا أكرهه. فَقَالَ يزيد: يَا ابْن عم لست تسمع مني فِيهِ شيئا تكرهه.
    [1] هذا هو الظاهر، وفي الأصل: ولكنا نريد إعلام الناس لنا ... ثم إن صحت الرواية وصدر الكلام من الرجل في غير حال السكر فهذا اقتداء منه بأخيه الشيطان حيث عتا عن أمر الله وجعل نفسه خيرا ممن اختاره الله عليه وعلى جميع البرية فقال ردا على الله: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين!!! ما للطلقاء وأبناء الطلقاء وخلافة رسول الله؟ أما كان يكفيهم قبول الإسلام منهم مع ما فيهم من إبطان الكفر والنفاق وإخلادهم إلى الدنيا وكيدهم بالمؤمنين واعتناقهم بالغدر والخيانة والفسق والفجور، من الزنا وشرب الخمور ولبسهم الذهب والحرير واتجارهم بالخمور والخنزير؟!! ولكن الظاهر- على فرض صدق الرواية- أن الكلام صدر منه في حال السكر فإنه كان دائم الشرب سكيرا، وإلا فإن العالم بأسرهم- أعداء بني أمية وأولياؤهم- كانوا يعرفون أن سلطة بني أمية حصلت بحيلة شيطانين كبيرين وتعاضدهما في المكر وإغواء الناس بعد ما كانت المقدمات ممهدة لهما، وثار معهما غوات أهل الشام وأمهلهم الله ولم يعاجلهم بالعقوبة كي يتم عليهم الحجة، كما انه تعالى أمهل الشيطان وفراعنة الأمم، وإمهاله تعالى للمتمردين ليس لأجل محبته لهم واصطفائه إياهم كما قال تعالى: «فلا يحسبن الذين كفروا انما نملي خير لهم إنما على لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب أليم» !!!
    [2] يقال: «عال الميزان- من باب باع- عيلا» : نقص. وعالت الناقة ذنبها:
    رفعته. وتحذ به- من باب ضرب-: تدفعه.
    ---

    وسأله (يزيد) عَن دينه فَقَالَ: مَا علي دين. فَقَالَ يزيد لابنه خالد بْن يزيد: يَا بني إن عمك هَذَا بعيد من الخب واللؤم والكذب، ولو كان كبعض هَؤُلاءِ لقال: علي كَذَا وكذا. ثُمَّ أمر له بثلاثمائة ألف درهم فقبضها، ويقال: أنه أمر لَهُ بخمس مائة ألف وعروض بمائة ألف درهم.
    وَكَانَ يزيد يتصنع لابن الحنفية ويسأله عَن الفقه والْقُرْآن، فلما جاء ليودعه قَالَ لَهُ: يا (أ) با القاسم إن كنت رأيت مني خلقا تنكره نزعت عَنْهُ وأتيت الَّذِي تشير بِهِ علي؟! فقال: والله لو رأيت منكرًا مَا وسعني إِلا أن أنهاك عَنْهُ، وأخبرك بالحق لله فِيهِ، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه (كذا) للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلا خيرا.
    وشخص (ابن الحنفية) من الشَّام حَتَّى ورد الْمَدِينَة، فلما وثب النَّاس بيزيد وخلعوه ومالوا إِلَى ابْن الزُّبَيْر، وأتاهم مسلم بْن عقبة المري فِي أَهْل الشَّامِ، جاء عَبْد اللَّهِ بْن عمر بْن الخطاب وعبد اللَّه بْن مطيع فِي رجال من قريش والأنصار فَقَالُوا لابن الحنفية: أخرج معنا نقاتل يزيد. فَقَالَ لهم مُحَمَّد بْن علي: عَلَى ماذا أقاتله ولم أخلعه؟! قَالُوا: إنه كفر وفجر وشرب الخمر وفسق فِي الدين [1] . فَقَالَ لهم مُحَمَّد بْن الحنفية: ألا تتقون الله هل رآه أحد
    [1] والذي نسبه هؤلاء إلى يزيد من الفجور وشرب الخمر والفسوق في الدين، قد نسبه إليه جماعة كثيرة آخرون، ممن يصدق قوله فيه كأبيه معاوية، وثبت أيضا من سيرته القطعية المروية من طريق شيعته وأوليائه، وما ذكره محمد بن الحنفية في جواب القوم فرار منه عن إجابته إياهم إلى حرب يزيد، وإلا فكل من مارس التاريخ يعلم أن ابن الحنفية لم يعاشر يزيد إلا في سويعات من أيام قليلة زار يزيد في أيام دعوى ابن الزبير الخلافة، بخلاف القوم فإنهم كانوا عاشروه في أيام معاوية وبعده وكانوا يفدون إليهما كثيرا طلبا لما في أيديهما. وقول ابن الحنفية: «أفأطلعكم.
    أنتم عليه؟» أيضا غير تمام فإن يزيد ما أراد أن يطلع القوم على عمله ولا تعمد يوما أن يعلم الناس ما هو فاعله ومولع عليه، لكن كان غرا غرقا في الشهوات دائم الشرب سكيرا غير مبال في قضاء شهواته ليلا ونهارا، ولهذا كتب إليه أبوه في أبيات له بأن يقتصر في قضاء شهواته بما إذا أرخى الليل سدوله ونامت العيون وخلى الجو عن الرقباء وقال له: فإنما الليل نهار الأريب!!! وأما كفره فيكفيه تمثله بأبيات ابن الزبري في مجمع من الناس لما ضرب بخيزرانه على شفتي ابن رسول الله وريحانته!!! إلى غير ذلك مما ذكره أولياء يزيد، ومعاوية، كما تقرأ جما غفيرا من شواهده في «كتاب الرد على المتعصب العنيد» لابن الجوزي وكتاب «عبرات المصطفين» للمحمودي وسيمثلان للطبع إن شاء الله تعالى.
    ---

