ابن شهاب الزهري

و أما محمد بن مسلم بن عبيد اللّه بن شهاب الزهري فهو يختلف عن أكثر أصحاب السيرة فى القرنين الأول و الثاني لأنه ولد بمكة و ليس فى المدينة.

و جدير بالذكر أن المرحلة المتقدمة فى علم السيرة كان مركزها فى المدينة المنورة خاصة. و لا ينفى هذا الاعتبار مولد ابن شهاب فى مكة لأنه عاش فى المدينة و درس فيها حتى غادرها إلى دمشق فى سنة 81 أو 82 للهجرة [4].

و فى رأى ابن حجر أن الزهري كان أحد الأئمة الأعلام، و عالم الحجاز و الشام فى‌ و واضح من كثرة الأخبار التي رويت عنه فى ابن إسحاق و الواقدي أنه من أجل علماء السيرة، و يبدو أنه أول من جمع ما رواه التابعون من السيرة و أضاف إليها ما رواه هو أيضا، و بعد ذلك رتب هذه الأخبار على شكل السيرة النبوية المعروف عند ابن إسحاق، و موسى بن عقبة، و الواقدي.

و قال حاجي خليفة عند الكلام على المغازي: و منها مغازي محمد بن مسلم الزهري [2]. و مع الأسف لم يصل إلينا هذا الكتاب، و هو من الأهمية بمكان أهمية الزهري فى تطور السيرة، بحيث لا يحتاج الأمر منا إلى المبالغة فى تقدير أهميته، بل إن كثرة الاعتماد عليه فى كتب ابن إسحاق و الواقدي لدليل واضح على بيان قدر الكتاب. أضف إلى ذلك أن كلا من ابن إسحاق، و موسى بن عقبة، و مالك بن أنس، و أبى معشر، و معمر بن راشد، و محمد بن عبد اللّه بن أبى سبرة من تلامذته الذين أخذوا عنه، و كان هؤلاء الثلاثة المتأخرون من مصادر الواقدي.

و فى أغلب الأحيان نرى الواقدي ينقل عن الزهري بطريق معمر بن راشد.

و هذا يمثل الوضع الذي كانت عليه السيرة فى طورها المتقدم، أى أن حلقة درس أصحاب السيرة فى المدينة كانت ضئيلة، و عنها نقلت السيرة جيلا بعد جيل من شخص إلى شخص، على شكل محاضرات تملى عادة.



hfk aihf hg.ivd