كتاب: المؤتلف والمختلف للآمدي رحمه الله
قال المؤلف :
هذا كتاب ذكرت فيه المؤتلف والمختلف والمتقارب في اللفظ والمعنى والمتشابه الحروف في الكتابة من أسماء الشعراء وأسماء آبائهم وأمهاتهم وألقابهم مما يفصل بينه الشكل والنقط واختلاف الأبنية. وإنما ذكرت من الأسماء والألقاب ما كانت له نباهة وغرابة وكان قليلاً في تسميتهم وتلقيبهم وكانوا إذا ذكروه ذكروه مفرداً عن اسم الأب والقبيلة لشهرته. ولم أتعد هذا الجنس لقلة الاشتراك فيه ولأن الغلط يقع في مثله من شاعر مشهور وممن له مثل ذلك الاسم كثيراً ويجري اللبس فيه على من لم يتمهر في معرفة الشعر والشعراء دائماً.
وجعلته على حروف المعجم
بسم الله الرحمن الرحيم
وعلى نبيه محمد وآله أفضل التسليم
أما بعد حمد الله على ما ظهر من نعمه وبطن وقرب من سابغ مننه وشطن وصلاته على نبيه محمد خير من ظعن وقطن وعلى آله وصحبه أهل الذكاء والفطن.
قال الإمام أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي تولى الله مكافأته: هذا كتاب ذكرت فيه المؤتلف والمختلف والمتقارب في اللفظ والمعنى والمتشابه الحروف في الكتابة من أسماء الشعراء وأسماء آبائهم وأمهاتهم وألقابهم مما يفصل بينه الشكل والنقط واختلاف الأبنية. وإنما ذكرت من الأسماء والألقاب ما كانت له نباهة وغرابة وكان قليلاً في تسميتهم وتلقيبهم وكانوا إذا ذكروه ذكروه مفرداً عن اسم الأب والقبيلة لشهرته. ولم أتعد هذا الجنس لقلة الاشتراك فيه ولأن الغلط يقع في مثله من شاعر مشهور وممن له مثل ذلك الاسم كثيراً ويجري اللبس فيه على من لم يتمهر في معرفة الشعر والشعراء دائماً.
وجعلته على حروف المعجم إذا كان الحرف الأول من الاسم أصلياً كان فيه أو داخلاً للبناء ليقرب متناوله ويسهل على الملتمس طلبه ممن عرف الاشتقاق ومن لم يعرفه. وجعلت الاسمين إذا كانا على صورة واحدة وحروفهما مختلفة في باب واحد ليعرفا ويفرق بينهما بالنقط والشكل، وجعلت الباب للأشهر منهما. وأدخلت الذي ليس بمشهور عليه مثل النعيت بالنون أدخلته في باب البعيث ومثل بريد بالباء مضمومة أدخلته مع يزيد في باب الياء. فإن الائتلاف والاختلاف يعرفان ويصحان إذا كانا في موضع واحد. وبالله التوفيق وهو المسدد إلى سواء الطريق.
باب الهمزة
المبتدأة التي يسميها الناس الألف همزة أصل كانت أو مجتلبة من يقال له امرؤ القيس منهم امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور الأكبر وهو كندة ابن عفير ابن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد الشاعر المقدم.
مطلب: مرتع بسكون الراء وكسر التاء ذكره ابن ماكولا وابن الكلبي وقال سمي بذلك لأنه كان يقال له: أرتعنا فيقول: أرتعتكم أرض كذا وكذا والتشديد ذكره أيضاً لغة.
ومنم امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن السمط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي جاهلي وأدرك الإسلام. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرتد في أيام أبي بكر وأقام على الإسلام وكان له عناء في الردة وهو القائل:
ألا أبلغ أبا بكـر رسـولاً وخص بها جميع المسلمينا
فلست مجاوراً أبداً قبـيلا بما قال الرسول مكذبينـا
دعوت عشيرتي للسلم حتى رأيتهم أغاروا مفسـدينـا
فلست مبدلاً بالـلّـه ربـاً ولا متبدلاً بالسـلـم دينـاً
وهو القائل:
قف بالديار وقوف حابس وتأيّ إنـك غـير يائس
ماذا عليك مـن الـوقـو ف بهامد الأطلال دارس
فأخذه الكميت فقال:
قف بالديار وقوف زائر وتأيّ إنك غير صابـر
ماذا عليك من الـوقـو ف بهامد الطلين داثر
وله أخبار قد ذكرتها في شعراء كندة في كتاب الشعراء المشهورين.
ومنهم امرؤ القيس بن بكر بن امرئ القيس بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي جاهلي. وكان شاعراً ويقال له الذائد لقوله:
أذود القوافي عنـي ذياداً ذياد غلام غويّ جـرادا
فلما كثرن وأعـيينـنـي تنقيت منهن عشراً جيادا
فأعزل مرجانها جانـبـاً وآخذ من درها المستجادا
من ولده إياس بن شراحيل بن قيس بن امرئ القيس أحد من وفد على النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنهم امرؤ القيس بن عمرو بن الحارث بن معاوية الأكبر بن ثور ابن مرتع الكندي جاهلي. وهو القائل في حرب كانت بين بني الحارث بن معاوية وبني تميم هزمت فيها بنو تميم وقتلوا قتالاً ذريعاً في قصيدة أولها:
طربت وعناك الهوى والتطرب وغادتك أحزان تشرق وتنصب
يقول فيها:
أتتنا تميم قضها بقضـيضـهـا ومن سار من أطرافهم وتأشبوا
سمونا لهم بالخيل تردى كأنـهـا سعال وعقبان اللوى حين تركب
فقالوا لنا إنا نـريد لـقـاءكـم فقلنا لهم أهل تميم ومـرحـب
ألم تعلموا أنـا نـفـل عـدونـا إذا احشوشدوا في جمعهم وتألبوا
بضرب يفض البيض شدة وقعه ووخز ترى منه الأسنة تخضب
فهؤلاء أربعة من كندة.
ومنهم امرؤ القيس بن حمام بن مالك بن عبيدة بن هبل بن عبد الله ابن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد الله بن رفيدة بن ثور بن كلب ابن وبرة شاعر جاهلي وهو القائل:
لآل هند بجنـي نـفـنـف دار لم يمح جدتها ريح وأمـطـار
أما تريني بجنب البيت مضطجعاً لا يطبيني لدى الحيين أبـكـار
فرب بيت يصم القوم رجـتـه أفأته إن بعض القـوم عـوار
وهي أبيات في أشعار كلب، والذي أدركه الرواة من شعره قليل جداً، وكان امرؤ القيس هذا هجيناً وهو الذي يدعى عدل الأصرة وإياه يعني مهلهل التغلبي وكان زهير بن جناب الكلبي أغار عليهم ومعه امرؤ القيس هذا فانصرف وامرؤ القيس هارباً. فقال مهلهل:
لما توعر في الكراع هجينهم هلهلت أثأر جابراً وصنبلا
في قصة مذكورة في أخبار زهير بن جناب. وبهذا البيت قيل لمهلهل مهلهل وبعض الرواة يروي بيت امرئ القيس بن حجر:
عوجا على الطلل العميل لعلنا نبكي الديار كما بكى ابن حمام
يعني امرأ القيس هذا. ويروي: خذام.
ومن كلب أيضاً امرؤ القيس بن بحر الزهيري من ولد زهير بن جناب وهو القائل:
طعنت غداة القاع شملة طعنة تركت أبا أوس صريعاً مجدلا
وأجررته رمحي فغودر ثاوياً عليه سباع القاع يردين خجلا
ومنهم امرؤ القيس بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن غانم بن تغلب وهو مهلهل الشاعر المشهور ويقال اسمه عدي.
ومنهم امرؤ القيس بن عدي الكلبي ولا أعرف نسبه إلى كلب بن وبرة وأظنه أحد بني كعب بن عليم بن جناب وكان أسيراً في بني شبان فذكر رجل منهم أنه قتل بذحل زيد مناة بن معقل بن كعب بن عليم فوثب امرؤ القيس بالرمج فطعنه ثم قال:
أبلغ أبا أفعـى عـدي بـن مـعـقـل وقد كنت شول الرمح إذ غاب معشـري
تركت يتـامـى لـم أبـال فـقـودهـم كما لم يبالوا يتم سخطي وجعفر هما ابناه
ومنهم امرؤ القيس بن كلاب بن رام العقيلي ثم الخويلدي وهو خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل شاعر ويقول لرجل من بني قشير:
ولقد رأيت مخيلة فتبعـتـهـا مطرت على بحاصب وتراب
إني لأكره أن تجيء منـيتـي حتى أغيظ سوادة بن كـلاب
أني أتيح لها وكان يمـعـزل ولكل أمر واقـع أسـبـاب
ومنهم امرؤ القيس بن مالك الحميري القائل:
يا هند لا تنكحي بوهة عليه عقيقته أحسبـا
مرسعة وسط أرباعه به عسم يبتغي أرنبـا
ليجعل في رجله كعبها حذار المني أن يعطبا
وهي أبيات تروى لامرئ القيس بن حجر الكندي وذلك باطل إنما هن لامرئ القيس هذا الحميري وهي ثابتة في أشعار حمير؛ قوله مرسعة أي ترسع تميمة وترصع أيضاً وهو أن يخرق سيراً ثم يدخله في سير آخر مثل سيور المصحف.
ومن يقال له الأعشى منهم أعشى بني قيس بن ثعلبة وهو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل الشاعر المشهور المقدم، وكان أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي النحوي المعروف بنفطويه أملى علينا أسماء الأعاشي فذكر ثمانية منهم أعشى بني قيس بن ثعلبة.
ومنهم أعشى بني ربيعة بن ذهل بن شيبان واسمه عبد الله بن خارجة ولم ينسبه أبو عبد الله؛ وهو عبد الله بن خارجة بن حبيب بن عمرو ابن يعسوب بن قيس بن عمر بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، ووجدت في كتاب أنساب لبني شيبان مجرد أنه حبيب بن عمرو بن قيس بن عمرو المزدلف الشاعر. قال ابن الكلبي عمرو وهو المزدلف وابن ابنه الأعشى وحبيب المزدلف القائل:
لقد علمت أفناء شيبـان أنـنـا قبيلة صدق في الأمور النوائب
وأنا إذا ما الحق أعوز أهـلـه أوى كل مطلوب إلينا وطالب
وله أعشار كثيرة في كتاب بني ربيعة بن ذهل؛ فأما العشى وهو ابن ابنه فله ديوان مفرد؛ ودخل على بشر بن مروان فأنشده أبياتاً فقال: ما صنعت شيئاً، فأنشده:
رأيتك أمس خير بني معـدّ وأنت اليوم خير منك أمـس
وأنت غداً تزيد الضعف خيراً كذاك تزيد سادة عبد شمس
وتاج الملك ليس يزال فيهـم تحول فوق رأس كل رأس
وقد دخل على عبد الملك فأنشده وعلى سليمان بن عبد الملك وذلك مذكور فيما تنخلته من أشعار بني أبي ربيعة.