    منكم يعمل مَا تذكرون؟ وقد صحبته أكثر مما صحبتموه فما رأيت منه سوءًا.
    قَالُوا: إنه لم يكن يطلعك عَلَى فعله. قَالَ: أفأطلعكم أنتم عَلَيْهِ؟! فلئن كَانَ فعل إنكم لشركاؤه؟ ولئن كَانَ لم يطلعكم لقد شهدتم عَلَى غير مَا علمتم.
    فخافوا أن يثبط قعوده النَّاس عَن الخروج، فعرضوا عَلَيْهِ أن يبايعوه إذ كره أن يبايع لابن الزُّبَيْر، فَقَالَ: لست أقاتل تابعا وَلا متبوعا. قَالُوا: فقد قاتلت مَعَ أبيك. قَالَ: وأين مثل أَبِي اليوم؟!!! فأخرجوه كارها ومعه بنوه متسلحين وَهُوَ فِي نعل ورداء، وَهُوَ يقول: يَا قوم اتقوا الله (و) لا تسفكوا دماءكم.
    فلما رأوه غير منقاد لهم خلوه، فذهب أَهْل الشَّامِ ليحملوا عَلَيْهِ فضارب بنوه دونه فقتل ابنه القاسم بْن مُحَمَّد، وضرب أبو هاشم/ 519/ أو 260/ أ/ قاتل أخيه فقتله.
    وأقبل ابْن الحنفية إِلَى رحله فتجهز ثُمَّ خرج إِلَى مَكَّة من فوره ذَلِكَ، فأقام بِهَا حَتَّى حصر عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ حصاره الأول وَهُوَ فِي ذَلِكَ قاعد عَنْهُ لا يغشاه وَلا يأتيه.
    وسأل قوم من الشيعة من أَهْل الْكُوفَةِ عَن خبره فأعلموا أنه بِمَكَّةَ، فشخصوا إِلَيْهِ وكانوا سبعة عشر رجلا، وهم معاذ بْن هانئ بن عدي ابن أخي حجر ابن عدي الكندي ومحمد بْن يزيد بْن مزعل الْهَمْدَانِيّ ثُمَّ الصائدي ومحمد بْن نشر الْهَمْدَانِيّ [1] وأبو المعتمر حنش بْن ربيعة الكناني، وأبو الطفيل عامر بن واثلة
    [1] كذا في الأصل.
    ---

    الكناني وهانئ (بْن) قَيْس الصائدي، وصخير بْن مالك المزني وسرح بْن مالك الخثعمي والنعمان بن الجعد الغامدي وشريح بن حنا الحضرمي (كذا) ويونس ابن عمران الجابري من همدان، وعبد اللَّه بْن هانئ الكندي، وَهُوَ الَّذِي قتل بعد ذَلِكَ مَعَ المختار، وجندب بْن عَبْدِ اللَّهِ الأزدي ومالك بن حزام بن ربيعة- (و) قتله المختار بعد بجبانة السبيع، وَهُوَ ابْن أَخِي لبيد بْن ربيعة الشاعر- وقيس بْن جعونة الضبابي، وعبد الله ابن ورقاء السلولي.
    فبعث عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ إِلَى ابْن الحنفية- بعد انصراف أَهْل الشَّامِ من مَكَّة مَعَ الحصين بْن نمير السكوني و (بعد) موت يزيد بْن مُعَاوِيَة- أن هلم فبايعني. فأبي عَلَيْهِ، وبايع النَّاس ابْن الزُّبَيْر بالمدينة والْكُوفَة والبصرة، فأرسل إِلَيْهِ أن النَّاس قد بايعوا واستقاموا فبايعني. فَقَالَ لَهُ: إذا لم يبق غيري بايعتك.
    وبعث (ابن الزبير) إلى السبعة العشر الكوفيين فسألهم عَن حالهم وأمرهم بالبيعة لَهُ، فَقَالُوا: نحن قوم من أَهْل الْكُوفَةِ اعتزلنا أمر النَّاس حين اختلفوا وأتينا هَذَا الحرم لئلا نؤذي أحدًا وَلا نؤذي، فَإِذَا اجتمعت الأمة عَلَى رجل دخلنا معهم فيما دخلوا فِيهِ، وَهَذَا مذهب صاحبنا، ونحن مَعَهُ عَلَيْهِ، وله صحبناه. فوقع (ابن الزبير) في ابن الحنفية وتنقصه وقال: والله ما صاحبكم بمرضي للدين وَلا محمود الرأي وَلا راجح العقل وَلا لهذا الأمر بأهل!!! فقام عَبْد اللَّهِ بْن هانئ فَقَالَ: قد فهمت مَا ذكرت بِهِ ابْن عمك من السوء ونحن أعلم بِهِ وأطول معاشرة لَهُ منك، وأنت تقتل من لم يبايعك وَهُوَ يقول:
    والله مَا أحب أن الأمة بايعتني كلها غير سعد مولى مُعَاوِيَة فبعثت إِلَيْهِ فقتلته.
    ---

    وإنما عرض بِهِ لأنه كَانَ بعث إِلَى سعد فقتله!!! وكلمه عَبْد اللَّهِ بْن هانئ بكلام كثير، فقال: ألهزوه. فوجئ فِي قفاه!!! [1] .
    فَقَالَ: أتفعل هَذَا فِي حرم اللَّه وأمنه وجوار بيته؟!! فَقَالُوا لَهُ: لئن لم يضرك إِلا تركنا بيعتك لا يضرك شيء أبدا، ولا يلحقك مكروه. ودعا بِهِ [2] فَقَالَ: إيه أَبِي تضرب الأمثال، وإياي تأتي بالمقاييس؟
    فَقَالَ: «إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ» فَقَالَ ابْن الزُّبَيْر: ادفعوهم عني لعنكم اللَّه من عصابة.
    فأتوا ابْن الحنفية فأخبروه بما كَانَ بينهم وبين ابْن الزُّبَيْر، فجزاهم خيرًا وعرض عليهم أن يعتزلوه!!! فأبوا وَقَالُوا: نحن معك فِي العسر واليسر، والسهل والوعر لا نفارقك حتى يجعل الله لك فسحة وفرجة. وبايعوه عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ لهم: إني بكم لمتأنس (كذا) كثير.
    وسأله بعضهم أن يرصدوا ابْن الزُّبَيْر فيقتلوه إذا خرج من الحرم فكره ذَلِكَ وَقَالَ: مَا يسرني أني قتلت حبشيا مجدعا، ثم اجتمع سلطان العرب كله (لي) !!! وقدم عَلَى السبعة العشر الرَّجُل من أبنائهم ثلاثة نفر: بشر بن سرح، والطفيل ابن أَبِي الطفيل عامر بْن واثلة، وبشر بْن هانئ بْن قَيْس. 4/ 474
    فلما يئس ابْن الزُّبَيْر من بيعة ابْن الحنفية وأصحابه وقد فسدت عليه الكوفة، وغلب المختار ابن أبي عبيد الثقفي عليها/ 520/ أو 260 ب/ وأخرج ابن مطيع عامله عنها، ودعت الشيعة بِهَا لابن الحنفية، ثقل عَلَيْهِ
    [1] هذا هو الظاهر، وفي النسخة: «وجوا في قفاه» . وألهزوه: اضربوه بجمع كفكم، أو اضربوه بجمع كفكم في رقبته ولهزمته. واللهزمة- كشرذمة-: عظم ناتئ في اللحى تحت الأذن. فوجئ: فضرب.
    [2] كذا.
    ---

