المهلب بن أبي صفرة


أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة - كانت له بنت اسمها صفرة وبها كان يكنى - واسمه ظالم بن سراق بن صبح بن كندي بن عمرو بن عدي بن وائل بن الارث بن العتيك بن الأزد، ويقال الأسد بالسين الساكنة، ابن عمران بن عمرو مزيقياء ابن عامر ماء السماء بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، الازدي العتكي البصري؛ قال الواقدي: كان أهل دبا أسلموا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتدوا بعده ومنعوا الصدقة، فوجه إليهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه عكرمة بن أبي جهل المخزومي رضي الله عنه، فقاتلهم فهزمهم وأثخن فيهم القتل، وتحصن فلهم في حصن لهم وحصرهم المسلمون، ثم نزلوا على حكم حذيفة بن اليمان، فقتل مائة من رؤسائهم، وسبى ذراريهم، وبعثهم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ، فأعتقهم أبو بكر رضي الله عنه وقال: اذهبوا حيث شئتم، فتفرقوا، فكان أبو صفرة ممن نزل البصرة.

وقال ابن قتيبة في كتاب المعارف: هذا الحديث باطل، أخطأ فيه الواقدي لأن أبا صفرة لم يكن في هؤلاء ولا رآه أبو بكر قط، وإنما وفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو شيخ أبيض الرأس واللحية، فأمره أن يخضب فخضب، وكيف يكون غلاماً في زمن أبي بكر، وقد ولد المهلب وهو من أصاغر ولده قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين.وقد كان في ولده من قبل وفاةالنبي صلى الله عليه وسلم بثلاثين سنة أو أكثر.

وكان المهلب المذكور من أشجع الناس، وحمى البصرة من الخوارج، وله معهم وقائع مشهورة بالأهواز استقضى أبو العباس المبرد في كتابه الكامل أكثرها، فهي تسمى بصرة المهلب لذلك، ولولا طولها وانتشار وقائعها لذكرت طرفاً منها.
وكان سيداً جليلاً نبيلاً، روي أنه قدم على عبد الله بن الزبير أيام خلافته بالحجاز والعراق وتلك النواحي وهو يومئذ بمكة، فخلا به عبد الله يشاوره، فدخل عليه عبد الله بن صفوان بن امية بن خلف بن وهب القرشي الجمحي فقال: من هذا الذي قد شغلك يا أمير المؤمنين يومك هذا؟ قال: أو ماتعرفه؟ قال: لا، قال: هذا سيد أهل العراق، قال: فهو المهلب بن أبي صفرة، قال: نعم، فقال المهلب: من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا سيد قريش، فقال: فهو عبد الله بن صفوان، قال: نعم.

وذكر المبرد في كتاب الكامل في أواخره في فصل قتال الخوارج وما جرى بين المهلب والأزارقة:
وكانت ركب الناس قديماً من الخشب، فكان الرجل يضرب بركانه فينقطع، فإذا أراد الضرب والطعن لم يكن لـه معين أو معتمد، فأمر المهلب فضربت الركب من الحديد، فهو أول من أمر بطبعها وأخبار المهلب كثيرة.

وتقلبت به الأحوال، وآخر ما ولي خراسان من جهة الحجاج بن يوسف الثقفي - المقدم ذكره - فإنه كان أمير العراقين، وضم إليه عبد الملك بن مروان خراسان وسجستان، فاستعمل على خراسان المهلب المذكور، وعلى سجستان عبيد اللـه بن أبي بكرة، فورد المهلب خراسان والياً عليها سنة 99 للـهجرة.

وكان قد أصيب بعينه على سمرقند لما فتحها سعيد بن عثمان بن عفان رضي اللـه عنه، في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي اللـه عنه، فإنه كان معه في تلك الغزوة،
وفي تلك الغزوة قلعت عين سعيد أيضاً، وفيها قلعت أيضاً عين طلحة بن عبد اللـه بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات
المشهور بالكرم والجود، وفي تلك يقول المهلب:

لئن ذهبت عيني لقد بقين نفسي
وفيها بحمد اللـه عن تلك ما ينسي
إذا ماجاء أمر اللـه أعيا خيولنا
ولا بد أن تعمى العيون لدى الرمس


وقيل إن المهلب قلعت عينه على الطالقان. ولم يزل المهلب والياً بخراسان حتى أدركته الوفاة هناك، ولما حضره أجلـه عهد إلى ولده يزيد - الآتي ذكره إن شاء اللـه تعالى - وأوصاه بقضايا وأسباب، ومن جملة ما قال لـه: يا بني، استعقل الحاجب، واستظرف الكاتب، فإن حاجب الرجل وجهه وكاتبه لسانه؛
ثم توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين للـهجرة، بقرية يقال لـها زاغول من أعمال مرو الروذ من ولاية خراسان، رحمه اللـه تعالى.

المصدر كتاب وفيات الأعيان



lk hgap,p hgh,hzg : hgligf fk Hfd wtvm hgH.]d