ومنهم أعشى بني عوف بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان واسمه عندي في القبيل ضابىء. قال أبو عبد الله إبراهيم بن محمد: اسمه يزيد ابن خليد بن مالك بن فروة بن قيس بن أبي عمرو وأنشد له:
قد سر قومي على ما كان من حدث بالعين آبى لأخلاق العلى سامـي
إني لفي جبل أبغـي الـعـداة بـه صعب الذوائب من هندٍ وهـمـام
قال: وهند هذه امرأة من بني شيبان كان لها سبعة أولاد ينسبون إليها وهم الذين جاورهم فأحمد جوارهم وقال في ذلك:
عليك بني هند فكن في جوارهم فإنك إن جاورتهم لن تـنـدمـا
هم يمنعون الجار من كل سـوءة وتصبح فيهم آمن السرب محرما
فلم أر جيراناً إذا الحرب شمرت كمثل بني هند أعفّ وأكـرمـا
إذا كنت فيهم لم تنلـك ظـلامة ولا غدرة حتى تؤب مسلـمـا
وأعشى بني عوف هذا هو الذي تمثل عبد الملك بن مروان بشعره وهو:
إن كنت تبغي العلم أو أهله أو شاهداً يخبر عن غائب
فاعتبر الأرض بأسمـائهـا واختبر الصاحب بالصاحب
العلم في البيت الأول معناه الخبر هذا كله عن أبي عبد الله وليس عندي في أشعار بني عوف بن همام منه شيء.
ومنهم أعشى باهلة ويكنى أبا قحفان جاهلي ولم ينسبه أبو عبد الله. واسمه عامر بن الحارث أحد بني عامر بن عوف بن وائل بن معن، ومعن أبو باهلة وباهلة امرأة من همدان وهو الشاعر المشهور صاحب القصيدة المرثية في أخيه لأمه المنتشر:
إني أتتني لسان لا أسـرّ بـهـا من علو لا عجب منها ولا سحر
ومنهم أعشى همدان ولم ينسبه أبو عبد الله واسمه عبد الرحمن ابن عبد الله بن الحارث بن نظام بن جشم بن عمرو بن مالك بن عبد الجن ابن زيد بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيران بن عوف بن همدان، وهمدان هو أوسلة بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك ابن زيد بن كهلان، وهو شاعر محسن مقدم وهو القائل:
إن الخليط أجد منـتـقـلـه ولذاك زمت غـدوة إبـلـه
عهدي بهم في النقب قد سندوا يهدي صعاب مطيهم ذلـلـه
وهي من مشهور شعره ونادره وجيده كثير وقد اخترت له جزءاً مفرداً فيما اخترته من أشعار المشهورين، وكان خرج مع ابن الأشعث فأخذ أسيراً وأتى به الحجاج فلما مثل بين يديه قال له: أنت القائل:
إن ثقيفاً منهـم الـكـذابـان كذابها الماضي وكذاب ثـان
إنا سمونا للكفـر الـفـتـان حين طغى للكفر بعد الإيمان
بالميد الغطريف عبد الرحمـن يا رب أمكن من ثقيف همدان
قد أمكن الله ثقيفاً منك يا فاسق. وأمر به فضربت عنقه. وأخباره مشهورة مشروحة مع اختيار شعره.
ومنهم أعشى بني ضورة العنزيين كان حليفاً في بني حنيفة بن لجيم. قال أبو عبد الله: اسمه عبد الله بن سنان أحد بني ضورة بالهاء، وهو القائل:
خف القطين فراحو منك أبو بكروا وودعوك وداع البين وأصـدروا
وهذه القصيدة عندي في أشعاره. والذي وجدت في كتاب بني حنيفة وقيل إنها تروى لأبي الحويرث ولا أعرفه ويجوز أن يكون هو أبا الحويرث:
أباح لنـا مـا بـين بـصـرى ودومة كتائب منا يلـبـسـون الـسـنـورا
إذا هو سامانـا مـن الـنـاس واحـد له الملك خلى ملـكـه وتـقـطـرا
نفت مضر الحمراء عنـا سـيوفـنـا كما طرد الليل النهار فأدبرا. في أبيات
ومنهم أعشى بني جلان واسمه سلمة بن الحارث ولم يرفع أبو عبد الله نسبه وأظنه من بني جلان بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة، هجا قوماً من بني عمه فقال:
ذهبتم فلم يفقد مكان بيوتـكـم وجئتم فلا أهلاً نقول ولا سهلا
ومنهم أعشى بني مازن بن عمرو بن تميم ولم يذكر أبو عبد الله اسمه ولم يرفع نسبه. وذكر أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشده:
يا سيد الناس وديان الـعـرب إليك أشكو ذربةً من الـذرب
خرجت أبغيها الطعام في رجب فحلقتنـي بـنـزاع وهـرب
أخلفت العهد ولطت بالـذنـب وهن شر غالبٍ لمن غـلـب
قوله ذربة يعني امرأته أي ذربة سلطة جديدة ويقال الذربة الداهية، وقوله وهرب ويروى وحرب. وهذا ما ذكره أبو عبد الله إبراهيم بن محمد. قال أبو القاسم الآمدي: وأنشد ثعلب عن ابن الأعرابي هذه الأبيات وذكر أنها للأعور بن قراد بن سفيان بن غضبان بن نكرة بن الحرملة وهو أبو شيبان الحرمازي أعشى بني حرماز وكان مخضرماً أدرك الجاهلية والإسلام وأنشد ثعلب في الأبيات زيادة وهي:
وتركتني وسط عيص ذي أشب تكدّ رجلي مسامير الخـشـب
أكمه لا أبصر عقدة الحـقـب ولا أرى الصاحب إلا ما اقترب
وهنّ شر غالب لمن غـلـب
فهذا أعشى بني الحرماز فأما أصحاب الحديث فيقولون أعشى بني مازن، والثبت أعشى بني الحرماز؛ فأما بنو مازن فليس فيهم أعشى. وقوله: أكمه لا أبصر عقدة الحقب؛ يدل على عشاه. وأنشد له ابن الأعرابي أيضاً:
يا لعنة اللّه على وجه الكـبـر من صاحب كان بعيب ينتظـر
وخبث ريح وبياض في الشعر
يأمر نفسه أي كأنه يأتمر بشر للمرء؛ وأنشد له في ذم بنيه وعقوقهم:
إن بنيّ ليس فيهم برّ وأمهم مثلهم أو شر إذا رأوها نبحتني هروا
وأنشد له فيهم أيضاً:
قد كنت أسعى لهم رطابـا وأعمل الرحلين والركابا
وأكثر الطعام والشـرابـا حتى إذا ما امتلأوا شبابـا
اتخذوا متيعـي نـهـابـا وأكثروا في رأسي الجذابا
وكنت أرجو البرّ والثوابا
أي منهم. وأنشد أبو سعيد السكري هذه الأبيات لأعشى بني الحرماز هذا وزاد فيها بعد قوله:
حتى إذا ما امتلأوا شباباً وكفأوا الأذرع والرقابا
فهؤلاء ثمانية أعاش ذكرهم أبو عبد الله إبراهيم بن محمد إلا أعشى بني الحرماز فإنه جعله أعشى مازن.
ومنهم أعشى بني نهشل وهو الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن حارثة بن جندل بن نهشل بن دارم الشاعر المشهور.
ومنهم أعشى طرود وبني طرود من فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان وهم حلفاء بني سليم. ثم في بني خفاف وهو القائل يخاطب ابنه أنشده عمرو بن بحر الجاحظ:
نفسـي فـداؤك مـن وافـد إذا ما البيوت لبسن الجـلـيدا
كفيت الذي كنت ترجـى لـه فصرت أباً لي وصرت الوليدا
وليس هذان البيتان في أشعار فهم ولا في أشعار بني سليم، وجدتهما في أمالي ثعلب أحمد بن يحيى لمسعر بن كدام ورأيتهما في شعر عبد القيس لشاعر مجهول ولم يذكر اسمه، بلى وجدت لأعشى طرود في أشعار بني سليم ولم أعرف اسمه ولا نسبه إلى القبيل
يا دار أسماء بين السفح فالرحب أقوى وعفى عليها ذاهب الحقب
فما تبين منها غير مـنـتـضـد وراسيات ثلاث حول منتصـب
وعرصة الدار تستنٌ الرياح بهـا تحن فيها حنين الوله السـلـب
دار لأسماء إذ قلبي بها كـلـف وإذ أقرب منها غير مقـتـرب
إن الحبيب الذي أمسيت أهجـره عن غير مقلية مني ولا غضب
أصد عنه ارتقابـاً إن ألـمّ بـه ومن يخف قالة الواشين يرتقب
إني حويت على الأقوام مكـرمة قدماً وحذرني ما يتقـون أبـي
وقال لي قول ذي علم وتجـربة بسالفات أمور الدهر والحقـب
أمرتك الرشد فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نـشـب
ومنهم أعشى بني أسد وهو الأعشى بن بجرة بن منقذ بن طريف جد مطير بن الأشيم الشاعر الأسدي جاهلي وهو القائل:
أبلغ بني الطرماح إن لاقيتهم كلمات موعظة وهنّ قصار
لا أعرفن سيوفنا ورماحنـا غدواً كأنكـم لـهـن دوار
وكأننا فـيكـم جـمـال ذبة أدم علاهن الكحيل وقـار
ومنهم أعشى آخر وهو طلحة بن معروف أخو الكميت بن معروف الأصغر بن الكميت الأكبر بن ثعلبة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس ابن طريف وهو القائل في أخويه الكميت وصخر:
أجدك لن تلقى الكميت ولا صخـراً وإن أنت أعملت المطية والسفـرا
هما أخواي فرق الدهـر بـينـنـا إلى الأمد الأقصى ومن يأمن الدهرا
هذا ما وجدته من أشعار بني أسد ووجدت في آخر ديوان الكميت بن ثعلبة الأعشى هو خيثمة بن معروف بن الكميت بن ثعلبة. فلست أدري خيثمة هذا أهو طلحة لو وقع في اسم غلط أم هما أخوان أعشيان. ووجدت له قصيدة طويلة يقول فيها:
قد يخبر اللّه أقواماً ويعـقـبـهـم غنى ويحدث من بعد الغنى الكرب
فلا يغرنك من دهـر تـقـلـبـه إن الليالي بالفتـيان تـنـقـلـب
ومنهم أعشى عكل واسمه كهمس بن قعنب بن وعلة بن عطية. ووجدت له ديواناً مفرداً اخترت منه:
أصبحت فارقني الشباب ورابني بصري وقد تتفرق الإخـوان
قد كان يلبسني الشبـاب رداءه حسناً ويسعدني على الأقـران
فعلى الشباب إذا تولى مدبـراً مني السلام ورحمة الرحمـان
فلقد غدوت من الصبى وكأنني عش أقام وحلق الـفـرخـان
وهو القائل في قصيدة:
وإذ أنا باطلي تـلـهـو إلـيه ذوات الريط والقصب الخدال
فأصبح كل ذلك قـد تـولـى ولاح الشيب أبيض في قذالي
وودعني الشباب وقـد أرانـي كنصل السيف حودث بالصقال
أقوم على يدي وأعين رجلـي كأني شرجع بعـد اعـتـدال
لمرّ ضحى ومرّ سـواد لـيل وكثرة ما أبشر بـالـهـلال
فيا عجباً لإشفاقي وحرصـي على طول الحياة وقد أنى لي
أحاذر ما أفات أبـي وجـدي وأفنى كلّ عـم لـي وخـال
وكان أعشى عكل يلاحي بلالاً ونوحاً ويهاجيهما وهو القائل فيهما في قصيدة
سألت الناس أي الناس شـر وأخبث إذ تجوهرت الأمور
وألأم أولا وأدقّ فـعـــلا فقالوا أسرة منهـم جـرير
إذا سئل الورى عن كل خزي أشار إلى بني الخطفى مشير
ولأعشى عكل رجز قد ذكرته في أشعاره مع شعر الرباب.
