السياسة الخارجية المصرية تجاه "ليبيا بعد القذافي"

بقلم: د أيمن إبراهيم


أهداف السياسة الخارجية المصرية نحو ليبيا اليوم:

1. الهدف الأمني:

تخاف القاهرة من نجاح حكومة الوفاق في طرابلس لانتماء بعض مكوناتها الى جماعات دينية مثل الاخوان المسلمين وبعض التيارات السلفية.
لا تريد القاهرة نجاح الربيع العربي في ليبيا وهو نفس موقفها منه في سوريا واليمن, وهو موقف يعد امتدادا للثورة المضادة بمصر.
تدعم القاهرة حفتر لان القاهرة تريد نفوذا لها في معادلة القوى السياسية الليبية على الارض. وتدعم القاهرة قوات حفتر لأنها تحتاج الى قوات مالية لها على الجانب الاخر من الحدود في برقة كعازل أمني مع التيارات الإسلامية والقوى الديمقراطية بليبيا.

2. الهدف التنموي:

الحفاظ على المصالح الخارجية للدولة والجانب التنموي, فليبيا سوق كبير للعمالة المصرية, و منطقة مشروعات مستقبلية واعدة لشركات المقاولات المصرية.

3. الهدف السياسي والرمزي:

كون ليبيا من دور الجوار تحتم على مصر كدولة إقليمية كبيرة ان يكون لها دور في المعادلة الليبية للحفاظ على مكانتها الإقليمية والدولية، وتدعم القاهرة حفتر لان القاهرة تريد نفوذا لها في معادلة القوى السياسية الليبية على الارض.



أدوات السياسة الخارجية المصرية نحو ليبيا:

· الأدوات الدبلوماسية:

عقدت القاهرة بصفتها رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الافريقي مؤتمرا بالقاهرة يوم 24 ابريل 2019م مع زعماء الاتحاد الافريقي بخصوص ليبيا والسودان ويكاد يكون هذا المؤتمر هو الأداة الدبلوماسية الوحيدة المعلنة التي قامت بها القاهرة في هذه الفترة.

· الأدوات العسكرية والاستخباراتية:

يقوم الجيش المصري بتقديم المساعدات العسكرية لقوات حفتر من العتاد الحربي والذخيرة، و يقوم الطيران الحربي المصري بشن الغارات عند الضرورة لدعم قوات حفتر على الأرض ضد خصومه.

وتنشط عمليات المخابرات الحربية المصرية في ليبيا, مخترقة الجماعات الدينية وقوات الوفاق و حلفائها, مساعدة قوات حفتر بالمعلومات اللازمة في صراعهم ضد الوفاق.


محددات السياسة المصرية نحو ليبيا


· المحددات الموضوعية الداخلية والبنيوية:

1. تمتلك مصر جيش قوي يملك من الأسلحة و القوات البشرية ما يمكنها من لعب دور كبير ان شاءت في ليبيا.

2. مجاورة ليبيا لمصر يعطيها الأولوية في التأثير و حقوق التدخل للحفاظ على امنها القومي.

3. تتأثر السياسة المصرية الخارجية بمنطلقات المؤسسة العسكرية المصرية في الفترة ما بعد سقوط الرئيس مرسي، حيث اولت القاهرة اهتمامها بالقضايا العسكرية والأمنية ضمن التحالف الاماراتي السعودي أكثر على حساب القضايا القومية العربية التي رعتها مصر طوال القرن الماضي.

4. واعطت القاهرة ذات الخلفية العسكرية الأولوية لدعم الجيوش العربية في الحكم و هو ما يفسر دعم القاهرة لحفتر باعتباره قائد عسكري, كما اثر رفض القاهرة الأيدولوجي للجماعات الإسلامية في رفض مساعدة حكومة الوفاق التي تتحالف مع التيار الإسلامي الإخواني و السلفي.


