بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين وعلى صحابته الاخيار المنتجبين،

موضوع ودراسة تكميلية: مفصلة،،

سيدنا ادم وحوى عليهما السلام وابليس عليه لعنة الله ( من وحي القران )

قبل الخوض في الموضوع بشكل اعمق وبعد تناولي له في موضوع سابق اصبح لابد من توضيح الحدث بشكل مفصل وفق نورانية القران الكريم كونه يتعلق باسس المعارف التي ان غابت لم تتوازن لدى الانسانية واصبح من المهم جدا توضيح المسالة بعيدا عن مستوى المتناقضات والميول المذهبي والعصبوي والفئوي والشمولي والطائفي وبعيدا عن التحيز واوضح الامر وفق حقيقته وواقعيته منتقدا لسعي البعض حجب المعارف الاسلامية عن الناس مع العمل على تجنيبهم معرفة الحقيقة وفق حقيقة المقتضيات الدينية التي ارشدت بني ادم مع اخذ العبرة منها تقويما السلوك الانساني وباخذ الحيطة والحذر من مكايد الشيطان التي استفحلت واحاطت بالانسانية في عدد من الجوانب وبذات في هذا الزمن فان كان لوى مكيدته على ادم وحوى عليهما السلام في ظل نهي الله تعالى لهما من الاقتراب والاكل من شجرة واحدة فقط وهي سبيل ابليس الوحيد لاتباع خطواته مع اضلالهما في الجنة وايقاعهما في مداركه وشباكه عليه لعنة الله ،،

ان الجنة العالية اساس ومركز الحياة فمن استخلف فيها استخلف على العالمين،،

لقد اسكن الله تعالى ادم وحوى (ع) الجنة وجعله فيها خليفته قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْـمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَـمُ مَا لَا تَعْلَـمُونَ)من سورة البقرة- آية (٣٠) هنا الملائكة ردوا وفق استغراب وتساؤول ( قالوا أتجعل فيها من يفسد) اي اتهيء فيها من يفسد،، فالخليفة لابد ان يكون عالم ومن اعلم الخلق اذ لا يمكن ان يكون خليفة الله تعالى ذو علم ادنى فاختار الله لهذا المنصب الانسان وبرغم من ان الملائكة ذو تقديس وطاعة مطلقة لله تعالى لكنهم اقل علم ،ولان قيل كيف عرف الملائكة انه سيفسد فيها ويسفك الدماء؟فالخليفة تمنح له المسؤولية ومعرض وقابل للخطيئة ولمعصية الله تعالى بشكل نسبي، الملائكة استخلصهم الله تعالى بالطاعة المطلقة له سبحانه وهيئهم عباد له مكرمون يفعلون ما يؤمرون ولايعصون الله تعالى والملائكة ردوا وفق تسائل فحواه أتنصب علينا خليفة ونحن اعلى تقديس لك اجابهم سبحانه (اني اعلم ما لاتعلمون) اي ان علمكم وقدرتكم ايضا ادنى منه لقد استودع الله الانسان العلم وجعله محل امانته (الحياة)، تساؤل الملائكة فيه ايضا تطلع للاجابة عن التساؤل (أتجعل فيها من يفسد) فكيف يمكن ان تكون الجنة محل لارتكاب الفساد ومحلها الخلقي حياة نعيم للصالحين رد عليهم الله تعالى (اني اعلم مالا تعلمون) الله تعالى وجه لهم بذلك اطمئنان فالله يعلم ان ادم وحوى (ع) سيعصيانه وسيهبطهما منها وما نهيه له عن الشجرة الا عبرة للخلق واختبار لمدى قدرته على الطاعة خلق الله ادم وحوى عليهما السلام واسكنهما جنته بناء على قراره قال تعالى ( وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِـمِينَ) من سورة البقرة- آية (٣٥)
الاية توضح ان قرار السكن لادم وحوى (ع) بالخصوصية لهما فعينهما بقوله انت وزوجك اي وحدهما فقط من الانس ،والقرار لايشمل بني ادم بالسكن بالجنة كما ان كلمة السكن ليس فيها ديمومة خلود اقامة (وكلا منها رغدا حيث شئتما) اي شيء يشاؤونه في الجنة طيب وجائز الاكل لهما سوى طعام تغذية اواستخدامه وسيلة حياتية معنوية اخرى ما عدى شجرة واحدة فقط ان اقتربا منها يكونان ظالمين لانفسهما وحذرهما من عدم الاكل منها اي قطعها وجزها كليا او جزئي ١- لاجل تغذية ٢- للحصول على فائدة معينة اخرى،،
ان تلك #الشجرة مثلت انهاء الزمن المقنن للاقامة والمكوث في الجنة لسيدنا ادم وحوى عليهما السلام في بداية حياتهما !!!
ظل ابليس ينشد اغوائهما واضلالهما واخراجهما من الجنة معتقدا بان يكون له زمام الامر فيها