ومنهم أعشى بني عقيل وهو معاذ بن كليب بن حزن بن معاوية ابن خفاجة بن عمرو بن عقيل. وهو الذي كان يغاور بني الحارث بن كعب وكان شاعراً فارساً وهو القائل:
تمنيت أن تلقى معاذاً بسحـبـل ستلقى معاذاً والقضيب الميانـيا
سنقتل منكم بالـقـتـيل ثـلاثة ويغلى وقد كادت دماء غوالـيا
فلا تحسبن الدين يا علب منظراً ولا الثائر الحران ينسى التقاضيا
يريد علبة بن ماعز الحارثي. وفي هذه الأبيات جواب قول جعفر بن علبة الحارثي حين لقي بني عقيل:
كأنّ العقيليين حين رأيتـهـم فراخ القطا لاقين أجدل بازيا
ألا لا أبالي بعد يومي بسحبـل إذا لم أعذب أن يجيء حماميا
فإنّ بأعلى سحبل ومضـيقـه مراق دم قد يبرح الدهر ثاوياً
وليس ورائي حاجة غير أنني رددت معاذاً كان فيمن أتانـيا
فتصدقه النفس الخبيثة موطني ويوقن بالعشواء إن قد رآنـيا
قوله يوقن بالعشواء يريد عينه، وقصة جعفر بن علبة فيما كان بينه وبين بني عقيل مذكورة عند ذكره مع شعراء بني الحارث بن كعب.
ومنهم أعشى بني مالك بن سعد رهط العجاج وهو راجز مشهور.
ومنهم الأعشى التغلبي واسمه نعمان بن نجوان ويقال ربيعة ابن نجوان بن أسود أحد بني معاوية بن جشم بن بكر وهو القائل:
أصبحت أعشى كبيراً قد تخونني ريب الزمان وقدماً كان ريابـا
وراجع الحلم قلبي بعد صبوتـه وقد يكون خديني الجهل أحقابا
ولا حب مثل فرق الرأس مطرد قد ألبسته ستور الليل جلـبـابـا
جاوزته بكناز اللـحـم دوسـرة ترى لها في حصى المعزاء أندابا
وله ديوان مفرد وقصائد في حرب قيس وتغلب وقتل ابن الحباب وشأن زفر بن الحارث. وهو القائل:
وفي الأمر تشبيه إذا كان مقبلاً ولكنما تبيانه في الـتـدبـر
ح التدبر ها هنا بمعنى الإدبار. ومن نادر الشعر قوله:
حنت سلامة للفراق جمالها كيما تبين وما تحب زيالها
الحسن آلفها يبيت ضجيعها وتظل قاصرةً عليه ظلالها
ظلت تسائل بالمتيم مـالـه وهي التي فعلت به أفعالها
وهي قصيدة مدح بها مسلمة بن عبد الملك فقال:
حبر لمسلمة البـتـاء فـإنـه فضلت أنامله الاكف فطالها
فلتبلغنك مدحة قـد حـبـرت أعشى بني غنم بن تغلب قالها
ومنهم أعشى بن النباش بن زرارة التميمي حليف بني نوفل قال يرثي ابني الحجاج وقتلى بدر:
قذى بعينك أم بـالـعـين عـوار بل حزنها إن خلت من أهلها الدار
وقد أراها حـديثـاً وهـي آنـسة لا يشتكي أهلها ضيف ولا جـار
إن يكسبوا يطعموا من فضل كسبهم وأوفـياء لـمـن آووه أبــرار
ويل أم بني الحجـاج إن نـدبـوا لا بخل فيه ولا في الخصم إيثـار
وعندهم يبتغي المعروف قد علمت عليا معـد وهـم سـر وأخـيار
نجوم مكة يستسقى الغمـام بـهـم وهم لمن يجتدي المعروف أنهـار
لو كان مجد على الجوزاء أنزلهـم مجد تلـيد وأحـلام وأخـطـار
أي لو كان مجد على الجوزاء مجد تليد ح وقوله في أول البيت الرابع من الأولى: ويل أم بني. زحاف وتقويمه ويل لأم بني.
من يقال له الأخطل منهم الأخطل التغلبي واسمه غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو بن التيحان بن فدوكس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب الشاعر المشهور من الأراقم.
ومنهم الأخطل الضبعي كان شاعراً وادعى النبوة وكان يقول: لمضر صدر النبوة ولنا عجزها فأخذه عمر بن هبيرة فقال: ألست القائل:
لنا شطر هذا الأمر قسمة عادل متى جعل اللّه الرسالة ترتبـا
أي راتبة في واحد. قال وأنا القائل:
ومن عجب الأيام أنك حاكم علي وأني في الوثاق أسير
ح ويروى في يديك أسير قال أنشدني شعرك في الدجال قال أغرب ويلك فأمر به فضربت عنقه وهو القائل في مسيلمة الكذاب:
لهفاً عليك أبا ثـمـامة لهفاً على ركني شمامه
كم آيةٍ لـك فـيهـــم كالبرق يلمع في غمامه
ومنهم الأخطل المجاشعي وهو الأخطل بن غالب أخو الفرزدق وكان شاعراً وإنما كسفه الفرزدق فذهب شعره ووجدت له بيتاً واحداً أنشده الطائي في اختيار المقطعات:
إلى نار ضراب العراقيب لم يزل له من ذنابي سيفه خير حالـب
ويروى هذا البيت للفرزدق في أبياته المشهورة التي أولها:
وركب كأن الريح تطلب عندهم لهاترة من جذبها بالعصـائب
ومنهم الأخطل بن حماد بن الأخطل بن ربيعة بن النمر بن تولب شاعر لم يقع إلي شعره وأنشد له أبو حاتم في كتاب ما تلحن فيه العامة:
يهينون من حفروا شيبـه وإن كان فيهم يفي أو يبر
ووجدت في ديوانه هذا البيت للنمر بن تولب في جملة أبيات يقول فيها:
فيوم علينا ويوم لنـا ويوم نساء ويوم نسر
ووجدت في أشعار الرباب عن المفضل وحماد للأخطل بن ربيعة:
وليلة ذي نصـب بـتـهـا على ظهر توأمة راجلـه
وبيني إلى أن رأيت الصباح ومن بينها الرحل والراحله
من يقال له الأغلب منهم الأغلب الراجز العجلي وهو الأغلب ابن عمرو بن عبيدة بن حارثة بن دلف بن جشم بن قيس بن سعد بن عجل بن لجيم بن الصعب بن علي بن بكر بن وائل وهو أرجز الرجاز وأرصنهم كلاماً وأصحهم معاني وهو القائل
الحلم بعد الجهل قد ينـوب وفي الزمان عجب عجيب
وعبرة لو ينفع التجـريب واللبّ لا يشقى به اللبيب
والمرء محصى سعيه مرقوب يهرم أو تعتاقـه شـعـوب
وكل أقصى ربضه قـريب
وله في المفاحشات ما ليس لشاعر؛ واخترت شعره في ما اخترت من الرجز.
ومنهم الأغلب الكلبي واسمه بشر بن حزرم بن خثيم بن جعول ابن ربيعة بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب وكان يهاجي عبد الله بن دارم بن جبلة بن إساف بن هذيم بن عدي بن جناب وفيهما يقول مكيث الكلبي في قصيدة:
فمن مبلغاً بشراً معاً وابن دارم قصائد مني قد أمنّ بريمهـا
تماديتما في نوكة فكلاكـمـا يسبّ عدياً جاهداً ويديمـهـا
وما في عدي من معاب لعائب ولا حلم يطوى عليه أديمهـا
وعبد الله بن دارم بن جبلة القائل في بني ربيعة بن حصن بن ضمضم رهط الأغلب
كأن بني ربيعة رهط سلمى حجارة خارئ يرمي كلابا
ويعرف من ربيعة كلّ كهل إذا يزداد نوكا حين شابـا
كذاك عرفت أولهم قديمـاً وآخرهم إذا بلغ الشبـابـا
فأما الأغلب فلم أجد له في أشعار كلب شعراً وأظن شعره درس فلم يدرك.
ومنهم الأغلب بن نباتة الأزدي ثم الدوسي أنشد له أبو عمر وبندار بن لزة الكرخي في كتابه الذي ألفه في معاني الشعر
ولست بذي قلبين قلبٍ مشـيع وقلب إذا ما أرعد القوم أرعدا
ولكن قلبي قلب أغلب باسـل إذا انصلتت عنه الليالي تمردا
كمثل المداك أو كشجرة عاقل وآة أبت في القرب إلا توقـدا
ولم أر له ذكراً في أشعار الأزد وأظنه إسلامياً متأخراً.
ومن يقال له الأقيبل منهم الأقيبل القيني وهو الأقيبل بن نبهان بن خنف إسلامي كان في زمن الحجاج وهو القائل:
متى ما يسؤ ظن امرئ بصديقـه يصدق بلاغات يجئه يقـينـهـا
متى ما يكن في صدر مولاك إحنة فلا تستثرها سوف يبدو دفينـهـا
وكان الأقيبل مع الحجاج بن يوسف حين خرج إلى ابن الزبير فهرب من الحجاج وقال:
لعمر أبي الحجاج ما خفت ما أرى من الأمر ما ألفيت تعذلني نفسي
فالا ترحنا من ثقيفٍ وملـكـهـا أسحّ لأيام السباسب والـنـحـس
فبلغ الحجاج شعره فأرسل فيه وكتب إلى عبد الملك بن مروان: إن الأقيبل خذن أهل الشام عني فانطلق الأقيبل حتى أتى قومه ثم ارتحل من بعد حتى عاذ بقبر مروان بن الحكم وقال:
إني أعوذ بقبر لست مخفره ولا أعوذ بقبر بعد مروان
فأمنه عبد الملك وكتب إلى الحجاج ألا يعرض له وجعله في ذمته فقال له قومه: إنك إن أتيت الحجاج قتلك. فطرح الكتاب وهرب فذلك حين يقول:
لأطلبن حمولاً قد علت شركـا كأنها بالضحى نخل مـواقـير
وفي الحمول التي تنوي وتطلبها حتى لحقنا بها مثل الدمى حور
كانت علاقته هذا علـى قـدر وكل أمر إذا ما حم مـقـدور
إني لأعلـم والأقـدار غـالـبة أن انطلاقي إلى الحجاج تغرير
لئن حدى بي إلى الحجاج يقتلني إني لأحمق من تحدى به العير
وله قصائد جياد ومقطعات في أشعار بني القين بن جسر وصرعته ناقته في بعض الأسفار فمات.