    مكان ابن الحنفية معه، وخشي أن يتداعا الناس إلى الرضابه!! فحبسه وأهل بيته ومن كَانَ مَعَهُ من أصحابه أولئك بزمزم، ومنع النَّاس منهم ووكل بهم الحرس.
    ثُمَّ بعث إِلَيْهِمْ أعطي اللَّه عهدًا لئن لم تبايعوني لأضربن أعناقكم أَوْ لأحرقنكم بالنار!!! [1] وَكَانَ رسوله بِذَلِكَ عَمْرو بْن عروة بْن الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهُ ابْن الحنفية [2] : قل لعمك لقد أصبحت جريئًا عَلَى الدماء منتهكا للحرمة
    [1] قال ابن أبي الحديد- في شرح المختار: (400) من قصار نهج البلاغة: ج 4 ص 487 ط القديم بمصر-: جمع عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر مُحَمَّد بْن الحنفية وعبد الله بن عباس في سبعة عشر رجلا من بني هاشم منهم الْحَسَن بْن الْحَسَن بْن عَلِي بْن أَبِي طالب عليه السلام وحصرهم في شعب بمكة يعرف بشعب عارم وقال: لا تمضي الجمعة حتى تبايعوا لي أو أضرب أعناقكم أو أحرقكم بالنار!!! ثم نهض إليهم قبل الجمعة يريد حرقهم بالنار فالتزمه ابن اسور بن مخرمة الزهري وناشده الله أن يؤخرهم إلى يوم الجمعة!!! فلما كان يوم الجمعة دعا محمد بن الحنفية بغسول وثياب بيض فاغتسل وتلبس وتحنط لا يشك في القتل!! وقد (كان) بعث المختار بن أبي عبيد من الكوفة أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف، فلما نزلوا ذات عرق تعجل منهم سبعون على رواحلهم حتى وافوا مكة صبيحة الجمعة ينادون يا محمد وقد شهروا السلاح حتى وافوا شعب عارم فاستخلصوا محمد بن الحنفية ومن كان معه، وبعث محمد بن الحنفية الحسن بن الحسن ينادي من كان يرى ان لله عليه حقا فليشم سيفه فلا حاجة لي بأمر الناس!!! إن أعطيتها عفوا قبلتها وإن كرهوا لم أنثر بهم أمرهم!!! وفي شعب عارم وحصار ابن الحنفية فيه يقول كثير بن عبد الرحمان:
    ومن ير هذا الشيخ بالخيف من منى ... من الناس يعلم انه غير ظالم
    سمي النبي المصطفى وابن عمه ... وحمال أثقال وفكاك غارم
    تخبر من لاقيت أنك عائذ!!! ... بل العائذ المحبوس في سجن عارم
    أقول: وذكرها أيضا المبرد في الكامل: ج 2 ص 130، وذكره أيضا في شرح الهاشميات ص 29 وفي تذكرة الخواص ص 302.
    [2] قال المسعودي في مروج الذهب ط الميمنية: وكان عروة بن الزبير يعذر أخاه في حصر بني هاشم في الشعب وجمعه الحطب ليحرقهم يقول: إنما أراد بذلك أن لا تنشر الكلمة ولا يختلف المسلمون كما فعل عمر بن الخطاب بني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبي بكر فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار!!! ورواه عنه ابن أبي الحديد، في الجزء العشرين في شرح المختار: (400) من الباب الثالث من نهج البلاغة: ج 4 ص 495 من الطبعة الثالثة لدار الفكر التي جعلها أفستا من النسخة المطبوعة بدار الكتب العربية الكبرى بمصر في سنة 1329.
    ---

    متلثلثًا فِي الفتنة [1] .
    وَقَالَ لَهُ: عدة من السبعة العشر الرجل (و) فِيهِمُ ابْن مزعل: إن هَذَا حصرنا بحيث ترى وخوّفنا بما تعلم وو الله مَا ننتظر إِلا أن يقدم!!! وقد ظهر بالْكُوفَة من يدعو إِلَى بيعتك والطلب بدماء أَهْل بيتك، فالطف لبعثة رسل من قبلك يعلمونهم حالك وحال أَهْل بيتك. فَقَالَ: اختاروا منكم نفرا.
    فاختاروا الطفيل ابن أَبِي الطفيل عامر بْن واثلة- وَهُوَ المقتول مع ابن الأشعث- ومحمد بن نشر (كذا) وأبا المعتمر، وهانئ بْن قَيْس، فأمرهم ابْن الحنفية بكتمان أمرهم وأمر لهم بأربع نجائب وأجلهم لذهابهم ومجيئهم ستًا وعشرين ليلة، فلما هدأت العيون ونام طالع الكلاب ورمق الحرس، فوجدهم نياما مستثقلين، دفع إِلَيْهِمْ كتابا منه إِلَى المختار بْن أَبِي عبيد، ومن قبله من الشيعة يخبرهم فِيهِ بحالهم وما يتخوفون من ابن الزبير ويقول فيه: يا غوثنا بالله يَا غوثنا بالله، وَقَالَ: إن رأيتم منه مَا تحبون حمدتم اللَّه عَلَى ذَلِكَ، وإن رأيتم منه تقصيرًا فاعلموا النَّاس مَا جاء بكم والحال الَّتِي تركتمونا عَلَيْهَا.
    فلما قرأ المختار الكتاب دعا أصحابه فقرأه عليهم فوثب جميع من فِي القصر يبكون ويضجون ويقولون للمختار: سرحنا إِلَيْهِ وعجل. فخطب المختار الناس وقال: هذا كتاب مهديكم وصريح أهل بيت نبيكم ومن معه من
    [1] التلثلث: التمرغ، ومتلثلثا في الفتنة: منهمكا ومتمرغا ومتلطخا بها.
    ---

    إخوانكم قد تركوا محظورًا عليهم حظار كزرب الغنم [1] ينتظرون القتل والتحريق بالنار فِي آناء الليل ونارات النهار [2] لست بأبي إسحاق إن لم أنصرهم نصرا موزرا، وأسرب إليهم الخيل في آثار الخيل كالسيل يتلو السيل حتى يحل بابن الكاهلية الويل.
    ويعني بابن الكاهلية عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ وذلك أن أم خويلد أَبِي العوام زهرة بنت عمرو بن حنتر (ظ) من بَنِي كاهل بْن أسد بْن خزيمة.
    وأنقذ المختار جواب كتاب ابْن الحنفية مَعَ مُحَمَّد بن بشر [3] والطفيل ابن أَبِي الطفيل عامر بْن واثلة، واحتبس قبله أبا المعتمر، وهانئ بن قيس يسرّح معهما جيشا.
    ثُمَّ وجه أبا عَبْد اللَّهِ بن عبد، من ولد واثلة بْن عَمْرو بْن ناج بْن يشكر بْن عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان- وَهُوَ الَّذِي يعرف بأبي عَبْد اللَّهِ الجدلي لأنّ أمّ عدوان بن عمرو بن نهم بْن عَمْرو يقال لَهَا جديلة فهم ينسبون إليها- في سبعين راكبا، وعقبة بن طاهر الجشمي فِي أربعين راكبا، ويونس بْن عَمْرو بْن عمران الجابري فِي أربعين راكبًا، وَكَانَ يونس قد رجع إِلَى الْكُوفَةِ قبل شخوص هَؤُلاءِ الأربعة النفر.
    فسار هَؤُلاءِ المائة والخمسون ومن عليهم حَتَّى وافوا مَكَّة، وَابْن الحنفية وأهل بيته وأولئك القوم بزمزم، قد أعد لهم عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ الحطب ليحرقهم
    [1] محظورا عليهم: مبنيا حولهم الحظيرة، والحظار- ككتاب- الحائط وما يبني حول الشيء كي يمنعه من الخروج، ويمنع الخارج من الوصول إليه. والزرب- كحرب وإرب-: مأوى الغنم.
    [2] كذا بالنون.
    [3] كذا هاهنا.
    ---