لقد امر الله تعالى الملائكة وابليس بالسجود لسيدنا ادم عليه السلام ابى واستكبر فسجوده امتثال وطاعة لادم عليه السلام
ولتوضيح:ليس في السجود عبادة وتاليه ربوبية وجعل ادم (ع) بمقام الله سبحانه وتعالى كما يفهم البعض وانما تعبر وتمثل مبايعة وموافقة على السمع والطاعة

قال تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْـمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (١١٦) فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧) سورة طه،،
أعلم الله سبحانه وتعالى ادم(ع) بان ابليس عليه لعنة الله عدو له ولزوجه فاتباعه يعني اخراجه من الجنة فيشقى حذره ان ابليس عليه لعنة الله يريد ويسعى لاخراجه من الجنة
والاية تدلل ان إقامتهما لن تدوم في الجنة ومرتبطة بمعصية ادم وحوى لله تعالى من خلال اتباع مكايد وخطوات الشيطان،، مؤكدا الله له بانه لن يجوع فيها ولا يعرى ولن يظما فيها ولايضحى قال تعالى في سورة طه ( إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)،،

فهل له سبحانه وتعالى أن يدخل ادم وحوى (ع) الجنة وهي ناقصة من النعم المكرمة للانسان لا فالجنة طيبة لاجوع ولاعري امام الخلق ولاظمأ ولاحر لن يحصل لهما ذلك فيها ابدا،، ولا لمن سيدخلها لاحقا من عباده،،

مكث سيدنا ادم زمنا وحوى (ع) في الجنة وبدأ ابليس يشن عليهما وسواسه ومكايده وإيهامه وامانيه

قال تعالى

(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى(١٢٠)
اطمعه بانها شجرة الخلد وملك لا يبلى قال له بان هناك شجرة الخلد من اكل منها وتغذى كسبته الخلود واصبح ملك بمعنى ان كل منها فلا يمكن ان يخرج من الجنة فستصبح مملكة له وخالد فيها وهنا بدات خطواته في استدراجهما
كان ادم وحوى (ع) مع طول الاقامة قد نسى منعه عن الاكل من الشجرة تلك نسى هيئتها قال تعالى ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَـمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)من سورة طه- آية (١١٥)

قال تعالى في سورة الاعراف اية ٢٢ (فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَـمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَـمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ)
دلهم الشيطان على الشجرة وهو مغتر ومعتز بنفسه فلما ذاقا الشجرة بدات لهما خطيئتهما فلم يكملا الخطا تراجعا ولم يتغذى منها (اكلا منها اي استقطعا منها او سلخا منها جزئين) فاندفعا نحو تغطية خطيئتهما وهما القطعين او سلخي الشجرة من ورق الجنة ليواريان عن نفسيهما معصية الله تعالى
قال تعالى
وسوس لهما الشيطان
بان ما منعهما ربهما من تلك الشجرة الا لانهم ملكين او خالدين
قال تعالى ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)من سورة الأعراف- آية (٢٠)
هنا كشف لهما ما ووري عنهما من سوأتهما اي يكشف لهما ما تم مواراته وحجبه وتغطيته من خطيئتهما فالشجرة كانت في حالة حجب وتغطية عنهما فدلهما كما تم وغطيا سؤاتهما خطيئتهما اي القطعان من الشجرة بورق من الجنة وقال لهما ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين)
وكانه يقول لهما لا شيء طبيعي ان تجعلا سؤاتكما خطيئتكما مكشوفة مع نزع الباس و الغطاء الورقي عن القطعين واوهمهما انهما سيصبحان ملكين وخالدين واقسم لهما انه ناصح لهما كي يكملوا خطيئتهم بخطا التغذية منها ولا داعي للقلق والتوجس والخشية من عقاب الله تعالى والطفق بها وغرضه خلع لباس التقوى عنهما مع زيادة ولوج ادم وحوى (ع) بمعصية الله تعالى وفق مكاشفتهما لله وبان معصيتهما استعلاء مقصود منهما ولم يستزلهما الشيطان غرضه القضاء عليهما نهائيا من الحياة اومن الخلافة، انه الحسد الاشنع،،
لم يلج ادم في الخطا فتوقف وحوى عليهما السلام عن اكمال الخطا وفي وسط الخطأ تذكر نهي الله تعالى لهما فتوقفا فكانت سوءة وخطيئة وليس خطأ مكتمل،،
ولم يستطع ابليس مداراتهما لاكمال الخطا وتطميعه في الملك والخلود،، فالملك له حق التصرف حتى القطع والاكل من الشجرة،، خديعة الملك والخلود اخرجت ادم من الجنة ولكن ابليس عليه لعنة الله لم يستطع ان يخرجه من رحمة الله تعالى ومغفرته وفق انكاره لخطيئته مع مواصلة خطئه بعد ان ادرك تذكرا بانها الشجرة التي نهي عن الاكل منها!!
ناداهما الله كما في الاية وذكرهم،،
فقالا كما ذكر القران