ومنهم الأقيبل العذري واسمه عمران بن أبي الجراح من بني لأي ثم من بني الحارث بن سعد بن هذيم وهو القائل:
من يطع قائد الهوى تبد منـه عورة لا يجنها بـالـثـياب
هاج شوقي ولم أكن ذا نصاب طلل في مطالع الأحـزاب
ومن يقال له الأبيرد منهم الأبيرد اليربوعي وهو الأبيرد بن المعذر ابن قيس بن عتاب بن هرمي بن رياح بن يربع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم شاعر مشهور مقل محسن. وهو القائل يرثي أخاه بريداً في قصيدة طويلة:
تطـاول لـيلـى لا أنـام تـقـلـبـاً كأن فراشي حال من دونه الجـمـر
أراقب من ليل التـمـام نـجـومـه لدن غاب قرن الشمس حتى بدا الفجر
تذكر حب بـان مـنـا بـنـصـره ونـائلـه يا حـبـذا ذلـك الـذكـر
فإن تـكـن الأيام فـرقـن بـينـنـا فقد عذرتنا في صحابـتـه الـعـذر
أحقاً عباد الـلّـه أن لـسـت لاقـياً بريداً طوال الدهر ما لألأ العـفـر
فتى ليس كالفـتـيان إلا خـيارهـم من القوم جزل لا قلـيل ولا وعـر
فتى إن هو استغنى تخرق في الغنـى وإن كان فقراً لم يؤد متنه الـفـقـر
وسامى جسيمات الأمور فـنـالـهـا على العسر حتى يدرك العسرة اليسر
ترى القوم في العزاء ينتـظـرونـه إذا ضل رأي القوم أو حزب الأمـر
فليتك كنت الحي في النـاس بـاقـياً وكنت أنا الميت الذي أدرك الدهـر
وله أشعار حسان وديوان مفرد.
ومنهم الأبيرد بن هرثمة العذري ويقال الأزيبر وتزوج الفغماء بنت سنان العذرية وساق خمسين من الإبل وقال:
إني لسمح إذ أفرج بـينـهـا بأكثبة البقـار يا أم هـاشـم
فأفني صداق المحصنات إفالها فلم يبق إلا جلة كالبـراعـم
ح: قوله في البيت الأول: أكثبة البقار جبال في بني أسد.
من يقال له الأديرد ح أظنه تصغير أدرد. الكلبي من بني عامر الأكبر ويعرف بابن الفدكية وهي سبية من أهل فدك وهو القائل:
هل ما جزيناهم قتلى على لثم وفي الطلاقة من بؤس وإنعام
كنا سواءً فزادونا فـزادهـم فكملت باختيار رمية الرامي
وإذ يلح على سعد جـيادهـم سعد بن مرة لا سعد بن همام
من يقال له أربد منهم أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة أخو لبيد بن ربيعة لأمه وهو الذي صار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعامر بن الطفيل ليقتلاه فهلك عامر في رجوعه بالغدة وأصابت أربد صاعقة فهلك. فقال فيه لبيد:
أخشى على أربد الحتوف ولا أرهب نوء السماك والأسـد
وأربد شاعر وهو القائل:
وكائن أتى للدار بعـدك مـن شـهـر وصفق سوار من رياح ومن قـطـر
فأسكت فيها أبتغي العلـم عـنـدهـا فضنت علينا بالجواب وبـالـخـبـر
وقد أشعرتـنـي جـارتـاي مـلامة على اللهو يوماً في القداح وفي الخمر
وعقري لأصحابي الغداة مـطـيتـي إذا أرملـوا زاداً بـأبـيض ذي أثـر
فلا توعداني بـالـفـراق فـإنـنـي على بين ذي القفد المفارق ذو صبـر
لعلكمـا أن تـرشـدا إن رشـدتـمـا بأمركـمـا أو تـغـويان فـلا أدري
ومنهم اربد بن ضابئ بن رجاء الكلبي وكان مجاوراً لبني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وهم ربيعة الجوع وقال يهجوهم بالجوع في أبيات وذلك عن ثعلب عن ابن الأعرابي:
بسمنان بول الجوع مستنقعـاً بـه قد اصفرّ من طول الإقامة حائله
ببرقانه ثلث وبالخـرت ثـلـثـه وبالحائط الأعلى أقامت عيائلـه
له صفرة فوق العيون كـأنـهـا بقايا شعاع الأفق والليل شاملـه
في أبيات فأجابه عون بن عمرو بن حكيم بن معية فقال في أبيات:
وإن يك هذا الجرم أرهب عنكم لساني فشوال بكم شال شائلـه
ومنهم أربد بن شريح بن بجير بن أسعد بن ناشب بن سبد بن رزام بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض، وهو القائل في طعنة طعنها ابن آبي اللحم الغفاري في شيء كان بين بني ثعلبة بن سعد وبني غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة:
حميت ذمار ثعلبة بن سـعـد بجنب الحت إذ دعيت نـزال
وأدركني ابن آبي اللحم يجري وأخرى الخيل حاجزة التوالي
طعنت مجامع الاحشاء منـه بمفتوق الوقيعة كالـهـلال
فان يهلك فذلك كـان قـدري وان يبرأ فانـي لا أبـالـي
وكان أربد بن شريح بن بجير سيداً شريفاً شاعراً وأحد الفرسان المشهورين في الجاهلية وله أشعار قد ذكرتها في المنتخل من أشعار بني ثعلبة ابن سعد بن ذبيان.
وفي كلب بن وبرة أزبر- بالزاي والراء- بن غزي بن أبي طفيل ابن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب شاعر مقدم يقول في الغزراء امرأة أبيه وكان يشبب بها قبل أن يتزوجها أبوه.
ولولا هوى الغزراء لم تك ناقتي بنكد ولم أشرب طلاءً ولا خمرا
لقد حببت شعلا إلي ولـم أكـن أحب بها شعلا ولا النفر الزعرا
ومن يقال له الأخنس منهم الأخنس بن شهاب التغلبي وهو الأخنس بن شهاب بن شريق بن ثمامة بن أرقم بن عدي بن معاوية بن عمرو بن غنم بن تغلب أحد الشعراء والفرسان وصاحب القصيدة المختارة التي أولها:
لابنة حطان بن عـوف مـنـازل كما رقش العنوان في الرق كاتب
ومنهم الأخنس بن غياث بن عصمة أحد بني صعب بن وهب ابن جلى بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة بن نزار وكان شاعراً فارساً وهو الذي يقول للحجاج بن يوسف حين خرج عليه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي:
ألم تر أن الأزهر بن محـمـد لما عاق من أمر المحلين مانع
رآهم أناساً ينطقون عن الهوى بديعاً وما في المحكمات بدائع
ومنهم الأخنس بن عباس بن خنيس بن عبد العزيز بن عائذ ابن عميس بن هلال بن تيم الله بن ثعلبة شاعر فارس وهو القائل:
ألم تعلم بـنـو شـيبـان أنـا غداة الروع فتيان الصـبـاح
وجرد الخيل محضرة لـدينـا تصرف في المراود كالقداح
توقرنا الحلوم إذا غضـبـنـا ونفزع في الهياج إلى السلاح
متى افتر عن نسبـي فـإنـي أنا ابن مقفى الحدق الصحاح
ومنهم الأخنس بن نعجة بن عدي بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي وكانت أمه من بني عوثبان من مراد فاعترف فيهم فراهن على فرس له فسبقهم فطلبوه لسبقه فقال في ذلك:
هلاّ سألت بني صعبٍ بخبـرهـم والحي من قاسطٍ حيّ بـن قـواد
أنى صبحت غداة الشيح خيلـهـم عند الغسا مثل سيد الأمسح الغادي
ردّوا جوادي وحالوا دون سبقتـه هذا لعمرك حكم ضلعـه بـادي
لو كان عندي بنـو زيد رأيتـهـم يوجون عني قناة الظالم العـادي
ومنهم الأحبش- بالحاء غير معجمة والباء والشين معجمة- ابن قلع بن الحارث بن المنذر بن جهمة بن عدي بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم وكان جاراً لبني أسد فأغار بعض بني أسد على إبله فشكا ذلك إلى نضلة بن الأشتر الأسدي فقال له نضلة قل حتى أعذر فقال الأحبش:
وقد رابني من نضلة استئخاره موركاً يمشي به حـمـاره
لا ليله يخشى ولا نـهـاره
وقال أيضاً:
قد منع النوم حنين الضّبه حنينها وهي إليّ صبـه
فأغار عليهم نضلة بن الأشتر فاستاق لهم عشرين لقوحاً فدفعها إلى الأحبش فأطردها إلى بلاده وإنما استيق له ثلاثة أبكر وناقة.
من يقال له الأشتر منهم الأشتر النخعي واسمه مالك بن الحارث بن عبد الغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة وهو القائل:
وما برحت مثل المهاة وسـابـح وخطارة عبر السرى من عياليا
أقاسمهن العيش في الفقر والغنى وندفع عنهن السنين احتبـالـيا
فهـذا لأيام الـهـياج وهــذه للهوي وهذي عدة لارتحـالـيا
وهو القائل:
بقيت وفرى وانحرفت عن العلى ولقيت أضيافي بوجه عبـوس
إن لم أشن على ابن حرب غارة لم تخل يوماً من نهاب نفـوس
خيلاً كأمثال السعالـي شـزبـا تعدو ببيض في الكتيبة شـوس
يحمى الحديد عليهـم فـكـأنـه لمعان برق أو شعاع شمـوس
وكان الأشتر أحد الفرسان من ذوي النصر والحمية لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه وأنشدنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش هذه الأبيات.
ومنهم الأشتر بن عامر أخو بني ولاد ثم من بني عوف بن ولاد من تيم الرباب وهو القائل:
وأبلغ بني ذهل إذا مـا لـقـيتـهـم وكل مـسـودٍ مـن لـؤي وسـائد
فما حاردت قدري ولا الشول حاردت علي ولا ألبـانـهـا لـم تـحـارد
وما غرني من عز تيمٍ وحلـفـهـا وحسن بلائي حاجـب وعـطـارد
ومنهم الأشتر الحمامي من بني حمامة من أزد عمان وهو القائل:
لمن دار عفت بالسـاريات وتصريف الأمور السائبات
ذكرت بها المليحة أم عمرو ودمعي كالسجال الواهيات
على السربال تحسبه جماناً تخرم من سلوك الناظمات
من يقال له أهبان ووهبان ومنهم أهبان مكلم الذئب ويعرف بابن غادية الأسلمي وأسلم أخو خزاعة وهو أهبان بن كعب بن أمية بن يقظة ابن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم ح وفي أخرى ويقال هو أهبان مكلم الذئب بن أوس وهو الأكوع بن ربيعة بن كعب بن أمية بن يقظة بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم، وأهبان هو الذي طعن ربيعة بن مكدم فقتله وجاء بفرسه وسلاحه فوهبه لنبيشة بن حبيب السلمي وقال:
ولقد طعنت ربيعة بن مكدم يوم الكديد فخرّ غير موسد
في ناقع شرق بنات فـؤاده منه بأحمر كالملاب المجسد
ولقد وهبت سلاحه وجـواده لأخي نبيشة قبل لوم الحسد
وكان أهبان أحد الشعراء الفرسان وله في كتاب خزاعة وأسلم شعر.