    بالنار!!! فيما يظهر للناس ولهم حَتَّى يبايعوا، فعقل القادمون رواحلهم بالباب ودخلوا فكبروا ونادوا يَا لثارات الْحُسَيْن. ثُمَّ شدوا عَلَى الحرس الموكلين بابن الحنفية وأصحابه فطردوهم ودخلوا عَلَيْهِ يفدونه بآبائهم وأمهاتهم ويقولون: خل بيننا وبين ابْن الزُّبَيْر، فَقَالَ: لا أستحل القتال فِي حرم الله!!! وقال ابن الزبير: وا عجبا من هذه الخشبية الذين/ 521/ أو 261/ أ/ اعتزلوني في سلطاني يبغون حسينا كأني أنا قاتل حسين، والله لو قدرت عَلَى قتلته لقتلتهم.
    وَكَانَ دخولهم عَلَى ابْن الزُّبَيْر وفي أيديهم الخشب كراهة أن يشهروا السيوف فِي الحرم والمسجد الحرام!!! وَقَالَ بعضهم: بل وثبوا عَلَى الخشب الَّذِي كَانَ ابْن الزُّبَيْر جمعه حول زمزم لإحراق ابْن الحنفية وأصحابه، فأخذ كُلّ امرئ منهم بيده خشبة فسموا خشبية.
    وأقبل ابْن الزُّبَيْر عَلَى أَبِي عَبْد اللَّهِ الجدلي وأصحابه فَقَالَ: أتروني أخلي سبيل صاحبكم دون أن يبايع ويبايعوا؟!! فقال الجدلي: وربّ الركن والمقام والحلّ والحرام لتخلين سبيله فينزل من مَكَّة حيث شاء، ومن الأرض حيث أحب، أَوْ لنجالدنك بأسيافنا. فَقَالَ ابْن الزُّبَيْر- ورأى أن أصحابه قد ملئوا المسجد، وأن أصحاب ابْن الحنفية لا يبلغون مأتين-: وما هَؤُلاءِ والله لو أذنت لأصحابي فِيهِمْ ما كانوا عندهم إلّا مأكلة رأس [1] . فقال صخير بن مالك: أما والله إني (أخاف) إن رمت ذلك أن يوصل إليك (ما تكره) قبل أن ترى فينا مَا تحب [2] وقام الطفيل بْن عامر فَقَالَ:
    قد علمت ذات الشباب الرود ... والجرم ذي البضاضة الممسود
    إنا الأسود وبنو الأسود
    [1] رسم الخط في «مأكلة» غير وضح، ويحتمل أن يقرأ: «كأكلة رأس» ؟
    [2] هذا هو الظاهر، وفي الأصل: «قبل أن يرى فينا ما يحب» . وما بين المعقوفات زيادة منا.
    ---

    فقال ابن الحنفية لعامر: يا (أ) با الطفيل مر ابنك فليسكت. وتكلم ابْن الحنفية (وقال: إني) آمركم بتقوى الله وأن تحقنوا دماءكم إني معتزل لهذه الفتنة حَتَّى تجتمع الأمة إذ اختلفت وتفرقت فأطيعوني (كذا) .
    وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس بْنِ عَبْدِ المطلب لابن الزُّبَيْر: قد نهيتك عَن هَذَا الرَّجُل وأعلمتك أنه لا يريد منازعتك فاكفف عَنْهُ وعن أصحابه. فَقَالَ:
    والله لا أفعل حتى يبايع ويبايعوا لي، بايع يزيد وَلا يبايعني؟!! فمكث القوم ثلاثة أيام قد صف بعضهم لبعض فِي المسجد، والمعتمرون يمشون فيما بينهم بالصلح، فلما كَانَ اليوم الثالث قدم عليهم من قبل المختار أَبُو المعتمر فِي مائة، وهانئ بْن قَيْس فِي مائة، وظبيان بْن عمارة التَّمِيمِيّ فِي مأتين- ومعهم مال بعث به المختار، وهو أربعمائة ألف درهم- ثُمَّ أقبلوا جميعا حَتَّى دخلوا المسجد يكبرون وينادون يَا لثارات الْحُسَيْن، فلما رآهم أصحاب ابْن الزُّبَيْر خافوهم، ورأى ابْن الحنفية أنه قد امتنع وأصحابه فَقَالَ لهم: اخرجوا بنا إِلَى الشعب. ولم يقدر ابْن الزُّبَيْر عَلَى حبسهم فخرج فنزل شعب علي وضمّ إليه المال الذي عنده (كذا) وأتته الشيعة من عشرة وعشرين ورجل ورجلين، حتى اجتمع معه أربعة آلاف رجل، ويقال: أقل من أربعة آلاف فقسم بينهم المال الذي أتاه.
    ولمّا صار ابْن الحنفية فِي هَذَا الجمع، استأذنه قوم ممن كَانَ قدم إِلَيْهِ فِي إتيان الكوفة للإمام بأهليهم ثُمَّ الرجوع إِلَيْهِ، منهم: عَبْد اللَّهِ بْن هانئ الكندي وعقبة بْن طارق الجشمي، ومالك بْن حزام بْن ربيعة الكلابي وعبد الله ابن ربيعة الجشمي، فقدموا الْكُوفَة، فلما كانت وقعة جبانة السبيع قاتلوا المختار!!! إِلا عَبْد اللَّهِ بْن هانئ فيقال: إنه رجع إِلَى ابْن الحنفية.
    ---

