الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
يوجد في موريتانيا بعض القبائل والبطون التي ربطت سلاسل أنسابها بالشيخ عبدالقادر الجيلاني فمن هم أبناء الجيلاني الداخلين إلى المغرب ؟ وفي أي تاريخ وصلوا المغرب ؟

نجيب على هذين السؤالين من كتاب: أبي محمد عبد السلام بن الطيب القادري الجيلاني نسبا المغربي الفاسي وطنا ، المولود سنة ١٠٥٨ للهجرة، والمتوفى سنة ١١١٠ للهجرة ، وذلك في كتابه (الدر السني في بعض من بفاس من أهل النسب الحسني). وطبع هذا الكتاب بفاس سنة ١٣١٣ للهجرة أي قبل ١٣٠ سنة من الآن.
فكتب من الصفحة ٥٩ إلى ٦٧ ، مع اختصارنا على الشاهد من الجواب على السؤالين ما يلي :
وأما بنو موسى الجون رضي الله عنه فمنهم بفاس رهط مقيد هذا التأليف وعترته القادريون نسبة إلى شيخ المشائخ وقطب الأقطاب سيدنا عبدالقادر الجيلاني رضي الله عنه ......
وبينه وبين جده موسى الجون سبعة آباء ، فهو رضي الله عنه تقي الدين عبدالقادر بن أبي صالح موسى بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله أبي الكرام بن موسى الجون رضي الله عنهم، وكان له من الأبناء جماعة كان عشرة منهم أئمة علماء مشاهير قرءوا على والدهم سيدي عبد القادر وتفقهوا عليه وعلى غيره وتخرجوا به ، ذكرهم غير واحد ...
وهم : الشيخ أبو عبد الرحمن عبدالله المتوفى ببغداد سنة تسع وثمانين وخمسمائة عن ثمانين سنة وهو أسن أولاده ، والشيخ الإمام سيف الدين أبو عبدالله عبد الوهاب المتوفى ببغداد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، والشيخ الإمام الولي الجليل تاج الدين أبوبكر عبد الرزاق المتوفى ببغداد سنة ثلاث وستمائة ، والشيخ الإمام شرف الدين أبو عبدالرحمن عيسى القادم على مصر المتوفى بها سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وقبره شهير بها ، والشيخ الإمام سراج الدين أبو إسحاق إبراهيم القادم على واسط المتوفى بها سنة إثنتين وسبعين وخمسمائة، والشيخ الإمام أبو زكرياء يحيى المتوفى ببغداد سنة ستمائة وهو أصغر بنيه ، والشيخ الإمام أبو عبدالله محمد المتوفى ببغداد سنة ستمائة أيضا ، والشيخ الإمام أبو الفرج عبدالجبار ، والشيخ الإمام شمس الدين أبو محمد عبد العزيز ولم أقف على وفاة هذين، والشيخ الإمام أبو نصر موسى القادم على دمشق المتوفى بها سنة ثماني عشرة وستمائة وهو ءاخر بنيه موتا.
وجدنا من هؤلاء الأبناء هو سراج الدين أبو إسحاق إبراهيم كان له من الولد الشيخ الصالح أبو عبدالله محمد وهو جد ءابائنا رحمهم الله، والسيد أبو العباس أحمد وعقبه اليوم موجود بدمشق ويقال لهم في تلك الأمصار الدمشقيون ، وكان الشيخ إبراهيم رضي الله عنه سكن واسط كما تقدم مدينة بين الكدية والبصرة إلى أن توفي ودفن بها وسكن بعده سلفنا منهم رحمهم الله الكوفة ، ومنها قدموا على جزيرة الأندلس وسكنوا منها مصر القاهرة من سند مدينة، وأبي آش مدينة، ثم مدينة غرناطة وبها كان متبوأهم وقرارهم واستمروا بها قاطنين إلى أن رحلوا منها قبل أخذها بقريب إلى مدينة فاس حاطها الله ءاخر المائة التاسعة ، وكان أخذ غرناطة في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول سنة سبع وتسعين وثمانمائة. وكان لأسلافنا بالجزيرة منذ أن قدموا عليها من الكوفة إلى أن خرجوا منها إلى فاس ثمانية آباء أو نحوهم أخبرنا بذلك أسلافنا عن ءابائهم ولنا هنا بفاس خمسة ءاباء وبعضنا ستة فيكون القادم على الجزيرة هو الجد الرابع عشر من بعض الموجودين اليوم منا والثالث عشر من بعضهم وهو ابن الحفيد المباشر للشيخ ابراهيم بن سيدي عبد القادر رضي الله عنه. وذلك والله أعلم هو السبب في شهرة سلفنا رحمهم الله هنالك ووضوح نسبهم حتى شهد لهم أهل الأندلس في رسومنا بعقد الإجماع على نسبهم لسيدنا عبد القادر الجيلاني لكون هذا القادم منهم كان قريب العهد من زمن الشيخ رضي الله عنه فلم تخف عليهم شهرته والحمدلله ولأهل ذلك القطر في هذا الشأن ما لا يخفى من المحافظة والإتقان. وأخبارهم في ذلك معروفة وأحوالهم في البحث عنه موصوفة ، وقد ظهر من هذا العدد المذكور أن لأسلافنا بالجزيرة قدر مائتي سنة ثنتين أو أزيد، وظهر ، وظهر من تاريخ القدوم السابق أن لنا بفاس قدر مائتين فقط ، وأول قادم على فاس جدنا أبو عبدالله محمد خامس الآباء من الموجودين الآن منا كان رحمه الله هو المنتقل من مدينة غرناطة والنازل بفاس كما هو معلوم عندنا ورأيته بخط الشيخ القصار رحمه الله وبين هذا الجد القادم وبين الشيخ سيدي عبد القادر رضي الله عنه إثني عشر أبا فهو رحمه الله أبو عبدالله محمد ابن سميه أبي عبدالله محمد بن سميه أبي عبدالله محمد بن سميه أبي عبدالله محمد بن أبي الخيرات سقر بن أبي العباس أحمد بن سميه الصالح أبي العباس أحمد بن سميه أبي العباس أحمد بن أبي عبدالله محمد بن أبي الحسن علي بن الفقيه الصالح الزاهد سيف الدين أبي العباس أحمد بن السيد الناسك الورع شرف الدين أبي عبدالله محمد بن الشيخ الإمام العالم الصالح سراج الدين أبي إسحاق إبراهيم بن الشيخ سيدي عبدالقادر الجيلاني نفعنا الله به.
وخلف جدنا هذا القادم أبو عبدالله بفاس بعد أن عمر بها ثلاثة أبناء سميه أبا عبدالله محمد وهو أكبرهم ، وأبا العباس أحمد وهو أو سطهم وأبا فارس عبد العزيز وهو أصغرهم ومنهم تفرعت لنا بفاس ثلاثة فروع.
إنتهى الشاهد من (كتاب الدر السني في بعض من بفاس من أهل النسب الحسني).