ومنهم أهبان بن نكرة التيمي تيم الرباب أحد بني سعد بن عمرو بن الحارث بن التيم شاعر فارس وهو القائل:
ضربت القدار علـى رجـلـه فيا ضربة ما ضربت القـدارا
فقطرته كـابـياً لـلـجـبـين أجلله السيف حتى اسـتـدارا
وثارت حلائب خيل الـربـاب سراعاً إلى الروع تذري الغبارا
فمن مقعص خده بـالـتـراب ومغتصب مسمج لي الإسـارا
وكانوا كأضـرام نـار جـرى حريق به في ابـاء فـطـارا
ومنهم أهبان بن خالد بن نضلة الأسدي قال يرثي هماماً رجلاً من بني أسد. وكان يقال له أهبان النواح لحسن مراثيه:
الما نسلم إنهـا حـاجة لـنـا على قبر همام سقته الرواعد
هناك الفتى كل الفتى كان بينه وبين المزجى نفنف متباعـد
ح المزجى هنا ابن عمه المزجى من الرجال الضعيف الذي ليس بكامل ولا قوي من قولهم بضاعة مزجاة:
إذا انتضل القوم الأحاديث لم يكن عيياً ولا عبئاً على من يقاعـد
ح ولا ربياً وتحته ربئاً وهو الصواب. قال أبو القاسم والذي قرأته على الأخفش في الكامل ولا عبئاً.
ومنهم أهبان بن لعط بن عروة بن صخر بن يعمر بن نفاثة ابن عدي بن الديل بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، شاعر فارس وهو القائل لأبي بثينة الهذلي ثم الصاهلي:
ألا أبلغ لديك بني قـريم مغلغلة يجيء بها الخبير
فردوا لي الموالي ثم حلوا مرابعكم إذا مطر الوتير
في أبيات فأجابه أبو بثينة فقال:
ألا يا ليت أهبان بن لـعـط تلفت وسطهم حيث استثيروا
في أبيات هي في شعر هذيل.
ومنهم وهبان بن المقلوص بالواو مضمومة في عدوان بن عمرو ابن قيس عيلان، لست أدري أهو منهم أم من الحلفاء ووجدت له في كتاب عدوان يرثي عمرو بن أبي لدم العدواني وقتلته بنو سليم:
وأهلي فداء يوم بطن مـعـولة على أن تراه القوم لابن أبي لدم
نشد على الأولى وفي كل شـدة يزيدونه كلما ويصدر عن لحـم
من يقال له أدهم منهم أدهم بن أبي الزعراء الطائي أخو بني معن وهو سويد بن مسعود بن جعفر بن عبد الله بن طريف بن حي بن عمرو بن سلسلة ابن غنم بن ثور بن معن وكان شاعراً محسناً وهو القائل:
إذا الريح جاءت بالجهام تلـفـه هذا ليله شل النعـام الـطـرائد
فأعقب نوء المرزمين بغـبـرة وقطر قليل الماء باللـيل بـارد
كفى حاجة الأضياف حتى يريحها عن الحي منا كل أروع ماجـد
رفيق بتفريج الأمور ولـفـهـا لما ناب من معروفها غير زاهد
وليس أخونا عند شر نـخـافـه ولا عند خير إن رجاه بـواحـد
إذا قيل من للمعضلات أجـابـه عظام اللهى منا طوال السواعـد
وللموت خير للفتى من حـياتـه إذا لم يطق علـياء إلا بـقـائد
فعالج عليات الأمور فلا تـكـن نكيث القوى ذا نهمة في الوسائد
ولأدهم أشعار جياد في أوصاف الحيات مقطعات قد أثبتها في أشعار طيء.
ومنهم أدهم بن محرز الباهلي وهو أدهم بن محرز بن أسد بن أخشن أحد بني الأحب بن زيد بن عمرو بن وائل بن معن بن أعصر، وكان فارس أهل الشام ورجلهم وابنه مسلمة بن أدهم وابنه أيضاً مالك بن أدهم ولي نهاوند لابن هبيرة وكان فارساً من رجال أهل الشام، ولأدهم شعر وهو القائل وقد دخل على الحجاج بن يوسف وهو أشيب فأمره بالخضاب فقال:
ولما رأيت الشيب حل بياضه تفتيت وابتعت الشباب بدرهم
ومنهم أدهم بن مرداس التيمي من تيم اللات بن ثعلبة وهو القائل:
لو أن رهطي مثل قوم عباعب واخوتهم ما استيق ظلماً ركائبي
ولكن أصابتهم خطوب وأخطأت رجالاً أروني بالنهار كواكبـي
ومنهم أدهم بن مرداس أخو عتيبة بن مرداس المعروف بابن فسوة أحد بني كعب بن عمرو بن تميم بن مر وكان أديهم شاعراً خبيثاً وفيه يقول الفرزدق:
متى ما ترد يوماً سفار تجدبها أديهم يرمي المستجيز المغورا
المستجيز الذي يأتي القوم يستسقيهم ماء ولبناً، وسفار ماء لهم، وكان يهاجي اللعين المنقري وفيه يقول:
يذكرني سبالك إسكتيهـا وأنفك بظر أمك يا لعين
من يقال له الأشهب منهم الأشهب بن رميلة وهي أمه والأشهب بن ثور بن أبي حارثة بن المنذر بن جندل بن نهشل بن دارم ابن مالك بن زيد مناة بن تميم وكان يكنى أبا ثور شاعر محسن متمكن وهو القائل:
وللّه دري أي نـظـرة ذي هـوى نظرت ودوني لينة فكـثـيبـهـا
إلى ظعن قد يممت نـحـو حـائل وقد عز أرواح المصيف جنوبهـا
من الناضحات المسك في كل ملعب كنضح الندى أردانها وجـيوبـهـا
فأصبح باقي الود بينـي وبـينـهـا أحاديث قد تثنى علينـا ذنـوبـهـا
أبى الضيم أني في أرومة نهـشـل طويل العصا يوم الحفاظ صليبهـا
تشاورني في ما أرادت شبـابـهـا وتعرف جهلي حين أجهل شيبهـا
وهو القائل:
فإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد
هم ساعد الدهر الذي يتقى به وما خير كف لا ينوء بساعد
والأشهب بن رميلة القائل في قصيدة يمدح بها إسحاق بن البراء بن شريك الأنصاري وهي تروى لابن رميلة الضبي لاتفاق الاسمين في رميلة، ومن أجل ما يقع من الغلط في مثل هذه الأسماء المتفقة ألفت هذا الكتاب:
ألا يا دين قلبك من سـلـيم كما قد كنت تلقى من سعادا
فإن تشـب الـذؤابة أم زيد فقد قاسـيت أيامـاً شـدادا
فأبليت الحروب إذ ابتلتنـي على مكروهها حسنـاً وآدا
أحاضر كل ذي أمد قـريب وأبعد إن أردت به البعـادا
وهي قصيدة. وكان بينه وبين الفرزدق لحاء وهجاء وذلك في أول أمر الفرزدق فغلبه الفرزدق وقد ذكرت أخباره وأشعاره في كتاب الشعراء المشهورين.
ومنهم الأشهب بن الحارث بن هزلة بن معتب بن أحب بن الغوث ابن عتريف بن عوف بن جلان بن غنم بن غني بن أعصر شاعر فارس جاهلي لحق الإسلام وقتل يوم الغفران ببلاد الروم وقتل معه أخوان له وهو القائل:
ألا قبح الإلـه غـداة حـجـر سيوفاً في أكف بنـي كـلاب
نبون عن العدو غداة حـجـر ولا تنـبـو لأيام الـسـبـاب
ولو شهد القتال بـنـو سـلـيم لسالت يوم ملحمةٍ شـعـابـي
ولو شهد القتال حمـاة ثـغـر من أعصر لاستحرتكم ضرابي
ولو شهدت بنـو ذبـيان دارت رحى شهباء خافقة العـقـاب
ومنهم الأشهب بن عبيد الله بن كليب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وذكره أبو اليقظان وأنشد له:
أناخ اللؤم وسط بني كليب فصار لكلهم منه نصيب
من يقال له الأبرش منهم جذيمة الأبرش الملك كان شاعراً وهو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبيد الله بن مالك بن نصر بن الأسد. وكان أبوه مالك بن فهم ملكاً على العرب بالعراق عشرين سنة وكان يقال لجذيمة الأبرش الوضاح لبرص كان به وملك بعد أبيه ستين سنة وكان ينزل الأنبار وهو القائل:
ربما أوفيت في علـم ترفعن ثوبي شمالات
في فتو أنا كالـئهـم في بلايا عورة باتوا
ثم أبنا غانمين مـعـاً وأناس بعدنا ماتـوا
ليت شعري ما أماتهم نحن أدلجنا وهم فاتوا
في أبيات، ولجذيمة في كتاب الأسد أشعار.
ومنهم الأبرش الضبي وهو عامر بن حوط بن أبي هند بن المعدل ابن الحزن ابن مازن من بني عامر بن عبد مناة بن بكر بن سعد بن ضبة شاعر فارس وهو القائل:
ولقد علمت لتأتـينّ عـشـية ما بعدها خوف علي ولا عدم
وولجت بيت الحق ليس بباطل ما إن أبالي ما تقوض وانهدم
فلأتركن للساملين حياضهـم ولأحبسن على التنوفات النعمّ
الساملين: أصحاب السمل وهو الماء القليل.
من يقال له الأخضر منهم الأخضر بن هبيرة بن المنذر بن ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد شاعر فارس. وهو القائل يهجو بني عبس:
إذا ناقة شدت برحل ونمـرق لمدحة عبسيّ فخابت وكلـت
وجدنا بني عبس سوى اسم أبيهم قبيلة سوء حيث سارت وحلت
ومنهم الأخضر بن جابر أحد ني حرام بن سعد بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض. شاعر فارس وهو القائل:
وإني لآتي الأرض ما لي حاجة سواك ولا دين بها أنا طالبـه
فأتيانها ظلم وهجرانهـا جـوى برى أعظمي أن لا تغب نوائبه
وللأخضر هذا رجز وهو القائل في وصف الإبل:
تربعت بين المهـيد والأحـم في نفل غاش ويعضيد متـم
حتى إذا دمت بني مرتـكـم وجعلت تركب أشراف الأكم
يأخذه من حبها مثل الـلـمـم ينزو بعرنين أجـيد مـن أدم
غرقيتين اختيرتا من الـحـرم مثل العقابين هما يوم الرهـم
باكرتا الصيد بـجـد وأضـم لن يرجعا أو يخضبا صيداً بدم
ومنهم الأخضر اللهبي لقب له وهو الفضل بن عباس بن عتبة ابن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وهو القائل:
وأنا الأخضر من يعرفـنـي أخضر الجلدة من بيت العرب
الأبيات المشهورة وهو شاعر خبيث متمكن وهو القائل:
مهلاً بني عمنا مهلاً موالينـا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونـا
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
اللّه يعلم أنـا لا نـحـبـكـم ولا نلومكم ألا تـحـبـونـا
وقد ذكرت أخباره ومختار شعره مع بني هاشم في أشعار المشهورين.
