قال أبو عبيد البكري الاندلسي رحمه الله في كتابه الشهير معجم ما استعجم (وما بين الاقواس) شرح منا للتوضيح, وووضعنا عناوين لربط الفقرات ببعضها:
(انتقال كلب من نجد إلى الشام
وكانت كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وجرم بن ربان، وعصيمة بن اللبو بن امرئ مناة بن فتية بن النمر بن وبرة بن تغلب بن حلوان، بمنازلها من حضن، وما والاها من ظواهر أرض نجد، ينتجعون البلاد، ويتبعون مواضع القطر، حتى انتشرت قبائل بنى نزار بن معد وكثرت، وخرجت من تهامة إلى ما يليها من نجد والحجاز، فأزالوهم عن منازلهم، ورحلوهم عنها، ونافسوهم فيها، فتفرقوا عنها فظعنت جرم بن ربان عن مساكنهم، من حضن وما قاربه، فتوجهت طائفة منهم إلى ناحية تيماء ووادى القرى، مع بنى نهد بن زيد، وحوتكة بن سود بن أسلم، فصاروا أهلها وسكانها، فلم يزالوا بها حتى وقعت بينهم وبين قبائل سعد هذيم ابن زيد حرب، فأخرجوهم بنو سعد منها، فلحقوا ببلاد اليمن. وقد فسرنا أمرهم في حربهم، ومسيرهم إلى اليمن، ومقامهم هنالك، في مقدم حديث قضاعة وتفرقهم.
وسارت ناجية بن جرم، وراسب بن الخزرج بن جدة بن جرم، وقدامة بن جرم، وملكان بن جرم، متوجهين إلى عمان، فمروا باليمامة، فأقامت طائفة منهم بها، ومضت جماعتهم حتى قدموا عمان، فجاوروا الازد بها، وأقاموا معهم، وصاروا من أتلاد عمان، الذين فيها، وفيه يقول المتلمس:
إن علافا ومن بالطود من حضن * لما رأوا أنه دين خلابيس
ردوا إليهم جمال الحى فاحتملوا * والضيم ينكره القوم المكاييس
ويقال إن سامة بن لؤى بن غالب القرشى، خرج من الحرم، فنزل عمان، وبها تزوج امرأته الجرمية، التى منها ولده، وهى ناجية بنت جرم، فيما ذكر الكلبى، وجرم يقولون: ناجية بن جرم تزوج هند بنت سامة ابن لؤى. وقال غير الكلبى: هي ناجية بنت الخزرج بن جدة بن جرم.
فصار بنو سامة بن لؤى بعمان حيا حريدا شديدا، ولهم منعة وثروة، يقال لهم بنو ناجية، وفى ذلك يقول المسيب بن علس الضبعى:
وقد كان سامة في قومه * له مأكل وله مشرب
فساموه خسفا فلم يرضه * وفى الارض عن خسفهم مذهب
فقال لسامة إحدى النسا * ء ما لك يا سام لا تركب
أكل البلاد بها حارس * مطل وضرغامة أغلب
فقال بلى إننى راكب * وإنى لقومي مستعتب
فشد أمونا بأنساعها * بنخلة إذ دونها كبكب
فجنبها الهضب تردى به * كما شجى القارب الاحقب
فلما أتى بلدا سره * به مرتع وبه معزب
وحصن حصين لابنائهم * وريف لعيرهم مخصب
تذكر لما ثوى قومه * ومن دونهم بلد غرب
فكرت به حرج ضامر * فآبت به صلبها أحدب
فقال ألا فابشروا واظعنوا * فصارت علاف ولم يعقبوا
ولم ينه رحلتهم في السما * ء نحس الخراتين والعقرب
فبلغه دلج دائب * وسير إذا صدح الجندب
فحين النهار يرى شمسه * وحينا يلوح لها كوكب
وهى طويلة. ولحق بهم فيما يقال، والله أعلم، بنو فدى بن سعد بن الحارث بن سامة ابن لؤى، فانتسبوا إليهم. وكان فدى بن سعد قتل ابن أخ له، يقال له حمرة بن عمرو بن سعد، ثم لحق باليحمد بن حمى بن عثمان بن نصر بن زهران من الازد. وقال عدى بن وقاع العقوى - وهو من العقاة من الازد، واسم العقي: منقذ بن عمرو بن مالك بن فهم، وإنما سمى العقى لانه قتل أخاه جرموزا، فقيل عقه، فسمى لقتله إياه العقى - فقال في شأن جرم ونزولهم عمان، ووقعة كانت هنالك بينهم:
ناج ابن جرم فما أسباب جيرتكم * بنى قدامة إن مولاهم فسدا
دليتموهم بأمراس لمهلكة * جرد تبين في مهواتها جردا
أخرجتموهم من الاحرام فانتجعوا * يبغون خيرا فلاقوا نجعة حشدا
إلى عمان فداستهم كتائبنا * يوم الرئال فكانوا مثل من حصدا
وانحازت كلب من منازلها التى كانوا بها، من حضن وما والاه، إلى ناحية الربذة وما خلفها، إلى جبل طمية، وفى ذلك يقول زهير بن جناب الكلبى وهو يوصى بنيه، ويذكر منزله طمية:
أبنى إن أهلك فإنى قد بنيت لكم بنيه
وتركتكم أرباب سا * دات زنادكم وريه
ولكل ما نال الفتى * قد نلته إلا التحيه
ولقد شهدت النار للسلاف توقد في طميه
يعنى يوم خزاز حين أوقدوا. فوقعت بين قبائل كلب حرب، فاقتتلوا، فكانت كلب كلها يدا على بنى كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور ابن كلب، فظهرت بنو كنانة كلها. قال هشام: الصحة من ذلك أن عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن عذرة، وعبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف وأحلافهم، كانوا يدا على بنى كنانة وأحلافها، فظهرت بنو كنانة على هاتين العمارتين: بنى عامر وبنى عبد الله. وفى ذلك اليوم تحالفت أحلاف كلب كلها، فتفرقت كلب كلها، وتباينت في ديارها ومنازلها. فظعنت قبائل من بنى عامر بن عوف بن بكر إلى أطراف الشام وناحية تيماء، فيمن لحق بهم وكان معهم. وليست لعامر بادية. ونزلت كلب ومن حالفهم وصار معهم من قبائل كلب، بخبت دومة، إلى ناحية بلاد طيئ، من الجبلين وحيزهما، إلى طريق تيماء ; وبدومة غلبهم بنو عليم بن جناب، فقال أوس بن حارثة بن أوس الكلبى، جاهلي، في الحرب التى كانت بينهم:
سقنا رفيدة حتى احتل أولها * تيماء يذعر من سلافها جدد
سرنا إليهم وفينا كارهون لنا * وقد يصادف في المكروهة الرشد
حتى وردنا على ذبيان ضاحية * إنا كذاك على ما خيلت نرد
)
انتهى النقل عن البكري



i[vm ;gf fk ,fvm lk k[] Ygn hgahl rqhum ;gf fk ,fvm