· المحددات الخارجية الموضوعية:

النسق الدولي : تنتمي مصر و ليبيا الى جامعة الدول العربية و الاتحاد الافريقي مما يجعلهما دولتان متقاطعتان في عدة دوار بالإضافة الجوار الجغرافي و التداخل السكاني القبلي.
المسافة الدولية : لا تسمح الدول الكبرى بدور مصري كبير في ليبيا, وظهر ذلك من الرفض الإعلامي و الدبلوماسي الشديد بعد ان شنت مصر غارات جوية على معسكرات لجماعات قالت القاهرة انها إرهابية.
التفاعلات الدولية : تصر السعودية الامارات لعب دور قيادي في ليبيا , كما لا توافق الجزائر الجار الكبير الاخر لليبيا بدور مصري كبير بها.
الموقف الدولي : تمر ليبيا بأزمة داخلية تمتد في بعض الفترات الى مرحلة الصراع بين القوى على الأرض, و تكتفي مصر بالتعاون مع قوات حفتر عسكريا , و مع الوفاق دبلوماسيا.

· الخصائص النفسية للقيادة:

حتى الان ينتظر المراقبون دورا أكبر لمصر في ليبيا يعكس أهمية ليبيا لمصر في المجال الأمني و التنموي كمجال حيوي لمصر, ويبرز سمات الخلفية العسكرية للقيادة السياسية بالقاهرة.
و هو ما يعكس عدم إدارة القاهرة لمواردها كما ينبغي حتى الان, و تردد مصر في اتخاذ مواقف و مبادرات تنموية واقتصادية تناسب ما تملكه من أدوات سياسية و عسكرية ورمزية.
نتائج وقرارات هذه السياسة:
قررت القاهرة عدم اللعب المباشر على المسرح الليبي والانخراط في التحالف السعودي الاماراتي.
قررت مصر الانحياز لخليفة حفتر القائد العسكري السابق على حساب حكومة الوفاق الشرعية بطرابلس رغم اعتراف المحافل الدولية بها.
قررت القاهرة جعل الاولوية للهدف الأمني العسكري على الهدفين القومي والتنموي.

تقييم السياسة الخارجية المصرية نحو ليبيا:

حتى الان ينتظر المراقبون دورا أكبر لمصر في ليبيا يعكس أهمية ليبيا عند مصر ليس في المجال الأمني فقط, وإنما في المجال التنموي فليبيا تقع في المجال الحيوي لمصر, وضمن مساحة العيش لمصر الإقليمية الكبيرة, وضمن التقييم تبرز سمات الخلفية العسكرية للقيادة السياسية الحالية بالقاهرة, فقراءة حال السياسة المصرية نحو ليبيا يعكس عدم إدارة القاهرة لفرصها ومواردها كما ينبغي حتى الان, ويمكن وصف السياسة المصرية بالتردد في اتخاذ مواقف ومبادرات تناسب ما تملكه من أدوات سياسية و عسكرية ورمزية.
ضعفت الأدوات الدبلوماسية المصرية في هذه الفترة نتيجة نظرة الشك التي تنظر بها مكونات القوى بطرابلس إلى البعثة المصرية, لعدم حيادية مصر كأخت كبرى وانحيازها لجانب حفتر، وهو ما قضى على دور مصر كوسيط سياسي رئيسي في اللعبة, حيث كانت ستتمتع بمكانة أفضل وفرص اقتصادية أعلى.
انكماش الدور المصري كان لصالح الاتحاد الأوروبي خصوصا فرنسا التي تركتها مصر تلعب في مجالها الحيوي بأجندة غير شفافة, وكذلك كان لصالح الامارات التي لا تملك اجندة محددة سوى ضرب الربيع العربي.



hgsdhsm hgohv[dm hglwvdm j[hi "gdfdh fu] hgr`htd" gdfdh lp]]hj hgsdhsm hgohv[dm lwv hgr`htd hi]ht hgsdhsm hgohv[dm sdhsm lwv sdhsm ohv[dm