من يقال له الأحمر منهم الأحمر بن شجاع بن القعطل بن سويد ابن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن هبل بن عبد الله ابن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة شاعر فارس وهو القائل:
ونحن صقعنا قيس عـيلان صـقـعة بكتها معاويل من الثـكـل جـسـر
بجأواء تعشى النـاظـرين كـأنـهـا دجى الليل بل هي من دجى الليل أكبر
فإن تنكرن مروان حـسـن بـلائنـا نكونن أخاها حين تخشـى وتـذعـر
وإن يكفرونا ما صـنـعـنـا إلـيهـم فما كل من يؤتى الصنـيعة يشـكـر
ومنهم الأحمر بن مازن بن أوس بن أوس بن النابغة بن عثر بن حبيب بن وائلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن الذي ضرب رجل المخندف وهو بدر بن معشر الكناني فقطعها وقال:
إني وسيفي حليفا كـل داهـية من الدواهي التي بالعمد أجنيها
إني نقمت عليه الفخر حين دعا جهراً وأبرز عن رجل يعريها
ضربتها أنفاً إذ مدها بـطـراً وقلت دونكها خذها بما فيهـا
لما رأى رجله بانت بركبتهـا أوما إلى رجله الأخرى يفديها
وقد ذكرت قصته مشروحة في كتاب بني نصر بن معاوية.
ومنهم الأحمر بن سمية السعدي. ذكره ثعلب في الأمالي عن ابن الأعرابي ولم يرفع نسبه إلى سعد بن زيد مناة وأنشد له في حنين الإبل:
حنت فأرقني والـلـيل مـطـرف بعد الهدو ببطـن الـسـي أذوادي
حنت بأجوف صراف تـرجـعـه كأنه صوت ثكـلـى بـين عـواد
أو صوت زمارة في بيت مشـربة أو صوت مستأجر يحدو مع الحادي
ومنهم الأحمر بن جندل أخو سلامة بن جندل بن عبد عمرو بن عتيبة بن الحارث وهو مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم وكان شاعراً وهو القائل:
ألا من مبلغ عني لقيطـاً وعمراً إن سألت يخبراني
بأي عداوة وبـأي جـرم يعينان الصديق ويخذلاني
من يقال له الأحيمر منهم الأحيمر السعدي اللص ليس بمرفوع النسب عندي إلى سعد بن زيد مناة بن تميم. وكان فاتكاً مارداً وهو القائل:
نهق الحمار فقلت أيمن طائر إن الحمار من التجار قريب
وهو القائل:
وإني لأستحيي من اللّه أن أرى أجرر حبلاً ليس فيه بـعـير
وأن أسأل الجبس اللئيم بعـيره وبعران ربي في البلاد كثـير
وهو القائل:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ولـوح إنـسـان فـكـدت أطـير
يرى اللّه أني للأنـيس لـشـانـىء ويبغضهم لي مـقـلة وضـمـير
أنشد الأصمعي للأحيمر:
يعيرني الإعدام والبدو معرض وسيفي بأموال التجار زعـيم
ثم قال للأحيمر بعد أن تاب، أنشده أبو عبيدة:
أشكو إلى اللّه صبري عن رواحلهم وما ألاقي إذا مروا من الـحـزن
قل للصوص بني الخناء يحتسبـوا بز العراق وينسوا طرفة اليمـن
فرب ثوب كـريم كـنـت آخـذه من التجار بلا نـقـد ولا ثـمـن
ومنهم الأحيمر الطائي لم يرفع نسبه إلى طيء ووجدت له في أشعار طيء يهجو بني أشنع بن عمرو بن طريف:
لعمرك إن الأشنعيّ وشـأنـه لكالصبح ما يزداد غير بياض
ونسبه أبو عمرو بندار في كتاب معاني الشعر فقال: هو الأحمر أخو بني الصحصح بن مالك بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعاء بن ذهل بن رومان بن خارجة بن جندب بن قطرة بن طيء. وأنشد له شيئاً في المعاني.
من يقال له ابن أحمر منهم عمرو بن أحمر الباهلي. قال ابن حبيب هو عمرو بن أحمر بن العمرد بن عامر بن عبد شمس بن عبد بن قدام ابن قراص بن معن الشاعر الفصيح وكان يتقدم شعراء أهل زمانه وهو القائل:
إذا ضيعت أول كل أمر أبت أعجازه إلا التواء
وقد ذكرت حاله وأشعاره مع الشعراء المشهورين. قال ابن الكلبي في جمهرة النسب: عمرو بن الأحمر بن العمرد بن عامر بن عمرو بن عبيد بن قراص.
ومنهم ابن أحمر البجلي ثم العتكي أحد بني العتيك بن الربعة بن مالك ابن سعد بن زيد بن قسر بن عبقر بن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن القزر بن نبت بن زيد بن كهلان بن سبأ. وابن أحمر هذا إسلامي قديم وشاعر مجيد وصاف للحيات وعلى قوله احتذت الشعراء وهو القائل
قد كاد يأكلني أصـم مـرقـش من حب كلثم والخطوب كثـير
خلقت لهازنـه عـزين ورأسـه كالقرص فلطح من طحين شعير
ويدير عيناً للـوقـاع كـأنـهـا سمراء طاحت من نفيض برير
وكأنّ مرصـده بـكـل ثـنـيةٍ تلقاك كفة منـخـل مـأطـور
وكأن شدقيه إذا استـقـبـلـتـه شدقاً عجوز مضمضت لطهور
ومنهم ابن أحمر الكناني وهو هنىء بن أحمر من بني الحارث بن مرة بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة جاهلي وهو القائل:
يا ضمر أخبرني ولست مخبري وأخوك ناصحك الذي لا يكذب
هل في القضية أن إذا استغنيتم وأمنتم فأنا البعـيد الأجـنـب
وإذا الشدائد بالـشـدائد مـرة أشجتكم فأنا المحب الأقـرب
وإذا تكون كريهة أدعى لـهـا وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
هذا ما أنشده أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وزاد أبو اليقظان:
ألمالك طيب البلاد ورعيهـا ولي الثماد ورعيهنّ المجدب
هذا لعمركم الصغار بعينـه لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب
ومنهم ابن أحمر الإيادي ولم يقع إلي من شعره كبير شيء ووجدت له في كتاب إياد بيتاً واحداً وهو:
هل ينهينك عن نوك وعن حمق من بالجزيرة من برد ودعميّ
من يقال له الأعور منهم الأعور الشني وهو بشر بن منقذ ويكنى أبا منقذ أحد بني شن بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. شاعر خبيث وكان مع علي رضي الله عنه يوم الجمل وهو القائل:
فمن ير صفـينـا غـداة تـلاقـيا يقل جبلاً جـيلان ينـتـطـحـان
قتلنا وأفنينا ومـا كـل مـا تـرى بكف المذرى تـأكـل الـرّحـيان
بكت عين من يبكي ابن فعلان بعدما نفى ورق الفرقان كـل مـكـان
وهو القائل في قصيدة جيدة:
إذا ما المرء قصر ثم مرت عليه الأربعون عن الرجال
ولم يلحق بصالحهم فدعـه فليس بلاحق أخرى الليالي
وهو القائل:
وإن تنظروا شزراً إلي فإنني أنا الأعور الشنيّ قيد الأوابد
ومنهم الأعور النبهاني وهو نبهان بن عمرو بن الغوث بن طيء. قال ابن الكلبي: اسمه سحمة بن نعيم بن الأخنس بن هوذة بن عمرو بن حصن. وقال أبو عبيدة في النقائض بين جرير والفرزدق هو العناب واسمه نعيم بن شريك ولم يرفع نسبه؛ وكان هجا جريراً وسبب ذلك أنه صار إلى بني سليط بن يربوع وقد نشب الهجاء بين جرير وغسان السليطي وكان الأعور شاعراً مشهوراً يقول الشعر فحملته بنو سليط على هجاء جرير فصار إلى جرير وتعرض له في أن يرفده فقال له جرير قد بلغنا خبرك فإنك لفي غنى وحولي هذه البيوت التي ترى وكل واجب الحق وما كل الحق أتبع له فانصرف راشداً فهجا جريراً فقال:
أقول لها أمي سليطاً بأرشـهـا فبئس مناخ النازلـين جـرير
فلو عند غسان السليطي عرست رغا قرن منها وكان عـقـير
يقول: لو نزلت بغسان أعطاني جملاً يرغو في قرن أي في حبل ويعقر إلى آخر فيكوس على ثلاث شبه الحبو:
ألست كليبـياً وأمـك كـلـبة لها حول أطناب البيوت هرير
فقال جرير يجيبه:
عفا ذو حمام بعدنا وحـفـير وبالسدر مبدى منهم وحضور
وهي قصيدة يقول فيها:
وأعور من نبهان يعوي ودونه من الليل باباً ظلمة وستـور
رفعت له مشبوبة يهتدي بهـا يكاد سناها في الهواء يطير
مشبوبة يعني ناراً لأن جريراً كان قرى الأعور وأكرمه لما نزل عليه:
لأعور من نبهان أمـا نـهـاره فليل وأما لـيلـه فـبـصـير
ألست ابن نبهانية طال بظرهـا وباع ابنها يوم الحفاظ قـصـير
وجدنا بني نبهان أذنـاب طـيّئ وللناس أذناب تـرى وصـدور
ترى شرط المعزى مهور نسائهم وفي شرط المعزى لهن مهور
فلم يعاود الأعور جريراً بعدها بشيء. ويدل على أن الأعور كان يقال له عناب قول جرير في أبيات أخر:
وما أنت يا عناب من رهط حاتم ولا من روابي عروة بن شبيب
رأينا قروماً من جديلة أنجبـوا وفحل بني نبهان غير نجـيب
قيل في النقائض في تفسير هذه الأبيات: عناب رجل من طيء وإنما أراد جرير الأعور وإياه عنى.
ومنهم الأعور السنبسي طائي أيضاً أحد بني سنبس بن معاوية ابن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء. وفي كتاب طيء: هو الطرماح بن الجهم السنبسي وفي بعض النسخ الشني وفي بعض النسخ الطرماح بن الجهم العقدي وعقدة بنت معتر من بني بولان هي أم ولد عمرو بن سنبس فولد عمرو ينسبون إليه. كتبت له في ما تنخلته من أشعار طيء قصيدة أولها:
طال الثـواء وبـانـت أم خـلاد كيف المزار وقد قفى بها الحادي
وفي الشعراء عور كثير وإنما ذكرت من يعرف بالأعور.