    ثُمَّ إن المختار بعث إِلَى ابْن الحنفية بثلاثين ألف دينار، مع عبد الرحمان ابن أَبِي عمير الثَّقَفِيّ وعبد اللَّه بْن شداد الجشمي والسائب بْن مالك الأَشْعَرِيّ وعبد اللَّه، وَهُوَ عبدل لام [1] بْن الحصل الطائي، وبعث معهم برأس عبيد بْن زياد، وحصين بْن نمير، وَابْن ذي الكلاع، فنصبت هذه الرؤوس عَلَى باب المسجد، وقسم ابْن الحنفية ذَلِكَ المال بين أصحابه فقووا وعزوا.
    17- قالوا: ونزل ابْن الحنفية بالشعب عزيزًا منيعًا حَتَّى قتل المختار/ 522/ أو 261 ب/ وظهر مصعب بْن الزُّبَيْرِ عَلَى الْكُوفَة، واشتد أمر عبد الله بن الزبير فتضعضع أمر أصحاب ابْن الحنفية [2] وانقطعت عنهم موادهم واشتدت حاجتهم.
    وَقَالَ (عَبْد اللَّهِ) بْن الزُّبَيْر لابن عَبَّاس: (أ) لم يبلغك قتل الكذاب؟! قَالَ: ومن الكذاب؟ قَالَ: ابْن أَبِي عبيد. فَقَالَ: قد بلغني قتل المختار.
    قَالَ: كأنك تكره تسميته كذابا وتتوجع لَهُ؟! فَقَالَ: ذَلِكَ رجل قتل قتلتنا وطلب بدمائنا وشفى غليل صدورنا، وليس جزاؤه منا الشتم والشماتة [3] فَقَالَ ابْن الزُّبَيْر: لست أدري أنت معنا أم علينا؟! ومر ابْن عَبَّاس بعروة بْن الزُّبَيْرِ فَقَالَ: قد قتل الكذاب المختار، وَهَذَا رأسه. فَقَالَ ابْن عَبَّاس إنه قد بقيت لكم عقبة فَإِن صعدتموها فأنتم أنتم. يَعْنِي عَبْد الْمَلِك وأهل الشام.
    [1] كذا في ظاهر رسم الخط.
    [2] هذا هو الظاهر، وفي النسخة: قالوا: ولما نزل ابن الحنفية ... وتضعضع أمر أصحاب ابن الحنفية ...
    [3] وعلى عقيدة ابن عباس هذه جمهور شيعة أهل البيت عليهم السلام، كما أن أكثر شيعة آل أمية على عقيدة ابن الزبير في الرجل رضوان الله تعالى عليه.
    ---

    وبعث ابْن الزُّبَيْر إِلَى ابْن الحنفية: إن البلاد قد افتتحت، وإن الأمور قد استوسقت فاخرج إلي فادخل فيما دخل فِيهِ النَّاس وإلا فإني منابذك!!! وَكَانَ رسوله بِذَلِكَ عروة بْن الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهُ ابْن الحنفية: بؤسًا لأخيك مَا ألحه فِي إسخاط اللَّه وأغفله عن ذات الله؟!! و (أيضا) قال (ابن الحنفية) في خطبة خطبها لأصحابه:
    إنه بلغني أن هَذَا العدو الَّذِي قربت داره وساء جواره واشتدت ضغينته، يريد أن يثور إلينا بمكاننا هَذَا، من يومنا هَذَا، وقد أذنت لمن أحب الانصراف عنا فِي ذَلِكَ، فإنه لا ذمام عَلَيْهِ منا، وَلا لوم!!! فإني مقيم حَتَّى يفتح اللَّه بيني وبينه وَهُوَ خير الفاتحين.
    فقام إِلَيْهِ (أَبُو) عبد الله الجدلي ومحمد بن نشر (كذا) وعبد الله بن سبع فتكلموا وأعلموه أنهم غير مفارقيه!!! 18- قَالُوا: وجد ابْن الزُّبَيْر فِي قتال ابْن الحنفية!!! وكره ابْن الحنفية أن يقاتله فِي الحرم.
    وقد كَانَ خبر ابْن الحنفية انتهى إِلَى عَبْد الملك بْن مروان، وبلغه فعل ابْن الزُّبَيْر به، فبعث إِلَيْهِ يعلمه إنه إن قدم عَلَيْهِ أحسن إِلَيْهِ، وعرض عَلَيْهِ أن ينزل أي الشَّام شاء حَتَّى يستقيم أمر النَّاس، وَكَانَ رسوله إليه حبيب بن كره مولاهم.
    [ابن الحنفية وعبد الملك بن مروان]
    وكتب عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس إِلَى عَبْد الملك في محمد ابن الحنفية، كتابا يسأله فيه الوصاة بمحمد ابن الحنفية والعناية بشأنه والحيطة عَلَيْهِ إذا صار إِلَى الشَّام.
    فأجابه عَبْد الملك بكتاب حسن يعلمه فِيهِ قبول وصيته وسأله أن ينزل به حوائجه.
    ---

    وخرج ابْن الحنفية وأصحابه يريدون الشَّام، وخرج كثير عزة أمامه وَهُوَ يقول:
    هديت يَا مهدينا ابْن المهتدي ... أنت الَّذِي نرضى بِهِ ونرتجي
    أنت ابْن خير النَّاس من بعد النبي ... أنت إمام الحقّ لسنا نمتري
    يا ابن علي سر ومن مثل علي؟!
    وأتي ابْن الحنفية «مدين» وبها مظهر بْن حبي العكي من قبل عَبْد الملك، فحدثه أصحابه بما كَانَ من غدر عَبْد الملك بعمرو بْن سعيد بن العاص بعد أن آتاه العهود المؤكدة. فحذره ونزل «أيلة» [1] وتحدث النَّاس بفضل مُحَمَّد وكثرة صلاته وزهده وحسن هديه، فلما بلغ ذَلِكَ عَبْد الملك ندم عَلَى إذنه لَهُ فِي قدوم بلده، فكتب إِلَيْهِ: إنك قدمت بلادنا بإذن منا، وقد رأيت أن لا يكون فِي سلطاني رجل لم يبايعني، فلك ألف ألف درهم أعجل لك منها مأتي ألف درهم، ولك السفن الَّتِي أرفأت إِلَيْك من مصر [2] . وكانت سفنا بعث إِلَيْهِ فِيهَا بأمتعة وأطعمة.
    فكتب إِلَيْهِ ابْن الحنفية: قد قدمنا بلادك بإذنك إذ كَانَ ذَلِكَ لك موافقا، وارتحلنا عنها إذ أنت لجوارنا (كنت) كارها.
    وقدم ابْن الحنفية فنزل الشعب بِمَكَّةَ، فبعث إِلَيْهِ ابْن الزُّبَيْر: ارتحل عَن هَذَا الشعب فما أراك منتهيًا عَنْهُ [3] أَوْ يشعب الله لك ولأصحابك أصنافا
    [1] كذا في الأصل، فإن صح فمعناه: ان ابن الحنفية حذر من عبد الملك فلم ينزل عليه بدمشق، بل نزل ايلة ...
    [2] أي أرسلت إليك من مصر.
    [3] لعل هذا هو الصواب، والظاهر من رسم خط النسخة: «مقهياد» ؟ ويشعب- كيمنع-: يجمع.
    ---