قلت : يستفاد مما ورد في الكتاب جوابا على السؤالين أعلاه مايلي :
أولا : أن أول قادم إلى الأندلس من ولد الشيخ عبدالقادر الجيلاني هو حفيده الثاني : أبو العباس أحمد بن أبي عبدالله محمد بن أبي إسحاق إبراهيم بن الشيخ سيدي عبدالقادر الجيلاني وقدم إلى الأندلس حوالي سنة سبع وتسعين وستمائة للهجرة ، وذلك لما تقدم من أن أهل هذا البيت مكثوا مائتي سنة ثنتين أو أزيد في الاندلس قبل أن يهاجروا منها إلى المغرب قبيل سنة سبع وتسعين وثمانمائة إلى فاس. وبهذا تتضح لنا أمورا منها :
١_ أن الحفيد المهاجر ليس اسمه عبد المؤمن الذي هو على عمود نسب سيدي ببكر جد أولاد سيدي شرفاء الأقلال ولا في آبائه اسم عبدالمؤمن ولا في أحفاده حتى وصولهم فاس واستقرارهم فيه ولا في أبناء حفيده الذي وصل فاس والذين ولدوا بعد سنة تسعمائة للهجرة.

٢_ أن الداخل إلى الجزيرة بالأندلس من ولد عبد القادر الجيلاني هو شخص واحد إسمه أبو العباس أحمد وليس جماعة حتى نخمن أن عبدالمؤمن جد سيدي ببكر أحدهم أو من بينهم.

٣_ أبو العباس أحمد الحفيد الثاني للجيلاني دخل الأندلس قادما إليها من الكوفة بالعراق وليس من غرب أفريقيا التي فيها بلاد شنقيط حتى نخمن أنه قد وصل إلى شنقيط وولد له عبدالمؤمن قبل ذهابه إلى الأندلس.
٤_ أبو العباس أحمد الحفيد الثاني للجيلاني القادم إلى الأندلس سنة سبع وتسعين وستمائة معاصر لسيدي ببكر صهر محمد قلي المشارك في بناء مدينة شنقيط الثانية عام ٦٦٠ للهجرة، ولا يمكن أن يكون والدا له أحرى أن يكون بينه وبين سيدي ببكر عددا من الآباء والأجداد.