من يقال لها الأغر منهم الأغر بن عبيد الله بن الحارث بن جمال بن ذريح بن عدي بن مطمع بن عبد جشم بن عامر بن ذبيان بن كنانة ابن يشكر بن بكر بن وائل شاعر فارس وهو القائل:
ثلاث عذارى مـن خـزاعة بـدّن وبيض ثلاث من لؤيّ معـاصـر
فقمن يحيين الأغر وصـحـبـتـي لدى المشعر الأعلى وهن قواصر
وإني وإن ضـن الأمـير بـإذنـه على الإذن من نفسي إذا شئت قادر
في أبيات: ومنهم الأغر بن مأنوس أحد بني يشكر بن بكر أيضاً شاعر له في شعر بني يشكر قصيدة طويلة جيدة أولها:
طرقت فطيمة أرحل السفر بالطرم بات خيالها يسري
يقول فيها:
ولقد غدوت على القنيص معي قيد الأوابد ملهب الحـضـر
ربذ القـوائم لـيس خـائبـه عصب شديد البطن والظهـر
صلت الجبين كأنه قرحته الشع عرى إذا لاحت مع الفجـر
فإذا مـدل دون غـايتـــه وردك يطيف بـآتـن ذعـر
قلنا لفـارسـنـا يكـفـتـه حتى يجيش مراكل المـهـر
فكأنـه إذ بـتـهـن مـعـاً رجلاه حافيتان مـن نـسـر
ناج يبـادر ظـل رائحـــه متـأوب يأوي إلـى وكــر
عادى ثلاثاً وهـو مـقـتـدر والعير رابعهن في النـفـر
وبنيت أبـراداً عـلـى أسـل صدر النهار لفـتـية زهـر
يتنازعون شراب ذي نـطـف تنزيل صافية مـن الـغـدر
ومنهم الأعز بن السليك بن حنظلة بن ثابت بن الصلت بن عبد الله بن الحارث بن حبيب بن بطيل بن أسامة بن ضبيعة بن عجل بن لجيب شاعر محسن قال يعاتب أباه في قصيدة
ابلغ أبي عنـى الـنـأي أنـه هو المرء أرجو بره وأعاتبـه
بأنك ذو سن ولـب مـجـرب وقد ينفع المرء اللبيب تجاربه
ويأتيك ودي وهو سهل وقد أبى فؤادك إلا النأي ما لم تغالبـه
فلا تأبسنّي بـالـهـوان إرادة لتحلي ماءً قد أمرت مشاربـه
أطيع عشيري ما أراد كرامتي وأعصيه في ما ساءني وأجانبه
فصلني فإني من جناحك منكب وما خير ريض بان منه مناكبه
من يقال له ابن الأسود منهم عمرو بن أسود الطهري وهو أخو طهية ثم أحد بني عبد الله بن سعيدة بن عوف بن حنظلة شاعر فارس وهو القائل في أبيات قصة غضوب الربعية
ألا إن سياراً ووقدان إذ جـنـوا على قومهم لم يخذلوا أو مجمعا
خلطنا البيوت بالبيوت فأصبحوا بني عمنا من يرمهم يرمنا معا
أبينا فلا نعطى التي يفتدى بهـا ذليل ولا نكفي إذا الثقل أظلعـا
وقال عمرو بن أسود أيضاً:
تلـوم ولا تـدري بـأية بـلـدة هواي ولا وجهي الذي أتـيمـم
ولم تدر ما مطوية قد أجـنـهـا ضميري الذي أخفي عليها وأكتم
فكم خطة في موطن قد فصلتها كما طبق العظم اليماني المصمم
ومنهم عمرو بن أسود الكلبي ثم الأجداري من بني الأجدر بن عوف بن عذرة بن زيد الله بن ثور بن كلب بن وبرة. شاعر فارس وسيد مطاع في قومه وهو القائل:
ومحصنة قد طلقتها رمـاحـنـا ونوح بعثناه بلـيل مـنـطـق
وبيض فلقنا هامه بـسـيوفـنـا وبيض أخذنا عنوة لم تـفـلـق
إذا كان أمر ذو حفـاظ رأيتـنـا على درجات المجد نعلو ونرتقي
وهو القائل:
أفر منهم حـذاراً أن ألاقـيهـم وقبل ذلك كانوا السمع والبصرا
إن الصديق فلا تأمنّ بـوائقـه دون العدو إذا ما سؤتـه ثـأرا
ومنهم عمرو بن أسود الضبي شاعر وهو القائل يرثي رجلاً يقال له جناب:
لهف نفسي على جناب إذا ما دعى النكس للطعان فهابـا
رب قرن تركته في مكـر وقناة رويت منها الكعـابـا
من يقال له الأصم منهم عمرو بن قيس بن مسعود بن عامر بن عمرو ابن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان وهو عمرو الأصم وابنه مفروق بن عمرو أحد فرسان بني شيبان وساداتها وذي النباهة فيها وكان هو وأبوه شاعران ومفروق أشعر. وعمرو الأصم القائل:
لما تداعيتم والنقع معتكر بالأراقم نادينا بعلـوان
علوان شعار بني ربيعة:
فاستلحم الموت من حانت منيته من كان فراس قوم غير ثنيان
كم من قناة أصاب الموت قيمها فالدمع منها بتهتان وتسـنـان
قوله في البيت الثاني: غير ثنيان. الثنيان الذي يكون أبوه فارساً وكذلك الشاعر الثنيان الذي يكون أبوه شاعراً وهو شاعر مثل كعب بن زهير وعبد الرحمن بن حسان ورؤبة بن العجاج. ومنه قول النابغة:
فصدّ الشاعر الثنيان عنـي كما جاد الأزب عن الظعان
ومفروق ابنه القائل في أبيات:
ولرب أبطال لقيت بمثـلـهـم فسقيتهم كأس الردى وسقـيت
وأخ يجيب المستضاف إذا دعا والخيل تعثر في الغبار رزيت
فلأطلبن المجد غير مقـصـر إن مت مت وإن حييت حييت
ومنهم الأصم الضبي وهو قيس بن عبد الله أحد بني عبد مناة ابن بكر بن سعد بن ضبة بن أد شاعر كان حرورياً يقول في قصيدة طويلة:
وإنا لخواضون للموت غمـرة على كل موار رقاق ملاطمه
وإنا لتردى بالأكف رماحـنـا ويبني بها من كل مجد مكارمه
ومنهم الأصم الفزاري وهو الحمم بن زهرة. قال الجمحي: زهرة أمه وهو الحكم بن المقداد بن الحكم بن الصباح أحد بني مخاشن بن عصيم ثم أحد بني زهرة بن قيس بن عمرو بن ثومة بن مخاشن بن لأي بن شمخ بن فزارة، وكان فارساً شاعراً شهد الحرب المعروفة ببنات قين وهو القائل:
إني ابن عمك حقاً غير مؤتشب إذا تساقط تحت الراية الورق
فلا يغرنك مني أن ترى رجلاً من أهل نجدٍ عليه ثوبه الخلق
معنى قوله: تحت الراية الورق. يريد بالورق الفتيان الشباب وهو مثل قول الشاعر هدبة بن الخشرم:
ترى ورق الفتيان فيهم كأنهم دراهم منها جائزان وزائف
والحكم الأصم القائل:
اللؤم أكرم من وبـرٍ ووالـده واللؤم أكرم من وبر وما ولدا
واللؤم داء لوبر يقتـلـون بـه لا يقتلون بـداءٍ غـيره أبـدا
قوم إذا جر جاني قومهم أمنوا من لؤم أحسابهم أن يقتلوا قودا
ومهم الأصم الباهلي وهو عبد الله بن الحجاج بن كلثوم أحد بني ذبيان بن جئاوة بن معن بن أعصر شاعر خبيث إسلامي له قصائد يهجو فيها الفرزدق وهو القائل:
قتيبة أبطال مساعير بـالـقـنـا خضارمة عند اللقـاء بـحـور
إذا قمر منهم مضى لـسـبـيلـه بدا قمر يجلو الـظـلام مـنـير
إذا ما سألت الناس عن خير معشر أشار إليهم بالـبـنـان مـشـير
وقد علمت قيس بن عـيلان أنـه إليهم يصير المجد حيث يصـير
وهو القائل في قصيدة:
يسلي المحبين طول النأي بينهم ويلتقي طرف أخرى فيأتلف
ومنهم الأصم النميري شاعر وجدت له في قبيل الرباب في قتال كان بين بني نمير وقوم من عكل جرح فيه جابر العكلي:
لقد كنت أنهى كل برٍّ وفـاجـر من الحي عكل عن نمير وعامر
وكانوا يصدون الفوارس بالقـنـا ويحمون سرب الخانف المتزاور
فأصبح ما فيهم لقيس بن عاصـم ولابن زبير من عديد ونـاصـر
من يقال له الأسلع منهم الأسلع بن قصاف بن عبد قيس بن حرملة بن مالك بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة. فارس شاعر محسن وهو القائل:
وإني لأعطي الملك من لست سائلاً وأصفح عن بادي السفاه حـلـيم
وأحمي ذمار المرء أعلم أنـنـي عليه بظهر الغيب غـير كـريم
وهو القائل يرثي ابن أخيه مدركاً:
لعمري لقد لستك حـاجة مـدرك نوائب كانت قبلها ذات مـذكـر
مرازئ قد غيرن رأسي ولمتـي ومن يشترط أمثالـهـا يتـغـير
فتى كان في الأكفاء والأصل يبتني وبالصدق معروفاً له غير منكـر
وشيبني أن لا تزال تصـيبـنـي قوارع إلا تعرق العظم تكـسـر
الأجود إلا تكسر العظم تعرق، وإياه أراد فقلبه. وله مقطعات حسان في أشعار طهية.