    من العذاب، وكتب/ 523/ أو 262/ أ/ إِلَى مصعب بْن الزُّبَيْرِ أخيه يخبره بأسماء رؤساء أصحاب ابْن الحنفية، ويأمره أن يسير نساءهم من الكوفة!!! فسيّر (مصعب) نساء نفر منهم فيهن امرأة طفيل بْن عامر بْن واثلة، وهي أم سلمة بنت عَمْرو الكنانية، فجاءت حَتَّى قدمت عليه، فقال الطفيل في ذلك:
    (ف) إن يك (قد) سيرها مصعب ... فإني إِلَى مصعب مذنب
    أقود الكتيبة مستلئما ... كأني أخو عزة أجرب
    علي دلاص تخيرتها ... وبالكف ذو رونق مقضب
    سعرت عليهم مع الساعري ... ن نارا إذا أخمدت تثقب
    فلو أن يحي به قوّة ... فيغزوا مع القوم أو يركب
    ولكن يحي كفرخ العقا ... ب ريش قوادمه أزغب
    فكف ابْن الزُّبَيْر عَن ابْن الحنفية حَتَّى إذا حج النَّاس وَكَانَ يوم النفر، أرسل إِلَيْهِ تنح عَن هَذَا المنزل وانفر مَعَ الناس وإلا فإنّي مناجزك. فسأله معاذ ابن هانئ وغيره من أصحابه أن يأذن (لهم) فِي مقارعته وَقَالُوا: قد بدأك بالظلم واضطرك وإيانا إِلَى الامتناع. فَقَالَ لَهُ ابْن مطيع: لا يغرنك قول هَؤُلاءِ فإنهم قتلة أبيك وأخيك. فقال: نصبر لقضاء اللَّه، اللَّهُمَّ ألبس ابْن الزُّبَيْر لباس الذل والخوف وسلط عَلَيْهِ وعلى أشياعه وناصريه من يسومهم مثل الَّذِي يسوم النَّاس، اللَّهُمَّ أبلسه بخطيئته [1] وأجعل دائرة السوء عَلَيْهِ، سيروا بنا عَلَى اسم اللَّه إِلَى الطائف.
    فقام ابْن عَبَّاس فدخل عَلَى ابْن الزُّبَيْر فَقَالَ لَهُ: مَا ينقضي عجبي من تنزيك [2]
    [1] أي اجعله مأيوسا من رحمتك وخذه بخطيئته.
    [2] أي من توثبك وسطوتك.
    ---

    عَلَى بني عَبْد المطلب تخرجهم من حرم اللَّه وهم والله أولى بِهِ وأعظم نصيبا فِيهِ منك. إن عواقب الظلم لترد إِلَى وبال.
    فقال ابن الزبير: ما منك عجب ولكن من نفسي حين أدعك تنطق عندي ملأ فيك!!! فَقَالَ ابْن عَبَّاس والله مَا نطقت عند أحد من الولاة أخس منك؟! قد والله نطقت غلاما عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر، ونطقت رجلا عند عمر وعثمان وعلي يروني أحق من نطق، فيستمع لرأيي وتقبل مشورتي وكل هَؤُلاءِ خير منك ومن أبيك!!! فقال (ابن الزبير) : والله لئن كنت لي ولأهلي مبغضا، لقد كتمت بغضك وبغض أهل بيتك مذ أربعون سنة!!! فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذَلِكَ والله أبلغ إلى حاعريتك [1] بغضي والله ضرك وإثمك إذ دعاك إِلَى ترك الصلاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خطبك، فَإِذَا عوتبت عَلَى ذَلِكَ، قلت: إن لَهُ أهيل سوء!!! فَإِذَا صليت عليه تطاولت أعناقهم وسمت رؤسهم!!! [2] .
    فَقَالَ ابْن الزُّبَيْر: اخرج عني فلا تقربني. قَالَ: أنا أزهد فيك من أن أقربك. ولأخرجن عنك خروج من يذمك ويقليك.
    فلحق بالطائف فلم يلبث إلا يسيرًا حَتَّى توفي، فصلى عَلَيْهِ ابْن الحنفية فكبر عَلَيْهِ أربعا وضرب عَلَى قبره فسطاطًا، ولم يزل ابْن الحنفية بالطائف حَتَّى أقبل الحجاج بْن يُوسُف من عند عَبْد الملك إِلَى ابْن الزُّبَيْر، فلما حصره عاد ابْن الحنفية إلى الشعب، فكتب إِلَيْهِ عَبْد الملك بعد مقتل مصعب بْن الزبير، وبعثة الحجاج: أما بعد فَإِذَا أتاك كتابي فاخرج إلى الحجاج عاملي فبايعه.
    [1] كذا.
    [2] وللموضوع شواهد كثيرة ذكر بعضها ابن أبي الحديد، في شرح المختار: (400) من الباب (3) من نهج البلاغة: ج 4 ص 489 و 495 ط القديم بمصر.
    ---

    فكتب إليه (ابن الحنفية) : إني لا أبايع حَتَّى يجتمع النَّاس عليك، فَإِذَا اجتمعوا كنت أول من يبايع.
    فلما قتل عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يومئذ بالشعب أَيْضًا، سرح أبا عَبْد اللَّهِ الجدلي بكتاب منه إِلَى عَبْد الملك يسأله فِيهِ الأمان لنفسه وأصحابه.
    وبعث إِلَيْهِ الحجاج يأمره بالبيعة، فأبي وَقَالَ: قد كتبت إِلَى عَبْد الملك كتابا فَإِذَا جاءني جوابه بما سألته بايعت. قال: أو تشترط على أمير المؤمنين/ 524/ أو 262 ب/ الشروط؟ لتبايعني طائعا أَوْ كارها!! فأتاه عَبْد الله ابن عمر بْن الخطاب، فَقَالَ لَهُ: مَا تريد من رجل مَا نعلم فِي زماننا مثله؟! أمسك عَنْهُ حَتَّى يأتيه كتاب ابْن عمه.
    وقد كَانَ كتاب عَبْد الملك أتى الحجاج قبل قتل ابْن الزُّبَيْر يأمره فِيهِ بالكف عَن ابْن الحنفية والرفق بِهِ، فأمسك الحجاج (عنه) حَتَّى قدم عَلَى ابْن الحنفية رسوله أَبُو عَبْد اللَّهِ الجدلي بجواب كتابه ببسط الأمان، وتصديق قوله، ووصف مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي إسلامه وعفافه وفضله وقرابته وعظيم حقه، وَقَالَ لَهُ: لعمري لئن ألجأتك إِلَى الذهاب فِي الأرض خائفا لقد ظلمتك وجفوتك وقطعت رحمك، فبايع الحجاج عَلَى بركة اللَّه. وأمره بالقدوم عَلَيْهِ آمنا مأمونا وفي الرحب والسعة وإلى الكرامة والأثرة والمواساة.
    فخرج (ابن الحنفية) إِلَى الحجاج فبايعه لعبد الملك، وأشخصه الحجاج إليه معه فِي جماعة منهم عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عُثْمَان، ومحمد بْن سعد بْن أَبِي وقاص، وعروة بْن الزُّبَيْرِ، فلما قدم عَلَى عَبْد الملك أعظمه وأكرمه وبره وأقبل عَلَيْهِ، فحسده الحجاج على ما رأى من اقتفاء عَبْد الملك بِهِ [1] فَقَالَ:
    والله يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لقد أردت أن أضرب عنقه لولا تقدمك إليّ في أمره لتأخره وتثاقله عن البيعة. فَقَالَ لَهُ عَبْد الملك مهلا يَا حجاج. فسأله ابن الحنفية
    [1] يقال: «اقتفى فلان بفلان اقتفاءا» : خص نفسه به. و «اقتفى الشيء» : اختاره.
    واقتفاه بأمر: آثره به واختصه به.
    ---