وما ينطبق على عبدالمؤمن ينطبق على عثمان جد الشرفاء أهل مود أوبك المعروفين بأهل الطالب أجود في أولاد إبراهيم من إدوالحاج فهم يزعمون الشرف من قبل عثمان هذا المنسوب إلى موسى بن عبد القادر الجيلاني وموسى هذا ليس له ابن إسمه عثمان ولم يدخل المغرب وجاء في كتاب (قلائد الجواهر في مناقب تاج الأولياء ومعدن الأصفياء وسلطان الأولياء الشيخ محيي الدين عبدالقادر الجيلاني ) للعلامة الشيخ محمد بن يحيى التاذفي المتوفى سنة ٩٦٣ للهجرة. مطبوع مع كتابين آخرين وموجود على النت يمكن تحميله وتنزيله حيث ذكر في الصفحة ٢٥٠ عن موسى بن عبدالقادر الجيلاني ما نصه : (والشيخ موسى تفقه على والده وسمع منه ومن ابن البناء وغيرهما وحدث بدمشق واستوطنها وعمر بها وحدث بها وانتفع به الناس ودخل مصر ثم عاد إلى دمشق ولد في ختام ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وخمسمائة وتوفي بمحلة العقيبة بدمشق في أوائل جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وستمائة ودفن بسفح قاسيون وهو آخر من مات من أولاد الشيخ رضي الله عنهم).

إذا موسى بن الشيخ عبدالقادر الجيلاني لم يدخل المغرب ولا ودان في موريتانيا وليس له ابن إسمه عثمان.
والسادة الشرفاء أهل مود أوبك أهل الطالب أجود هم أبناء الشريف عبدالقادر بن موسى بن هلال الدمشقي الكبير ابن حبيب الله العائد الكناني ابن عبدالله الشريف خان _ الذي صحف السودان لعجمتهم إسمه ولقبه إلى "آيل كان" بسكون النون _ ابن هذيم بن مسلم بن زيد بن أبي الضحاك عبدالله بن الحسن الشهيد بن عبدالله الشهيد بن محمد الشاعر الشهيد بن صالح الجوال بن عبدالله الرضا الشيخ الصالح ويلقب بأبي الكرام بن موسى الجون ابن عبدالله الكامل ويلقب المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط رضي الله عنه ، وأهل الطالب أجود ينفون نسبتهم إلى الشريف سيدي الياس.

وقد ذكرنا في كتابنا تاريخ بني صالح شرفاء كمبي صالح ملوك غانة ومالي من بلاد السودان أن السادة الشرفاء أهل مودي أوبك "أهل الطالب أجود" من عقب الشريف سيدي الياس التنبكتي الوداني ، كما وصفهم بذلك والد بن خالنا الديماني في كتابه (الأنساب ) حيث ذكر أن سيدي الياس خلف ولدين في ودان أحدهما أقام في بني الحاج ( فذريته في أولاد إبراهيم من بني الحاج كذرية بني شيخنا مود مالك في اولاد ديمان أو أعلى).
قلت : معقبا على كلام والد بن خالنا وأنه يقصد أهل مودي أوبك أهل الطالب أجود، لا يوجد في بطن أولاد إبراهيم من إدوالحاج في ودان ولا في منطقة القبلة الترارزة جماعة تنتسب إلى النسب النبوي الشريف وتضاهي بعلمائها وفقهائها ومكانتها علماء وفقهاء ومكانة أهل مودي مالك في بني ديمان إلا هؤلاء أهل مودي أوبك أهل الطالب أجود بلا خلاف فهم المعنيون في أولاد إبراهيم من إدوالحاج بأبناء الشريف سيدي الياس الملقب يرو ابن هلال بن العائد بن محمد بن أحمد بن عبدالله الشريف بن هلال الصغير بن عبدالرحمن بن عبدالله بن هلال الدمشقي الصالحي الحسني ملك غانة وبنى قصر عاصمتها الثانية "كمبي صالح" عام ٥١٠ للهجرة ، إلا أنهم كما سبق يصرون على أنهم من عقب الشريف عبدالقادر، والذي يلتقون فيه مع الشرفاء أولاد سيد شرفاء الأقلال والشرفاء الأروانيين أبناء الشريف أحمد آده الأرواني والشرفاء المحاجيب، فهذه المجموعات هم ذرية الشريف عبد القادر بن موسى بن هلال الدمشقي بن حبيب الله العائد الكناني بن عبدالله الشريف خان الملقب "آيل كان" ابن هذيم بن مسلم كما تقدم .
فهم أبناء موسى الجون من قبل حفيده صالح الجوال صاحب كمبي صالح عاصمة مملكة غانة وليست لهم علاقة نسب بالشيخ عبدالقادر الجيلاني الفارسي رحمه الله .
وهناك جماعات أخرى في موريتانيا إدعت الانتساب مؤخرا إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني عن طريق الحيازة ومحض الإدعاء من غير بينة ولا برهان ولا أثرة من علم ، منهم طائفة يعرفون في إدابلحسن بأولاد بنعمر يزعمون أنهم من نسل الحضرامي الصعيدي ومثلهم أهل الشيخ سيدي محمد الصعيدي جد الشيخ الرضا محمد ناجي ويزعمون أنهم من ذرية حامد بن الشيخ عبدالقادر الجيلاني وليس للجيلاني ابن اسمه حامد ، وهناك أهل مولاي العباس في تكند ، وأخيرا أهل أحمد الأسود في قبيلة الأقلال زعموا أنهم جيلانيون وكل يدعي بليلى وصلا ، فهم جميعا أدعياء لا يمتون للجيلاني الفارسي رحمه الله بصلة ، أحرى أن يكونوا من آل البيت بالإنتساب إليه .