ومنهم الأسلع بن سالم الضبي أخو بني حرثان بن ثعلبة بن ذؤيب بن السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد. شاعر فارس وهو القائل في ليلة القضيم حرب كانت بين بني السيد بن مالك بن بكر بن سعد ابن ضبة وبين بني ذهل بن مالك:
لقد علمت سعـد بـن ضـبة أنـنـا غداة الوغى إذ نحن في العز أسفل
وأن أبـا قـيس قـبـيصة غــره أماني أردتـه وحـبـل مـوصـل
كأن سراة الحي ذهل بـن مـالـك فراش تهاوى في لظى النار من عل
من يقال له الأشعث منهم الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي. كان شاعراً سيداً كريماً وهو القائل يوم صفين:
ميعادنا اليوم بياض الصبـح دنوا إلى القوم بطعن سمح
حسبي من الأقدام قيد رمح
ووهب جارية نفيسة لرجل من جهينة ضافه فلامه أهله وقالوا شيخ قد ذهب عقله فقال:
تملكها وكان لـذاك أهـلاً أشم الأنف أصيد كالفنـيق
نماه من جهينة خـير نـام إلى العلياء والحسب العتيق
فظل بها يلاعبها عروسـاً على لباتها عبق الخلـوق
ومنهم الأشعث بن عابس بن ثعلبة بن طفيل بن عمرو بن ثعلبة ابن الارث بن ضمضم بن عدي بن جناب الكلابي. وكان عنده جلالة بنت ربيعة بن زياد بن سلامة بن قيس بن نويل بن عدي بن جناب فماتت عنده فقال:
لعمري لئن كانت جلالة أصبحـت ضنى في الفراش ما تصرف حالا
بما قد أراها وهي معجـبة لـنـا وللناظـرين بـهـجةً وجـمـالا
وكانت لنا ستراً إذا الريح أعصفت وجاءت بشفـان يكـون شـمـالا
ألا قد أرى أن لن ألاقي مثـلـهـا ولـكـن أبـداً لا يكـون عـيالا
ومنهم الأشعث بن كبير المري أحد بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض. شاعر محسن وهو القائل:
تأسو وتجرح من تشاء وإنـمـا كفاك كف ندى كف سـهـام
إن الخلافة حين تفقد أهلـهـا ليست تقيم بغـير دار مـقـام
كانت كذاك بذاك تسعة أشهـر حيرى تردد في سواد ظـلام
تأبى وتأنف أن تـسـام دنـية بيد امرئ كز الـيدين كـهـام
قتل الوليد فلم تزل مظـلـومة عطلاً تصرف غير ذات خطام
تعشو إليك وأنت تعلـم أنـهـا ليست قناصـتـهـا لأول رام
وإذا صقعت رؤوس قوم صقعة وصلت حرارتها إلى الأقـدام
ومنهم الأشعث بن يزيد الباهلي ثم الصحبي من بني صحب بن قتيبة بن معن. شاعر وهو القائل:
بهن غداة أرمـام هـزمـنـا ويوم الكرم جمع بنـي زياد
بني عبد المدان وقد أتـوكـم بمشعلة كريعـان الـجـراد
ويوماً بالعقيق فرجن عنـكـم غصاد الموت في هوله إصاد
أي الموت له إصاد أي غلق هو في نسخة أخرى صحب بن قتيبة وقال ابن الكلبي وابن حبيب صحب بن سعيد بن غنم بن عبد بن غنم بن قتيبة بن معن. قال ابن حبيب: في بني خثعم صحب بن المخبل وفي قضاعة صحب وفي باهلة صحب بن ثور وفي باهلة صحب بن ربيعة؛ هذا وحده مفتوح الأول والأولان مضمومان.
ومنهم الأشعث بن زيد بن يزيد بن ضمرة الجاشي أحد بني جاش وهم ولد نضلة بن جؤبة بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة وكان شاعراً ويكنى أبا العجاج وهو القائل:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بحزم الصفا تهفو عليّ جنوب
وهل آتينّ الحي شطر بيوتهـم بذي جوفر شيء إليّ عجيب
غداة ربيع أو عشـية صـيف لقريانه جنح الظـلام دبـيب
من يقال له الأشعر منهم الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ وهو هنب بن أدد وسمى الأشعر لأن أمه ولدته وعليه شعر وكان شاعراً حكيماً فمن شعره:
وإن أمهل المرء في عمره فيومـاً يقـال لـه لاقـه
ومن شعره:
وما انتهوا حتى قضى اللّه أمره وما منهم إلا الأحاديث والذكر
ومنهم الأشعر الرقبان الأسدي واسمه عمرو بن حارثة بن ناشب بن سلام بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد وهو القائل:
إذا ما انتدى القوم لم تأتهم كأنك قد ولدتك الحـمـر
كأنك ذاك الذي في الضرو ع قدام درتّها المنتـشـر
مسيخ مليخ كلحم الحـوار لا أنت حلو ولا أنت مـر
المسيخ من اللحم الذي لا ودك له والمليخ الذي لا طعم له والمليخ أيضاً من الإبل الذي لا يلقح وهو كالعياياء الذي لا يحسن الضراب
وقد علم الجار والنازلون بأنك للضيف جوع وقر
ومنهم الأشعر البلوي ثم الهرمي أحد بني هرم بن هميم بن هنيء بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة وهو القائل في غارة بني عذرة عليهم:
هم ملؤوا المسيل مسيل نجـد وغص مضيقه بهم طـويلا
وعندي العلم إن القـوم زادوا على مائتين أو نقصوا قلـيلا
فإن يك ذو الشليل نجا صحيحاً فلا تحمد له إلا الـشـلـيلا
ومنهم الأسعر- بالسين غير معجمة- الجعفي الشاعر الفارس المشهور الذي يقول في قصيدته المشهورة:
ولقد علمت على تجنبـي الـردى أن الحصون الخيل لا مدر القرى
يخرجن من خلل الغبار عوابسـاً كأصابع المقرور أقعى واصطلى
قال ابن الكلبي هو مرثد بن أبي حمران واسم أبي حمران الحارث بن معاوية بن الحارث بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن مالك بن أد سمي الأسعر لقوله:
فلا يدعني قومي لسعد بن مالك إذا أنا لم أسعر عليهم وأثقـب
من يقال له الأحوص والأخوص معجمة الخاء فأما الأحوص فهو الأحوص بن محمد بن عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الشاعر المشهور المحسن في الغزل والفخر والمدح:
أدور ولولا أن أرى أم جعفر بأبياتكم ما درت حيث أدور
وقد ذكرت أشياء من أخباره ونتفاً من شعره مختارة في كتاب المشهورين وفي أشعار الأوس والخزرج وهو القائل:
إني إذا تخفى الرجال وجدتني كالشمس لا تخفى بكل مكان
كان الأحوص لما وفد على الوليد بن عبد الملك ومدحه أنزله منزلاً وأمر بمطيخة تمال عليه فكان الأحوص يراود وصفاء للوليد خبازين حتى افتضح عند الوليد فسأل الوليد قيم الخبازين فقال القيم: أصلحك الله إن الأحوص يراود غلمانك عن أنفسهم فأرسل به الوليد إلى ابن حزم بالمدينة وأمره أني يجلده مائة ويصب عليه زيتاً ويقيمه على البلس. ففعل ذلك به. فقال وهو على البلس
ما من مصيبة نكبة أعنى بها إلا تشرفني وترفع شـانـي
وتزول حي تزول عن متخمط تخشى بوادره على الأقـران
إني إذا خفي اللئام رأيتـنـي كالشمس لا تخفى بكل مكان
إني على ما قد ترون محسـد أنمى على البغضاء والشنآن
وروي أن أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم لما جلد الأحوص وطاف به وغربه إلى دهلك في محمل عربي كان الأحوص يقول وهو يطاف به الأبيات:
ما من مصيبة نكبة أعنى بها إلا تشرفني وترفع شأنـي
أقفى على الأنصار مما نابهم خلفاً وللشعراء من حسـان
هذا البيت عن ابن بكار رواه علي بن عامر بن عامر بن صالح وسقط من رواية الزبير بن بكار.
ومنهم الأحوص بن ثعلبة بن محيصنة بن مسعود بن كعب بن عامر بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو واسم عمرو النبيت ابن مالك بن الأوس. وهو القائل:
وأبذل في الحوادث صلب مالي لجاري والمحالف إن دعـيت
ذكره ابن الكلبي في نسب الأوس قال ابن بري النحوي رحمه الله أهمل صاحب الكتاب الأحوص الرياحي وهو الأحوص بن زيد بن عمرو بن عتاب بن رياح القائل:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرةً ولا ناعباً إلا ببين غرابـهـا
وجدت في الام خرج بعد هذه الحاشية إلى الحاشية الكبيرة فلا أدري يعني المجلود الأحوص الرياحي فتأمل.
ومنهم الأخوص بالخاء معجمة واسمه زيد بن عمرو بن عتاب ابن هرمي بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. شاعر فارس وهو القائل:
وكنت إذا ما بات ملك قـرعـتـه قرعت بآباء ذوي شرف ضـخـم
بأبنـاء عـتـاب وكـان أبـوهـم إلى الشرف الأعلى بآبائه ينـمـي
هم ملكوا الأمـلاك آل مـحـرق وزاروا أبا قابوس رغماً على رغم
وقادوا بكره من شهاب وحـاجـب رؤوس معد في الأزمة والخطـم
أنا ابن الذي ساد الملـوك حـياتـه وساس الأمور بالمروءة والحـلـم
وكنا إذا قوم رمينا صـفـاتـهـم تركنا صدوعاً بالصفاة التي نرمي
حمينا حمى الأسد التي لشبولـهـا تجر من الأقران لحماً على لحـم
ونرعى حمى الأقوام غير محـرم علينا ولا يرعى حمانا الذي نحمي
وله في كتاب بني يربوع أشعار جياد مما تنخلته من قبائلهم.
من يقال له الأجدع منهم الأجدع الهمداني وهو الأجدع بن مالك بن أمية الوادعي أحد بني وادعة بن عمرو بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان. فارس سيد وشاعر أدرك الإسلام وبقي إلى زمن عمر بن الخطاب وهو القائل:
إذا ما تنادوا للصلاة وجدتني يفزع من خوف الإله جنانيا
وهو القائل:
وكأن عقراها كعاب مـقـامـر ضربت على شزن فهن شواعي
ورضيت آلاء الكميت ومن يبـع فرساً فليس جوادنـا بـمـبـاع
ومنهم الأجدع بن خشرم العذري شاعر وهو يقول:
يلام رجال قبل تجريب دهرهم وكيف يلام المرء حتى يجربا
وإني لمعراض قليل تعرضي لوجه امرئ يوماً إذا ما تخببا
فلا تك كالناسي الخليل إذا دنت به الدار والباكي إذا ما تغيبـا
وله أشعار جياد.
ومنهم الأجدع بن الأيهم البلوي القائل في وقعة بل ببني فراس ابن غنم
خرجن لهم من شق داراء بعدما ترفع قرن الشمس عن كل نائم
وأصبحن بالأجزاع أجزاع ثرثم يقلبن هاماً في عيون سواهـم
أراد يقلبن عيوناً في هام سواهم فقلب.
من يقال له أبو الأخيل والأخيل منهم أبو الأخيل العجلي مولى لهم ويقال مولى لغيرهم. وقد ذكرت حاله في بني عجل وكان أعمى شاعراً وهو صاحب القصيدة التي أولها: ألا يا سلمى ذات الدماليج والعقد يقول فيها:
بنو عمنا ليسوا بـدعـوى أبـوهـم أبونا إذا صلنا تنـاهـوا إلـى رد
وإن نحن صبحناهـم فـي كـتـيبة ردوا في سرابيل الحديد كما نردي
وإني وإن كافحتهم أو هجـرتـهـم لتألم مما عض أكبادهـم كـبـدي
كفى حزناً ألا أزال أرى الـقـنـا تمج نجيعاً من ذراعي ومن عضدي
وهي من جيد شعره.
يتبع ...
hglcjgt , hglojgt ggNl]d vpli hggi hglojgt ,hglcjgt hghl]d ;jhf
مواقع النشر (المفضلة)