    أن ينزع عَنْهُ سلطانه. فَقَالَ: إنه لا سلطان له عليك، و (لا) لأحد من النَّاس دوني، ولك فِي كُلّ سنة رحلة إلي ترفع فِيهَا حوائجك فأقضيها لك.
    ويقال: إنه قَالَ: أخلني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: إنه ليس دون الحجاج سر. قَالَ: فاعدني عَلَيْهِ فإنه يكلفني الغدو والرواح إِلَيْهِ، ويعدي علي غرمائي قبل بيع الثمرة. فَقَالَ عَبْد الملك: لا سلطان لك عَلَيْهِ دون بلوغ الثمرة، وَلا عَلَى عَبْد اللَّهِ بْن جعفر فإنهما ينتظران الغلّة أو صلتنا.
    ثم انصرف (ابن الحنفية) من عند عَبْد الملك، وَكَانَ مَعَهُ جماعة من أصحابه منهم عامر بْن واثلة أَبُو الطفيل [1] ومحمد بْن نشر، ومحمد بْن يزيد بْن مزعل، حَتَّى قدموا الْمَدِينَة.
    19- حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ عَن ابْن جُعْدُبَةَ، عَن ابْن كيسان، قَالَ:
    قَالَ عَبْد الملك لابن الحنفية، حين قدم عَلَيْهِ وهما خلوان: أتذكر فعلتك يوم الدار؟ فَقَالَ: أنشدك اللَّه والرحم يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: والله مَا ذكرتها وَلا أذكرها (كذا) .
    وَكَانَ مُحَمَّد سمع مروان، قَالَ لعلي يوم الدار: قطع اللَّه الليلة أثرك. فأخذ مُحَمَّد بحمائل سيف مروان، فرجع (علي عليه السلام) ففرق بينهما [2] .
    20- ويقال: أن الحجاج وجه ابْن الحنفية إلى عبد الملك وافدا فأكرمه وبرّه ثُمَّ رده إِلَى الْمَدِينَة، وَقَالَ: فد إلي فِي كُلّ عام. وإن الحجاج لم يشخصه مَعَهُ.

    [1] هذا هو الصواب، وفي الأصل: عامر بن مر بن واثلة أبو الطفيل ...
    [2] ما بين المعقوفين كان ساقطا من الأصل وزدناه بقرينة السياق.
    ---



    ofv lpl] fk hgpktdm ,QhfXk hg.~EfQdXv ,uf] hglg; fXk lv,hk


  2. #2
    كاتب في الانساب
    تاريخ التسجيل
    23-01-2011
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    1,145

    افتراضي

    22- وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ فِي إِسْنَادِهِ قال: أرسل ابن الزبير إلى ابن العباس وابن الحنفية أن بايعا (ني) . فقالا: (لا نبايع أحدا حتى) يجتمع النَّاس عَلَى رجل ثُمَّ نبايع، فإنك فِي فتنة. فغضب من ذَلِكَ ولم يزل الأمر يغلظ بينه وبينهما حتى خافاه خوفًا شديدًا، وحبس ابْن الحنفية فِي زمزم، فبعث (ابن الحنفيّة) إلى الكوفة يخبر (الناس) بما هو فيه من ابْن الزُّبَيْر، فأخرج إِلَيْهِ المختار أربعة آلاف عليهم أَبُو عَبْد اللَّهِ الجدلي، فصاروا إِلَى المسجد الحرام، فلما رأى ابْن الزُّبَيْر ذَلِكَ دخل منزله.
    وقد كَانَ أَيْضًا ضيق عَلَى ابْن عَبَّاس، وبعث إِلَى حطب فجعله عَلَى باب ابْن عَبَّاس وحول محبس ابْن الحنفية من زمزم!!! فمنعه ذَلِكَ الجيش مما أراد، وصار ابن الحنفية إِلَى الشعب فنزله.
    ثُمَّ إن ابْن الزُّبَيْر قوي عَلَى ابْن الحنفية، حين قتل المختار، وغلب مصعب/ 525/ أو 263/ أ/ عَلَى الْكُوفَة، فأخرج ابْن عَبَّاس وَابْن الحنفية عَنْهُ، وَقَالَ:
    لا يجاوراني ولم يبايعاني. فخرجا إِلَى الطائف، فمرض ابْن عَبَّاس ثمانية أيام ثُمَّ توفي بالطائف، فصلى عَلَيْهِ ابْن الحنفية ودفنه وكبر عَلَيْهِ أربعا [1] وَكَانَ الَّذِي تولى حمله ودفنه مَعَ ابْن الحنفية أصحابه الشيعة.
    23- وَقَالَ بعض الرواة: مات ابْن الحنفية بأيلة.
    [1] قد استفاض الأخبار عن أهل البيت عليهم السلام علي انه يكبر على الميت خمس تكبيرات وقد ورد أيضا في ذلك أحاديث من طريق أهل السنة، وقد ذكرنا جملة وافية منها في تعليق الحديث:
    (1407) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 307 ط صيدا، فراجع، فما هاهنا إما سهو من الكاتب أو انه فعل تقية!!!
    ---