وفي ختام هذه الدراسة أقول : إن الشريف الإمام عبدالقادر بن موسى الصالحي الحسني الذي هو على عمود نسب المجموعات أولاد سيد شرفاء الأقلال ، وأبناء الشريف أحمد آده الأرواني، والشرفاء المحاجيب، والشرفاء أهل مودي أوبك أهل الطالب أجود، إختلط إسمه على أحفاده باسم الشيخ عبدالقادر الجيلاني بن أبي صالح موسى جنكي دوست ابن موسى الفارسي لتطابق اسمه واسم أبيه وكنيته وعمود نسبه المختلق له من أحفاده إلى موسى الثاني بن عبدالله أبي الكرام بن موسى الجون، فموسى الثاني الذي هو على عمود النسب المختلق للجيلاني هو شقيق صالح بن عبدالله بن موسى الجون لأبيه وأمه ، وصالح هو جد بني صالح ملوك غانة ومالي من بلاد السودان وبه سميت كمبي الثانية والتي كانت تعرف بالحي الإسلامي سابقا فعرفت بكمبي صالح أي "مدينة صالح" نسبة لصالح هذا وبنيه.
ومن موافقات التاريخ وعجائبه أن أحد أبناء إبراهيم بن الشيخ عبدالقادر الجيلاني الذي قدم حفيده إلى الأندلس، أحد أبنائه إستقر في دمشق وتعرف ذريته بالدمشقيين ، وعبدالله الشريف خان الملقب آيل كان الصالحي الحسني الذي وصل إلى غانة ولد بدمشق وتلقب حفيده هلال الدمشقي بلقب الدمشقي وأصبح يطلق على ذريته الدمشقيين، و إلى يومنا هذا توجد لنا قريتين إحداهما في مقاطعة إنتيكان والثانية في مقاطعة بوقى على الضفة الجنوبية لنهر السنغال مقابل موريتانيا تعرف كل منهما بدمشق وجرى تصحيفهما إلى دمت. فالتطابق الذي حصل في عمود النسب وفي اسم صالح وعبد القادر واسم أبيه موسى والنسبة إلى موسى الجون والنسبة إلى دمشق كلها أمور تشهد بأن هذا النسب قد تم تغيير عمود نسبه إلى عبد القادر الجيلاني الذي لا دليل على وصول أحفاده إلى موريتانيا، والسبب في ذلك تقادم الزمن وطول العهد وانعدام النسابين والمؤرخين الذين يكتبون ويوثقون والاعتماد فقط في حفظ النسب على الذاكرة والروايات الشفوية .

هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
________________

كتبه نقيب بني صالح شرفاء كمبي صالح ملوك غانة ومالي من بلاد السودان بالمغرب الأقصى أبي محمد الحسن بن الشيخ سليمان بن موسى بيدي الراشدي الصالحي الحسني.


hgavthx Hig l,]d H,f; "Hig hg'hgf H[,]" ,H,gh] sd]d ff;v lk `vdm uf]hgrh]v hgwhgpd hgpskd ,gds,h hg[dghkd