(قَالَا رَبَّنَا ظَلَـمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَـمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)من سورة الأعراف- آية (٢٣) هنا جاء الاعتراف منهما بارتكاب الظلم بحق انفسهما وتابا وطلبا من الله تعالى المغفرة والرحمة،،،
لكن خطيئتهما سوأتهما كان متعلق امر ارتكابها بالخروج من الجنة
قال تعالى ( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) من سورة الأعراف- آية (٢٤) والهبوط لايكون الا من الاعلى الى الاسفل من ارض الجنة العاليه الى ارض وجنة الدنيا،،
حذر الله بني ادم ايضا من ابليس وخبثه فقال تعالى في القران الكريم
( يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)من سورة الأعراف آية (٢٧)
ومنها توضيح بان الشيطان محل فتنة وهو المتسبب في اخراج ادم وحوى من الجنة و ينزع لباس التقوى عنهما لم يقل نزع ملابسهما كي يقال ثيابهما ولكن الله قال ينزع اي الغطاء الورقي عن قطعيهما في الشجرة وينزع لباس التقوى عنهما بكشف القطعين في الشجرة فاظهر سوأتهما خطيئتهما بذلك فهو يرقب وقبيله الانسان ويستغل ويشنع باخطاءه ليظهرهما بموقف دوني امام الله تعالى وامام الخلق ونفسيهما ليكسب العلو والتسلط ويزيد من الجرائم امام استفحاله في كبت الانسانية لمنعهم من الجهاد ضد الفساد والظلم واعوانهم

ملاحظات:

(سجود يعقوب(ع) وبني اسرائيل لنبي الله يوسف عليه السلام وتمثل منهم امتثال والتزام بطاعته وهنا اشير ويشار جليا الى ان انبياء بني اسرائيل من احفاد يوسف عليه السلام وليسوا من بقية ابناء يعقوب عليه السلام الذين سجدوا حقيقتا لنبي يوسف (ع) فعمران وموسى وهارون وداؤد وسليمان وزكريا ويحيى و عيسى عليهم السلام من ذرية يوسف عليه السلام والوجب على بني اسرائيل طاعتهم والامتثال لهم فهم ابناء عمومتهم الا انهم استكبروا وشنعوا بهم كما استكبر الشيطان )(والمقصود ببني اسرائيل اولاد اسرائيل الذين رباهم وتبناهم وكفلهم منذ صغرهم ؟ وهم ايضا اخوة يوسف ومن ساروا وارتحلوا اليه الى مصر فيوسف عليه السلام وبنيه فيهم استثناء )
هذا والله اعلم،،
اللهم صل على سيدنا محمد واله الطيبين وعلى صحابته الاخيار المنتجبين،،
والحمد لله رب العالمين
السيد / ابراهيم احمد احمد المسني
اليمن / عدن / الحجرية: تعز
٢٠ / رمضان / ١٤٤٥ه‍
30 / 3 / 2024 م


]vhsm L h]l ,p,n ugdilh hgsghl