    وذلك غلط، والثبت: أن ابْن الحنفية مات بالمدينة، وله خمس وستون سنة، وصلى عَلَيْهِ أبان بْن عُثْمَان بْن عفان وَهُوَ والي الْمَدِينَة، وَقَالَ لَهُ أَبُو هاشم ابنه: نحن نعلم أن الإمام أولى بالصلاة ولولا ذَلِكَ مَا قدمناك.
    24- ويقال: أن أبا هاشم أبى أن يصلي عَلَى أَبِيهِ أبان [1] فَقَالَ أبان:
    أنتم أولى بميتكم فصلى عَلَيْهِ أَبُو هاشم.
    25- وروى الواقدي أن مُحَمَّد بْن الحنفية قَالَ فِي سنة الجحاف- حين دخلت سنة إحدى وثمانين-: هَذِهِ لي خمس وستون سنة، قد جاوزت سني أَبِي بسنتين. وتوفي تلك السنة.
    26- حَدَّثَنِي أَبُو مسعود الْكُوفِيّ، عَن عيسى بْن يزيد الكناني قَالَ:
    سمعت المشايخ يتحدثون أنه لما كَانَ من أمر ابْن الحنفية مَا كَانَ، تجمع بالمدينة قوم من السودان غضبا لَهُ، ومراغمة لابن الزُّبَيْر، فرأي ابْن عُمَرَ غلاما لَهُ فيهم وهو شاهر سيفه!!! فقال له: (ما هذا يا) رباح؟ قَالَ رباح: والله إنا خرجنا لنردكم عَن باطلكم إِلَى حقنا!!! فبكى ابْن عُمَرَ وقال: اللهم إن هذا لذنوبنا.
    وقال غيره: تجمّعوا أيام الحرّة وهم يظهرون نصرة يزيد، عَلَى ابْن الزُّبَيْر، وخرج غلام ابن عمر معهم!!! [2]
    [1] وهذا هو الملائم لسجية آل أبي طالب في حال الاختيار وعند عدم الخوف والتقية.
    [2] قال الشيخ محمد باقر المحمودي: هذا تمام تراجم ولد أمير المؤمنين عليه السلام، من كتاب أنساب الأشراف ويليها قول المصنف: «أمر الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ بْن هاشم وولده» ...
    وقد أدينا حق العلم والأمانة، فذكرنا جميع ما كان في المصدر الذي كان عندي من أول ترجمة الزبير بن عبد المطلب إلى ختام ترجمة محمد ابن الحنفية، وقد كتبنا جميع ما كان في أصلى حرفيا، وطبعناه حرفيا إلا أحاديث من ترجمة عبد الله بن جعفر، فإنها سقطت عن مسودتي في أيام الفتنة، ولم يسقط مما نشرناه شيء إلا الذي ذكرناه، ولم نزد في الكتاب شيئا ولم نغير منه أيضا شيئا، نعم في بعض الموارد كان في الأصل تصحيف فاحش وغلط واضح، فأبدلناه بما هو الصواب، ومع ذلك أشرنا في تعليق تلك الموارد إلى اللفظ الذي كان موجودا في الأصل كي أوفينا أداء حق العلم ولكي ينسد على المبطلين باب الافتراء والبهتان علينا. وفي بعض الموارد لم يكن اللفظ الموجود في الأصل جليا، فذكرناه بحسب استفادتنا الظنية وعقبناه بمعقوفين بينهما حرف ظ هكذا: (ظ) بمعنى ان ظاهر رسم خط الأصل بحسب نظري ظنا هو الذي أثبتناه، وإن احتمل بعيدا أن يكون اللفظ غير ما أثبتناه.
    وقد كان في بعض الموارد لفظ الأصل قاصرا عن إفادة المعنى فأتممناه بزيادة لفظ أو جملة أو أكثر ووضعنا الزيادة ما بين المعقوفين دلالة على زيادتها، وهذا أمر معتاد في عصرنا قد استقر عليه عمل المحققين والكتاب.
    ونسخ الكتاب موجودة في استنبول ودار الكتب المصرية وغيرهما، فليراجعها المثقفون ويطبقوها على ما نشرناه كي يعلموا أنا أدبنا حق العلم والأمانة.
    ثم إنا قد ذكرنا في أول تعليقاتنا وآخرها على الجزء الثاني- ص 11، وص 509- أن الكتاب كتاب جمع وليس بكتاب تحقيق يقتصر مصنفه فيه على الحقائق فقط، بل جمع مصنفه فيه ما سمعه من مشايخه وما رواه له أساتذته، ففيه من الحقائق وأضدادها جوانب واسعة، وقلما تعرض مؤلفه لنقد ما ينقله مما لا مساس له بالواقع والصواب، ونحن أيضا ما كان لنا مجال في تعليقاتنا أن نكشف عن عوار جميع ما فيه الخلل والانحراف، ولو كان طفيفا لا يترتب على الجهل به ضرر كثير وخسارة جسيمة، نعم في الموارد المهمة فندنا أباطيله وأشبعنا الكلام على قدر الواجب، وأما في غيرها فلم نستوف الكلام، فعلى هذا يجب على من يريد الحقائق مجردة عن الأباطيل، إما المراجعة إلى العالم المتخصص أو إلى تلخيص الكتاب المسمى ب «أنباء الاسلاف» وفقنا الله تعالى لإتمامه.
    ونحن إنما تحملنا كلفة نشر الكتاب حرفيا بما فيه، تسهيلا لتناول حقائقه، وسدا لباب الفرار والانكار على الخصم، لا تصديقا بجميع ما فيه!!! ثم إنا شرعنا في استنساخ هذا الجزء من أول ترجمة الإمام الحسن عليه السلام في أول ليلة الأحد الموافق لليلة (13) من شهر ذي الحجة من عام (1391) الهجري واستمر بنا الكتابة، حتى أتينا إلى آخر ترجمة محمد ابن الحنفية رضوان الله تعالى عليه، وفرغنا منها في اليوم: (10) من شهر ربيع الثاني من سنة (1392) .
    ثم في طول أيام حققناه وجمعنا شواهد لحقائقه، ونواقض لبعض مزالق مؤلفه إلى أن من الله علينا بالشروع في طبعه في أوائل محرم الحرام من عام (1397) وفرغنا منه واتممناه في يوم الاثنين الموافق لليوم: (29) من ربيع الثاني من العام المذكور، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    ---

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قبيلة المحس الملك مكين وجامع وحسن وفرح وسليمان وعبد الكريم وعبدالله مملكة السكراب
    بواسطة معاوية على ابو القاسم في المنتدى مجلس قبائل السودان العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 15-10-2014, 10:12 PM
  2. ولد عبد الملك بن مروان في المغرب
    بواسطة المجتبى العربي في المنتدى ملتقى القبائل العربية . مجلس القلقشندي لبحوث الانساب .
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-11-2012, 05:43 PM
  3. قبيلة المحس الملك مكين وجامع وحسن وفرح وسليمان وعبد الكريم وعبدالله مملكة السكراب
    بواسطة معاوية على ابو القاسم في المنتدى مجلس قبائل النوبة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 19-09-2011, 03:12 AM
  4. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 19-09-2011, 03:12 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum